لبنان يدفع ثمنًا باهظًا للإفراج عن عسكرييه.. وتوسيع هامش تحرك المسلحين في عرسال

مصدر أمني لـ {الشرق الأوسط}: البلدة خارج السيطرة.. وفيها آلاف المنتمين لـ«داعش» و«النصرة»

فرح عائلات الجنود المختطفين بعد سماع خبر الإفراج عن أبنائهم من قبل «جبهة النصرة» التي اختطفتهم في أغسطس 2014 (أ.ب)
فرح عائلات الجنود المختطفين بعد سماع خبر الإفراج عن أبنائهم من قبل «جبهة النصرة» التي اختطفتهم في أغسطس 2014 (أ.ب)
TT

لبنان يدفع ثمنًا باهظًا للإفراج عن عسكرييه.. وتوسيع هامش تحرك المسلحين في عرسال

فرح عائلات الجنود المختطفين بعد سماع خبر الإفراج عن أبنائهم من قبل «جبهة النصرة» التي اختطفتهم في أغسطس 2014 (أ.ب)
فرح عائلات الجنود المختطفين بعد سماع خبر الإفراج عن أبنائهم من قبل «جبهة النصرة» التي اختطفتهم في أغسطس 2014 (أ.ب)

لم تمر المظاهر التي رافقت عملية تبادل العسكريين اللبنانيين المحررين بعدد من الموقوفين في السجون اللبنانية والسورية يوم أمس (الثلاثاء)، مرور الكرام، إذ أثبتت المشاهد التي بثتها قنوات محلية وأجنبية، أن أراضي لبنانية واسعة تقع تحت سيطرة المئات من المسلحين التابعين لتنظيمي داعش وجبهة النصرة.
وأثارت بعض بنود الاتفاق الموقع بين «النصرة»، والجهات اللبنانية المعنية، والذي أشرف عليه وسيط قطري، ردود فعل شاجبة، وخصوصًا تلك المتعلقة بجعل منطقة وادي حميد الجردية الحدودية التي تسيطر عليها «النصرة»، «منطقة آمنة»، وفتح «ممر الزامي آمن» بينها وبين بلدة عرسال، ما سيضع حدًا لكل الإجراءات المشددة التي اتخذها الجيش اللبناني خلال العام الماضي بحصر وجود المسلحين في منطقة الجرود ومنع أي ظهور مسلح في المنطقة الواقعة بعد الحواجز التي نصبها على كل مداخل وأطراف عرسال.
وسيؤدي الاتفاق الجديد، بحسب مصادر أمنية، لـ«توسيع قطاع تحرك المسلحين وإعطائهم حرية جغرافية أكبر في المنطقة الحدودية اللبنانية من جهة الشرق، ما سيمكن كل العناصر الموجودة في المخيمات في وادي حميد من التنقل بحرية من وإلى عرسال»، كما كان عليه الوضع بعد اندلاع الأزمة في سوريا في عام 2011 حين شكّلت البلدة اللبنانية، حيث الأكثرية سنية، قاعدة خلفية لمقاتلي المعارضة السورية الذين كانوا يتلقون العلاج في مستشفى ميداني وآخر أنشئ لاستيعابهم، ولتأمين كل احتياجاتهم.
واعتبرت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة اللبنانية وفي الشروط التي تضمنتها التسوية «قد تكون قدمت الكثير من التنازلات لإنجاح العملية، وخصوصًا أن تحويل وادي حميد لمنطقة آمنة يعني عدم استهدافها عسكريًا بالمدفعية والطيران، مع العلم بأن هناك تجمعات لمسلحين استهدفها الجيش أكثر من مرة»، مرجحة أن يكون موضوع تحويل منطقة وادي حميد لمنطقة آمنة وفتح ممر باتجاه عرسال «بوابة إلزامية للتسوية، اضطر الفريق اللبناني المفاوض للرضوخ للموافقة عليها».
وانفردت قناة «الجزيرة» القطرية وتلفزيون «MTV» اللبناني بالحق الحصري لمواكبة عملية التبادل، إذ سمحت لهما قيادة «النصرة» بالدخول إلى منطقة سيطرتها والحديث مع العسكريين المحررين ومسؤولين فيها. وبدا في اللقطات التي تناقلتها التلفزيونات عشرات الملثمين المسلحين الذين رفعوا الرايات السوداء الخاصة بالجبهة، في منطقة في جرود عرسال لم يتم تحديدها من قبل المراسلين الصحافيين تبعًا لاعتبارات أمنية، كما قالوا.
ولم تستغرب المصادر الأمنية المشاهد التي نقلتها شاشات التلفزة، لافتة إلى أن «هذا هو حقيقة الواقع المؤسف في البلدة، التي يمكن التأكيد أنّها خارج السيطرة». وقالت: «عندما نقول إن هناك آلاف المنتمين لتنظيمي داعش وجبهة النصرة فنحن لا نبالغ، باعتبار أن ضعفي عدد سكان عرسال حاليًا من النازحين السوريين».
وتحدثت المصادر عن «كيانات تنظيمية ووجود منظم في البلدة لـ(داعش) و(النصرة) اللذين أنشآ مراكز وأحياء ومقرات ومحاكم تابعة لهما». وأضافت: «للأسف، هناك أراضٍ لبنانية محتلة من قبل عناصر التنظيمين اللذين يتعايشان في المنطقة، ويتخذان من مخيمات اللاجئين دروعًا بشرية للاحتماء فيها».
وكانت «الشرق الأوسط» أول من كشف قبل نحو عام عن أن لجبهة النصرة هيئة شرعية ومكتب شكاوى في منطقة وادي عطا في عرسال، بينما لـ«داعش» محكمة شرعية في جرود البلدة. وأوضحت في حينها، أن مساحة الأراضي اللبنانية التي يتحكم بها التنظيمان ويفرضان قوانينهما على سكانها، تبلغ 4 في المائة من مساحة لبنان، باعتبار أنّه وكما هو معلوم فإن مساحة عرسال وجرودها تبلغ 5 في المائة من مجمل مساحة لبنان.
واعتبرت المصادر الأمنية، أنّه «وكخطوة أولية لمعالجة الوضع الحالي، تم اقتراح إبعاد مخيمات اللاجئين عن الطرقات العامة، خاصة في عرسال ومنطقة البقاع، بحيث لا يتم استخدام هذه المخيمات لاستهداف آليات الجيش ومن ثم الاحتماء فيها»، مشددة على وجوب اتخاذ «إجراءات سريعة في هذا الإطار قبل تفاقم الأحوال المناخية».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.