ليبيا: بوادر حل للصراع على السلطة وسط ضغوط دولية

وسط ضغوط دولية للتسريع بتشكيل حكومة وفاق وطني لإنهاء الصراع المحتدم على السلطة في ليبيا، طرح أعضاء في مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام بشكل مفاجئ أمس مبادرة جديدة لترتيب اجتماع بين طرفي الصراع، خارج المبادرة التي اقترحتها مؤخرا بعثة الأمم المتحدة.
وقال أعضاء في البرلمانين السابق والحالي، اللذين يتنازعان على السلطة منذ العام الماضي في ليبيا، إنهم حققوا تقدما لافتا للانتباه بالتوصل عقب اجتماع سرى من الطرفين في تونس قبل يومين، يقضي بإعلان تجاهل مقترحات المبعوث الأممي السابق بيرناردينو ليون، والشروع في حوار ليبي - ليبي من دون رعاية دولية، لإنهاء القضايا العالقة بين الطرفين.
واستمع المبعوث الدولي الجديد لليبيا مارتن كوبلر، لدى لقائه مع وزير الخارجية المصري أمس في القاهرة، التي وصلها في أول زيارة من نوعها منذ توليه مهام عمله الأسبوع الماضي، إلى تأكيدات مصرية على أهمية اعتماد مجلس النواب الليبي للاتفاق الذي تم التوصل إليه في الصخيرات بالمغرب خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، والذي يقضي بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
وقال بيان وزعته الخارجية المصرية عقب اللقاء إن هذا الحل الذي تم التوصل إليه من خلال التفاوض بين القوى السياسية الليبية، يعد حلا ليبيا لما تعانيه من عدم استقرار، بالإضافة لما يمثله من مراعاة لمصالح الشعب الليبي الشقيق لتمكين حكومة الوحدة الوطنية من توفير الخدمات الضرورية للمواطنين، وضمان أمن وسلامة كافة أفراد الشعب الليبي.
كما شدد سامح شكري على ما وصفه بمحورية دور مجلس النواب في المرحلة الانتقالية المقبلة، وحاجة ليبيا الماسة له لكي يساعد ويدعم المؤسسات التنفيذية في القيام بمهامها على الوجه الذي يأمله الليبيون. وأضاف البيان أن كوبلر استعرض الاتصالات التي قام بها مع الأطراف الليبية على مدار الأيام الماضية منذ توليه مهام منصبه، ورؤيته لكيفية التحرك قدما، موضحا أن شكري أكد للمبعوث الأممي على ثقته الكاملة في أن التيارات السياسية الليبية جمعيًا سوف تنهض لتغليب المصلحة العليا للشعب الليبي من خلال دعم اعتماد حكومة الوحدة الوطنية، وتحمل المسؤولية الوطنية في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به ليبيا. كما أشاد بما تلمسه مصر من ترحيب واسع داخل مجلس النواب للاضطلاع بالمسؤولية الوطنية في هذا الصدد، وبما يؤهل للحفاظ على وحدة ليبيا والحفاظ على الجيش الليبي ومؤسسات الدولة ووحدة الصف عبر مؤسسات الدولة الشرعية، خاصة مجلس النواب الذي يحظى بالشرعية استنادًا للثقة التي أودعها إياه الشعب الليبي من خلال الانتخابات الحرة.
وأضاف البيان أن وزير الخارجية المصري ومبعوث الأمم المتحدة لليبيا اتفقا على ضرورة التنسيق خلال المرحلة القادمة، لافتا إلى أن شكري أكد على دعم مصر الكامل لكوبلر في مهمته القادمة، وعلى استمرار تقديم مصر لكل أنواع العون للأشقاء الليبيين، وهو ما من شأنه تسهيل مهمة المبعوث الدولي وبعثة الأمم المتحدة لما فيه مصلحة ليبيا والليبيين، وحفاظًا على وحدة هذا البلد الشقيق، وعلى الاستقرار الإقليمي، خاصة على ضوء الأوضاع المتأزمة التي تمر بها المنطقة، والتي تتطلب التركيز بشكل خاص على مكافحة العنف والإرهاب بكل السبل.
من جهتها، رحبت حكومات الجزائر وفرنسا وألمانيا، وإيطاليا والمغرب، وإسبانيا وتونس، والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، في بيان تأييدها لاتفاق حكومة الوفاق الوطني، الذي وقعته أغلبية أعضاء مجلس النواب، كما لاحظت في بيان مشترك أيضا وقوف غالبية أعضاء المؤتمر الوطني (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في طرابلس أيضا بحزم مع دعم الحكومة المقترحة. ووجه البيان رسالة تهديد إلى أولئك الذين يحاولون عرقلة التقدم، بأنه سيتم محاسبتهم من قبل الشعب الليبي والمجتمع الدولي على أفعالهم.
كما رحب كوبلر ببيان أصدره 92 عضوا في مجلس النواب بإقرارهم من حيث المبدأ الاتفاق السياسي الليبي والمجلس الرئاسي المقترح لحكومة الوفاق الوطني، داعيا «من لم يقم بذلك بعد في مجلس النواب والمؤتمر الوطني للعمل من أجل المصلحة العليا لليبيين وإقرار الاتفاق السياسي».
ولفت كوبلر إلى أن إنقاذ ليبيا من ويلات الصراعات الأهلية والإرهاب والانهيار الاقتصادي، يتطلب أن يبدي قادة ليبيا مجتمعين العزيمة والإصرار، واعتبر أن الخطوات التي قام بها أعضاء كل من مجلس النواب والمؤتمر الوطني استجابة يحتفى بها للنداءات النابعة من اليأس التي أطلقها قطاع عريض من المجتمع المدني الليبي خلال الأيام والأسابيع الماضية، مشيرا إلى تأكيد الأحزاب السياسية والمجالس البلدية والكتائب المسلحة على الحاجة إلى الانتهاء سريعا من عملية الحوار، بغية إنهاء المعاناة والمصاعب التي يواجهها الليبيون.
واقترحت مبادرة قدمها أعضاء في مجلس النواب الليبي إعلان المجلس رفضه للمقترحات التي قدمتها بعثة الأمم المتحدة بشأن ترشيح مستشار لمجلس الدفاع والأمن القومي، أو ترشيح أي اسم لمنصب رئيس مجلس الدولة، أو اقتراح أسماء لشغل المناصب الوزارية.