قمة المناخ الـ21 التاريخية: طموحات كبيرة وانقسامات بين الشمال والجنوب

هولاند: إعلان النيات لم يعد يكفي * أوباما: علينا أن نكون بمستوى التحدي * بوتين: نريد اتفاقًا ملزمًا وعادلاً

قمة المناخ الـ21 التاريخية: طموحات كبيرة وانقسامات بين الشمال والجنوب
TT

قمة المناخ الـ21 التاريخية: طموحات كبيرة وانقسامات بين الشمال والجنوب

قمة المناخ الـ21 التاريخية: طموحات كبيرة وانقسامات بين الشمال والجنوب

تتألف مسودة الاتفاق الذي يسعى إليه رؤساء الدول والحكومات والبعثات وممثلو المجتمع المدني والخبراء الذين دشنوا قمة المناخ الـ21، أمس في ضاحية لو بورجيه شمال باريس وسط إجراءات أمنية مشددة، من 54 صفحة وقد أعدتها رئاسة المؤتمر والأمم المتحدة بعد شهور طويلة من المشاورات واللقاءات.
إلا أن هذه المسودة تتضمن نحو 1200 فقرة موضوعة بين مزدوجتين، مما يعني أنها بحاجة إلى مناقشة وتعديل حتى يتم التوافق عليها وإقرارها. وهذا الأمر يظهر حجم الصعوبات التي تنتظر ليس رؤساء الدول والحكومات الذين جاءوا إلى باريس، وفق تعبير الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، لتوفير «الدفعة السياسية اللازمة»، بل آلاف المفاوضين الذين سيبقون في لو بورجيه حتى الحادي عشر من ديسمبر (كانون الأول) أملا في أن يخرج «الدخان الأبيض»، إيذانًا بالتوصل إلى اتفاق أراده جميع المتحدثين أمس عادلا وشاملا.
وتحولت باريس أمس إلى عاصمة العالم المناخية، إذ احتضنت أكبر تجمع من نوعه في تاريخ قمم المناخ منذ إطلاقها قبل 20 عامًا. ولذا، أجمع المتحدثون على وصف هذا اليوم بـ«التاريخي». وحفلت كلماتهم بالعبارات الرنانة والصيغ البلاغية لإبراز أهمية الحدث والتحديات المطروحة على قادة العالم. والمهم أن تكون نتائج القمة بمستوى التوقعات المرتفعة للغاية.
وكان أول المتحدثين الرئيس الفرنسي الذي بدأ كلمته بتأكيد أن «اليوم الذي نعيشه تاريخي»، معتبرا أن التغيرات المناخية والإرهاب هما «التحديان العالميان اللذان يتعين علينا مواجهتهما، لأنه من واجبنا أن نترك لأولادنا عالما متحررا من الإرهاب وكوكبا خاليا من الكوارث يمكن العيش فيه». وعدّد هولاند النتائج الكارثية المترتبة على ارتفاع حرارة الأرض بسبب غازات الاحتباس الحراري، والتي تشمل الجفاف، والتصحر، والفيضانات، وذوبان الجليد، وارتفاع مستوى البحار، وارتفاع الملوحة. وأضاف هولاند إليها الحروب، والمجاعات، والهجرات الجماعية، وتصحر الأرياف، وندرة المياه الصالحة للشرب، والمجاعة، ليخلص إلى قول إنه «ليس هناك من بلد أو منطقة بمنأى عن نتائج التغيرات المناخية».
و«باسم العدالة المناخية»، طالب هولاند المجتمعين بالتحرك وإعطاء «القمة دفعة وطموحا بمستوى التحديات»، وبالتوصل إلى اتفاق يوم 12 ديسمبر المقبل. بيد أنه طرح ثلاثة شروط حتى يكون الاتفاق مرضيا: الأول، الالتزام بحصر ارتفاع الحرارة بنسبة درجتين لا بل درجة ونصف الدرجة، وتعيين الطريق إلى ذلك، مع إعادة تقويم دورية للتقدم الحاصل وإيجاد الآليات الضرورية لذلك. والثاني، أن يكون ملزما بحيث لا يستطيع أي طرف التنصل من التزاماته رغم الحاجة لأخذ وضع كل بلد وتطوره بعين الاعتبار. وبحسب هولاند، فإنه يتعين على الدول المتقدمة أن «تتحمل مسؤولياتها التاريخية» بسبب كونها المتسبب الأول بغازات الاحتباس، فيما المطلوب من الدول الناشئة أن تستكمل «نقلتها» في موضوع الطاقة. أما الشرط الثالث، فيتمثل بأن لا يبقى الاتفاق بين حكومات، بل يتعين أن تتبناه مختلف المجتمعات بكافة فئاتها من اقتصاديين ورجال أعمال ومجتمع مدني وديني. ولذا، فإن باريس، كما قال هولاند: «يجب أن تكون نقطة الانطلاق لتحولات عميقة» في النظرة لمشكلات المناخ وتداعياتها. وأضاف: «العواطف النبيلة وإعلانات النيات لم تعد تكفي لأننا على حافة الهاوية». وذهب رئيس القمة، لوران فابيوس، في الاتجاه عينه عندما دعا لأن تكون القمة «النجاح التاريخي الذي ينتظره العالم». لكن فابيوس نبّه المجتمعين بقوله إن كثيرا من الجهد ينتظر المجتمعين لأن «النجاح ممكن لكنه ليس مضمونا بعد».
وتضمّن خطاب هولاند، باعتباره الجهة المضيفة، رسائل لكل الكتل. رسالته الأولى للإدارة الأميركية التي ترفض اتفاقا ملزما لا يمكن أن يمرر في الكونغرس، والثانية إلى الدول الغربية التي حملها المسؤولية التاريخية، وبالتالي يتعين عليها أن تساعد بقية العالم، لا أن ترمي العبء عليها. والثالثة باتجاه الدول النامية والأكثر هشاشة لأنها الأكثر تعرضًا للكوارث البيئية والمناخية والأقل قدرة على مواجهتها، فضلا عن أنها بحاجة لدعم نموها الاقتصادي والاجتماعي. ولذا، فإنها بحاجة لدعم الدول المتقدمة ومن غير هذا الدعم لن تكون قادرة على الالتزام بقرارات القمة.
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة القادة المجتمعين إلى «إعطاء التعليمات لوزرائهم ولمفاوضيهم لاختيار سبيل التسويات والتحلي بالمرونة». لكن المؤكد أن غياب التوافق بين الطرفين المسؤولين بالدرجة الأولى عن بث غازات الاحتباس في الجو، وهما الصين والولايات المتحدة، سيعني فشل المؤتمر. مما يلفت إلى أهمية الاجتماع الذي حصل صباحا بين الرئيس أوباما والرئيس الصيني شي جين بينغ. كذلك حرص أوباما على الاجتماع برئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، بالنظر لأهمية الهند وكونها أبرز الدول الناشئة. وأعلن أوباما عقب الاجتماع أن مسوؤلية الطرفين هي أن «يتحركا».
وفي كلمته أمام المؤتمرين، أعلن أوباما في رسالة يبدو أنها موجهة للكونغرس في بلاده أكثر مما هي موجهة للقمة أنه «ليس هناك من تناقض بين النمو الاقتصادي القوي من جهة، وحماية البيئة من جهة ثانية»، داعيًا، على غرار من تحدث قبله، إلى أن يكون القادة «على مستوى التحدي». لكن الرئيس الأميركي بقي في سياق العموميات، مشددًا على ضرورة التحرك وعدم إضاعة الوقت والتفكير بالأجيال المقبلة، وممتنعا عن تناول المسألة الرئيسية التي كان ينتظرها المؤتمرون، وهو موقفه من الرغبة بالتوصل إلى اتفاق ملزم. ورغم أن أوباما غير النهج الذي كان يسير عليه الرئيس السابق، جورج بوش، الذي أغلق الباب تماما أمام أي بحث في خفض انبعاثات غازات الاحتباس في الولايات المتحدة، فإن «إلزامية» الاتفاق الموعود ستشكل إحدى أهم العقبات لبلوغه. ويفترض أن يكون الرئيسان أوباما وهولاند قد تناولاه خلال عشائهما ليلا.
ويبدو أن العقبة الأولى أمام القمة، رغم التقدم الذي حققته الأعمال التمهيدية، تتمثل في الانقسام التاريخي بين دول الشمال المتطورة صناعيا والمسؤولة تاريخيًا عن النسبة الساحقة من غازات الاحتباس، والدول الناشئة وفي طور النمو. واستبق رئيس الوزراء الهندي كلمته في القمة بمقال نشرته أمس صحيفة «فايننشيال تايمز»، ينبه فيه إلى الجانب التمويلي من الاتفاق والحاجة إلى «العدالة المناخية» والمقصود بها ضرورة أن تتحمل الدول الغنية الصناعية مسؤولياتها التاريخية، إذ يعتبر أن ما تقدمه هذه البلدان «غير كاف». وطالب مودي بالعمل بمبدأ «المسؤولية المتمايزة»، معتبرًا أنه يتعين السماح للدول النامية بأن تستمر في استخدام الطاقة المتسببة بغازات الاحتباس الحراري من أجل استمرار نموها الاقتصادي، علمًا أن الهند تحتل المرتبة الثالثة بعد الصين والولايات المتحدة الأميركية. وبرأي مودي، فإن تكنولوجيا خفض الانبعاثات الحرارية «ليست متوافرة للجميع».



الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

عنصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب)
عنصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب)
TT

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

عنصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب)
عنصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب)

قالت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية للأنباء إن الشرطة الفرنسية ألقت القبض على ثلاثة جزائريين وصفتهم السلطات بأنهم مؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي متهمون بنشر مقاطع فيديو تحرض على العنف، على خلفية العلاقات المتوترة بين باريس ومستعمرتها السابقة في شمال أفريقيا.

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيلو عن الاعتقالات مساء الأحد، وهي الثالثة في يومين.

وذكر تقرير أرفقه الوزير بمنشوره على منصة «إكس» أن مؤثرا نشر مقطع فيديو لمتابعيه على «تيك تيوك» البالغ عددهم 138 ألفا اعتبرته السلطات الفرنسية معادياً للسامية.

ولم يتضح على الفور ما إذا كان جميع المعتقلين مواطنين جزائريين يعيشون في فرنسا.

عناصر من الشرطة الفرنسية في العاصمة باريس (متداولة)

وتأتي الاعتقالات وسط اضطرابات متجددة في العلاقة المعقدة غالباً بين فرنسا والجزائر، والتي تخلصت من الحكم الفرنسي في عام 1962 بعد حرب وحشية.

وأثار التحول في موقف فرنسا المستمر منذ عقود بشأن منطقة الصحراء المغربية المتنازع عليها في شمال أفريقيا في يوليو (تموز) الماضي غضب الجزائر ودفعها إلى سحب سفيرها في باريس.

من ناحية أخرى، نددت الحكومة الفرنسية باعتقال الجزائر للكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال البالغ من العمر 75 عاماً منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ناقد صريح للحكومة الجزائرية.

الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (أ.ب)

ولم تربط الحكومة الفرنسية التوترات مع الجزائر بالاعتقالات الثلاثة.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو يوم الأحد إن فرنسا تريد «أفضل العلاقات» مع الجزائر، لكنه قال إن باريس لديها شكوك حول التزام الحكومة الجزائرية بالصفقات المتفق عليها في عام 2022 والتي اعتبرت خطوات مهمة نحو إصلاح علاقتهما.

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)

وتم اعتقال أول مؤثر جزائري، وهو شاب يبلغ من العمر 25 عاماً وكان لديه أكثر من 400 ألف متابع على «تيك توك» قبل إغلاق حسابه، يوم الجمعة للاشتباه في إدلائه بتعليقات تعبر عن تعاطفه مع الإرهاب، وقال ريتيلو إن المؤثر دعا المتابعين إلى تنفيذ هجمات في فرنسا.

وأعلن ريتيلو عن اعتقال جزائري آخر، ووصفه أيضاً بأنه مؤثر، مساء الجمعة وقال إنه «سيتعين عليه أيضاً الإجابة أمام المحاكم عن التعليقات البذيئة التي أدلى بها على (تيك توك)».