الإعلام الروسي تحول إلى «غرفة عمليات» للرد على «عدوان» أنقرة

إسقاط الطائرة «سو ـ 24».. فجر إعلام موسكو

جانب من تغطية الإعلام الروسي لحادث سقوط الطائرة الروسية
جانب من تغطية الإعلام الروسي لحادث سقوط الطائرة الروسية
TT

الإعلام الروسي تحول إلى «غرفة عمليات» للرد على «عدوان» أنقرة

جانب من تغطية الإعلام الروسي لحادث سقوط الطائرة الروسية
جانب من تغطية الإعلام الروسي لحادث سقوط الطائرة الروسية

مع حادثة إسقاط تركيا للقاذفة الروسية (سو - 24) في سوريا الثلاثاء الماضي، يكون الإعلام الروسي قد دخل شهره الثالث من حالة الاستنفار، دون أن يتمكن من التقاط أنفاسه منذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نهاية سبتمبر (أيلول) عن إرسال قوات روسية إلى سوريا. حينها تحول الإعلام الروسي كله، المرئي والمسموع والمكتوب، إلى غرفة عمليات لا يقتصر نشاطها على التغطية الإعلامية لأحداث يومية، بل تركز جل اهتمامها على خبر واحد رئيسي مثل سقوط طائرة الركاب الروسية في سيناء نتيجة عمل إرهابي، ومن ثم جاءت الهجمات الإرهابية في باريس وإعلان حالة طوارئ في كل دول الاتحاد الأوروبي وروسيا، وها هي الآن أزمة القاذفة الروسية بين موسكو وأنقرة تزيح كل تلك الأحداث لتحتل هي الصدارة في المشهد الإعلامي.
وتوزعت التغطية الإعلامية الروسية لحادثة إسقاط المقاتلات التركية طائرة «سو - 24» الروسية على عدة مراحل، حيث جرى التركيز بداية على الخبر بحد ذاته، وترافق ذلك مع نقل للتصريحات الرسمية التي وصفت الحادثة بأنها اعتداء خطير مخطط له، كما استضافت قنوات التلفزة ومحطات الإذاعة محللين وخبراء عسكريين عرضوا وجهة نظرهم لما حدث، وأن المقاتلات التركية استهدفت الطائرة الروسية في الأجواء السورية بينما كانت عائدة إلى قاعدتها في مطار حميميم بعد أن نفذت مهمتها في «قصف مواقع الجماعات الإرهابية». وفي وقت لاحق أخذت وسائل الإعلام تعزز وجهات نظر ضيوفها بمخطط عممته وزارة الدفاع الروسية لحركة الطائرة في الأجواء السورية يُظهر أنها لم تنتهك المجال الجوي التركي، وتم استهدافها فوق الأراضي السورية. ونقلت وسائل الإعلام تصريحات الجنرال سيرغي رودسكوي، قائد مديرية العمليات في هيئة الأركان الروسية الذي قال إن «القاذفة الروسية سو - 24 لم تنتهك المجال الجوي التركي، وتمت مهاجمتها فوق الأراضي السورية». وفي توضيحه المرافق للرسم التوضيحي حول وقائع الحادثة قال رودسكوي إن الطيارين الأتراك لم يوجهوا أي إنذار للطائرة الروسية، معربًا عن قناعته بأن الهجوم جرى فوق الأراضي السورية، وللتأكيد على صحة هذا الكلام عرض رودسكوي مخطط حركة الطائرة الروسية أثناء استهدافها.
في المرحلة التالية من التغطية الإعلامية لهذه الحادثة واصلت وسائل الإعلام الروسية نقل التصريحات الرسمية وبصورة رئيسية ما قاله بوتين بهذا الصدد، وقراره بتعزيز قوات الدفاع الجوي الروسية في سوريا وإرسال منظومة «إس - 400» لتعمل على ضمان أمن حركة المقاتلات والقاذفات الروسية أثناء تنفيذها مهام «التصدي للإرهاب» في سوريا. وركزت وسائل الإعلام على التدابير العسكرية الأخرى التي أعلنت عنها القيادة الروسية لحماية أمن طائراتها في الأجواء السورية، مثل القرار بتمركز الطراد الصاروخي «موسكفا» قبالة اللاذقية ومرافقة مقاتلات جوية للقاذفات أثناء تنفيذها مهامها في الأجواء السورية. وقد تلقفت وسائل الإعلام الروسية الأنباء عن هذه الخطوات وأخذت تعرضها ضمن إطار انفعالي لا يخلو من الزهو والتباهي والتحذير من أن روسيا لن تدع الأمر يمر دون عقاب. وفي الشق الثالث ركزت التغطية الإعلامية على الجانب السياسي وتحديدًا الوسائل التي قد تستخدمها روسيا لتوجيه رد قاس لتركيا على ما قامت به.
في هذا السياق أشارت وسائل الإعلام الروسية إلى أن إردوغان رفض الاعتذار لروسيا، وأخذت توجه الاتهامات له بأنه يدعم الإرهاب، على اعتبار أن المجموعات التركمانية التي يقول الجانب الروسي إنها قامت بإطلاق النار على أحد الطيارين الروس وقتلته هي «جماعات إرهابية». وزاد الأمر عن ذلك بتوجيه اتهامات مبطنة أحيانا وصريحة في كثير من الأحيان لإردوغان بأنه يدعم الإرهابيين من خلال شراء النفط منهم، حتى إن وسائل الإعلام الروسية عرضت صورًا لابن إردوغان مع شخصين ملتحيين قالت إنهما من إرهابيي «داعش» لكن سرعان ما اتضح أنهما أصحاب مطعم في تركيا.
لكن وبغض النظر عن تلك الاتهامات ذهبت وسائل الإعلام الروسية إلى الحديث عن الرد الروسي وأخذت تتناول حجم الخسائر التي ستلحق بالاقتصاد التركي نتيجة توصية الخارجية الروسية للمواطنين الروس بالعزوف عن السفر إلى تركيا، وفرض إجراءات مشددة على الصادرات التركية إلى روسيا، وإلغاء نظام السفر دون تأشيرات بين البلدين، واحتمال وقف صادرات الغاز الروسي إلى تركيا، وغيرها من خطوات يؤكد الإعلام الروسي أن تركيا ستتضرر بسببها إلى حد بعيد وستزيد من التعقيدات التي يواجهها الاقتصاد التركي. والجميع يذكرون في غضون ذلك بأن تركيا تعتمد على روسيا بتغطية 51 في المائة لتغطية احتياجاتها من الغاز، والسياح الروس الذين سيتوقفون عن السفر إلى تركيا كانوا يدرون على الخزينة التركية ما يُقدر بـ10 مليارات دولار سنويا.
ولامتصاص الغضب في الشارع الروسي، الذي جاء كحالة طبيعية لكن ساهمت وسائل الإعلام في تأجيجه، أخذت قنوات التلفزة والصحف الروسية تتحدث عن عملية إنقاذ الطيار الروسي الثاني، وتنفيذ الطائرات الروسية بعد ذلك لغارات نتج عنها مقتل من قال الإعلام الروسي إنهم «الإرهابيون الذين أطلقوا النار على الطيار الأول أثناء هبوطه بالمظلة وقتلوه». إلا أن الجانب الأخطر الذي تناولته وسائل الإعلام الروسية في تغطيتها لتطورات أزمة إسقاط تركيا للقاذفة الروسية «سو - 24» فهي التوقعات لما قد تؤول إليه الأمور في ظل تصعيد بالخطاب السياسي بين الجانبين. وقد عرضت وسائل الإعلام الروسية وجهات نظر بعض الخبراء الذين عبروا طبعا عن أملهم بأن يتم تجاوز الأزمة عبر القنوات الدبلوماسية وبالطرق السياسية، لكنهم قالوا إنه في حال فشلت الطرق السياسية فقد تنشب حرب بين الجانبين، يجب على روسيا أن تستخدم فيها السلاح النووي، وفق ما قال الخبير الروسي ميخائيل ألكسندروف لوسائل إعلام روسيا، محذرا من أن «الناتو» قد يعمد في هذه الحال إلى جر روسيا نحو حرب تدريجيا تبدأ من تصعيد، ومن ثم ضرب القوات الروسية في سوريا، وبعد ذلك إشعال منطقة القوقاز، لذلك يجب أن تكون الحرب مع تركيا إن نشبت، حسب قول ألكسندروف، سريعة وحاسمة وواسعة. بالمقابل عرضت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» آراء نخبة من المحللين ظهر فيها توافق على ضرورة عدم الانجرار إلى حرب مع تركيا والاكتفاء بإعلان تركيا «دولة معادية» وقطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية معها، ومحاولة ضم دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى هذا الموقف، وحذر هؤلاء الخبراء من أن إردوغان «لا يعرف الاعتذار ولن يعتذر لروسيا»، وهذا سيعقد محاولات الخروج من الأزمة بسرعة، دون مزيد من التدهور.



الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
TT

الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)

يبدو أن انتخابات الرئاسة الأميركية، التي أُجريت يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عزّزت مكانة منصة «بلوسكاي» منافساً رئيساً لـ«إكس»، ما أثار تساؤلات بشأن مستقبل المنصتين، ولمَن ستكون الغلبة في سباق منصات التواصل الاجتماعي للتنافس على زيادة عدد المستخدمين. وفي حين عدّ خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط» أن «بلوسكاي» قد تكون «بديلاً» لـ«إكس»، فإن هؤلاء توقّعوا أن هذا التغير قد يحتاج لسنوات.

من جهتها، أفادت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية بأن منصة «بلوسكاي» شهدت زيادة مليون مستخدم جديد خلال الأسبوع الذي أعقب الانتخابات الأميركية، وعلّقت قائلة «في الوقت الراهن يبحث بعض مستخدمي (إكس) عن منصة بديلة للتفاعل مع الآخرين ونشر أفكارهم». أما صحيفة «الغارديان» البريطانية، فأوردت في تقرير نشرته منتصف الشهر الحالي، أن كثيراً من المستخدمين «يسعون الآن للهروب من (إكس)، وسط تحذيرات من زيادة خطاب الكراهية والمعلومات المضلّلة على المنصة». وحقاً، وفق «بلوسكاي» ارتفع عدد مشتركيها «من 10 ملايين في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى 16 مليون مستخدم حالياً».

رائف الغوري، المدرّب والباحث المتخصّص في الذكاء الاصطناعي التوليدي، أرجع ازدياد الإقبال على منصة «بلوسكاي» إلى «فقدان منصة (إكس) مكانتها تدريجياً». وأردف أن جاك دورسي نقل الخبرات والتجارب الناضجة لـ«تويتر» سابقاً و«إكس» عند تأسيس «بلوسكاي»، ما منح المنصة «عناصر قوة تظهر في مزايا اللامركزية، والخوارزميات التي يستطيع المستخدم أن يعدلها وفق ما يناسبه». وتابع: «انتخابات الرئاسة الأميركية كانت من أهم التواريخ بالنسبة لبلوسكاي في ظل ازدياد الإقبال عليها».ولذا لا يستبعد الغوري أن تصبح «بلوسكاي» بديلاً لـ«إكس»، لكنه يرى أن «هذا الأمر سيحتاج إلى وقت ربما يصل إلى سنوات عدة، لا سيما أن بلوسكاي حديثة العهد مقارنة بـ(إكس) التي أُسِّست في مارس (آذار) 2006، ثم إن هناك بعض المزايا التي تتمتع بها (إكس)، على رأسها، تمتعها بوجود عدد كبير من صنّاع القرار الاقتصادي والسياسي والفنانين والمشاهير حول العالم الذين لديهم رصيد واسع من المتابعين، وهذا عامل يزيد من صعوبة التخلي عنها».

ويشار إلى أن «بلوسكاي» تتمتع بسمات «إكس» نفسها، ويعود تاريخها إلى عام 2019 عندما أعلن جاك دورسي - وكان حينئذٍ لا يزال يشغل منصب المدير التنفيذي لـ«تويتر» («إكس» حالياً) - عن تمويل الشركة تطوير منصة تواصل اجتماعي مفتوحة ولا مركزية تحمل اسم «بلوسكاي». وفي فبراير (شباط) 2022 تحوّلت إلى شركة مستقلة، لتطلق نسختها التجريبية مع نهاية العام.

من جانبه، قال محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «منصة (بلوسكاي) في طريقها بالفعل للاستفادة من التغيّرات الجذرية التي تشهدها منصات كبيرة مثل (إكس)». وأوضح أن «النموذج اللامركزي الذي تعتمده (بلوسكاي) يمنحها ميزةً تنافسيةً ملحوظةً، لا سيما مع ازدياد الوعي حول الخصوصية والتحكم في البيانات، أضف إلى ذلك أن المستخدمين اليوم يبحثون عن منصات توفر لهم الأمان، لا سيما بعد التحوّلات الكبيرة التي شهدتها (إكس) تحت قيادة ماسك... ومن هذا المنطلق يبدو أن لدى (بلوسكاي) فرصة حقيقية للنمو، إذا استمرت في تعزيز مبادئها المتعلقة بالشفافية وحرية التعبير».

الصاوي أشار أيضاً إلى أن عمل ماسك مع ترمب قد يكون له تأثير مزدوج على منصة (إكس)، بشأن الرقابة على المحتوى، وقال: «إن العلاقة الحالية بينهما قد تدفع نحو تغييرات دراماتيكية في إدارة (إكس) وتوجهاتها المستقبلية، ما يزيد ويبرّر الحاجة إلى منصات بديلة أكثر استقلالية مثل (بلوسكاي)».