بسبب خطابه الشعبوي.. ترامب يثير نفور الجمهوريين الأميركيين وغضبهم

بعضهم يعتبرونه فاشيًا.. وآخرون يرون في رسالته نوعًا من الفاشية

المرشح الجمهوري دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية الأخيرة في ميرتيل بيتش (أ.ب)
المرشح الجمهوري دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية الأخيرة في ميرتيل بيتش (أ.ب)
TT

بسبب خطابه الشعبوي.. ترامب يثير نفور الجمهوريين الأميركيين وغضبهم

المرشح الجمهوري دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية الأخيرة في ميرتيل بيتش (أ.ب)
المرشح الجمهوري دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية الأخيرة في ميرتيل بيتش (أ.ب)

يعدّ الكثيرون الخطاب الشعبوي أمرًا معهودًا في حملات الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية، لكن تصريحات متصدر المرشحين الجمهوريين دونالد ترامب، التي تزداد حدة، بدأت تدفع بعدد من المحافظين إلى اعتباره «فاشيا»، وإلى تكثيف الانتقادات بشأنه من طرف خصومه في الحزب.
ففي أبرز التصريحات الأخيرة لترامب، أكد قطب العقارات أنه يؤيد تسجيل المسلمين في قاعدة بيانات خاصة، مكررًا التأكيد على أنه شاهد مواطنين عربًا في نيوجيرزي يعبرون عن ابتهاجهم لسقوط برجي مركز التجارة العالمي في 11 من سبتمبر، رغم افتقاره إلى إثباتات. كما أن مواقفه باتت مع توالي التصريحات شرسة، إلى حد دفع بأعضاء حتى من داخل حزبه، إلى التساؤل عما إذا كان ترامب يلتزم بقيم الديمقراطية التي يركز عليها حزبه.
وبسبب هذه التصريحات غير المسؤولة، حذر خبراء في شؤون الجمهوريين من قدرة ترامب على إلحاق ضرر طويل الأمد بالحزب الجمهوري، قائلين إن ترشيحه في انتخابات الحزب التمهيدية كفيل بتسليم الرئاسة إلى المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. كما بدا عدد من فرق الحملات في السباق التمهيدي متفقًا على الحاجة إلى معارضة ترشيح الملياردير الشهير، وقد بلغ الأمر ببعض المحافظين البارزين إلى استخدام كلمات تعتبر من المحرمات لوصف عضو في حزبهم، إذ قال ماكس بوت، المؤرخ العسكري والمستشار السياسي للمرشح الجمهوري ماركو روبيو، في تعليق على «تويتر» إن «ترامب فاشيّ. أنا لا أستخدم هذا الوصف باستهتار أو غالبًا. لكنه يستحقه».
وأضاف جون نونان مستشار الأمن القومي لدى حاكم فلوريدا السابق جيب بوش، إن «التسجيل القسري لمواطنين أميركيين استنادا إلى الهوية الدينية هو فاشية بحتة»، فيما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها الثلاثاء إلى أن الأسبوع الماضي في الحملة «هيمنت عليه أكاذيب دونالد ترامب العنصرية». أما صحيفة «سياتل تايمز» فقد استخدمت عبارات حادة مشابهة لمقال آخر ندد بنشر ترامب «أكذوبة تثير الغضب تلو الأخرى»، وقالت إن «رسالة حملة ترامب تعكس نوعا من الفاشية الزاحفة» التي «ينبغي رفضها».
من جهة أخرى، أبدت بعض الحملات ترددا في مواجهة ماكينة ترامب مباشرة. لكن بوش، الذي يعاني لإحراز تقدم في السباق، صعد من انتقاداته، بقوله لقناة «فوكس» الإخبارية بأن ترامب يخلق «كونا موازيا» بخطابه القاسي، لا سيما فيما يتعلق بالمسلمين، مضيفا بخصوص تأكيد ترامب حول ابتهاج البعض لهجمات سبتمبر «إنه يدلي بأقوال لا معنى لها».
وعلى غرار حاكم ولاية نيوجيرزي كريس كريستي، أشار الكثير من الجمهوريين إلى أن المناخ السائد بعد هجمات باريس سيدفع بالناخبين نحو سياسيين أكثر خبرة. لكن حملة دونالد ترامب أبدت صلابة استثنائية، وما زال يتصدر جميع الاستطلاعات الجديدة، على الرغم من إثبات جهات تدقيق المعلومات خطأ جل تصريحاته.
وفي تجمع انتخابي في كارولاينا الجنوبية يوم الثلاثاء قال ترامب: «يقولون إن ترامب يمكنه فعل أي شيء تقريبا.. وهذا صحيح».
في المقابل، برزت معلومات حول إعداد مجموعات جمهورية سلسلة إعلانات تهاجمه، من بينها لجنة سياسية مرتبطة بمجموعة الاقتصاد المحافظة «كلاب فور غروث»، حيث شكلت المستشارة السياسية الجمهورية ليز مير مجموعة جديدة باسم «ترامب كارد» ستعمل على حملة إعلانية ضد ترامب. وترمي هذه المجموعة إلى جمع المال من مانحين للمساعدة على «هزيمة وتدمير» ترامب، بحسب تقرير نشرته أخيرا صحيفة «وول ستريت جورنال».
كما برز أخيرًا عدد من التسجيلات المناهضة لترامب، على غرار إعلان قصير على الإنترنت مدته دقيقة، أطلقه حاكم أوهايو جون كيسيك يربط ترامب بألمانيا النازية. ويبدو في الإعلان الكولونيل في سلاح الجو الأميركي توم مو، أسير الحرب السابق في فيتنام، وهو يعيد صياغة عبارة شهيرة للقس الألماني مارتن نيمولر ضد النظام النازي، إذ يقول مو في الإعلان: «قد لا تعبأون بقول دونالد ترامب إن على المسلمين تسجيل أنفسهم لدى حكومتهم لأنكم لستم منهم. وقد لا تعبأون بقول دونالد ترامب إنه سيعتقل جميع المهاجرين ذوي الأصل اللاتيني، لأنكم لستم منهم».
ويختم بالقول: «لكن فكروا بهذا: إذا واصل ذلك وأصبح رئيسا، فربما قد يبدأ باستهدافكم أيضا. آنذاك ستتمنون لو بقي أحد ما ليساعدكم».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.