ماكري «بطل اليمين» قائد الأرجنتين الجديد

أول رئيس ينتخب ديمقراطيًا من خارج التيارات الراديكالية والبيرونية منذ 1916

ماكري «بطل اليمين» قائد الأرجنتين الجديد
TT

ماكري «بطل اليمين» قائد الأرجنتين الجديد

ماكري «بطل اليمين» قائد الأرجنتين الجديد

في نتيجة خالفت اتجاه معظم نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في دول أميركا الجنوبية فاز موريسيو ماكري، عمدة العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، ومرشح اليمين الليبرالي برئاسة الجمهورية، متغلبًا في الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات على منافسه مرشح «جبهة النصر» ممثلة اليسار البيروني وحاكم ولاية بوينس آيرس دانيال سيولي. وكان سيولي، الذي اختارته ودعمته الرئيسة المنتهية ولايتها كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر، قد تصدر الجولة الأولى من الانتخابات، غير أنه أخفق في حسم المعركة لصالحه بعد انقسام القاعدة الشعبية للبيرونيين وتوزع أصواتهم بين سيولي ورئيس مجلس الوزراء السابق سيرجيو ماسا الذي انشق عنها بعد تأسيسه تجمعًا على يمين الوسط هو «حركة التجديد».
من هو ماكري؟ وماذا يعني انتصاره بالنسبة لمستقبل البيرونيين والأرجنتين؟ واستطرادًا لمستقبل التجربة الديمقراطية في أميركا الجنوبية؟
كثيرون من راصدي السياسة الأرجنتينية اعتبروا فوز موريسيو ماكري، رجل الأعمال اليميني وعمدة العاصمة بوينس آيرس، برئاسة جمهورية الأرجنتين خطوة كبرى نحو «السياسة الواقعية» البعيدة عن الشعبوية الجماهيرية التي أتقن استثمارها التيار البيروني، أحد أقوى التيارات الوطنية واليسارية المناوئة تقليديًا لنفوذ الولايات المتحدة والعسكر والكنيسة الكاثوليكية في أميركا الجنوبية.
المحللون الاقتصاديون كانوا يأخذون على الرئيسة البيرونية المنتهية ولايتها كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر الهروب من المعضلات الاقتصادية وتداعيات الفساد بإجراءات إنفاق شعبوية ما كان يمكن أن تزيد الأوضاع إلا تفاقمًا. ثم إن كثيرين حتى من مناصري الرئيسة التي حكمت البلاد منذ عام 2007، والتي خلفت زوجها الرئيس الراحل نستور كيرشنر الذي تولى المنصب بين 2003 و2007، شعروا خلال السنوات القليلة الماضية بالامتعاض إزاء تورط مقربين منها بفضائح فساد وإثراء غير مشروع. ومن ثم، فإن كثير من الراصدين السياسيين رأوا في نتيجة الجولة الأخيرة والحاسمة من انتخابات الرئاسة الأرجنتينية التي أجريت يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هزيمة للرئيسة دي كيرشنر أكثر منها انتصارًا للتيار اليميني يمكن أن يشكل بالضرورة منعطفًا تاريخيًا في التطور السياسي للأرجنتين. وبعض هؤلاء يشيرون إلى تجربة مماثلة سجلت في تشيلي، «جارة» الأرجنتين إلى الغرب، حيث نجح رجل الأعمال الملياردير سباستيان بينييرا بالفوز بالرئاسة، مستفيدًا من انقسام أصوات اليسار وتوزّعها في انتخابات عام 2010 التي تعذّر دستوريًا على الرئيسة اليسارية المنتهية ولايتها ميشيل باشليت خوضها. ولكن، بعد انتهاء فترة بينييرا الرئاسية، خاضت باشليت الانتخابات عام 2014 وفازت مجددًا بمنصب الرئاسة.
* النشأة والبداية
موريسيو ماكري، مهندس مدني ورجل أعمال ثري، حتمًا أقل ثراء من الملياردير بينييرا، لكنه أكثر «كاريزمية». ولد ماكري يوم 8 فبراير (شباط) 1959 في منطقة تانديل التابعة لبوينس آيرس، لعائلة ثرية، إذ إن أباه فرانشيسكو ماكري مليونير إيطالي هاجر أبوه جورجيو إلى الأرجنتين بعد قيام الجمهورية في إيطاليا، وبنى ثروته فيها، أما أمه فهي من أصول إسبانية.
تلقى ماكري تعليمه الجامعي في الجامعة الكاثوليكية البابوية للأرجنتين في بوينس آيرس وتخرج فيها بدرجة البكالوريوس في الهندسة المدنية. وانتظم لاحقًا في دراسات جامعية فصلية قصيرة في الولايات المتحدة حملته إلى معهد إدارة الأعمال التابع لجامعة كولومبيا في نيويورك ومعهد وارتون للتمويل التابع لجامعة بنسلفانيا، كما انتظم في دراسات بجامعة سيما في العاصمة الأرجنتينية.
وبعد إكماله دراسته الجامعية انخرط في شركة «سيديكو»، وهي إحدى شركات البناء والمقاولات التي تملكها شركة والده القابضة «مجموعة سوكما». وعمل في الشركة لبضع سنوات، قبل أن ينتقل للعمل في فرع مصرف سيتي بنك - الأرجنتين. لكنه سرعان ما عاد عام 1985 ليتولى منصب مدير عام في «مجموعة سوكما».
عام 1991 تعرض موريسيو ماكري للخطف على أيدي ضباط في الشرطة الاتحادية الأرجنتينية، وبعد 12 يومًا أفرج عنه في أعقاب دفع فدية كبيرة. ويقال إن هذه التجربة أقنعت ماكري بالتفكير جديًا باقتحام عالم السياسة. وعام 1992، شغل ماكري منصب نائب رئيس شركة سيفيل أرجنتينا (التابعة لـ«مجموعة سوكما» التي كانت تصنع سيارات «بيجو» و«فيات» في الأرجنتين بترخيص من الشركتين الأم؛ الفرنسية والإيطالية. ثم أصبح رئيسًا للشركة عام 1994.
وخلال عام 1995 كسب ماكري شهرة عريضة على مستوى البلاد لدى انتخابه رئيسًا لنادي بوكا جونيورز الرياضي، الذي يعد مع غريمه التقليدي نادي ريفر بليت «قطبي كرة القدم الأرجنتينية». ولقد تكرر انتخابه رئيسًا لبوكا - الذي لعب في صفوفه دييغو مارادونا - عامي 1999 و2003. وشهدت سنوات رئاسة ماكري للنادي الشعبي «الأزرق والأصفر» إحدى فترات عصره الذهبي، إذ فاز النادي بسبع بطولات محلية و11 مسابقة دولية.
* اقتحام ساحة السياسة
دخل ماكري الساحة السياسية عام 2003 عندما أسس حزبه السياسي «لجنة التغيير» الذي يمثل تيار يمين الوسط، وفي فترة لاحقة من ذلك العام خاض انتخابات عمودية (رئاسة بلدية) بوينس آيرس غير أنه خسر الجولة الثانية الحاسمة.
ثم، عام 2005 أسهم في تأسيس تنظيم جديد يمثل اليمين هو «المقترح الجمهوري»، وانتخب عضوًا في مجلس النواب. ولاحقًا عام 2007 أعلن ماكري نيته الترشح للانتخابات البلدية في العاصمة على رأس قائمة «المقترح الجمهوري»، وبالفعل فاز على مرشح السلطة دانيال فيلموس حاصلاً في الجولة الثانية الحاسمة على نحو 61 في المائة من الأصوات.
عام 2011 طرح اسم موريسيو ماكري ليخوض انتخابات الرئاسة، لكنه شعر أن الوقت غير ملائم، وفضل خوض انتخابات رئاسة البلدية مجددًا، وفاز فيها للمرة الثانية متغلبًا أيضًا على فيلموس. وكانت تلك آخر معركة انتخابية له قبل خوضه الانتخابات الرئاسية التي انتصر فيها وأصبح أول رئيس يميني يفوز برئاسة الأرجنتين عبر انتخابات ديمقراطية منذ عام 1916.
في الجولة الأولى التي أجريت يوم 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تقدم المرشح البيروني اليساري سيولي جامعًا أكثر من 37 في المائة من الأصوات مقابل حصول ماكري - الذي اختار حليفته غابرييلا ميكيتي لمنصب نائب الرئيس - على 34.15 في المائة. غير أن ماكري وحليفته اليمينية فازا في الجولة الثانية الحاسمة على سيولي - والمرشح لنيابته كارلوس زانيني - جامعًا 51.34 في المائة مقابل 48.66 في المائة (12.988.349 مليون صوت مقابل 12.309.301 صوت).
* عائلة ماكري
كما سبقت الإشارة، انطلقت مسيرة ماكري من طموحه الشخصي، بجانب ثراء عائلته. فأبوه فرانشيسكو (فرانكو) الذي هو اليوم في منتصف الثمانين من العمر، والمولود في روما، أيضًا ينحدر من أصول غنية من جانبي أمه وأبيه. غير أنه بدأ حياته العملية بداية متواضعة قبل أن يغدو مقاولاً ورجل أعمال ثريًا.
أما زوجة الرئيس الجديد جوليانا عواضة، فهي سيدة أعمال من أصول لبنانية - سورية مسلمة، أبوها إبراهيم عواضة من مدينة بعلبك في شمال شرقي لبنان، وأمها إلزا بكر من سوريا، ولديها شقيقان أحدهما الممثل أليخاندرو عواضة والثاني رجل الأعمال دانيال، وشقيقتان هما سيدة الأعمال زريدة والفنانة ليلى، وعائلتها ناشطة في صناعة النسيج.
ولقد ولدت جوليانا عام 1974 وتنقلت في طفولتها وصباها في أوروبا ودرست في بريطانيا. ولقد التقت بموريسيو ماكري عام 2009 وتزوجا في العام التالي وأنجبت له بنتًا، وكان قد رزق ببنتين وولد من زواج سابق.

* رؤساء الأرجنتين منذ حكم بيرون
خوان بيرون 1952 - 1955
إدواردو لوناردي 1955
بدرو أوجينيو آرامبورو 1955 – 1958
ارتورو فرونديزي 1958 – 1962
خوسيه ماريا غيدو 1962 – 1963
ارتورو أومبرتو إيليا 1963 – 1966
خوان كارلوس أونغانيا 1966 – 1970
روبرتو ليفينغستون 1970 – 1971
آليخاندرو لانوسي 1971 – 1973
هيكتور كامبورا 1973
راوول ألبرتو لاستيري 1973
خوان بيرون 1973 – 1974
إيزابيلا مارتينيز بيرون 1974 - 1975
خورخي رافاييل فيديلا 1975 – 1981
روبرتو إدواردو فيولا 1981
ليوبولدو غالتييري 1981 - 1982
رينالدو بينيوني 1982 – 1983
راوول آلفونسين 1983 - 1989
كارلوس منعم 1989 - 1999
فرناندو دي لا روا 1999 - 2001
أدولفو رودريغير ساآ ديسمبر 2001
إدواردو دو هالدي 2002 - 2003
نستور كيرشنر 2003 - 2007
كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر 2007 - 2015
موريسيو ماكري 2015...



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»