بين «فرانكنشتاين» و«أحدب نوتردام»

بين «فرانكنشتاين»  و«أحدب نوتردام»
TT

بين «فرانكنشتاين» و«أحدب نوتردام»

بين «فرانكنشتاين»  و«أحدب نوتردام»

في عام 1818 ظهرت لأول مرة شخصية «فرانكنشتاين» الشخصية الأسطورية التي صنعتها أديبة بريطانية شابة، كانت وقتها مغمورة، هي ماري شيلي. ولادة هذه الأسطورة احتاجت إلى أسطورة أخرى، فقد رأت المؤلفة في المنام طالب طبّ يقوم بتجميع أجزاء متناثرة من جثة آدمية، ويلصقها كيفما اتفق، ثم يغطيها بملاءة وينام إلى جانبها، ليفاجأ في الصباح أن الحياة دبّت في تلك الأجزاء وقامت منتصبة بجواره.
على الصعيد الروائي والفني مثّلت شخصية «فرانكنشتاين» قفزة نوعية، فهي كانت تجربة لصناعة الأسطورة وليس استخدامها من الوعي الميثالوجي المتوارث، وهي حفزت صُنّاع السينما على إطلاق العنان أمام مهاراتهم في الخيال واستخدام الفانتازيا. لكّن هذه الرواية بقيت حتى الآن شاهدة على انفلات النماذج المصنعة مخبريًا عن إرادة مبتكريها.
كان فيكتور فرانكنشتاين هو الطالب العبقري الذي قادته تجاربه لـ«تخليق» مسخ لا يحمل اسمًا، ظلّ منبوذًا يراكم مشاعر الحقد والكراهية والانتقام، حتى اشتدّ عوده فأصبح نموذجًا للدموية والعنف، وصار والده (المفترض) أبرز ضحاياه، فقد هاجم خطيبته «إليزابيث» ليلة زفافها وقتلها. ونكّل بفرانكنشتاين نفسه لكي يصنع له زوجة من سنخه تضمن له التكاثر «ليبقى ويتمدد!»، وفي النهاية يفشل فرانكنشتاين في التخلص من هذا المسخ الذي رّوع به العالم، ويمضي هو صريعًا في المواجهة معه.
كانت «فرانكنشتاين» أحد ابتكارات عصر الصناعة الأوروبية، فالقدرة على استخدام العلم حفّزت روائية شابه للذهاب بعيدًا في تكوين شخصية مبتكرة من تجارب مخبرية، ولكنها ممزوجة بالصراعات، وتحمل كل إحباطات المجتمع.
هل كان ذلك المسخ الدموي مجرد خطأ، أو خطيئة علمية جعلته ينقلب على مصنعيه؟.. هل كان مجرد طفل بريء كان ضحية مشاعر الاحتقار، التي حولته إلى وحشٍ؟.. هل كانت الرواية تعالج سلوك مجتمع قادر على إنجاب الأشقياء وتدوير مشاعر العنف بين أبنائه، أم كانت تركز أكثر على تسخير العقل العلمي «أو الاستخباراتي» لأهداف القتل والتدمير وإنتاج التنظيمات الإرهابية التي يمكن أن تنفلت من رقابة مصنعيها؟
كونه قبيحًا أو منبوذًا لا يعني بالضرورة أن يكون عنيفًا.. لنتذكر أنه في نفس الفترة تقريبًا، أي في عام 1831، ولدت في باريس رواية «أحدب نوتردام» لفيكتور هوغو، هي الأخرى تتحدث عن شاب يحمل عاهة في وجهه وعلى ظهره جعلته منبوذًا ومحتقرًا، لكن حبّه لفتاة جميلة أيقظ فيه نوازع الخير والتفوق.
لقد أراد فرانكنشتاين لصنيعته أن تكون في صدام مع الحضارة الإنسانية، ولذلك عمل على عزلها عن هذه الحضارة قلبًا وقالبًا.. أرادها بصورة لا تشبه صور الناس الطبيعيين، وبسلوك لا يمت إليهم، وبقسوة تتفوق على الوحوش، وأرادها مجردة دون اسم لتصبح قالبًا جاهزًا لكل أشباهها وأمثالها على مرّ الزمان والمكان.



انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

كرمّت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، صباح اليوم (الأحد)، الفائزين بجوائز الدورة الـ19 للجائزة، مع انطلاق هذه الدورة التي حملت اسم مؤسس وراعي الجائزة الراحل عبد العزيز سعود البابطين، تخليداً لإرثه الشعري والثقافي.

وأُقيم الاحتفال الذي رعاه أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بحضور (ممثل أمير البلاد) وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، ومشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، كما حضر الحفل أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

جانب من حضور دورة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين (الشرق الأوسط)

وقال وزير الثقافة والإعلام الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في كلمته، إن هذا الملتقى «الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة».

وأضاف: «إن لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيَّدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين (رحمه الله)، والذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة... رسالة تُعبِّر عن القيم التي تجمع بين الحضارات. ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرَّف من خلالها الشرقَ بالشعر العربي، وقدَّم للغرب بُعدَه الإنساني، جاعلاً من الشعر جسراً يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين يلقي كلمته في افتتاح الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

في حين قال رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية»، سعود البابطين، إن هذه الدورة تأتي احتفاءً «بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة (عبد العزيز البابطين) الذي أخلص في رعاية الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله، بلا ملل ولا كلل».

وفي خطوة لافتة، قدَّم رئيس مجلس الأمناء، أمين عام المؤسسة السابق، الكاتب عبد العزيز السريع، الذي رافق مؤسس الجائزة منذ نشأتها، ليتحدث عن ذكرياته مع راعي الجائزة الراحل، والخطوات التي قطعها في تذليل العقبات أمام إنشاء المؤسسة التي ترعى التراث الشعري العربي، وتعمل فيما بعد على بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات.

وأعلن البابطين، في ختام كلمته عن مضاعفة القيمة المالية للجوائز ابتداءً من هذه الدورة، وفي الدورات المقبلة لـ«جائزة عبد العزيز البابطين».

ونيابة عن الفائزين، تحدَّث الأديب والشاعر الكويتي الدكتور خليفة الوقيان، مشيداً بـ«جهود (مؤسسة البابطين الثقافية) في دعمها اللامحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف: «في هذا المحفل الثقافي البهيج، يمرُّ في الذاكرة شريط لقاءات تمَّت منذ 3 عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبد العزيز البابطين يحمل دائماً هَمّ تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللَّبِنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة إلى الأفق الدولي، من خلال ما يُعنى بقضية حوار الثقافات والحضارات».

وألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت»، من أشعار الراحل عبد العزيز البابطين.

يُذكر أن فعاليات الدورة الـ19 مستمرة على مدى 3 أيام، بدءاً من مساء الأحد 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى مساء الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي. وتقدِّم الدورة على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي 5 جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبد العزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها 4 جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها 8 أبحاث عن الشاعر عبد العزيز سعود البابطين المحتَفَى به، و3 أمسيات شعرية ينشد فيها 27 شاعراً.

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

الفائزون:

* الفائز بالجائزة التكريمية للإبداع الشعري الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وقيمة الجائزة 100 ألف دولار.

* الفائزان بجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر «مناصفة»، وقيمتها 80 ألف دولار: الدكتور أحمد بوبكر الجوة من تونس، والدكتور وهب أحمد رومية من سوريا.

* الفائزة بجائزة أفضل ديوان شعر، وقيمتها 40 ألف دولار: الشاعرة لطيفة حساني من الجزائر.

* الفائز بجائزة أفضل قصيدة، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر عبد المنعم العقبي من مصر.

* الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر جعفر حجاوي من فلسطين.