تواصل ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح مساعيها الحثيثة ومحاولاتها للسيطرة على مديرية بيحان، بشكل كامل، والعبور من خلالها إلى مناطق حقول النفط في محافظة شبوة، وتواجه الميليشيات مقاومة شرسة من قبل المقاومة الشعبية في المديرية، وتواصل الميليشيات قصفها العنيف للقرى السكنية في المديرية بغية إجبار المقاومة على الاستسلام.
وعن تطورات المعارك والأوضاع اليومية في بيحان قال لـ«الشرق الأوسط» الشيخ عوض بن عشيم، القيادي البارز في المقاومة الجنوبية بشبوة، إن مديريات بيحان تشهد مواجهات متقطعة، حيث تتصدى المقاومة لميليشيا الحوثيين وقوات صالح التي تحاول التقدم للسيطرة على منابع النفط قبل مشاورات «جنيف2»، مشيرًا إلى أن المقاومة الجنوبية تعاني من شح الإمكانيات والدعم العسكري.
وارجع القيادي في المقاومة الجنوبية بشبوة سر استماتة ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح في السيطرة على أجزاء كبيرة من مديرية بيحان الجنوبية إلى كون الميليشيات تستمد عزيتها من وجود قبائل جنوبية موجودة في مناطق بيحان من الأشراف والسادة، مطالبًا أبناء شبوة والجنوب بالتكاتف والتوحد في مواجهة ما تبقى من جيوب الميليشيات في المناطق الحدودية والعمل بصف واحد في حفظ أمن واستقرار المدن الجنوبية.
وتقع مديرية بيحان في الجهة الشمالية الغربية لمحافظة شبوة، تحدها من الشمال مديرية عسيلان، ومن الجنوب محافظة البيضاء، ومن الغرب مديرية عين، ومن الشرق مديرية مرخة السفلى، وتبلغ مساحتها 616 كيلومترًا، وعدد سكان مديرية بيحان 56.594 شخص وفقًا للإسقاطات السكانية لعام 2004، وتعتبر الزراعة النشاط الاقتصادي الرئيسي للسكان، وتكمن أهمية مديرية بيحان ومديرياتها المتفرعة عنها عسيلان والعليا بعد التقسيم الإداري في ظل دولة الوحدة (1990م)، في كونها منطقة حدودية بين شطري اليمن، سابقا (الشمال والجنوب)، وتمتلك حقول نفطية أهمها حقل جنة، الذي دارت حوله الكثير من الصراعات للسيطرة عليه.
وبدوره يؤكد السياسي الشبواني علي سالم بن يحيى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن بيحان تمثل للمد الفارسي عبر منفذيه جماعة الحوثي المدعومة بقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح هدفا استراتيجيا لكنوز الذهب الأسود الواقعة في باطن أراضيها، ولتقطيع أوصال المقاومة الشعبية ومنعها من تقديم أي مساعدات عسكرية ولوجيستية إلى قوات التحالف وحكومة الشرعية اليمنية في محافظة مأرب المجاورة لها.
وأضاف أنه ومنذ أن وطأة أقدام الحوثيين بيحان لم تهدأ المقاومة الشعبية في مواجهتهم، رغم عدم توفر الإمكانيات والدعم العسكري إلا فيما ندر، واستدرك بالقول: «نتيجة لتلك المقاومة فرض الحوثيون حصارا مشددا على بيحان التي تعيش وضعا إنسانيا معقدا غاب عن أذهان كثير من القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى». وطالب بن يحيى قوات التحالف والجيش اليمني بالتدخل لتحرير بيحان خاصرة محافظة شبوة، ورفع صوت سكانها للمنظمات الدولية للاطلاع على الظرف الإنساني المزري، مؤكدًا أن بيحان، رغم ما تكتنزه من ثروات، ظلت بعيدة عن أعين الحكومة المركزية.
من جانبه، يرى رئيس مؤسسة خطوات للتنمية المدنية، أحمد عيدروس بأنه ومع احتدام الصراع المسلح في بيحان بين الحوثيين والمقاومة الشعبية، ارتفع عدد الأشخاص المحتاجين لشكل ما من أشكال المساعدة الإنسانية بنسبة عالية وأصبح نحو 80 في المائة من سكان بيحان بحاجة في الوقت الحالي إلى مساعدات من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والمياه والرعاية الصحية والمأوى وغيرها من الاحتياجات الأساسية، إضافة إلى حاجتهم للحماية الأساسية. وأردف عيدروس لـ«الشرق الأوسط» أن «الحياة تبدو لدى الأهالي في تزايد مستمر مع نقص الخدمات من الكهرباء والماء والصحة واستمرار توقف التعليم في المدارس، وكذا حدوث إشكالات في مختلف الأنشطة الإنتاجية ما انعكس سلبا على معيشة وأوضاع السكان في مختلف الجوانب الحياتية».
ويشير الناشط اليمني إلى أنه «نتج عن الصراع المتصاعد في بيحان ضحايا، ونزوح داخلي، ودمار للبنية التحتية، وأزمة إنسانية تضرب حاليا 3 مديريات (عين، وعسيلان، وبيحان) من أصل 17 مديرية، وتأثر أكثر من 100 ألف شخص بشكل مباشر من الصراع، وخصوصا الفئات الأضعف من بينهم الأطفال والنساء»، كما يشير إلى تزايد أعداد الضحايا من المدنيين نتيجة التبادل لإطلاق النار وسقوط القذائف في المناطق الآهلة ومن بينهم الضحايا المدنيون نساءً وأطفالاً، كما ارتفاع عدد الضحايا من الذكور ونتج عنه فقدان الكثير من الأسر لرجالها الذين يقومون على الأسرة، كما أفرزت الحرب الدائرة جيشًا من العاطلين عن العمل ومجتمعًا من الفقراء الذين يعانون العوز والحاجة.
وقال الناشط عيدروس، إن ما يزيد الأوضاع تدهورًا، استمرار العمليات العسكرية مع غياب واضح لأي جهود إغاثية واعتداء الميليشيات الحوثية على أي مساعدات إنسانية مقدمة من جهات محلية وضعف السلطة الشرعية بالمحافظة ومستقبل رواتب الموظفين الحكوميين المهدد مع محدودية وصول المنظمات الدولية الإنسانية للمحافظة، إضافة إلى ما كانت علية الأوضاع السابقة لتلك المديريات قبل الصراع.
وأوضح رئيس مؤسسة خطوات أن مدن بيحان تعيش أوضاعًا إنسانية كارثية، مضيفًا أنه من المتوقع استمرار التدهور في الأيام المقبلة ومن أجل الحد من التدهور ينبغي التدخل العاجل من قبل المنظمات والمراكز الإغاثية، وخصوصًا مركز الملك سلمان للإغاثة والهلال الأحمر الإماراتي وتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة للمواطنين وتحسين الخدمات الأساسية للتخفيف من معاناتهم.
مواجهات عنيفة في بيحان وسط استمرار تدهور الوضع الإنساني للمدنيين
الميليشيات تستولي على المساعدات وتثير النعرات الطبقية في المديرية
مواجهات عنيفة في بيحان وسط استمرار تدهور الوضع الإنساني للمدنيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة