وزير الدفاع الأميركي يعلن إرسال مزيد من القوات الأميركية الخاصة لمكافحة «داعش»

ألمانيا توافق على مشاركة الجيش بضرب الإرهاب في سوريا.. وبريطانيا تصوت اليوم

وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر (يسار) والجنرال جون دانفورد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة قبل مثولهما أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر (يسار) والجنرال جون دانفورد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة قبل مثولهما أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
TT

وزير الدفاع الأميركي يعلن إرسال مزيد من القوات الأميركية الخاصة لمكافحة «داعش»

وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر (يسار) والجنرال جون دانفورد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة قبل مثولهما أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر (يسار) والجنرال جون دانفورد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة قبل مثولهما أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

أعلن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أن الولايات المتحدة سترسل قوات أميركية خاصة (كوماندوز) إلى كل من سوريا والعراق لتعزيز مهام جمع المعلومات الاستخباراتية والقيام بأنشطة قتالية. وقال كارتر في شهادته أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب صباح أمس: «هذه القوات الخاصة ستكون قادرة على شن غارات والقيام بعمليات لتحرير الرهائن وجمع المعلومات الاستخباراتية والقبض على قادة (داعش)». وأضاف: «ستقوم القوات الخاصة بمساعدة القوات العراقية المحلية في العراق لمكافحة (داعش) واستعادة المناطق التي يسيطر عليها التنظيم بينما تقوم تلك القوات بعمليات من جانب واحد في سوريا. وأوضح كارتر أن تلك القوات الخاصة ستقدم المساعدة للقوات العراقية وقوات البيشمركة الكردية لحماية الحدود العراقية وبناء قدرات القوات المحلية، مشيرًا إلى أن هذه القوات الخاصة ستوفر درجة أفضل من المعلومات الاستخباراتية لشن مزيد من الغارات وضرب مزيد من الأهداف للبنية التحتية لـ(داعش)، وخلق مزيد من الزخم في الحرب ضد (داعش)».
وأوضح وزير الدفاع الأميركي أن إرسال تلك القوات إلى العراق يتم بالتنسيق مع الحكومة العراقية، حيث تقوم تلك القوات الخاصة بمساعدة قوات البيشمركة الكردية والقوات العراقية لفرض مزيد من الضغوط على تنظيم داعش، مشيرا إلى أن البنتاغون يعمل مع الحكومة العراقية لبناء قدرات قوات الأمن العراقية ومساعدة الأكراد ومدهم بالأسلحة الثقيلة لشن ضربات ضد «داعش».
وأشاد وزير الدفاع الأميركي بما حققته الاستراتيجية الأميركية في مكافحة «داعش» من نجاح في الضربات الجوية ضد «داعش» وضرب آبار النفط في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، وضرب 400 من عربات نقل النفط وقتل قيادات التنظيم وتقليص نفوذ «داعش» وقطع الطريق بين المناطق التي يسيطر عليها ومنعه من تجنيد مزيد من المقاتلين وقتل عدد من قادة التنظيم مثل المتطرف جون وأبو سياف.
كما أشاد بما حققته قوات البيشمركة الكردية من قدرات لطرد «داعش» من مدينة سنجار وبيجي ومنطقة الأهوال في سوريا وقطع الطريق على التنظيم في الموصل ومنع تسلل المقاتلين الأجانب.
وصادقت الحكومة الألمانية، أمس، على تفويض يتيح مشاركة جيشها في الحملة ضد تنظيم داعش، خصوصًا في سوريا، في مهمة يمكن أن تحشد فيها 1200 عسكري، بينما لا تزال بريطانيا تنتظر تصويت برلمانها اليوم على المشاركة في الضربات ضد «داعش» في سوريا.
وقال بيان الحكومة الألمانية قال إن «ما يصل إلى 1200 جندي ألماني سيساعدون الائتلاف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي». وهذه المساعدة العسكرية التي قدمت بناء لطلب فرنسا إثر اعتداءات باريس في 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأعلن التنظيم مسؤوليته عنها، تكمن في نشر فرقاطة وطائرات استطلاع وتموين لدعم غارات التحالف الدولي على أهداف للمتطرفين في سوريا.
من جهتها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، إن هذا التفويض الجديد يعتبر «امتدادا» لمشاركة برلين في التحالف الدولي ضد «داعش» الذي أطلق في 2014 مع برنامج لتدريب وتسليح قوات البيشمركة الكردية. وأضافت: «نوسع هذه المشاركة في التحالف القائم لمحاربة تنظيم داعش إلى سوريا».
واستبعدت وزيرة الدفاع الألمانية، أمس، أي تعاون بين القوات الألمانية وقوات الرئيس السوري بشار الأسد. وتبحث ألمانيا خططا للمشاركة في حملة عسكرية على تنظيم داعش في سوريا.
وقالت وزيرة الدفاع أورسولا فون دير ليين: «لن يكون هناك أي تعاون مع الأسد ولا تعاون مع قواته». ويفترض أن تنشر برلين بحلول مطلع يناير (كانون الثاني) ست طائرات استطلاع (تورنيدو) ستتحرك انطلاقًا من قاعدة إنجرليك التركية، كما قال متحدث باسم وزارة الدفاع. والمساعدة العسكرية تشمل أيضًا نشر طائرة تموين وفرقاطة لحماية حاملة الطائرات الفرنسية (شارل ديغول) في المتوسط». وعبر نشر نحو 1200 جندي في مهمات استطلاع جوي ودعم، تكون هذه المهمة الأكبر للجيش الألماني بعد مهمته في أفغانستان.
إلى ذلك، يعقد اليوم في مجلس العموم البريطاني مناقشة اقتراح الحكومة لشن ضربات جوية على تنظيم داعش في سوريا والتصويت عليه، بقيادة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. ويأتي هذا التطور بعدما قرر حزب العمال المعارض عدم فرض تعليمات للتصويت على نوابه، وذلك رغم المواقف السلمية لزعيمه جيرمي كوربين، مما يجعل تأييد البرلمان لهذه الضربات أمرا مرجحا. ومن المتوقع إعلان نتائج التصويت بعد الساعة العاشرة مساء اليوم.
وسيناقش كاميرون اليوم الاقتراح مع نواب الحكومة لمدت عشر ساعات. ويسعى لإقناع البرلمان منذ أكثر من عامين بضرورة مشاركة القوات البريطانية في غارات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على تنظيم داعش في سوريا. ويواصل رئيس الوزراء البريطاني منذ الأسبوع الماضي مساعيه لجس نبض أعضاء حزبه من جهة والمعارضة من جهة أخرى حتى يتجنب إخفاقه في انتزاع موافقة البرلمان على مقترحه، كما حصل في عام 2013، حين رفضه أعضاء البرلمان بفارق 13 صوتًا فقط.
ومن جهته، أكد النائب البرلماني من حزب العمال اندي سلوتر لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد الكثير من التفكير والاستماع إلى وجهات نظر المواطنين والزملاء من كل الجوانب من مجلس النواب والحكومة البريطانية، لقد قررت أنني لن أدعم العمل العسكري البريطاني في سوريا في الوقت الحاضر. وسأصوت ضد أي اقتراح في البرلمان اليوم». وتشهد مواقف نواب حزب العمال المعارض، الذي يضمن 231 مقعدا في البرلمان، تصدعات كبيرة، فيما تشير وسائل إعلام بريطانية إلى أنه في حال جرى التصويت على المشروع، فإن ذلك يعد بمثابة امتحان لكوربين الذي يعارض مشاركة بلاده في الغارات في سوريا.
لكن كاميرون أعرب أمس عن أن هناك دعمًا برلمانيًا «متزايدًا» لتوجيه ضربات جوية، قائلا إن «هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله ويخدم المصلحة الوطنية».
وانتقد كوربين قرار عدم إجراء مناقشة لمدة يومين حول هذه المسألة، وقال زعيم حزب العمال إن «هذا يظهر أن قضية كاميرون فيما يتعلق بشن ضربات جوية في سوريا (تتهاوى)»، مضيفا أنه ينبغي على رئيس الوزراء «وقف الاندفاع نحو الحرب».
وكان كاميرون ينتظر كسب موافقة عدد من نواب حزب العمال حتى يضمن موافقة البرلمان على الانضمام إلى الغارات الجوية ضد «داعش» في سوريا، وقال أول من أمس إن «بريطانيا لا يمكنها الاعتماد على دول أخرى في ضمان أمنها»، وأضاف: «تنظيم (داعش) يشكل تهديدًا مباشرة للمملكة المتحدة، ويمكن للضربات الجوية البريطانية أن تلعب دورا رئيسيا في تحجيمهم كجزء من استراتيجية شاملة في سوريا».
ومع ذلك، يصر كوربين وأنصاره، ومنهم المستشاران جون ماكدونيل وديان أبوت، على أن هذا التصويت لا يرقى إلى إذن لتوجيه ضربات جوية.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.