إسلام أباد: مقتل 17 مسلحًا بينهم أجانب في غارات جوية على الشريط القبلي

مصرع قيادي في جماعة متطرفة في تبادل لإطلاق النار في باكستان

إسلام أباد: مقتل 17 مسلحًا بينهم أجانب في غارات جوية على الشريط القبلي
TT

إسلام أباد: مقتل 17 مسلحًا بينهم أجانب في غارات جوية على الشريط القبلي

إسلام أباد: مقتل 17 مسلحًا بينهم أجانب في غارات جوية على الشريط القبلي

أعلن الجيش الباكستاني في بيان أن 17 مسلحا قتلوا، أمس، عندما شنت مقاتلات غارات جوية في منطقة القبائل النائية القريبة من الحدود الأفغانية. وأضاف الجيش أن الغارات التي شنها في منطقة راجغال في إقليم خيبر، دمرت كذلك مخابئ للمسلحين ومخزنا للذخيرة. وأكد البيان أن «17 إرهابيا بينهم أجانب قتلوا في الغارات الجوية في منطقة راجغال النائية». وهذه الضربات الجوية هي جزء من هجوم واسع يهدف إلى القضاء على مخابئ مسلحي طالبان و«القاعدة»، بدأ العام الماضي في إقليم شمال وزيرستان، وهو واحد من سبعة أقاليم باكستانية في منطقة القبائل المحاذية لأفغانستان.
وبدأ الجيش هجومه في خيبر في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 وشن غارات جوية، كما استخدم المدفعية والهاون والقوات البرية في هجومه. وبعد ذلك كثف الجيش ووسع هجومه بعد أن قتل مسلحو طالبان أكثر من 150 شخصا معظمهم من الأطفال، في مدرسة في مدينة بيشاور الشمالية الغربية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي لاهور (باكستان) ذكر مسؤولون أن قياديا مهما في جماعة عسكر جنقوي الإسلامية المتطرفة المسؤولة عن سلسلة هجمات دامية ضد الأقلية الشيعية في باكستان قتل خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة. وكان هارون باتي أحد كوادر عسكر جنقوي أوقف بمساعدة الشرطة الدولية (إنتربول) الشهر الماضي في دبي وسلم إلى باكستان. وقال عمر فيرك، المسؤول في الشرطة المحلية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «باتي كان يخضع للاستجواب»، وقاد الشرطة إلى معقل للجماعة في مدينة لاهور شرق باكستان. وأضاف أن «ناشطين مسلحين أطلقوا النار خلال عملية الشرطة في الموقع». وتابع أن هارون باتي وثلاثة مسلحين آخرين قتلوا في المبنى «خلال تبادل إطلاق النار».
ويعتبر ناشطو الدفاع عن حقوق الإنسان سقوط القتلى في «تبادل لإطلاق النار»، أمرا مشبوها، ويتهمون السلطات باستخدام ذلك ذريعة للتخلص من المجرمين والمتطرفين المزعجين من دون المرور بالمحاكم، والنظام القضائي الباكستاني بطيء ويعتمد على شهادات بدلا من الأدلة. وعادة، تبوء الدعاوى ضد ناشطين في الجماعات الإسلامية مثل عسكر جنقوي، بالفشل بسبب غياب الحماية للقضاة والشهود الذين يكونون في وضع هش أمام التهديدات والضغوط.
وكان زعيم الجماعة مالك إسحق قتل في يوليو (تموز) الماضي، مع 13 من الكوادر الآخرين لهذه الحركة الأكثر عداء للشيعة في باكستان. لكن الجماعة المسؤولة عن بعض أعنف الهجمات في البلاد ما زالت ناشطة كما يؤكد المحللون.
من جهة أخرى، قتل شخصان على الأقل حين انفجرت عبوة ناسفة لدى مرور موكب وزير باكستاني، أول من أمس، في شمال غربي البلاد، وفق ما أعلنت الشرطة.
ونجا أكرم خان دوراني، وزير الإسكان في حكومة نواز شريف، من الهجوم الذي وقع عند عودته من اجتماع في شمال غربي البلاد المضطرب. وقال طاهر خان الضابط في شرطة بانو، الإقليم الذي وقع فيه الاعتداء: «أصابت عبوة ناسفة سيارتين في موكب أكرم خان دوراني. قتل اثنان من المارة على الأقل، وأصيب خمسة أشخاص بينهم شرطيان، لكن الوزير لم يصب بأذى»، بحسب المصدر ذاته.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».