تجدد الجدل في الجزائر حول قدرة الرئيس على الحكم بعد نقله للعلاج في فرنسا

الحكم بسجن مدير الأمن الرئاسي السابق 3 سنوات

تجدد الجدل في الجزائر حول قدرة الرئيس على الحكم بعد نقله للعلاج في فرنسا
TT

تجدد الجدل في الجزائر حول قدرة الرئيس على الحكم بعد نقله للعلاج في فرنسا

تجدد الجدل في الجزائر حول قدرة الرئيس على الحكم بعد نقله للعلاج في فرنسا

يوجد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من جديد في فرنسا منذ أمس، بغرض العلاج، على أثر إصابته بجلطة دماغية منذ أكثر من عامين، تسببت في انسحابه من المشهد العام.
وفيما يحتدم جدل كبير في البلاد، حاليًا، حول مدى قدرة الرئيس على الاستمرار في الحكم، ذكر بيان لرئاسة الجمهورية أن الرئيس «غادر أرض الوطن متوجهًا إلى فرنسا في زيارة خاصة قصيرة، يجري خلالها فحوصات طبية دورية، تحت إشراف أطبائه الذين يعالجونه»، لكن من دون تقديم تفاصيل أخرى.
ويوحي البيان بأن السفر كان مبرمجا منذ مدة، لكن من النادر أن تتعاطى الرئاسة مع تنقلات بوتفليقة المتكررة إلى الخارج للعلاج، ويفهم من ذلك أنها حاولت استباق أخبار قد تأتي من فرنسا حول استشفائه، وقد يتلقفها الإعلام الجزائري «فيصنع من الحبة قبة»، كما يحلو ترديده مقربون من الرئيس، الذين يناشدون الصحافة «تفادي التهويل بخصوص صحته».
ولخبر سفر الرئيس للعلاج في الخارج هذه المرة ميزة خاصة، ذلك أنه يتزامن مع ترقب مجموعة من الشخصيات ردا منه على طلبها مقابلته. وسبب هذا الطلب هو أنهم يعتقدون بأنه «مغيب عما يدور حوله» بحجة أنه مريض، ويريدون التأكد أن كان هو صاحب قرار وضع تغييرات مهمة وقعت في المجال الاقتصادي وفي الجيش وجهاز المخابرات. ويوجد ضمن هذه الشخصيات، وزيرتان ومقربون منه، وهو ما أعاد طرح وبحدة موضوع «قدرة الرئيس على تسيير دفة الحكم»، وقد عبر رئيس الوزراء عبد المالك سلال وحزبا السلطة «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، عن تذمرهم الشديد من مسعى هذه الشخصيات.
وسيجد محيط الرئيس والموالون له صعوبة كبيرة في إقناع وسائل الإعلام، والرأي العام بأن صحة الرئيس «تتحسن بصفة مؤكدة وبالتدريج»، كما درجوا على ترديده. فقضية «مرض بوتفليقة» تتصدر النقاش في البلاد منذ الإعلان عن إصابته بجلطة في الدماغ في 27 أبريل (نيسان) 2013، ونقله إلى العلاج بفرنسا، حيث أقام في المستشفى العسكري الباريسي «فال دوغراس»، وبعد ذلك في مصحة تابعة للجيش الفرنسي، متخصصة في التأهيل الوظيفي لمدة 82 يومًا.
وقضى الرئيس فترة نقاهة طويلة لإعادة الحركة لوظائفه، التي تأثرت بفعل الجلطة الدماغية. وخلالها استفحل الجدل حول مدى قدرته على تسيير شؤون البلاد، وتعالت أصوات المعارضة مطالبة بتطبيق المادة 88 من الدستور، وإعلان استحالة قيام الرئيس بمهامه، حتى يبدأ التحضير لمرحلة ما بعد بوتفليقة.
وتنص المادة على أنه «إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبًا، ويقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع». وتضيف المادة أن «البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا، يعلن ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضائه، ويكلف بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها 45 يوما رئيس مجلس الأمة»، وهو عبد القادر بن صالح الذي يعتبر من الموالين للرئيس، والذي رفض الحديث عن وجود مانع صحي يحول دون استمرار الرئيس في الحكم.
ونقل الرئيس في فترة مرضه، جزءًا كبيرًا من سلطاته لرئيس الوزراء، وكلفه التكثيف من الزيارات الميدانية لترك الانطباع بأن البرنامج الذي انتخب على أساسه ثلاث مرات يجري تطبيقه حتى لو كان صاحبه مريضًا.
وأبدى سلال، في إحدى زياراته داخل البلاد، امتعاضًا من التشكيك في صحة تطمينات السلطات حول مرض بوتفليقة، إذ قال: «لماذا لا تصدقوننا عندما نقول إن الرئيس بخير، وإن حالته ليست خطيرة؟ لماذا تصدقون الأخبار التي تأتيكم من الخارج، وتشككون فيما تسمعون من حكومة بلادكم؟».
من جهة ثانية، أفاد مصدر أمني أمس بأنه حكم على المدير السابق للأمن الرئاسي في الجزائر الجنرال جمال كحال مجذوب، مساء أول من أمس، بالسجن ثلاث سنوات.
وأحيل المدير السابق لأمن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على محكمة عسكرية في قسطنطينة، التي حاكمته في جلسة مغلقة في قضية غامضة تتعلق بإطلاق نار في إقامة رئيس الدولة في زيرالدة (30 كلم غرب العاصمة) في يوليو (تموز) 2015. ولم يصدر أي بيان رسمي بشأن هذه القضية التي كشفتها الصحف المحلية، لكن بقيت ملابساتها غامضة.
وطلب الادعاء عقوبة السجن خمس سنوات بحق هذا الضابط الكبير في الاستخبارات، الذي أبقي في حالة سراح في انتظار نتيجة الطعن الذي تقدم به الدفاع. ولا توجد في القضاء العسكري الجزائري درجة استئناف. كما حكم على عقيد لم تُعرف هويته على الفور، بالسجن ثلاث سنوات في القضية ذاتها.
ومثل أمام المحكمة مطلق النار، وهو ضابط آخر رفيع كان حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، بصفة شاهد.
وكان تم منع كحال، الشهر الماضي، من مغادرة الأراضي الجزائرية حين كان يتأهب للسفر إلى باريس. وقد سبق له أن أدار أمن رئيس الجمهورية منذ 2004 وحتى سنة 2015 بالتزامن مع إقالة قائدي الحرس الجمهوري والأمن الداخلي.
وواكبت هذه الإقالات تغييرات كثيرة على رأس قيادة الجيش بلغت أوجها في سبتمبر (أيلول) الماضي مع إقالة قائد الأجهزة السرية اللواء محمد مدين المعروف باسم «توفيق». كما حكم القضاء العسكري الأسبوع الماضي بالسجن خمس سنوات على القائد السابق لمكافحة الإرهاب الجنرال حسن، بعد أن أدين بجريمتي «إتلاف وثائق ومخالفة تعليمات عسكرية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.