«الدفاع اليمنية»: الحوثيون وصالح يتحكمان في «القاعدة» لتشتيت جهود الشرعية

التنظيم الإرهابي يسيطر على مدن جديدة في أبين الجنوبية

مسلحون من المقاومة الشعبية عند نقطة تفتيش قرب مدخل مدينة عدن الجنوبية وفي الإطار العميد ركن سمير الحاج (رويترز)
مسلحون من المقاومة الشعبية عند نقطة تفتيش قرب مدخل مدينة عدن الجنوبية وفي الإطار العميد ركن سمير الحاج (رويترز)
TT

«الدفاع اليمنية»: الحوثيون وصالح يتحكمان في «القاعدة» لتشتيت جهود الشرعية

مسلحون من المقاومة الشعبية عند نقطة تفتيش قرب مدخل مدينة عدن الجنوبية وفي الإطار العميد ركن سمير الحاج (رويترز)
مسلحون من المقاومة الشعبية عند نقطة تفتيش قرب مدخل مدينة عدن الجنوبية وفي الإطار العميد ركن سمير الحاج (رويترز)

اتهم العميد ركن سمير الحاج، الناطق العسكري باسم وزارة الدفاع اليمنية، الميليشيات الحوثية والمخلوع علي عبد الله صالح بالوقوف وراء التحركات الأخيرة لتنظيم القاعدة التي استهدفت مناطق تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وقيامه بإعدام اثنين من قيادات المقاومة الشعبية في محافظة أبين جنوب البلاد، معتبرًا أن رفض الانقلابيين تسليم السلاح والانسحاب من المدن بحجة وجود خطر القاعدة هو محاولة فاشلة للتهرب من تنفيذ القرارات الدولية خاصة القرار رقم 2216.
وقال الحاج لـ«الشرق الأوسط»، إن القاعدة والميليشيات الانقلابية يتحركان في خط واحد، ويعملان بتناغم ينسجم مع أهدافهما المشتركة، وهو ما العلاقة بين الحوثيين والمخلوع صالح والتنظيمات الإرهابية، وإنهما يداران من غرفة مشتركة واحدة»، مضيفًا «ظهور (القاعدة) أو ما يسمى (داعش) في الوقت الحالي وافتعال عمليات في مناطق تسيطر عليها المقاومة الشعبية المناهضة للانقلابين، يثبت هذه العلاقة ويثبت تبادل الأدوار بين التنظيمات الإرهابية لنشر الفوضى وتشتيت جهود الحكومة الشرعية في استعادة المحافظات وبسط الأمن والاستقرار فيها».
وأوضح ناطق الجيش اليمني أن الانقلابيين ومعهم «القاعدة» يحاولان من خلال التحركات الأخيرة تشتيت الأنظار عن معركة تحرير تعز، ومعركة صنعاء القادمة، وهي محاولة فاشلة للتشويش على الرأي العام المحلي والدولي حول التنظيمات الإرهابية التي أثبتت الشواهد علاقتها بالمخلوع صالح والحوثيين ومن خلفهما إيران.
ولفت الناطق باسم الجيش إلى أن الحوثيين يرفضون تسليم أسلحتهم للحكومة الشرعية، لأنهم يريدون أن يكونوا موجودين كميليشيات مسلحة أشبه بحزب الله في لبنان، خاصة وأن أغلب القيادات والمقاتلين في صفوفهم تلقوا تدريبات عسكرية على يد خبراء عسكريين من حزب الله وتحت إشراف الحرس الإيراني.
وأكد الحاج أن القضاء على الانقلاب والميليشيات سيحد بشكل كبير من وجود أي تنظيمات إرهابية، وسيقضى عليها، وقال: «متى ما وجدت الدولة وحكومتها الشرعية فإنها ستكون قادرة على توحيد الصفوف للقضاء على أي فكر متطرف أو جماعة مسلحة»، موضحًا أن الميليشيات الحوثية جماعة مسلحة إرهابية ولا يحق لها التحدث عن محاربة التنظيمات التي توازيها في الفوضى والدمار، ويعملان كلاهما ضد الدولة وضد الشرعية.
وأقر العميد الحاج بأن هذه العمليات الأخيرة تمثل تحديا، يضاف على عاتق الجيش، الذي يخوض معركتين في نفس الوقت، معركة ضد المتمردين لاستعادة بقية المحافظات، ومعركة لمكافحة الإرهاب، التي تستهدف التنظيمات والجماعات المتشددة، لكنه أكد «أن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ستنتصر في نهاية المطاف وستنهزم التنظيمات التي عاثت بالبلاد الفساد والدمار».
وأشار إلى أن ما يثبت ترابط الدور الذي تلعبه التنظيمات الإرهابية والمتمردين، هو أن عمليات ما تسمى بالقاعدة تنفذ في مناطق بعيدة عن سيطرة الميليشيات الحوثية وقوات صالح، سواء في صنعاء أو محافظات بالشمال، ولا تقوم باستهدافهم، كما أن العمليات التي نفذت باسم «القاعدة» أو «داعش» في صنعاء، جرى إخفاء نتائجها وإغلاق ملفاتها رغم أنهم يتحكمون حاليا بجميع الأجهزة الأمنية في صنعاء.
وكانت عناصر من تنظيم القاعدة بمدينة خنفر قامت أمس بتنفيذ أول عملية إعدام لعنصر من اللجان الشعبية بالمحافظة في ملعب المدينة وأمام حشد من الناس بعد سيطرتها الكاملة على 4 من مديريات المحافظة.
وتواصل «القاعدة» بمحافظة أبين جنوب اليمن 60 كلم عن العاصمة المؤقتة عدن سيطرته على عدد من مديريات المحافظة بعد هجوم الأربعاء الماضي، الذي تمكن التنظيم من سيطرته الكاملة على مدينتي جعار وزنجبار أعقبها إسقاطه، أول من أمس الخميس لمدينة خنفر، وكذلك باتيس مسقط رأس قائد اللجان الشعبية في أبين عبد اللطيف السيد.
وبحسب مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، فقد سيطر مسلحو التنظيم، على بلدتي باتيس والحصن، بعد أن وصلوا إليهما على متن عشرات السيارات عالية التسليح، حيث شرعوا عبر مكبرات الصوت بمطالبة السكان المحليين بعدم الهلع والخوف كونهم قدموا لمحاربة وتصفية ما سموهم «الطواغيت».
وقال قيادي في اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي والمكلفة بمحاربة عناصر «القاعدة» إن اللجان الشعبية تركت وحيدة في مواجهة الإرهابيين، دون دعم من قبل السلطات الرسمية، ودعا أحمد دحة السلطات الرسمية إلى سرعة تقديم الدعم لوقف زحف العناصر الإرهابية، على حد تعبيره، كما أكد دحة أن المتشددين أقاموا نقاط تفتيش في المدن التي باتت تحت سيطرتهم، وأنهم منعوا المواطنين من حمل السلاح.
وكشفت المصادر أن مسلحين من عناصر «أنصار الشريعة» التابعة لتنظيم القاعدة سيطروا، الخميس على مدينة باتيس معقل قائد اللجان الشعبية عبد اللطيف السيد على متن سيارات عالية التسليح، ولم تفد المصادر ذاتها عن أي مواجهات أو تصدٍّ للجماعات الإرهابية التي سيطرت على المدينة ومناطق مجاورة بالكامل.
ويأتي توسع تنظيم القاعدة في سيطرته على باتيس ومناطق أخرى بعد تمكنه، اليومين الماضيين، من السيطرة الكاملة على مدينتي زنجبار وجعار بعد اشتباكات عنيفة مع مقاتلي اللجان الشعبية سقط خلالها عدد من القتلى والجرحى في صفوف اللجان بينهم شقيق قائد اللجان الشعبية عبد اللطيف السيد أفضت إلى سقوط جعار وعاصمة المحافظة زنجبار بأيدي التنظيم الإرهابي، الذي عمد إلى تفجير مقر اللجان «مشروع الرأي» سابقا.
إلى ذلك، قالت مصادر مطلعة إن قوات الجيش الوطني والمقاومة الوطنية الجنوبية بمحافظة شبوة أعلنت جاهزيتها واستنفار قواتها في عتق عاصمة المحافظة ومدن محاذية لمحافظة أبين بعد رصدها لمعلومات عن اعتزام تنظيم القاعدة في أبين مهاجمة مدينة عتق النفطية والسيطرة عليها، بعد هجوم مسلحين من التنظيم على مدنيتي زنجبار وجعار بمحافظة أبين أول من أمس.
وفي سياق العمليات العسكرية قصفت طائرات التحالف العربي أمس مواقع جبلية في معقل المخلوع علي عبد الله صالح، في ضواحي صنعاء، وذكرت مصادر محلية أن الغارات استهدفت «جبل حروة»، بمديرية سنحان، ومراكز اتصالات يستخدمها المتمردون في عملياتهم، كما شمل القصف أهدافا عسكرية، في منطقة خشم البكرة في صرف عند المدخل الشرقي للعاصمة صنعاء، ومواقع ومخازن أسلحة للميليشيات قرب قاع القيضي القريب من معسكر الاحتياط (الحرس الجمهوري) جنوب العاصمة صنعاء.
وفي محافظة ذمار استهدفت المقاومة الشعبية في وقت متأخر من مساء الخميس، مقرا لميليشيات الحوثي وصالح بمدينة معبر، مستخدمة القنابل اليدوية، وذكرت المقاومة أن المقر يملكه «نبيل القوباني»، وهو أحد القيادات الحوثية، ويستخدم مركزا لإدارة عملية التجنيد في صفوف الميليشيات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.