تضرر منابع تمويل «داعش» إثر فقدانه مساحات كبيرة من الأراضي

أغنى تنظيم إرهابي في العالم يعاني الآن كثيرًا من المشكلات المالية

تضرر منابع تمويل «داعش» إثر فقدانه مساحات كبيرة من الأراضي
TT

تضرر منابع تمويل «داعش» إثر فقدانه مساحات كبيرة من الأراضي

تضرر منابع تمويل «داعش» إثر فقدانه مساحات كبيرة من الأراضي

وفقًا لمعظم التقديرات، يعد تنظيم داعش أغنى تنظيم إرهابي في العالم. ولكن يبدو أنه يعاني العديد من المشكلات المالية التي قد تؤثر على مقدرته على شن الحرب في أثناء محاولة السيطرة على ملايين الناس، الذين يعيشون تحت خلافته المزعومة.
يقول المحللون إن القوات المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية في العراق وسوريا تمكنت من استرداد مساحات كبيرة من الأراضي، مما يحرم التنظيم الإرهابي من موارد الدخل التقليدية. حيث سيطرت قوات المعارضة من العرب والأكراد على البلدات والقرى التي كان التنظيم الإرهابي يعتمد على إيراداتها الضريبية من قبل. بالإضافة إلى غنائم الحرب من الحقول النفطية والممتلكات المصادرة والأسرى الذين يفرج عنهم لقاء الفدى، التي بدت أقل ندرة عن ذي قبل في الوقت الذي يكافح فيه التنظيم الإرهابي للاستيلاء على مناطق جديدة.
يقول كوين ميشام أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة بريغام يونغ: «إن المشكلة التي يواجهونها تكمن في أن جانبًا كبيرًا من دخل التنظيم عبر العامين الماضيين كان من خلال الغزو والمصادرة والابتزاز، وكلها مصادر مالية لمرة واحدة فقط وليست مستديمة. وهم الآن يفقدون الأراضي، مما يجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لهم للاستمرار في الحصول على الإيرادات. ولا يزال الضغط مستمرا».
إن المعلومات المتوفرة حول الوضع المالي لتنظيم داعش هي معلومات منقوصة وغامضة. ولكن مصادر الدخل المتنوعة للتنظيم، التي تتضمن الابتزاز وتهريب القطع الأثرية قد ساعدته على تحمل عام ونصف العام من الغارات الجوية المستمرة لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، كما يقول المحللون. وصدر تقدير أخير عن وزارة الخزانة الأميركية قال إن المسلحين يمكنهم تأمين ما يقرب من 40 مليون دولار شهريًا من مبيعات النفط.
ومن خلال البيروقراطية المعقدة التي تستخدم التهديد بالعنف، بما في ذلك الجلد وقطع الرؤوس، يجني تنظيم داعش المزيد من الأموال عن طريق فرض الضرائب وإيقاع الغرامات على نحو 6 إلى 9 ملايين مواطن في أجزاء من العراق وسوريا ممن يعيشون تحت حكمه.
زعم أحد مسؤولي تنظيم داعش مصرحًا لإحدى وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية في يناير (كانون الثاني) أن ميزانية التنظيم لعام 2015 كانت تقدر بنحو ملياري دولار. وعلى الرغم من أنه رقم مبالغ فيه للغاية، فمن شأن التنظيم أن يكون استطاع الحصول على ما يكفي من الأموال لتأمين فائض كبير في الميزانية، كما يقول بنيامين باهني محلل الإرهاب لدى مجموعة راند البحثية.
ولكن تنظيم داعش فقد ما يقرب من ثلث الأراضي التي يسيطر عليها في العراق، بما في ذلك مدينة تكريت ومصفاة بيجي النفطية، حيث استولى الجيش العراقي إلى جانب الميليشيات الموالية للحكومة على تلك المناطق بمساعدة من الغارات الجوية لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة. وفي سوريا، كذلك، ساعد الإسناد الجوي لقوات الحلفاء تحالف يضم قوات كردية وعربية في السيطرة على مناطق رئيسية من مقاتلي التنظيم الإرهابي على مقربة من مدينة الرقة عاصمة الخلافة المزعومة للتنظيم.
يقول ويليام ماكانتس، وهو خبير في شؤون الجماعات المسلحة لدى معهد بروكينغز: «مع فقدان التنظيم الإرهابي لسيطرته على المدن ومع خسائره الاقتصادية الكبيرة بسبب تلك الحرب، انخفضت جراء ذلك الإيرادات الضريبية كثيرا».
ومن شأن الانتكاسات الإقليمية كذلك أن تكون سببًا في تحول التنظيم إلى تنفيذ العمليات الإرهابية في الخارج - بما في ذلك الهجمات الأخيرة في باريس التي أسفرت عن مقتل 130 مواطنا هناك - كوسيلة لممارسة المزيد من الضغوط الجديدة على أعداء التنظيم، كما يفيد المحللون. والتنظيم، كما يقولون، يبدو أنه يعمل على تحويل الموارد لتعزيز قدرات الموالين له في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك ليبيا، وربما لتأمين الملاذ الأمن في حالة فقدانه للمزيد من الأراضي في سوريا والعراق.
هناك إشارات تفيد بأن التنظيم يقوم بتقليص ميزانيته، إذ انخفضت رواتب المقاتلين أخيرا، من نحو 400 دولار في الشهر إلى 300 دولار فقط، على نحو ما أفاد كولامب ستراك، وهو محلل لشؤون الشرق الأوسط لدى مجموعة جينز البحثية. وبالإضافة إلى نظام الضرائب المتأصل في التشريع الإسلامي، كما يقول، يبدو أن التنظيم الإرهابي يفرض المزيد من الرسوم على كل مناحي الحياة من الزراعة، وحتى استخدام الهواتف الجوالة.
يبدو أن برامج المساعدات والإغاثة التي كانت تعود بالنفع على المحتاجين في مناطق تنظيم داعش قد تقلصت هي الأخرى، مما يعمق من مستويات الفقر هناك، على نحو ما يقوله النشطاء السوريون وعمال الإغاثة. وتشهد تلك المناطق، كما يقولون، النقص الحاد والكبير في أدوية الأمراض المزمنة مثل مرض السكري، فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة.
يقول أيمن التميمي الزميل والباحث لدى منتدى الشرق الأوسط الذي يدرس الشؤون المالية لتنظيم داعش، أن التنظيم تعرض لضربة قوية خلال هذا الصيف، عندما أوقفت الحكومة العراقية سداد رواتب الموظفين المدنيين في المناطق التي سيطر عليها التنظيم، بما في ذلك مدينة الموصل.
ولعدة شهور، استمرت السلطات العراقية في سداد رواتب أولئك الموظفين، كما فرض تنظيم داعش ضرائبه على تلك المدخولات، مما أكسب التنظيم الإرهابي مبالغ كبيرة من الأموال تُقدر بعشرات الملايين من الدولارات شهريا.
ومن دون تلك الأموال السهلة، كما يقول التميمي، رفع تنظيم داعش من الرسوم المفروضة، حتى على التسجيل في المدارس الثانوية والكتب المدرسية. وأضاف يقول: «الآن، تشير الأدلة إلى صعوبات جمة في الموصل، ولقد عاد تنظيم داعش إلى تطبيق تدابير في محاولة للتعامل مع الواقع الجديد، حيث تتزايد الحاجة إلى سداد رواتب العاملين، تحت سلطان التنظيم الذين لا يتسلمون رواتبهم مباشرة من الحكومة العراقية».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
TT

إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)

ألحقت جماعة الحوثيين مئات المهاجرين الأفارقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بمعسكراتها التي تقيمها للتعبئة العسكرية، ضمن حملات تجنيد تستهدف جميع الفئات؛ استعداداً لإشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

ودفعت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة بأكثر من 220 مهاجراً أفريقياً، بينهم أطفال وكبار سن للالتحاق بدورات عسكرية سرية أُقيمت في مناطق عدة في صنعاء وريفها تحت اسم دورات «طوفان الأقصى»، حسب ما ذكرته مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

أفارقة استقطبهم الحوثيون في صنعاء (إعلام محلي)

ويسعى الحوثيون إلى تدعيم صفوفهم بمقاتلين جُدد، عبر تنفيذ عمليات ملاحَقة وخطف واستقطاب وغسل أدمغة وإجبار على الالتحاق بدورات طائفية وعسكرية.

ووفقاً للمصادر، فإن مئات المهاجرين الأفارقة المستهدفين بعملية التجنيد الأخيرة هُم ممن جرى القبض عليهم قبل فترة، ونقلهم على دفعات من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة إلى معسكرات تدريب تعبوية وعسكرية أُنشئت بعيداً عن متابعة المنظمات الدولية ورقابتها.

واتهمت المصادر جماعة الحوثي بالقيام بمساومة أعداد من المهاجرين بين الالتحاق بصفوفها للقتال أو ترحيلهم قسراً إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية. وذكرت أن ذلك الاستهداف يُعد ترجمة لتوجيهات كان أصدرها زعيم الجماعة الحوثية، تحضّ على إنشاء معسكرات تعبئة المهاجرين.

وجاءت هذه الممارسات متوازية مع إقرار الجماعة بشنّ حملات تعقب ومطاردة للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة أسفرت خلال شهر واحد عن اعتقال 1694 شخصاً من مناطق عدة بالمحافظة، واقتيادهم إلى مراكز احتجاز، بعضها يتبع ما تُسمّى «مصلحة الهجرة»، وفق ما بثّه مركز الإعلام الأمني الحوثي.

مهاجرون أفارقة في إحدى المناطق اليمنية (إكس)

كما أقرت الجماعة الحوثية، عبر تقارير أخرى صادرة عن أجهزتها الأمنية في صنعاء، بتنفيذها، منذ مطلع العام الحالي، حملات تعقب وملاحَقة وخطف، أسفرت عن اعتقال ما يزيد على 3480 مهاجراً في صعدة ونقلهم إلى صنعاء.

انتهاك مستمر

يأتي الاستهداف الحوثي للمهاجرين الأفارقة مع استمرار تعرّض المئات منهم لشتى صنوف الانتهاك والابتزاز، وفق ما ذكرته مصادر حقوقية وتقارير دولية.

وتبرّر الجماعة الحوثية عملياتها الاستهدافية المستمرة ضد اللاجئين بسبب ما تزعمه من «خطورتهم على المجتمع»؛ حيث ترحّلهم من معقلها الرئيسي في صعدة، ومن مدن أخرى، وتجميعهم في مراكز تابعة لها في صنعاء، ثم إلحاقهم بمعسكرات تجنيد واستخدامهم في مهام تجسسية وتهريب ممنوعات.

وسبق أن اتّهم ناشطون يمنيون الجماعة الحوثية باستحداث معسكرين تدريبيين جديدين؛ أحدهما بمحافظة صعدة، وآخر قرب مزارع «الجر» غرب مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة؛ حيث تستقطب الجماعة إليهما مئات المهاجرين الأفارقة الواصلين تباعاً إلى الأراضي اليمنية؛ بهدف إلحاقهم بجبهات القتال، واستخدامهم بمهام استخباراتية وتنفيذ مخططات استهدافية.

المهاجرون الأفارقة يتدفقون إلى الأراضي اليمنية عبر شبكات التهريب (الأمم المتحدة)

وكانت الحكومية اليمنية ندّدت غير مرة باستمرار الجماعة الحوثية في تجنيد اللاجئين الأفارقة للقتال في صفوفها، وعدّت ذلك جريمة حرب وانتهاكاً للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية.

وفي تقرير سابق لها، اتّهمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات الحوثيين بإخفائهم قسرياً نحو 2406 يمنيين من مختلف الفئات والأعمار، مضافاً إليهم 382 لاجئاً أفريقياً في 17 محافظة، في الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2017 حتى منتصف العام الماضي.