نقل محادثات الأزمة السورية من فيينا إلى نيويورك برعاية مجلس الأمن

سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة: «هناك زخم كبير للدفع في اتجاه مسار دبلوماسي وسياسي للأزمة السورية أكثر من أي وقت مضى

مدنيان يتلقيان العلاج في مشفى ميداني بعد إصابات تسبب بها طيران النظام الذي استهدف مدينة دوما قرب دمشق أمس (إ.ب.أ)
مدنيان يتلقيان العلاج في مشفى ميداني بعد إصابات تسبب بها طيران النظام الذي استهدف مدينة دوما قرب دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

نقل محادثات الأزمة السورية من فيينا إلى نيويورك برعاية مجلس الأمن

مدنيان يتلقيان العلاج في مشفى ميداني بعد إصابات تسبب بها طيران النظام الذي استهدف مدينة دوما قرب دمشق أمس (إ.ب.أ)
مدنيان يتلقيان العلاج في مشفى ميداني بعد إصابات تسبب بها طيران النظام الذي استهدف مدينة دوما قرب دمشق أمس (إ.ب.أ)

أكدت مصادر دبلوماسية غربية بالأمم المتحدة نقل اجتماعات فيينا حول سبل إنهاء الأزمة السورية إلى نيويورك لعقد الجولة الجديدة من المناقشات في اجتماع لمجلس الأمن في نيويورك. وأوضحت المصادر أنه من المقرر عقد الدورة المقبلة 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي على هامش اجتماعات مجلس الأمن.
وأشار دبلوماسيون غربيون إلى أن اجتماع مجلس الأمن سيناقش سبل حل الأزمة السورية والتوصل إلى اتفاق سلام يشمل بشكل أساسي وقفا لإطلاق النار. وأوضح الدبلوماسيون أن المناقشات جارية حول تنظيم هذا الاجتماع الذي ستشارك فيه القوى العالمية والدول التي شاركت في محادثات فيينا.
ويأتي الدفع لعقد الاجتماع تحت مظلة الأمم المتحدة في وقت دفعت فيه هجمات باريس إلى مزيد من الاهتمام بتحريك جهود التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، وفي ظل توترات دبلوماسية بين روسيا وتركيا بعد قيام تركيا بإسقاط طائرة عسكرية روسية الأسبوع الماضي. ويقول الدبلوماسيون إن عقد الاجتماعات في نيويورك يرسل إشارة مهمة حول أن التوترات بين روسيا وتركيا لن تؤثر على الزخم المتصاعد لدفع جهود التوصل لسلام في سوريا.
وقالت سامنتا باور سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في لقاء مع الصحافيين مساء الثلاثاء «هناك زخم كبير للدفع في اتجاه مسار دبلوماسي وسياسي للأزمة السورية أكثر من أي وقت مضي». وأشارت باور إلى أن الولايات المتحدة تريد أن تتم الجولة المقبلة من المحادثات حول سوريا في منتصف ديسمبر، وأن نيويورك أحد الأماكن المقترحة.
وأكدت سفيرة الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يعمل للحفاظ على الزخم الناجم من اجتماع «فيينا 2»، ويعقد مناقشات مع الدول المعنية حول الخطوة الثانية والاجتماع الوزاري القادم في نيويورك، وقالت: «لا يزال أمامنا تحديات كثيرة، وليس سرا أن الخلافات تتعلق بمصير الأسد، وهناك انقسام بين الدول في هذا الشأن، لكن من المهم أن الدول وافقت على بذل المحاولات للتحرك نحو انتقال سياسي في غضون ستة أشهر وإجراء انتخابات في غضون 18 شهرا».
وأضافت باور التي ترأس بلادها الدورة الحالية لمجلس الأمن، للصحافيين: «جانب كبير من الجهد الروسي في مكافحة (داعش) يركز على نفس الأمر الذي نركز عليه، وهو وقف خطوط التمويل لـ(داعش) وقطع قدرة (داعش) على الحصول على أموال، سواء من خلال تهريب النفط أو من خلال نقل الأموال خلال النظام المالي الدولي، ونتمنى أن نرى من روسيا تركيزا أكثر للضربات الجوية على (داعش) بدلا من التركيز على المجموعات السورية التي ستكون جزءا من عملية الانتقالي السياسي».
من جانب آخر، دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري، روسيا لتكون شريكا فعالا وليس عدوا في الحرب ضد تنظيم داعش. وطالب كيري خلال اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي الناتو، أمس الأربعاء بأن تتعاون روسيا مع حلف الناتو لمكافحة «داعش». وقال «إننا نرحب بمشاركة روسيا في العملية السياسية في سوريا. وحث وزير الخارجية الأميركي الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي الناتو (27 عضوا) لتكثيف جهودهم في المعركة ضد (داعش) وتكثيف التعاون بين دول الغرب وروسيا لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا».
وشدد كيري على أنه لا يمكن تحقيق السلام في سوريا دون رحيل الرئيس بشار الأسد، مشيرا إلى الخلافات الأميركية مع روسيا حول مصير الأسد. وقال «إذا قامت روسيا بتركيز جهدها على قتال (داعش) بشكل حقيقي، فيمكن أن يكون لها تأثير بناء في إحلال السلام».
وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في بلغراد، اليوم الخميس، على هامش المحادثات الوزارية للدول الأعضاء في مجلس الأمن والتعاون الأوروبي، لاطلاعه على مخططات العمل المشترك مع أطراف المعارضة السورية، واطلاعه على سير المباحثات مع دول الخليج العربي والمخططات الخاصة بالعمل المشترك مع أطراف المعارضة السورية.
وكانت العاصمة النمساوية قد شهدت جولتين من المحادثات في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) ومنتصف نوفمبر (تشرين الثاني) حول سبل حل الأزمة السورية، وشاركت فيها الولايات المتحدة وروسيا وإيران والمملكة العربية السعودية وتركيا وعدد كبير من الدول العربية والأوروبية. واتفقت الدول على عدد من النقاط حول ضرورة حل الأزمة سياسية وتشكيل حكومة انتقالية والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية. لكن المحادثات لم تسفر عن اتفاق حول القضية الخلافية الرئيسية والمتعلقة بمصير الرئيس بشار الأسد.
وقد حدد اجتماع فيينا الأخير في منتصف نوفمبر موعدا نهائيا لبدء المحادثات بين المعارضة السورية المعتدلة وأطراف في الحكومة السورية في الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل. ودعا البيان الصادر عن الاجتماع إلى موافقة الأطراف على البدء بوقف إطلاق نار في سوريا، وعملية سياسية متوافقة مع بيان جنيف 2012، وتكليف الأردن بتنسيق قائمة بالمنظمات الإرهابية في سوريا.
ومن المقرر أن تستضيف المملكة العربية السعودية ممثلين عن المعارضة السورية في الرياض الأسبوع المقبل لتوحيد وفد المعارضة الذي سيفاوض النظام.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.