قمة باريس للمناخ تتجاهل فكرة «الميزانية الكربونية»

مخاوف من تجاهل توجيهات العلماء لأسباب سياسية

قمة باريس للمناخ تتجاهل فكرة «الميزانية الكربونية»
TT

قمة باريس للمناخ تتجاهل فكرة «الميزانية الكربونية»

قمة باريس للمناخ تتجاهل فكرة «الميزانية الكربونية»

بعد عقدين من المحادثات التي أخفقت في إبطاء وتيرة التغييرات المناخية، يسود اعتقاد على نطاق واسع بأن مفاوضين من قرابة 200 دولة سيوقعون اتفاقًا في غضون الأسبوعين المقبلين لاتخاذ إجراءات ملموسة للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وقد لاقت إمكانية إحداث تقدم، أي تقدم، ترحيبًا كبيرًا من دوائر كثيرة. في هذا الصدد، أعربت كريستيانا فيغيريز، السكرتيرة التنفيذية لاتفاق إطار عمل الأمم المتحدة بشأن التغييرات المناخية، في بيان لها منذ شهر، عن اعتقادها أن هذه الإمكانية «تمثل خطوة واضحة وقوية باتجاه حقبة جديدة من الطموحات المناخية لدى المجتمع العالمي». ومع ذلك، فإن المفاوضين المجتمعين في باريس لن يناقشوا أي خطة على صلة من قريب أو بعيد بالالتزام بهدفهم المعلن المتمثل في الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وإبقائها عند مستوى آمن. واللافت أن المفاوضين رفضوا إقرار توصية صاغتها مجموعة من العلماء منذ عدة سنوات بفرض حد أقصى على إجمالي انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري على نحو يحقق ذلك الهدف، ثم النظر في طريقة لتوزيع حصص الانبعاثات على نحو عادل.
جدير بالذكر، أن التعهدات التي تطلقها الدول في هذا الصدد تطوعية، وتتعامل معها غالبية الدول باعتبارها حلاً وسطًا بين الرغبة في التحلي بأقصى قدر ممكن من الطموح والتكلفة والمصاعب السياسية المترتبة على خفض الانبعاثات.
على الصعيد الفعلي، تتعهد الدول بإجراء تغييرات لا تزال في مجملها بعيدة للغاية عن تحقيق الهدف المنشود. في الواقع، تبدو دول العالم في هذا الموقف أشبه بمريض ينبهه طبيبه لضرورة إنقاص 22 كيلوغرامًا من وزنه لتجنب خطر يهدد حياته، فيستجيب بالفخر علانية بأنه امتنع عن تناول البطاطس المقلية، لكن دون التخلي عن تناول الكعك والحلوى المثلجة.
من جانبهم، يحذر العلماء بأن الكوكب بإمكانه امتصاص قدر محدد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، الصادرة عن مصانع الطاقة العاملة بالفحم وعوادم السيارات وحرائق الغابات وغيرها، قبل أن تعاني الأرض ضررًا عميقًا يؤدي لتحول أجزاء كاملة منها لأماكن تتعذر معيشة البشر بها.
وبعد أعوام من البحث والدراسة، قدمت مجموعة الخبراء توصية إلى دبلوماسيين معنيين بالمناخ تتمثل في ضرورة النظر في فكرة «ميزانية كربونية» للمعاونة في وضع إطار عام للمحادثات. إلا أن الفكرة سرعان ما قوبلت بالرفض باعتبارها غير عملية سياسيًا. كما جرى تجاهل مناشدات أطلقتها مؤخرًا دول، مثل بوليفيا، لدراسة الفكرة.
في هذا الصدد، قال مايكل ليفي، خبير شؤون الطاقة بمجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، إنه لو أن هناك ضغوطًا حقيقية جرت ممارستها قبيل انعقاد مؤتمر باريس لدفع مقترح ميزانية الانبعاثات، كان «المفاوضون سيخرجون من قاعة التفاوض يصرخون. لذلك، تظل هذه الفكرة بديل غير عملي». ومن غير المحتمل أن تحظى الفكرة باهتمام يذكر خلال مؤتمر باريس لأسباب بسيطة، على رأسها أن التعامل مع ميزانية محددة للانبعاثات سيفضح أمام الجميع التفاوتات العالمية الهائلة المتعلقة بأزمة المناخ، وسيسلط الضوء على مدى ضخامة المشكلة على أرض الواقع، وحجم التكلفة الحقيقية للتأخر في التعامل معها ومدى رداءة الخطط التي تجري مناقشتها للحد من المخاطر البيئية. فعلى سبيل المثال، التزمت كل من أوروبا والولايات المتحدة والصين بالحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، في ما يعتبر أكثر تعهد طموحا منذ بداية النقاش حول أزمة المناخ. ورغم ذلك، فإن تحليل صدر مؤخرًا يشير إلى أنه في حال تنفيذ هذه الخطط، سوف تستهلك هذه المناطق الجزء الأكبر من المساحة المتبقية في الغلاف الجوي للانبعاثات، تاركة بذلك مساحة ضئيلة نسبيًا لباقي المليارات الخمسة من البشر على الكوكب وأبنائهم.
ولتغيير هذه المعادلة، ينبغي أن تلتزم الدول التي تشكل المصادر الكبرى للتلوث بالحد من انبعاثاتها بمعدلات يتعذر تحقيقها على أرض الواقع، ذلك أنه قد تضر اقتصاداتها وقد تكون غير واقعية من الناحية السياسية. علاوة على ذلك، فإن أي مناقشة حقيقية لقضية التغييرات المناخية ستثير نقطة خلاف خطير، تعرف باسم «الظلم المناخي»، في المحادثات، وتشير لفكرة أن الدول الفقيرة تتحمل دورًا ضئيلاً من المسؤولية عن التغييرات المناخية، بينما هي المعرضة لتحمل العبء الأكبر من عواقب وتداعيات التغييرات، من دون تمتعها بقدرات كافية لحماية نفسها. في الوقت ذاته، ترغب الكثير من هذه الدول الفقيرة في تنمية اقتصاداتها عبر الاعتماد على الوقود الحفري. إلا أن تسبب الدول الغنية في الانبعاثات الضخمة التي خلقت مخاطر بيئية عميقة، يضع الدول الفقيرة تحت ضغوط لإقرار الطاقة الخضراء الأكثر تكلفة بدلاً من ذلك.
وجدير بالذكر، أن فكرة الميزانية الكربونية تقوم على هدف سبق أن أقرته دول العالم لنفسها، حيث اتفقت عام 2010 على محاولة إبقاء ارتفاع درجات حرارة الأرض عند مستوى لا يتجاوز 3.6 درجة فهرنهايت أو درجتين سيليزية فوق المستوى الذي كان سائدًا وقت انطلاق الثورة الصناعية.
من جانبهم، لا يعتقد العلماء أن هذا الحد آمن بما يكفي؛ ذلك أنه، على سبيل المثال، قد يتسبب في ارتفاع منسوب البحر 20 قدمًا أو أكثر على مدار فترة زمنية طويلة، لكنهم يتفقون على أن تجاوز هذا الحد سيكون كارثيًا، وسيؤدي لزيادة أكبر في منسوب البحار وموجات قاتلة من الحرارة المرتفعة وصعوبة في إنتاج ما يكفي من الطعام، بجانب مشكلات أخرى خطيرة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



بريطانيا: تحالف دولي سيرسل 30 ألف مسيّرة لأوكرانيا

جندي أوكراني يقود مركبة أرضية مسيرة إلكترونياً خلال معرض للمعدات العسكرية والأسلحة (رويترز)
جندي أوكراني يقود مركبة أرضية مسيرة إلكترونياً خلال معرض للمعدات العسكرية والأسلحة (رويترز)
TT

بريطانيا: تحالف دولي سيرسل 30 ألف مسيّرة لأوكرانيا

جندي أوكراني يقود مركبة أرضية مسيرة إلكترونياً خلال معرض للمعدات العسكرية والأسلحة (رويترز)
جندي أوكراني يقود مركبة أرضية مسيرة إلكترونياً خلال معرض للمعدات العسكرية والأسلحة (رويترز)

أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، الخميس، أن تحالفاً دولياً تقوده بريطانيا ولاتفيا لإمداد أوكرانيا بمسيّرات سيرسل 30 ألف مسيّرة جديدة إلى كييف.

وأكّدت الوزارة، في بيان، أن هذا التحالف الذي تأسّس في مطلع 2024 قدّم طلبية بقيمة 45 مليون جنيه إسترليني (54 مليون دولار) للحصول على هذه المسيّرات.

وأعلن وزير الدفاع البريطاني جون هيلي عن هذه الشحنة، الخميس، من قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية في ألمانيا، حيث شارك في اجتماع لحلفاء أوكرانيا بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ونقل البيان عن الوزير قوله إن «شجاعة الشعب الأوكراني ما زالت تُلهم العالم، وهذا الاجتماع الذي يضمّ أكثر من 50 دولة يرسل رسالة واضحة إلى بوتين».

جنديان أوكرانيان يشغّلان مسيرة للتجسس قرب الحدود مع روسيا (أ.ف.ب)

إلى ذلك، أعلنت بريطانيا أن ست دول بينها ألمانيا والبرتغال والدنمارك، قدّمت مساهمات جديدة إلى الصندوق الدولي لأوكرانيا الذي تديره، بقيمة إجمالية بلغت 190 مليون جنيه إسترليني (227 مليون يورو).

والصندوق الذي يهدف إلى تلبية احتياجات كييف من الأسلحة يضمّ حالياً أكثر من 1.3 مليار جنيه إسترليني (1.55 مليار يورو).

ويتكوّن التحالف لمدّ أوكرانيا بالمسيرات، من بريطانيا والدنمارك وهولندا ولاتفيا والسويد، ويهدف إلى تنظيم إنتاج هذه الطائرات «على نطاق واسع وبأسعار معقولة».

وقالت لندن إن المسيّرات الجديدة ستكون «متطورة» تكنولوجيّاً، وستسمح «بتجاوز الدفاعات الجوية الروسية لاستهداف المواقع والمركبات المدرعة العدوّة».

جنديان أوكرانيان في إقليم دونيتسك يتحكمان بمسيرة أطلقت باتجاه المواقع الروسية (أ.ف.ب)

وستزوّد هذه المسيّرات بنظّارات تعكس الواقع الافتراضي وتسمح لقائديها برؤية صور الأماكن مباشرة كما لو كانوا على متن المسيّرة.

وقدّمت بريطانيا 15 مليون جنيه إسترليني (18 مليون يورو) لهذا التحالف، الذي يبلغ إجمالي استثماراته نحو 73 مليون جنيه إسترليني (87 مليون يورو).

وتعهّدت حكومة حزب العمال التي تولت السلطة في المملكة المتحدة في يوليو (تموز)، تقديم ثلاثة مليارات جنيه إسترليني (3.6 مليار يورو) سنوياً لدعم أوكرانيا عسكرياً حتى عام 2030 - 2031.