الإرهاب بالطعن في محطة لقطارات الأنفاق بلندن

هيئة النقل: 700 شرطي لضمان أمن الشبكة

ضباط شرطة «سكوتلانديارد» في محطة «ليتونستون» شرقي لندن عقب حادث الطعن أول من أمس (رويترز)
ضباط شرطة «سكوتلانديارد» في محطة «ليتونستون» شرقي لندن عقب حادث الطعن أول من أمس (رويترز)
TT

الإرهاب بالطعن في محطة لقطارات الأنفاق بلندن

ضباط شرطة «سكوتلانديارد» في محطة «ليتونستون» شرقي لندن عقب حادث الطعن أول من أمس (رويترز)
ضباط شرطة «سكوتلانديارد» في محطة «ليتونستون» شرقي لندن عقب حادث الطعن أول من أمس (رويترز)

أكد رئيس وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لشرطة العاصمة البريطانية، ريتشارد والتون، أمس، الطابع الإرهابي لحادث طعن في محطة لمترو الأنفاق في لندن، مساء أول من أمس، أصيب خلاله شخصين على الأقل بجروح، أحدهم إصابته خطرة، واعتقلت السلطات مشبوها به.
ورفضت الشرطة تأكيد تقارير إعلامية نقلت عن شهود عيان قولهم إن المهاجم تحدث عن سوريا خلال تنفيذه الهجوم، وصاح: «هذا من أجل سوريا». وأكدت شرطة العاصمة البريطانية «سكوتلانديارد» إصابة رجل في الـ56 من عمره بجروح خطرة جراء تعرضه للطعن بسكين، لكن إصابته لا تشكل في الوقت الراهن خطرا على حياته. كما أصيب شخص آخر على الأقل بجروح طفيفة.
وأوضحت سكوتلانديارد أن الشرطة تلقت في الساعة السابعة وست دقائق مساء، بالتوقيت المحلّي، اتصالا يفيد بتعرض عدة أشخاص للطعن في محطة المترو. وأضافت أنه «بحسب المعلومات فإن المشتبه به (29 عاما) كان يهدد أشخاصا آخرين بواسطة سكين». واعتقل رجال الشرطة الرجل في الساعة السابعة مساء بعد أن أصابوه بصدمة كهربائية، واقتيد إلى مركز الشرطة في شرق لندن حيث لا يزال موقوفا.
وتقع محطة ليتونستون للمترو على خط «سنترال لاين» الرئيسي الذي يجتاز العاصمة البريطانية من الشرق إلى الغرب. وطوقت الشرطة المحطة المستهدفة، حيث شوهد عنصر من شرطة الأدلة الجنائية وهو يصور مسرح الحادث.
وعن سبب اعتبار الحادث إرهابيا، اكتفى والتون بالقول إن قسم مكافحة الإرهاب «اعتمد على معلومات توصّل بها من شهود عيان، وعلى ما كشفه التحقيق في وقت لاحق».
إلى ذلك، دعا والتون الشهود العيان الذين التقطوا مقاطع فيديو للحادث أن يتقدّموا بها للشرطة، كما طالب سكان العاصمة بالتحلي بالهدوء والحيطة والحذر، قائلا: «التهديد الإرهابي لا يزال في مستوى عال، أي أن وقوع هجوم إرهابي أمر مرجح بشدة».
وتفاعل سكان لندن، المسلمون وغير المسلمين، بعد ساعات من الحادث بإطلاق «هاشتاغ» هو «لست مسلمًا» على موقع التدوين الإلكتروني «تويتر»، كما بادر سكان منطقة «والتام فوريست» حيث تقع محطّة ليتونستون بكتابة نفس «الهاشتاغ» على لوحة كبيرة خارج المحطّة، التي استعادت حركتها الطبيعية صباح أمس.
وتعليقا عن إجراءات الأمن التي تتخذها العاصمة لضمان سلامة المسافرين في شبكات قطارات الأنفاق، والذين يفوق عددهم مليارا و300 مليون سنويا، قالت المتحدّثة باسم هيئة «النقل في لندن» لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نعمل بشكل وثيق مع شرطة النقل البريطاني التي تنشر أكثر من 700 ضابط شرطي في شبكة الأنفاق، فضلا عن أفراد طاقمنا. كما أن هناك تنسيقا مع شرطة العاصمة». ورفضت «سكوتلانديارد» التعليق على طبيعة هذا التنسيق أو عدد أفرادها الذين يراقبون قطارات الأنفاق، لأسباب أمنية.
وعقب هجمات باريس الإرهابية، كشفت الشرطة البريطانية للحكومة خلال جلسات برلمانية عن بعض الإجراءات الجديدة التي أقرّتها في حال تنفيذ هجوم إرهابي منظّم، كذلك الذي شهدته العاصمة الفرنسية الشهر الماضي، ومومباي عام 2008. وأفاد بات غالان، أحد المسؤولين في قسم الجريمة والعمليات، بصدور تعليمات خاصة للشرطيين المسلحين بتجاهل الجرحى، وإن كانوا من زملائهم، والاهتمام بمطاردة الإرهابيين واعتقالهم أو إطلاق النار عليهم. إلى ذلك، وباعتبار أن إرهابيي «داعش» يعتمدون على تقنيات جديدة في قتل ضحاياهم، غيرت الشرطة استراتيجيتها من محاولة التفاوض مع الإرهابيين وتطويق موقعهم إلى اقتحامه مباشرة.
ووقع الهجوم في محطة ليتونستون في شرق العاصمة البريطانية في نفس الأسبوع الذي صوت فيه البرلمان لمصلحة توسيع نطاق الغارات الجوية التي تشنها لندن ضد تنظيم داعش في العراق، ليشمل سوريا أيضا. ويأتي هذا الهجوم بعد أقل من شهر على الاعتداءات التي أوقعت في باريس 130 قتيلا وتبناها التنظيم الإرهابي، وبعد ثلاثة أيام على الهجوم المسلح الذي نفذه رجل وزوجته في مدينة سان برناندينو الأميركية، حيث قتلا 14 شخصا وقال التنظيم الجهادي إنهما من أنصاره.



تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
TT

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

كشفت شهادات أُميط عنها اللثام، يوم الأربعاء، من قِبَل لجنة تحقيق في تصرفات الجنود البريطانيين خلال الحرب هناك أن جنود القوات الخاصة البريطانية استخدموا أساليب متطرفة ضد المسلحين في أفغانستان، بما في ذلك تغطية رجل بوسادة قبل إطلاق النار عليه بمسدس، بالإضافة إلى قتل أشخاص غير مسلحين.

جنود من الجيش البريطاني (رويترز)

قال أحد الضباط في حديث مع زميل له، في مارس (آذار) 2011، وهو ما تم تأكيده في شهادة قدمها خلال جلسة مغلقة: «خلال هذه العمليات، كان يُقال إن (جميع الرجال في سن القتال يُقتلون)، بغض النظر عن التهديد الذي يشكلونه، بمن في ذلك أولئك الذين لا يحملون أسلحة».

* مزاعم جرائم حرب

كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أعلنت، في عام 2022، أنها ستجري التحقيق للتيقُّن من مزاعم جرائم حرب ارتكبتها القوات البريطانية في أفغانستان بين عامي 2010 و2013. وفي عام 2023، أكدت أن المزاعم تتعلق بوحدات القوات الخاصة، وفق تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الأربعاء.

* ثقافة الإفلات من العقاب

جاءت مئات الصفحات من الأدلَّة التي نُشرت، والتي تضمّ رسائل بريد إلكتروني متبادَلة، ورسائل، وشهادات من ضباط كبار وجنود عاديين، لترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية تتسم بثقافة الإفلات من العقاب؛ حيث كانت أعداد القتلى أهم من أي معايير أخرى.

* مستعصون على اللوم

قال أحد أعضاء وحدة بريطانية إن الجنود بدا عليهم أنهم «مستعصون على اللوم»، خلال سنوات القتال الطويلة في أفغانستان، وهو ما منَحَهم «تصريحاً ذهبياً يسمح لهم بالتملُّص من القتل».

وكما الحال مع جميع الشهود؛ فقد جرى إخفاء هوية هذا الجندي، وتم تعديل العديد من البيانات والوثائق الأخرى بشكل كبير لإخفاء الأسماء والوحدات وموقع العمليات. لكن حتى مع إخفاء هذه التفاصيل، كانت هناك أوصاف تكشف عن ضباط صغار شاركوا مخاوفهم مع رؤسائهم حول التكتيكات المستخدمة خلال المداهمات الليلية ضد المسلحين.

في رسائل بريد إلكتروني متبادلة من فبراير (شباط) 2011، أخبر جندي ضابطاً كبيراً عن مداهمة جرت خلالها إعادة أفغاني بمفرده إلى داخل مبنى، لكنه عاد بسلاحه رغم أن القوة المداهمة كانت تفوقه عدداً بكثير. تساءل الجندي ما إذا كانت وحدات «القوات الجوية الخاصة» تطلب من الأفغان إحضار أسلحتهم «مما يعطي المسوغ لإعدامهم»؟

* القتل العشوائي

رد الضابط الكبير قائلاً: «نقطة جيدة. يبدو أن هناك تجاهلاً عشوائياً للحياة ومبادئ مكافحة التمرد والتقارير الموثوقة».

تشير مبادئ مكافحة التمرد (COIN) إلى العقيدة التي استخدمها الجنود الأميركيون والبريطانيون وغيرهم من جنود حلف «الناتو»، خلال غالبية فترات الحرب في أفغانستان. من بين المخاوف الأخرى، كان القتل العشوائي للمقاتلين المدنيين والأفغان الذي يُعدّ بمثابة تدمير للثقة بين القوات الأجنبية والسكان المدنيين.

في مبادلة أخرى، وصف الضابط الكبير نفسه كيف بدا أن وحدات «القوة الجوية الخاصة (ساس)»، كانت تعود إلى «التكتيكات القديمة».

* «وحدات ساس»

عندما طُرِح سؤال في بريد إلكتروني حول ما إذا كانت «وحدات ساس» تخلق سيناريوهات تسمح لهم بقتل المقاتلين الأفغان، رد ضابط آخر قائلاً: «هؤلاء الأفغان أغبياء لدرجة أنهم يستحقون الموت». قال الضابط الأول إنه اعتبر الرد «تعليقاً سخيفاً من جانبه يعكس حقيقة أن الطريقة التي وصف بها مقتل الأفغان غير منطقية».

وقالت وزارة الدفاع إنه «من المناسب أن ننتظر نتيجة التحقيق قبل الإدلاء بالمزيد من التعليقات».

المزاعم المتعلقة بجرائم الحرب من قبل الجنود البريطانيين في أفغانستان ليست بالجديدة؛ فقد تم تسليط الضوء عليها في تقارير إعلامية، أبرزها لدى برنامج التحقيقات «بانوراما»، من «بي بي سي». كما اتهمت القوات الخاصة الأميركية بعدة حالات لسوء السلوك في أفغانستان، بما في ذلك قتل المدنيين أثناء المداهمات، ثم محاولة التعتيم على ذلك.

جندي من القوات الخاصة البريطانية خلال التدريبات (أرشيفية - متداولة)

جاء سلوك القوات الخاصة البريطانية ليثير نزاعاً سياسياً في الخريف الماضي عندما كان حزب المحافظين على وشك اختيار زعيم جديد. ادعى روبرت جينريك، أحد المرشحين، من دون دليل، أنهم «يُقدِمون على القتل بدلاً من القبض على الإرهابيين»، وقال إن ذلك كان لأن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية كانت ستجبر بريطانيا على إطلاق سراحهم، حال تركوهم أحياء.

تعرض جينريك لانتقادات حادة من مرشحين آخرين، توم توغندهات وجيمس كليفرلي، وكلاهما من الجنود السابقين. وقال توغندهات إن تعليقاته أظهرت «سوء فهم جوهرياً للعمليات العسكرية وقانون النزاع غير المسلح».

ظهرت بعض هذه المكاشفات نتيجة للتنافس الشديد بين القوة الجوية الخاصة، ووحدة القوات الخاصة للجيش البريطاني، وقوة القوارب الخاصة، التي تُعد نظيرتها في البحرية الملكية.

وصلت القوة الجوية الخاصة إلى أفغانستان عام 2009. والعديد منهم جاءوا مباشرة من الحرب في العراق، وتولوا مهمة مطاردة مقاتلي «طالبان» من «قوة القوارب الخاصة»، وقد أُثير العديد من المخاوف بشأن أساليبهم من قبل جنود وقادة تلك القوة.

* ثقافة التعتيم

أعرب العديد من الشهود عن استيائهم من ثقافة التعتيم على الأعمال الوحشية بتزوير تقارير العمليات. في حالة الرجل الأفغاني الذي تمَّت تغطية رأسه، «تم ايهامه بأنه سيتم التقاط صور لجثة بجانب الأسلحة التي قد لا تكون بحوزته عندما تم قتله»، بحسب رواية أحد الجنود للجنة التحقيق.

قال جندي آخر في بريد إلكتروني في فبراير (شباط) 2011 إنه عندما أثار الناس مخاوفهم، جاء الرد عليهم: «ما الذي لا يفهمه الجميع بشأن مدى أهمية هذه العمليات؟ يبدو أن الجنود يتصرفون وكأنهم فوق النقد».

حذَّر البعض من أن القوات البريطانية قد تكون عرضة لنفس الحرج شأن حلفائها الأميركيين الذين واجهوا فضيحة في 2010 بتسريب سجلات عسكرية توثق 6 سنوات من الحرب في أفغانستان، بواسطة «ويكيليكس»، المجموعة التي أسسها جوليان أسانج.

قال أحد الضباط في بريد إلكتروني: «إذا لم نصدق هذا، فسيصدقه الآخرون، وعندما يحدث تسريب تالٍ لـ(ويكيليكس)، فسيجروننا معهم».