خلافات محتدمة داخل «الائتلاف» السوري المعارض عشية مؤتمر الرياض

انتقادات لخوجة لحصر مشاوراته مع الأتراك

خلافات محتدمة داخل «الائتلاف» السوري المعارض عشية مؤتمر الرياض
TT

خلافات محتدمة داخل «الائتلاف» السوري المعارض عشية مؤتمر الرياض

خلافات محتدمة داخل «الائتلاف» السوري المعارض عشية مؤتمر الرياض

لم ينجح أعضاء «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» المعارض، قبل أيام معدودات من انعقاد مؤتمر الرياض في العاصمة السعودية، في الاتفاق على لائحة ممثليه في المؤتمر وسط تفاقم الخلافات بين رئيس «الائتلاف» خالد خوجة وعدد من الأعضاء الذين يأخذون عليه حصر مشاوراته بالأتراك وعدم الاجتماع بهم لتحضير الأوراق التي سيتوجه بها إلى السعودية. ومعروف أن الغاية من المؤتمر الذي تستضيفه السعودية هي توحيد رؤية قوى المعارضة السورية حول المرحلة الانتقالية وتشكيل وفد موحد للمشاركة في مفاوضات مع النظام تلي محادثات دولية تعقد في نيويورك يوم 18 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
أنس العبدة، أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف قال لـ«الشرق الأوسط» إنّه «جرت المطالبة بإعطاء 5 مقاعد للهيئة إلا أنّه لم تتم الموافقة إلا على إعطاء مقعدين اثنين، والنقاشات جارية لحسم هذا الموضوع»، وأردف أن «مجمل عدد المقاعد المخصصة للائتلاف يتراوح ما بين 29 و31 مقعدًا 20 منهم للشخصيات التي ضمتها اللائحة التي تقدم بها الرئيس خوجة، و7 لشخصيات وطنية والعدد المتبقي لممثلي الهيئة السياسية».
السعودية كانت قد وجهت في وقت سابق 20 دعوة للائتلاف وللمعارضة العسكرية و20 للمستقلين و7 لهيئة التنسيق و3 لرجال دين، قبل زيادة عدد المشاركين من 65 لأكثر من 100. وارتأى خوجة أن يضم وفد «الائتلاف» كلاً من: نغم الغادري ومصطفى أوسو وأنس العبدة وسهير الأتاسي وفؤاد عليكو وهادي البحرة وهيثم رحمة ومحمد قداح وعبد الأحد اصطيفو وأحمد تيناوي وسالم المسلط وسمير نشار وعالية منصور ويوسف محليش وفاروق طيفور ونورا الجيزاوي ومصطفى الصّباغ وعبد الإله فهد ورياض سيف.
وأكّد العبدة أنّه «ورغم الخلافات حول التمثيل في المؤتمر، فإن الائتلاف حريص كل الحرص على إنجاح مساعي الرياض خاصة أننا نمر في أحرج الأوقات منذ اندلاع الثورة في سوريا في العام 2011»، وتابع: «ما نسعى إليه التوصل لصوغ وثيقة سياسية تعكس رؤية موحدة لمختلف قوى المعارضة حول الحل السياسي المرتقب والمرحلة الانتقالية ومرتكزات أي عملية تفاوض». واستبعد العبدة أن يخلص مؤتمر الرياض لتشكيل جسم سياسي جديد وبديل عن الائتلاف، لافتا إلى أنّه «لا دلائل أو مؤشرات حول جهوزية المجتمع الدولي للدخول في عملية تشكيل أجسام وكيانات جديدة لأن ذلك سيفتح مجددا إشكالية الاعتراف بها على الصعيد الإقليمي والدولي».
من جهته، أكّد عضو «الائتلاف» أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط» أنّه «حتى الساعة لم يحصل أي اتفاق حول لائحة موحدة للائتلاف تشارك في مؤتمر الرياض»، مشيرًا إلى أن السعودية رحّبت بقائمة أرسلت إليها ضمت أسماء ممثلي معظم الكتل: «إلا أن إصرار رئيس الائتلاف خالد خوجة بالتشاور مع الأتراك على حصر الأسماء باللائحة التي كان قد اقترحها أطاح بكل مساعي التوافق». وتابع رمضان «بدل أن يجلس خوجة معنا لتحديد أسماء المشاركين ولإعداد الوثائق التي يتوجب أن تطرح على الطاولة في الرياض، ذهب إلى الأتراك»، منتقدًا بشدة «عدم تمثيل المنطقة الشمالية في سوريا في المؤتمر علما بأنّها تضم 27 في المائة من إجمالي سكان سوريا وقدمت 38 في المائة من عدد الشهداء الكلي». ونبّه رمضان من «آثار سلبية بالغة في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق حول تمثيل الائتلاف في المؤتمر الذي ارتفع عدد المشاركين فيه من 65 إلى 120».
في هذا الوقت، لفت ما نقله موقع «كلنا شركاء» عن رئيس «الائتلاف» السابق معاذ الخطيب لجهة اعتذاره عن حضور مؤتمر الرياض. وقال الموقع إن الخطيب كتب في موقع «فيسبوك» في تدوينة له عبر صفحته الشخصية «تلقيت دعوة رسمية لحضور المؤتمر، وتم الاعتذار عنها بشكل رسمي. خالص الشكر للإخوة الذين أمنوا تلك الساحة للقاء، ولكل جهد تبذله السعودية لرفع المعاناة عن شعبنا وأهلنا، وأرجو لكل المشاركين التوفيق والسداد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.