كتب السياسيين الأميركيين في موسم الانتخابات

وعود متشابهة واختلاف في الخصوصيات

دونالد ترامب  -  هيلاري كلينتون  -  سكوت وولتر  -  جيب بوش
دونالد ترامب - هيلاري كلينتون - سكوت وولتر - جيب بوش
TT

كتب السياسيين الأميركيين في موسم الانتخابات

دونالد ترامب  -  هيلاري كلينتون  -  سكوت وولتر  -  جيب بوش
دونالد ترامب - هيلاري كلينتون - سكوت وولتر - جيب بوش

في الماضي، كان كل مرشح لرئاسة الجمهورية يؤسس لجنة، ويجمع تبرعات، ويلقي خطبا بعد خطب. في الوقت الحاضر، صار عليه أن يفعل أشياء إضافية: يؤسس «باك» (لجنة لجمع تبرعات)، أو «سوبرباك» (لجنة لجمع تبرعات من الأغنياء)، أو يتعاقد مع شركة إعلانات تلفزيونية، وربما أهم من ذلك كله، أن يؤلف كتابا.
تتشابه تقريبا كل هذه الكتب في أنها تحتوي على الآتي:
أولا: سبب تأليف الكتاب (لا يقولون الانتخابات).
ثانيا: سيرة ذاتية (كلهم تقريبا ولدوا في «عوائل فقيرة»).
ثالثا: تاريخ أميركا الناصع (بداية من الرئيس الأول جورج واشنطن).
رابعا: «الحلم الأميركي» (يكررون عبارة «أعظم دولة في التاريخ»).
خامسا: المشكلات (كلها سببها الحزب الآخر. هذه المرة، الرئيس باراك أوباما سبب كل المشكلات).
سادسا: عندما يصير المرشح رئيسا للجمهورية (وعود، ووعود، ووعود).
لحسن حظ الديمقراطيين، يوجد مرشحان فقط لرئاسة الجمهورية:
الأولى: هيلاري كلينتون، وكانت قد كتبت كتاب «هارد جويزز» (خيارات صعبة، عن سنواتها وزيرة للخارجية) الذي صدر في السنة الماضية. وفضلت ألا تكتب كتابا جديدا لأنها تراهن على تجاربها السياسية أمام مرشحين جمهوريين لا يملكون تجارب سياسية كثيرة.
الثاني: السيناتور بيرني ساندرز، الذي كتب كتاب «ماي أميركان فيجن» (تصوري لمستقبل أميركا). كتب كتبا أخرى عن نفسه. وركز في الكتاب الأخير على برنامجه الانتخابي، لكن، لم ينس أن يكتب عن نفسه أيضا.
* وسط الجمهوريين
وسط الجمهوريين، تكثر الكتب مثل كثرة المرشحين (11 مرشحا رئيسيا، و11 كتابا).
في الفترة الأخيرة، قال كارلوس لوزادا، مساعد رئيس تحرير صحيفة «واشنطن بوست»، إنه «جمع كل كتب المرشحين، واطلع عليها، ووجدها لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض، خاصة في المواضيع الوطنية والسياسية. لهذا، بحث عن جوانب شخصية. ووجد أن لكل مرشح «مزاجا خاصا» يؤثر على عائلته، وزملائه، ومستشاريه، ومعارضيه.
في كتاب المرشح السيناتور ماركو روبيو (من أصل كوبي، ويمثل ولاية فلوريدا في الكونغرس)، جاء في المقدمة: «أشكر ربي يسوع المسيح الذي مات من أجل خطاياي ليسمح لي بالاستمتاع بالحياة الأبدية. وأشكر أيضا محامي لسنوات، المحامي الحكيم جدا بوب بارنيت».
ثم أثنى على نورمان برامان، ملياردير عمره 83 عاما، وقال: «أشكرك بسبب نصائحك، وبسبب ملاحظاتك على هذا الكتاب، وبسبب صداقتك». ولم يقل إنه أكثر من تبرع له في حملته الانتخابية.
طبعا، شكر كل المرشحين زوجاتهم، وأولادهم وبناتهم، وأقرباءهم وأصدقاءهم. كما جاء في إهداء سيناتور بول: «إلى أبنائي: ويليام، ودنكان، وروبرت. آمل أن أكون أنا خير مثال لكم في حياتكم في المستقبل». وكأنه يقول لهم إن العمل السياسي نظيف وأخلاقي ومثالي.
وشكر السيناتور كروز والديه، وقال عنهما: «أميركيان رائعان، وفخوران». لكن، لم يقل إنهما من كندا في الأصل.
* الحرس الوطني
وبدل أن يعترف ووكر بأنه لا يعرف كثيرا في الشؤون الخارجية والعسكرية، أثنى على الحرس الوطني لولايته. وكتب: «أنا فخور بأني القائد الأعلى لكم».
وأشار بيري إلى زوجته، لكنه لم يشكرها. وقال: «لا أحتاج إلى تفكير كثير هنا». ولم يقل إنه لم يحتج لتفكير كثير عندما وضع برنامجه الانتخابي.
وافتخر كروز بخلفيته الكندية واللاتينية، قائلاً: «يستحيل أن يحدث في أي بلد غير أميركا ما حدث لي». لكن، هذه هي نفس الجملة التي كتبها باراك أوباما في كتابه عندما ترشح لرئاسة أميركا عام 2008.
ماذا عن الثناء على الذين ساعدوهم في كتابة كتبهم من خبراء ومستشارين؟
أثنى جيب بوش على اثنين من كبار المتخصصين في شؤون الهجرة، وأشاد ووكر بأربعة أساتذة في جامعة ويسكونسن، بينما مدح روبيو 45 شخصا، وكتب أسماءهم ووظائفهم كلهم.
وأثنى ووكر على عدد كبير من السياسيين، لكنه حذف اسم عضو الكونغرس بول رايان. وهو من المرشحين الجمهوريين لرئاسة أميركا مثل ووكر نفسه، وأيضًا من الولاية نفسها.
لا بد أن هناك سببا هاما جدا جعل ووكر لا يثني على رايان، خصوصا أن ووكر مدح أكثر من مائتي شخص (منهم رجل الأعمال جيم بيرغ، الذي تبرع له لصالح حملته الانتخابية).
وأشاد كل من فلورينا وروبيو بالصحافية جيسيكا غافورا، التي ساعدت كلا منهما في صياغة كتابه. فقالت الأولى إن الصحافية «ساعدتني في خطة الكتاب». لكن الثاني قال إنها ساعدته في «وضع خطة الكتاب، وتنظيم فصوله، وكتابة النسخة الأولى، وإجراء مقابلات مع عدد كبير من الناس»، وكأنها كتبت الكتاب بالنيابة عنه.
** قائمة بكتب المرشحين الجمهوريين
* راند بول: بوليس الحكومة: كيف تضايقكم الحكومة وتحرجكم وتسجنكم
* جيب بوش: حروب الهجرة: البحث عن حل أميركي
* ريك سانتورام: عمال محافظون: العودة إلى الأميركيين الذين يعملون
* بن كارسون: أمة واحدة: ماذا نقدر أن نفعل لإنقاذ مستقبل أميركا
* مايك هاكابي: البنادق والفريك والصلصة
* ماركو روبيو: أحلام أميركية: إعادة الفرص الاقتصادية لكل مواطن
* كارلي فيورينا: التفوق للتحدي: رحلتي نحو القيادة
* تيد كروز: وقت الحقيقة: إعادة صحوة الوعد الأميركي
*ريك باري: سئمنا: حرب إنقاذ أميركا من سيطرة واشنطن
* دونالد ترامب: وقت القسوة: إعادة أميركا لتكون الأولى
11. سكوت ووكر: ليس خائفا: قصة حاكم ولاية وتحدى أمة



قصائد الحاسوب

قصائد الحاسوب
TT

قصائد الحاسوب

قصائد الحاسوب

(١)

حين تركنا الأوراق البيضاء

ورحنا نكتب في الحاسوب قصائدنا

لم يظهر ماذا يعني أن يرتبك الشاعر فوق الكلمات

أن يشطب مفردةً ويعيد صياغتها

ويعود إليها ثانيةً

ويحاول ثالثةً

ويخطَّ الخطَّ المائل فوق الكلمة

أو يرسم دائرة

ويشخبط فوق الأسطر ممتلئاً بالحزن وبالعبرات

مذ رحنا نكتب في الحاسوب قصائدنا

جفَّتْ أنهارٌ كثرٌ

وانسحبت من أقدام الشعراء الطرقات

الحاسوب صديق كهولتنا

جفف ما كنا نحمله من نزق العشاق المنسيين

على الشرفات

لا نعرف من أين نعود إلينا

نحن القديسين بلا صلوات

(٢)

قبل ثلاثين سنة

قالوا إن الحاسوب سيدخل قريتكم

وسيكفينا نزق الطباعين على الآلات

صفقنا للحاسوب القادم نحو منازلنا

وبدأنا نتحسسه

ونصادقه

ونبوح له بالأسرارْ

من يفتح هذا الغيب الغامض في شغفٍ

ويميط السر عن الأزرارْ؟

كيف سندخل هذا الصندوق الأسود؟

كيف نبوح له؟

وبماذا نكتب حيرتنا؟

ونشد العمر على الأسوارْ

يا حاسوب الدنيا حاول أن تأخذنا في رفقٍ

لتدلَّ عليك

حاول أن تفتح في هذي الظلمة عينيك

نحن البدو الرُحَّل منذ سنينَ عجافٍ

ننطر في هذا البرد القارس

دفء يديك

يا حاسوب الدنيا

ماذا يجري؟؟؟

بايعناك

ورافقناك

وضعنا فيك طويلاً

ضعنا فيك

لكنا حين أردنا أن نوقف حيرتنا المرة

ضعنا ثانيةً

وصرخنا خلفك

يا حاسوب الدنيا انتظر الناس قليلاً

فلقد جفَّ العمر على الشاشة

منكسراً وخجولا

ما عاد لنا في هذا العالم إلاك رسولا

لكنا يا حاسوب العمر

ذبلنا فوق الشاشات طويلا

وستأكلنا الوحشة

تأكلنا الوحشة

والتيه يمد يديه دليلا

ونعود من الحاسوب ضحايا منفردين

قتيلاً في الصحراء يدلُّ قتيلا

(٣)

بعد ثلاثين مضت

شاخ الحاسوب

وأنجب أطفالاً في حجم الكف

الحاسوب الآن يشيخ ويترك للناس صغاره

الحاسوب انتصر اليوم علينا

وقريباً جداً سوف يزفُّ لكل العالم

أجراس بشاره

الكل سيترك مخدعه ودياره

لا عائلةٌ تبقى

لا أطفال

الكل يقول ابتعد الآن

فقط الوحشة تطبق فكيها

وتصيح

تعالْ

المنزل ممتلئٌ بالأطفالْ

لكنَّ الأدغالْ

تمتد على الشرفات وفوق الأسطح

بين السكَّر في أقداح الشاي

وحدي أشربه ممتلئاً بالغربة

حتى حوَّلني الحاسوب

لبحِّة ناي

(٤)

لستُ وحيداً

لكني ممتلئٌ بالغربة يا الله

البيت الدافئ ممتلئٌ بالأولاد

صبيانٌ وبناتْ

ومعي امرأتي أيضاً

لكنا منفيون بهذا البيت الدافئ

* النص الكامل على الانترنتمنفيون

الكلمات تشحُّ علينا

اصرخ يومياً

يا أولاد تعالوا

لكنَّ الأولاد بعيدون

بعيدون

البيتُ الضيِّقُ يجمعنا

لكنَّا منفيِّون

ومنعزلون

جزرٌ تتباعد عن أخرى

وقلوبٌ ليس لهنَّ عيون

(٥)

ما أسعدني

يوم ذهبتُ إلى السوق وحيداً

أبتاع الحاسوب

وأرقص في فرحٍ

منتشياً بشراء صديقٍ

يتقاسم أفكاري وحياتي

هيأتُ له منضدةً في زاوية البيت

وبقيتُ أداريه مساءً وصباحا

حتى صار فتىً من فتيان البيت

أخاف عليه من الحمى

وأجسُّ حرارته

وأعدُّ له أكواب القهوة والشاي إذا صاحا

ماذا يحتاج الحاسوب صديقي أو ولدي؟

الشحن بطيء...؟

غيّرتُ الشاحن في غمضة عين

الحاسوب مريض...؟

رحتُ سريعاً أركض فيه إلى الجيران أو المستشفى

حيث الخبراء

يتلمس كلٌّ منهم زراً من أزرار الحاسوب المتعبْ

قالوا يا مجنون

خففْ عن كاهله الكلمات

أثقلتَ الحائط بالصرخات

وملأتَ السطح الأزرق

دمعاً ودماً وعويلَ محطات

(٦)

ماذا نصنع؟

هذا الحاسوب مريضٌ جداً

لا بدَّ له من وقتٍ كي يرتاح

لا بدَّ لهذي الجُملِ الملغومةِ أنْ تنزاح

عن صدر الحاسوب

لكي يغفو مبتهحاً

بفراغ الحائط

مكتفياً بالغابات المحروقة

في صدر الشاعر

أو بالحزن النابت في الأرواح

الحاسوب مريضٌ هذي الليلة يا أشباح

ماذا نفعل والروح معلقةٌ

بالشاحن والمفتاح

ولهذا رحنا نمسحُ آلاف الكلمات

ونزيح برفقٍ عن كاهله

ما تركته الروح من الكدمات

كي يرتاح الحاسوب

مسحنا ذاكرة كاملة

وغناءً عذباً

وبكاء أميرات

كي يرتاح الكلب ابن الكلب

ويضحك منتصراً

رحنا نصرخ مهزومين ومندحرين

الحاسوب سيعلن دولته الكبرى

وسنأتيه سبايا منكسرين

(٧)

مسح الحاسوب بضغطة زر واحدة

آلاف الكلمات

الذاكرة انطفأت هذي الليلة

كي يغفو الحاسوب بلا صرخات

ماذا يعني

أن تشطب أياماً

وتحيل قصائد للنسيان

هذا العالم محكومٌ في ضغط زرٍ

والإنسان بلا إنسان

(٨)

كتب الأجداد على الطين حكايتهم

وكتبنا نحن على الحاسوب حكايتنا

ومضوا

ومضينا

واختلف الدرب علينا

لا نحن حفظنا

ما كتب الأجداد

ولا الحاسوب الأخرس

ردَّ العمر إلينا

يا ضيعتنا

يوم نسينا

في عمق البحر يدينا

(٩)

أعلنا نحن المسبيين هزيمتنا

وكسرنا آخر أقلام الليل

والمسودَّات انهزمت

ومزاج الأوراق تغير

من يقنع هذي الشاشة

أني أكتب شعراً

وبأني أبكي فوق الأوراق طويلاً

كي يخرج سطرٌ

ممتلئٌ بالأطفال

والآن كما تبصر

آلاف الكلمات تجيء وتذهب

فوق الشاشة

والأطفال الموتى

يختبئون وراء الشاشة

أيقوناتٍ

وينامون على الأدغال

هذا عصرك يا ابن رغال

فاستعجل

من أبطأ خطوك؟

والكل يصيح عليك

تعال

(١٠)

كنا حين يموت لنا رجلٌ

نتوشح بالأسود أعواماً أعواما

لا نفتح مذياعاً

أو نسمع أغنيةً

أو حتى نعلك في السرِّ

فقد صرنا نحن الفتيان

فتيان القرية

أشباحاً ويتامى

نبكي ونصيح ونحزن

نقطع آلاف الأمتار

لنبكي هذا الرجل الراحل عنا

أما اليوم

والفضل يعود إلى الحاسوب

فقد حولهم أرقاماً أرقاما

لن نبكي

فهنالك وجه في الشاشة يبكي بدلاً عني

لن أحزن

الشاشة فيها وجه مرسوم للحزن

سيحزن قبلي في ضغطة زر واحدة

وسيكتب تعزيةً قبلي

وسيرسلها بدلاً عني

وأنا متكئٌ منسيٌّ

كنكاتٍ مرَّ عليها زمنٌ

فاهترأتْ

وبقيت أعاتب أياماً هرمت

وأشيل على ظهريَ أياما

(١١)

ما الذي يصنعه الحاسوب فينا يا إلهي

نحن أولادك ساعدنا

فقد بعثرنا ليل المتاه

ونسينا العمر مشحوناً ومربوطاً مع النقال

فيما نحن منفيون بين الأهل

ملقاةٌ أغانينا القديمات على الدرب

وهذا العمر مشرورٌ على حبل الغوايات

وساهِ

دلنا يا رب

نحن أبناؤك تهنا

والعلامات التي توصلنا للبيت ضاعت

واختفت كل المواعيد الأغاني

الضحك الحلو النكات السير في الليل

ولم يبق سوى

حسرةٍ تنسل من فوق الشفاه

(١٢)

كل شيءٍ قد تغير

كل شي

صالة البيت التي نأوي إليها

ذبلت فينا ونامت دون ضي

جرس البيت اختفى أيضاً

وباب البيت ملقى في يدي

لم يعد يطرقه جارٌ

ولا صحبٌ

وحتى لم يعد يعبث في لحيته

أطفالنا في الحي

بدأت تذبل فينا الكلمات

مثلاً جار لنا قد مات

جارٌ طيبٌ كانت تناغيه المنازل

ما الذي نفعله

والجار هذا الجار راحل

غير أن نبعث وجهاً باكياً

نرسله بين الرسائل

كيف يا رب اختصرنا ذلك الحزن

ومن أطفأ بركان المشاعل

(١٣)

لم يعد للحب معنى

لم يعد كانوا وكنا

هبط الليل علينا ثم لم ترجع

إلى القلب المنازل

لم يعد يبكي المحبون

ولم يطرق جدار القلب سائل

كل ما يفعله الآن المحبون القلائل

صورة جاهزة يرسلها النقال صمتاً

ثم تنسى بين آلاف الرسائل

صورة كررها قبلك آلاف وآلاف

إلى أن بهت اللون

وتاه الحب منسياً

على الشاشات

منسياً وذابلْ.