أميركا: منفذا مجزرة كاليفورنيا زوجان من أصل باكستاني

قتلا 14 من زملائهما خلال احتفال بأعياد الميلاد * أوباما يؤكد أن فرضية الإرهاب «ممكنة» في حادث كاليفورنيا

الشرطة الأميركية تحاصر موقع حادث إطلاق النار الذي أوقع 14 قتيلا في سان برناردينو بكاليفورنيا أول من أمس (أ.ب)
الشرطة الأميركية تحاصر موقع حادث إطلاق النار الذي أوقع 14 قتيلا في سان برناردينو بكاليفورنيا أول من أمس (أ.ب)
TT

أميركا: منفذا مجزرة كاليفورنيا زوجان من أصل باكستاني

الشرطة الأميركية تحاصر موقع حادث إطلاق النار الذي أوقع 14 قتيلا في سان برناردينو بكاليفورنيا أول من أمس (أ.ب)
الشرطة الأميركية تحاصر موقع حادث إطلاق النار الذي أوقع 14 قتيلا في سان برناردينو بكاليفورنيا أول من أمس (أ.ب)

استعد رضوان فاروق، الشاب الأميركي الباكستاني (28 عاما)، وزوجته تشفين مالك، أميركية باكستانية، كعادتهما صباح كل أربعاء، في منزلهما الجميل بضاحية آنهايم (ولاية كاليفورنيا) الراقية، لنقل ابنتهما البالغة من العمر ستة أشهر إلى منزل والدة فاروق، حيث تبقى إلى أن يعودا من العمل في «قسم الصحة العامة» بمقاطعة سان برناردينو، شرق لوس أنجليس. قالا للوالدة إن الموظفين في المكتب الذي يعملان فيه يقيمون الحفل السنوي بمناسبة أعياد الميلاد، وإنهما، مثل عادتهما كل عام، سيحضران الحفل، ثم في نهاية اليوم يعودان لاصطحاب ابنتهما.
في المقابل، الشابان قتلا 14 من زملائهما وجرحا أكثر من هذا العدد بعد تبادل النار مع الشرطة، مع غروب شمس أول من أمس (الأربعاء).
وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن فاروق ولد في ولاية إلينوي، عام 1987، من والدين هاجرا إلى أميركا من باكستان قبل قرابة أربعين عاما. وظل يعمل في «قسم الصحة العامة» منذ عام 2010 خبيرا في التفتيش الصحي. وفي وقت لاحق، انضمت إليه زوجته في القسم نفسه.
وحسب ملفات مقاطعة سان برناردينو، كان عمل فاروق هو تفتيش المطاعم والمخابز وحمامات السباحة العامة. كما كان يفحص مستويات الكلور في أحواض السباحة، ومكان حفظ الأطعمة في المطاعم، والتأكد من تنفيذ الإجراءات الصحية في طبخ الأطعمة وتقديمها. وتبين أن راتبه السنوي يبلغ سبعين ألف دولار (أي ستة آلاف دولار في الشهر تقريبا). ولم تتوفر معلومات مماثلة عن زوجته.
من جهته، قال غارود بيرغون، مدير شرطة مقاطعة سان برناردينو، إن «مجزرة المكتب الصحي هي الكبرى في تاريخ المقاطعة، وإنها أسقطت أكبر عدد من الضحايا في الولايات المتحدة منذ مجزرة المدرسة الابتدائية في نيوتاون بولاية كونتيكتيت، حيث قتل شاب عشرين تلميذا وتلميذة.
واستغرب بيرغون من قدرة الشابين، اللذين قد لا يكونان متزوجين، على التخطيط لهذه المجزرة خلال شهور، وعلى كتمانها وإخفاء سببها. وقال في مؤتمر صحافي ليل أول من أمس (الأربعاء)، إن «الشرطة بالتعاون مع مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) يحققان في الدوافع وراء الجريمة».
من جانبه، لم يستبعد متحدث الـ«إف بي آي» أن يكون الهجوم إرهابيًا. والإرهاب، حسب التعريف الأميركي، يدلّ على صلة الحادث بهدف سياسي.
وأصدرت رئاسة «إف بي آي»، أمس، في واشنطن تقريرا عن المذابح الجماعية منذ عام 2000، وجاء فيه أن من بين 160 مذبحة هناك مذبحتان فقط كان القاتل فيهما شخصا واحدا. حتى في الحالتين اللتين اشترك فيهما شخصان كان عدد القتلى في كل مرة أقل من خمسة أشخاص، مما يعني أن فاروق وزوجته هما، على الأقل منذ عام 2000، أول شخصين ينفذان مذبحة جماعية قتلت 14 شخصا، وأول زوجين ينفذان مذبحة جماعية.
وقبيل منتصف ليل أول من أمس (الأربعاء)، بعد أن أعلنت الشرطة اسمي فاروق وزوجته، وبعد أن فتشت منزلهما وبدأت تحقق مع أقاربهما وأصدقائهما، تحدث فرحان خان، أخو الزوجة، إلى الصحافيين، وعبر عن دهشته، ودهشة الأقارب والأصدقاء، مما فعله فاروق وزوجته، وقال: «ليس عندي أي معلومات عن لماذا فعلا ذلك». وأضاف: «أنا أعاني من صدمة نفسية لا أقدر أن أصفها». وقال إنه تحدث مع فاروق وزوجته قبل أسبوع، عندما زارهما في منزلهما، وإنهما، في ذلك الوقت، «كانا عاديين جدا، وودودين جدا. أنا لا أصدق أنهما فعلا ما فعلاه».
أما حسام عيلوش، مدير فرع لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) في لوس أنجليس، الذي شارك في المؤتمر الصحافي الذي عقده خان، فقال إن «الجدة لم تلاحظ أي شيء غير عادي عندما جاءا إلى منزلها وتركا الطفلة صباح أول من أمس (الأربعاء)، وكانت تتابع الأخبار على التلفزيون. في البداية قلقت عليهما كثيرا عندما أذيعت المجزرة، ثم لم تصدق أنهما هما اللذين ارتكبا المجزرة. وصارت تعاني الآن من انهيار عصبي».
وردا على أسئلة من الصحافيين، رفض عيلوش أن يقول إن ما حدث «عمل إرهابي». ودعا الصحافيين إلى «عدم التسرع». وأضاف: «هل للعمل صلة؟ هل للغضب؟ هو مرض نفسي؟ هل هي آيديولوجية متطرفة؟ لا نعرف، ويجب أن ننتظر نتائج التحقيق. يجب ألا نوزع الاتهامات يمينا ويسارا، ونزيد القلق، ونعقد الوضع أكثر».
من جهته، أكد القنصل العام السعودي في لوس أنجليس، السفير الدكتور فيصل بن عبد العزيز السديري، عدم تعرض أي مواطن سعودي لأي أذى جراء حادث إطلاق النار الذي وقع مساء أول من أمس في مقاطعة سان برناردينو، ونتج عنه وفيات وإصابات. وأوضح القنصل العام السعودي، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية، أنه فور ورود الخبر تم التواصل مع السلطات المحلية، وأنه لم يثبت وجود أي مواطن سعودي بالمركز أو بالقرب منه. وصرح الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس أنه «من الممكن» أن يكون لإطلاق النار في كاليفورنيا الأربعاء دوافع إرهابية «لكننا لا نعرف بعد».
وأمر أوباما الذي كان يتحدث في ختام اجتماع لمجلس الأمن القومي غداة إطلاق نار من قبل رجل وامرأة مدججين بالسلاح أسفر عن سقوط 14 قتيلا في سان بيرناردينو، بتنكيس الأعلام الأميركية في البيت الأبيض والمباني الرسمية الأخرى في الولايات المتحدة «احتراما» للضحايا.
وقال الرئيس الأميركي «في هذه المرحلة لا نعرف لماذا وقع هذا الحادث الرهيب». وأضاف: «نعرف أن الشخصين اللذين قتلا كان بحوزتهما أسلحة ولديهما على ما يبدو أسلحة أخرى في المنزل».
وتابع أوباما «لكننا لا نعرف لماذا فعلا ذلك ولا نعرف دوافعهما». وأشار إلى «أنهما قد يكونان مرتبطين بالإرهاب لكننا لا نعرف. قد يكونان مرتبطين بمكان العمل»، موضحا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) مكلف بالتحقيق في هذه القضية. وأمر الرئيس الأميركي بتنكيس الأعلام حتى الاثنين.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.