الإعلان عن تقديم دعم حكومي للجيش الليبي في مواجهة المتطرفين

مخاوف فرنسية وإيطالية من تمدد «داعش» في البلاد

الإعلان عن تقديم دعم حكومي  للجيش الليبي في مواجهة المتطرفين
TT

الإعلان عن تقديم دعم حكومي للجيش الليبي في مواجهة المتطرفين

الإعلان عن تقديم دعم حكومي  للجيش الليبي في مواجهة المتطرفين

أعلنت الحكومة الليبية الانتقالية، التي يترأسها عبد الله الثني، وتتخذ من مدينة البيضاء بشرق ليبيا مقرًا مؤقتًا لها، عن تقديم مبلغ 50 مليون دينار ليبي لقوات الجيش الليبي، كما أعلنت عن منح ثقتها للجنة حكومية تتولى شؤون الجيش وميزانيته.
وقالت الحكومة في بيان رسمي لها، إنها منحت الإذن لوزارة المالية والتخطيط بتحويل مبلغ 50 مليون دينار ليبي من مخصصات الإعاشة والتموين لعناصر الجيش، على أن تخصم من مخصصات قيادته العامة. وأوضحت أن اللجنة التي ستتولى تدبير شؤون الجيش، ستضم كبار المسؤولين العسكريين والاقتصاديين، بما في ذلك محافظ مصرف ليبيا المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ورئيس الأركان العامة للجيش.
ميدانيًا، أسفرت غارتان لسلاح الجو الليبي على المنطقة الصناعية بمدينة أجدابيا عن مصرع شخصين مصريين، خلال قصف استهدف مقرًا تابعًا لعناصر تنظيم أنصار الشريعة بالمدينة، التي شهدت قبل يومين ثلاث عمليات اغتيال استهدفت اثنين من مشايخ السلفية، وأحد مؤيدي قوات الجيش الليبي.
وتشهد مدينة أجدابيا انفلاتًا أمنيًا وعمليات اغتيال، طالت ضباطًا وعسكريين، بالإضافة إلى شيوخ التيار السلفي، بعدما نجحت عناصر من تنظيم داعش فرت من مدينة بنغازي في إعادة التمركز بالمدينة.
وفي غضون ذلك، عبر الرئيسان؛ الإيطالي والفرنسي، عن قلقهما حيال الوضع المضطرب في ليبيا، الذي أضحى يمثل أرضًا خصبة لازدهار تنظيم داعش، إذ شدّد فرنسوا هولاند، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي، على ضرورة تكثيف الجهود لمنع التنظيم المتطرف من تحقيق مزيد من المكاسب الميدانية في ليبيا.
وحذر رينتسي من أن ليبيا تواجه خطر أن تصبح «الحالة الطارئة التالية»، بينما تحدث هولاند عن الحاجة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ليبية لوضع حد للفوضى، بقوله: «يتوجب علينا في الوقت الحالي أن ننصّب (في ليبيا) ما انتظرناه لوقت طويل، وهو حكومة وحدة وطنية وتأمين البلاد لمنع (داعش) من التمركز هناك والتقدم».
وفي حين دعم رينتسي فكرة توسيع التحالف ضد تنظيم داعش، فإنه لم يتمكن من تقديم تعهدات بأن تقدم بلاده أي نوع من المساعدة العسكرية الجديدة لقتال التنظيم المتشدد في سوريا، حيث تشن الطائرات الفرنسية غارات على أهداف له. وقال رينتسي: «نحن نركز اهتمامنا على عملية فيينا من أجل سوريا»، في إشارة إلى المحادثات الدولية الرامية للتوصل إلى حل سياسي للنزاع السوري.. ونحن ملتزمون بشكل خاص بفتح هذه النافذة الدبلوماسية أكثر لتشمل ليبيا للأسباب التي قالها الرئيس هولاند بطريقة أفضل مني».
وأضاف رينتسي موضحًا: «سيكون أساسيًا للجميع إعطاء أولوية كاملة للملف الليبي، الذي بات في خطر أن يصبح الحالة الطارئة التالية».
وانزلقت ليبيا إلى المزيد من الفوضى بوجود حكومتين موازيتين، تحظى كل منهما بدعم عدد من الجماعات المسلحة، التي سمحت للمتطرفين من «داعش» بالسيطرة على مدينة سرت. وقد قالت الأمم المتحدة هذا الشهر إن مقاتلي التنظيم شددوا قبضتهم على وسط ليبيا، ونفذوا اعتقالات وإعدامات وأعمال ذبح سريعة.
إلى ذلك، قالت شركة جلينكور لتجارة السلع الأولية، إنها تعتبر المؤسسة الوطنية للنفط الليبية في طرابلس البائع الشرعي الوحيد لنفط البلاد، بعد أن أبرمت صفقة تصدير مع الشركة الحكومية هذا العام؛ إذ قال أليكس بيرد، رئيس وحدة النفط في «جلينكور»، إن «شركات النفط العالمية والمجتمع الدولي يساندان موقف المؤسسة الوطنية للنفط مساندة كاملة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم