ديمة قندلفت: الجمال ليس كل شيء.. والدمى ستبقى دمى ولن تضيف شيئًا للدراما

الفنانة السورية تعود لدراما البيئة الشامية بمسلسل «خاتون» بعد أن تخلت عنها لسنوات منذ «باب الحارة»

ديمة قندلفت
ديمة قندلفت
TT

ديمة قندلفت: الجمال ليس كل شيء.. والدمى ستبقى دمى ولن تضيف شيئًا للدراما

ديمة قندلفت
ديمة قندلفت

قالت الفنانة السورية ديمة قندلفت، لـ«الشرق الأوسط»، عن أعمالها الجديدة التي تصورها حاليا: «سأباشر تصوير دوري في مسلسل (خاتون) للمخرج تامر إسحاق خلال أيام قليلة، وهو عمل ينتمي للبيئة الشامية، وأجسد فيه شخصية (نعمت) وهي فتاة يطغى عليها جانب الشر بسبب معاناتها من العقم وتوهمها بأن ذلك يؤثر على مكانتها ونظرة المجتمع لها. أما على صعيد السينما فمن المحتمل أن أشارك في فيلم سينمائي طويل مع المخرج باسل الخطيب وسأشارك كذلك مع المخرج جود سعيد في أولى تجاربه التلفزيونية، وأنا في طور قراءة النص الذي أوشك على الانتهاء».
وعن عدم مشاهدتها في الدراما المصرية كعدد من زملائها الممثلين السوريين، وسؤالها عما إذا كانت اللهجة المصرية تشكل عائقا أمامها، تبتسم ديمة: «فتحت الدراما المصرية لي بابا صغيرا لم أتمكن من الدخول منه! أما عن اللهجة المصرية فهي ليست بالعائق، فتلك اللهجة المحببة رافقتنا منذ طفولتنا عبر الشاشتين الكبيرة والصغيرة وأعمال مسرحية عديدة».
وتضحك ديمة عندما يقال لها إنها تمتلك شخصية متمردة في الحياة والعمل الدرامي، وتعلّق قائلة: «غالبا ما تجعلني شخصيتي غير المستكينة أرغب في الشخصيات التي تحمل في طياتها تناقضات تخلق إشكالية معينة، أو تنضوي على مقاومة من الشخصية ضد عنف أو قيود مجتمعية بالية، أو ضد أحكام أخلاقية يطلقها المجتمع على فكر أو سلوك معين، ولذلك أستطيع القول إن معظم الشخصيات التي لعبتها جذبتني أو قد أكون أنا من جذبتها.. فكيف لي ألا أحبّها؟».
وهل تنتقدين نفسك بعد عرض المسلسل؟.. سألناها.. فأوضحت ديمة «بالتأكيد، فأنا أنتقد نفسي بشكل قاس أثناء التصوير وبعد انتهاء أداء المشهد وأثناء عرضه أيضا، لكن ذلك لا يمنع من كوني في الحد الأدنى راضية عما أقدّمه بشكل عام».
وحول مشاركاتها القليلة جدا في مسلسلات البيئة الشامية توضح ديمة: «معظم مسلسلات البيئة الشامية التي قدمت تناولت البيئة في تلك الحقبة أو المرحلة التاريخية من زوايا لا أرى أنه من الضروري إلقاء الضوء عليها في عصرنا الحالي، على الرغم من أنها قد تكون حكاية حلوة ومسلية طبعا، لا نتحدث هنا عن الأعمال التي كان لها طابع درامي توثيقي أضاء جوانب أخرى فكرية وثقافية مهمة في الحقبة ذاتها، مثل (حدث في دمشق) و(طالع الفضة).. إلخ.. وللأسف - تضحك ديمة - قاومت كثيرا وعلى مدى السنوات الماضية بعدم المشاركة في هذا النوع من المسلسلات، حتى كان (خاتون) فكان تراجعا مني عن موقفي السابق رغبة مني في الوجود في دمشق والتعاون مع المخرج تامر إسحاق، لأنه أثبت نجاحه في هذا النوع من المسلسلات.. وتبقى تجربة».
وحول انتقاد بعض المسلسلات السورية في الموسم الماضي لتوجهها للجرأة الزائدة تعلّق ديمة: «شاهدت وتابعت بعض الأعمال التي عُرِضَتْ وانتقدها المتابعون والصحافة، وكنت من أنصار من انتقدوا. ولا تكون جاذبية العمل بجرأة ما يقدمه للمشاهد، وإنما بواقعيته، وتوظيفه، ومحاكاته للواقع.. فإذا أردت أن تتجاوز الخطوط الحمراء فليكن ذلك بدافع محدد ذي هدف واعٍ، بحيث يتم استعمال تلك الجرعة لتشكل صدمة ما بهدف التركيز على ظاهرة مجتمعية مرضية مثلا أو آفة اجتماعية، فيكون أثرها كالصدمة الكهربائية التي في كثير من الأحيان تحيي القلوب الميتة. أما الاستسهال أو الاستخدام المفرط أو المتكرر لحالات أو مشاهد كتلك التي انتُقدت، فهو يرتقي في بعض الأحيان لخدش الحياء العام».
ولديمة - وهي إحدى حسناوات الدراما السورية - رأي في ما يتعلق بموضوع جمال الممثلة واستثماره في الدراما، فهي ترى أنه من عشر سنوات لم يكن جمال الفنانة مقياسا لنجاحها، وإنما الشكل المقبول إلى حد ما فقط، ولكن، حسب قولها «في السنوات الأخيرة، صار الجمال مطلوبا وبالدرجة الأولى، وهذا لا يسرّ الممثل المحترف، فالتمثيل ليس مسابقة لملكات الجمال، إنما له مقومات مختلفة كالحضور والموهبة والخبرة والحرفية والثقافة، فالدمى ستبقى دمى تُسْتَهْلَكْ ولن تضيف شيئا لمسيرة الدراما وتطورها، بل على العكس، الاستمرار بهذا التقييم والنهج الذي انتشر مؤخرا سيهوي بالدراما أيا كان نوعها أو جنسيتها، ويفرّغ النتاج الفني من عناصره وحوامله الأساسية».
وعن دراما السيرة الذاتية تقول ديمة: «إنها تغريني جدا ولم أحظَ بفرصة عمل منها، وأتمنى بل أحلم بتقديم شخصية المغنية العالمية (داليدا) بمسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي».
وتمتلك ديمة صوتا جميلا استخدمته في مسلسلات تَطلَبَ دورها فيها الغناء، وكذلك في البرنامج التلفزيوني المعروف «شكلك مش غريب»، وهي تغني باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية. كما تحب ديمة الأعمال الكوميدية، وأن تكون مشاركة فيها - شاركت في «بقعة ضوء» وفي الجزء الثالث من مسلسل «صبايا»، حيث قدمت شخصية كوميدية طريفة خاصة بها - لكنها تنظر للكوميديا على أنها خطيرة. كما عبرت عن عدم ممانعتها في تقديم برنامج تلفزيوني على أن يكون ذا مضمون ثقافي عام ويقدم فائدة للناس.
وبسؤالها ما إذا كانت تمتلك هواية أدبية أجابت: «يا ريت.. أنا أكتب فقط بضع خواطر وأنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي المنوعة».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».