تكبد الحوثيين خسائر كبيرة في 3 جبهات متاخمة لمحافظتي إب وتعز

التحالف يقصف قوة للتدخل السريع.. والميليشيات توجه مستشفيات العاصمة بالاستنفار

عناصر من المقاومة المسلحة قرب ناقلة جنود مدرعة أثناء معارك ضد الحوثيين في منطقة قرب شمال محافظة الجوف ومحافظة مأرب أمس (رويترز)
عناصر من المقاومة المسلحة قرب ناقلة جنود مدرعة أثناء معارك ضد الحوثيين في منطقة قرب شمال محافظة الجوف ومحافظة مأرب أمس (رويترز)
TT

تكبد الحوثيين خسائر كبيرة في 3 جبهات متاخمة لمحافظتي إب وتعز

عناصر من المقاومة المسلحة قرب ناقلة جنود مدرعة أثناء معارك ضد الحوثيين في منطقة قرب شمال محافظة الجوف ومحافظة مأرب أمس (رويترز)
عناصر من المقاومة المسلحة قرب ناقلة جنود مدرعة أثناء معارك ضد الحوثيين في منطقة قرب شمال محافظة الجوف ومحافظة مأرب أمس (رويترز)

شنت طائرات التحالف، صباح أمس (السبت)، غارات جوية استهدفت مجاميع من الحوثيين والموالين لصالح، مهمتهم التدخل السريع في العاصمة اليمنية صنعاء.
وقال مصدر في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن غارات الطيران قصفت مقر كتيبة عسكرية متخصصة بالتدخل السريع، والكائنة خلف مبنى الإذاعة والتلفزيون شمال المدينة صنعاء.
وأضافت أن الطيران نفذ ثلاث غارات على المكان الذي تتخذه ميليشيات الحوثي وصالح منذ دخولها العاصمة صنعاء يوم 21 سبتمبر (أيلول) العام الماضي، معسكرًا لقواتها.
ووجهت قيادة الميليشيات الحوثية بصنعاء جميع المستشفيات بالاستنفار العام توقعًا لسقوط قتلى وجرحى من الحوثيين، إذ كانت مذكرة صادرة عن وزارة الصحة والسكان التي يسيطر عليها أتباع الحوثي والرئيس المخلوع، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، مرت جميع المستشفيات في العاصمة اليمنية صنعاء بالاستنفار العام ولكل الأقسام التشخيصية والعلاجية. ووجهت الميليشيات، ومن خلال وزارة الصحة، بتفعيل فريق الطوارئ في المستشفيات واستنفار الكوادر على مدار الساعة، وكذا وجود وجهوزية «ثلاث فرق طبية على الأقل جراحية في اختصاص العامة تكون موجودة بشكل يومي».
وتضمن التوجيه بتفريغ أسرّة رقود وعناية مركزة، وموافاة غرفة العمليات في الوزارة بعددها فور تلقي التوجيه، وتكليف إداري كمناوب بشكل يومي لغرفة عمليات طوارئ بالمستشفى.
وذكرت الوزارة أن توجيهاتها تأتي مواكبة لبدء المرحلة الأولى من الخيارات الاستراتيجية، وفق تعبير المذكرة. وفي جبهة تورصة ماوية غرب محافظة الضالع، قال الناطق الرسمي للمقاومة الجنوبية الشعبية، علي شائف الحريري، لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة في الضالع نفذت عدة كمائن استهدفت فرقًا استطلاعية للحوثيين ودوريات حاولت التوغل في منطقة باهر التابعة لمديرية الأزارق والمتاخمة لمنطقة ماوية التابعة إداريًّا لمحافظة تعز.
وكشف الناطق عن تمكن الكمائن من قتل أكثر من عشرة مسلحين وتدمير وإعطاب مركبات وأسلحة استخدمتها الميليشيات أثناء محاولتها التسلل إلى حدود مديرية الأزارق بمحافظة الضالع، موضحا أن رجال المقاومة يقومون بتمشيط موقعي جبة وباهر من المسلحين الموالين للحوثي والمخلوع.
وأضاف أن الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع يوجدون الآن في طريق باهر ماوية، بأطقم عسكرية ونقاط تفتيش نصبوها أسفل مقيلان على تخوم الحدود الفاصلة بين مديريتي الأزارق وماوية، لافتا إلى أن قوة الميليشيات تتمثل بأطقم دوشكا ومضاد أرضي عيار 23 ملليمترًا.
وأكد أن المقاومة في حالة تأهب قصوى تحسبًا لأي محاولات حمقاء تقدم عليها الميليشيات المسلحة، وأن قيادة المقاومة تتابع الوضع.
وأوضح رمزي الشعيبي، المتحدث باسم المقاومة في محافظة لحج، جنوب البلاد، في بلاغ تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن الاشتباكات التي شهدتها المنطقة الفاصلة بين مديريتي الأزارق والمسيمير بمحافظتي الضالع ولحج على التوالي ومديرية ماوية شرق محافظة تعز، نتيجة لإقدام عناصر قبلية متحوثة باستهداف شخصين من قبيلة لكروب أحدهما شقيق شيخ قبيلة لكروب.
وهو ما أدى إلى استنفار بين قبيلة لكروب وتمركزها في مواقع، وبالمقابل، قامت تلك العناصر المتحوثة بإدخال قوات تابعة للميليشيات التابعة للحوثي وصالح إلى مكان يسمى حبيل الذرية ومن ثم إلى الحدود الفاصلة بين المديريات الثلاث ويسمى «الصليب» حيث جرت الاشتباكات العنيفة التي تدخلت فيها المقاومة في مديرية ماوية مع قبيلة لكروب وأسفرت كمائن المقاومة عن سقوط نحو عشرة من مسلحي الميليشيات ما بين قتيل وجريح.
وأضاف الشعيبي: «واستمرت المواجهات لفترة طويلة، وعلى أثر ذلك قامت المقاومة الجنوبية بتعزيز قواتها على الشريط الحدودي مع ماوية لتأمين المناطق التابعة لمديريات الأزارق والمسيمير تحسبا لأي محاولات تقدم تقوم بها قوات الحوثي وعفاش».
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن كمين نصبته المقاومة الشعبية تمكن من تدمير طقم عسكري وقتل 6 مسلحين وجرح آخرين، وأسر مسلح حوثي إثر عملية نوعية استهدفت تعزيزات عسكرية للميليشيات في منطقة باهر الصليب ومقيلان الواقعة بين مديريتي الحشاء والأزارق».
وأشارت إلى نزوح للأهالي من القرى عقب المواجهات المسلحة واحتدامها بين المقاومة الشعبية وميليشيات الحوثي والمخلوع في المنطقة.
وفي جبهتي مريس دمت، حمك نقيل الخشبة، شمال وشرق مديرية قعطبة، شمال محافظة الضالع، تمكنت مدفعية المقاومة من قصف تجمع للميليشيات المتمركزة في نقيل الخشبة التابع إداريا لمحافظة إب وسط اليمن.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن أطقما عسكرية حوثية هرعت للمكان وقامت بانتشال قتلى وجرحى ونقلهم شمالا ناحية مدينة إب، مركز المحافظة.
وفي جبهة مريس، قال القيادي في المقاومة الشعبية، أبو علي الورة، لـ«الشرق الأوسط» عن رجال المقاومة الشعبية نصبت كمينا في الطريق الواصل إلى جبل ناصة، مساء أول من أمس (الجمعة) وإن رجال المقاومة تمكنوا من الاستيلاء على طقمين تابعين للميليشيات الانقلابية وكذا أسلحة تركتها خلفها العناصر المسلحة بعد فرارها من موضع العملية العسكرية.
وأضاف الورة أن طيران التحالف قصف منتصف ليل الجمعة وصباح أمس السبت عدة مواقع لتجمعات وأسلحة تابعة للميليشيات المسلحة، مشيرا إلى أن غارات الطيران استهدفت معزبة الحدي بمديرية الرضمة المحاذية لمدينة دمت، نحو 17 كلم شمالا، وكذا موقع شعب سند بمنطقة خاب بدمت.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم