عدد المدعوين لمؤتمر الرياض من المعارضة السورية يرتفع إلى 100

شكري يلتقي ممثلي لجنة مؤتمر القاهرة

عرب وتركمان يفرون من بيوتهم في ريف اللاذقية بسبب ضربات جوية من الطيران الروسي والنظام السوري (غيتي)
عرب وتركمان يفرون من بيوتهم في ريف اللاذقية بسبب ضربات جوية من الطيران الروسي والنظام السوري (غيتي)
TT

عدد المدعوين لمؤتمر الرياض من المعارضة السورية يرتفع إلى 100

عرب وتركمان يفرون من بيوتهم في ريف اللاذقية بسبب ضربات جوية من الطيران الروسي والنظام السوري (غيتي)
عرب وتركمان يفرون من بيوتهم في ريف اللاذقية بسبب ضربات جوية من الطيران الروسي والنظام السوري (غيتي)

كشف مصدر في الائتلاف السوري المعارض، لـ«الشرق الوسط»، أن التأشيرات إلى الرياض بدأت تصل إلى عدد من أعضاء «الائتلاف» المدرجين على اللائحة التي قدّمها رئيسه خالد خوجة للمشاركة في مؤتمر الرياض، والذي تحدد موعده بين الثامن والعاشر من الشهر الحالي. وارتفع عدد المدعوين للمؤتمر من مجمل المعارضة السورية من 65 إلى 100 مدعو، في الوقت الذي التقى فيه سامح شكري، وزير الخارجية المصري، صباح أمس، وفدا ممثلا عن لجنة مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، في إطار عملية فيينا التي تستهدف إطلاق عملية سياسية في سوريا تحت إشراف الأمم المتحدة.
وبينما تستمر الجهود على خط تذليل العقبات التي نتجت عن إرسال لائحتين من قبل الائتلاف، الأولى من قبل خوجة والثانية من قبل الهيئة السياسية، للتوصل إلى قائمة توافقية، أكّدت المصادر أن الأمور في طريقها إلى الحلّ خلال الساعات القليلة المقبلة، موضحة أن «الهيئة السياسية طلبت إضافة خمسة أسماء إلى (لائحة خوجة) ليصبح عدد الممثلين 25 شخصا، وهو الأمر الذي قد يجد طريقه نحو التطبيق لا سيما أن عدد المقاعد المشاركة في المؤتمر زاد، مما سيسهم في التخفيف من الاحتقان والخلافات داخل الائتلاف».
وشملت لائحة خوجة التي كان قد تم التداول بها كلا من «نغم الغادري، مصطفى أوسو، أنس العبدة، سهير أتاسي، فؤاد عليكو، هادي البحرة، هيثم رحمة، محمد قداح، عبد الأحد اصطيفو، أحمد تيناوي، سالم المسلط، سمير نشار، عالية منصور، يوسف محليش، فاروق طيفور، نورا الجيزاوي، مصطفى الصّباغ، عبد الإله فهد، رياض سيف».
في المقابل، اعتبرت مصادر أخرى، في الائتلاف، أنه «إذا لم يتم التوصل إلى توافق فإن الأمور ستأخذ منحى مختلفا، وستحال القضية إلى اللجنة القانونية لإعطاء وجهة نظرها في ما حصل»، وهو ما نفاه عضو آخر، مؤكدا أنه «كما يحق لرئيس الائتلاف، وهو السلطة الأعلى، اتخاذ القرارات، يحق للهيئة السياسية الأمر نفسه».
وفي السياق، أوضح عضو الائتلاف سمير النشار، لـ«الشرق الأوسط»، أن المشكلة الأساسية التي أدت إلى إرسال اللائحتين «هي وجود وجهتي نظر، إذ إنه في حين اعتبرت الهيئة السياسية أنها هي التي يفترض أن تكون مشاركة في الائتلاف، على اعتبار أن أعضاءها ينتمون إلى أطياف متعددة ولها صلاحية اتخاذ القرارات، كانت وجهة نظر خوجة ضرورة أن تشمل لائحة المشاركين مختلف المكونات التي بعضها غير ممثل في الهيئة السياسية». وقد شملت لائحة خوجة، وفق النشار، أكثر من نصف أعضاء الهيئة السياسية، فيما قالت مصادر أخرى إنها كانت مناصفة، بين الهيئتين السياسية والعامة.
ورأى النشار أن مؤتمر الرياض، الذي سيعقد ما بين 8 و10 من الشهر الحالي، سيشكّل مسارا جديدا في عمل المعارضة، مرجحا أن يكون هو المرجعية الأساسية في ما بعد وليس الائتلاف الوطني، نظرا إلى أنه يضم أطيافا مختلفة، مشيرا إلى أنّ هناك توجّها لزيادة عدد المشاركين من 65 إلى 95 شخصا. وهو ما أكّد عليه عضو الائتلاف أنس العبدة، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ هناك قناعة لدى الجميع بالعمل على إنجاح المؤتمر الذي سيكون مصيريا لمستقبل سوريا والعملية السياسية ومباحثات فيينا المرتقبة.
وبينما لم تتضح لغاية الآن صفة تمثيل دول أصدقاء سوريا، رجّحت المصادر أن تكون على مستوى ممثلين من وزارات الخارجية للدول.
وفي القاهرة، قال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، عقب اللقاء، إن وزير الخارجية المصري استمع إلى شرح وفد المعارضة السورية لمشاركة ممثلين عن مجموعة القاهرة في مؤتمر الرياض، وتطلعهم إلى أن يكلل المؤتمر بالنجاح، وأن تتاح الفرصة لممثلي المجتمع السوري بكل طوائفه وروافده الفكرية والثقافية لأن يتوصلوا إلى التوافق المطلوب ووحدة الصف، بشكل يؤهلهم لتشكيل فريق تفاوضي واحد خلال الحوار السوري - السوري المزمع إطلاقه تحت إشراف الأمم المتحدة.
وأكد الوزير شكري خلال اللقاء على أهمية أن تبذل المعارضة السورية كل الجهد للوصول إلى رؤية موحدة تحافظ على وحده سوريا وسلامتها الإقليمية، وترسم طريقا عمليا لمفاوضات جادة تضمن تنفيذ مقررات «جنيف 1»، وأن تعبر عن كل أطياف الشعب السوري، وأن تسمو فوق مصالحها الطائفية وانتماءاتها الخاصة. وأعرب عن تطلع مصر لأن تعكس مخرجات مؤتمر الرياض الأفكار والرؤى التي تخدم مصلحة الشعب السوري.
وسلم الوزير سامح شكري رسالة شكر وتقدير لجمهورية مصر العربية ووزارة الخارجية المصرية للدور الذي قامت به في دعم القضية السورية، وإتاحة الفرصة لممثلي المعارضة السورية الوطنية المستقلة والمدنية لعقد لقاءاتها في مصر.
من جهتها، شددت «لجنة مؤتمر القاهرة»، على ضرورة العمل على إنجاح مؤتمر الرياض المقبل للمعارضة، بحيث يتم تمهيد الطريق أمام المفاوضات السياسية والانتقال السياسي في سوريا إلى الدولة الديمقراطية. وهو ما أكّده وفد من اللجنة خلال لقائه وزير الخارجية المصري سامح شكري، بحسب ما قال أحد أعضائه، جمال سليمان.
وردا على سؤال حول ما يقال من أن هناك رفضا لمشاركة مجموعة لجنة القاهرة كمجموعة موحدة في مؤتمر السعودية وأن تكون المشاركة فردية، قال سليمان: «كان هناك الكثير من الأسئلة والتسريبات الإعلامية حول هذا الموضوع خلال الأيام الماضية، لكن الخارجية السعودية قررت أن توجه الدعوات للجميع بالأسماء الشخصية وليس بصفاتهم الرسمية تجنبا لأي حرج في هذا الإطار».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.