البنوك الخليجية تستهدف التوسعات الإقليمية لتوظيف فائض السيولة

صعود صافي الأرباح مدعومًا بارتفاع الموجودات

البنوك الخليجية تستهدف التوسعات الإقليمية لتوظيف فائض السيولة
TT

البنوك الخليجية تستهدف التوسعات الإقليمية لتوظيف فائض السيولة

البنوك الخليجية تستهدف التوسعات الإقليمية لتوظيف فائض السيولة

يسعى قطاع الخدمات المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي لاقتناص فرص استثمارية خارج الحدود، لتنفيذ خطط توسعية، نتج عنها مؤخرًا عمليات استحواذ واندماجات كبيرة.
ومع زيادة طلبات الائتمان لدى البنوك في المنطقة، وتوقعات النمو المستقبلية التي تبدو جاذبة للقطاع المصرفي خاصة على المدى المتوسط، توسعت نظرة البنوك الخليجية لتتخطى الحدود من خلال التوسع إقليميًا وعالميًا. وكانت آخر عمليات اقتناص الفرص تتمثل في استحواذ البنك الأهلي الكويتي خلال الشهر الحالي، على بنك «بيريوس - مصر». ولم يستغرق تنفيذ الصفقة سوى 6 أشهر للانتهاء من إجراءات نقل الملكية والأسهم، إذ تم الإعلان عن نية الشراء من جانب «الأهلي الكويتي» في مايو (أيار) 2015، لتنتهي في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بقيمة تبلغ 150 مليون دولار أميركي، على أن يتم تغيير اسم البنك ليصبح «البنك الأهلي الكويتي - مصر» بعد موافقة الجهات الرسمية على الاسم الجديد، وتعميمه على جميع فروع البنك وعددها 39 فرعًا خلال النصف الأول من عام 2016.
وتأتي هذه الصفقة بعد استحواذ بنك قطر الوطني على بنك «سوستيه جنرال - مصر» بقيمة تبلغ 2.5 مليار دولار. في إطار سعي مجموعة QNB لتحقيق هدفها بأن تصبح العلامة المصرفية المتميزة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بحلول عام 2017. كما قام بنك الإمارات دبي الوطني، بالاستحواذ على أسهم بنك «بي إن بي باريبا - مصر» في صفقة قدرت بنحو 500 مليون دولار.
محمد النجار، مسؤول قطاع التجزئة المصرفية في بنك مصر، يوضح لـ«الشرق الأوسط» أهمية وجود البنوك الخليجية في أسواق مصر وشمال أفريقيا لتنويع المعروض أمام المستهلك العربي، مشيرًا إلى أن «توسع البنوك الخليجية خلال الفترة الأخيرة يعني أن لديهم فائضًا ماليًا محققًا من أسواقهم المحلية، ويسعون لأفضل استثمار له في الأسواق الإقليمية». وأضاف النجار أن «بنوك الخليج مثل الإمارات الوطني وأبوظبي الإسلامي تركز أولاً في الأسواق التوسعية على القروض الشخصية، من خلال تسهيلات ائتمانية، وهو ما يجذب الأفراد».
ويبدو أن مضاعفة ربحية القطاع المصرفي في الشرق الأوسط يثير شهية المستثمرين لاقتناص الصفقات، بعد أن حققت معظم البنوك أرباحا أعلى من التوقعات، فضلاً عن النمو القوي للإيرادات، وارتفاع إقراض الشركات.
ووفقًا لتقرير بنك الاستثمار الإقليمي «بلتون» عن البنوك للربع الثاني من العام الحالي، فإن أرباح البنوك «تجاوزت توقعاتنا تقريبًا بسبب تسجيل أرباح جيدة من الفوائد ومن غير الفوائد، مما أدى لنمو غير متوقع بالإيرادات. فقد ارتفع إجمالي الأرباح بنسبة 30 في المائة مقارنة بالربع الثاني لعام 2014».
وجاء نمو صافي الأرباح بدعم من ارتفاع الإيرادات بقوة، سواء على مستوى صافي أرباح الفوائد أو الأرباح من غير الفوائد. كما ارتفع المعدل السنوي لمتوسط العائد على حقوق المساهمين إلى 25 في المائة في الربع الثاني لعام 2015، من 21 في المائة في الربع الثاني لعام 2014.
وكشف نمو البنوك الخليجية عن عملية توسع ضخمة في ميزانيتها العمومية، مما يعكس نمو الاقتصادات الإقليمية، بجانب توسع بعض البنوك في المنطقة للدخول في أسواق أخرى لتعزيز النمو، ونمت أصول البنوك القطرية بنسبة 19.73 في المائة، نتيجة عمليات الاستحواذ الضخمة التي ضمت استحواذ بنك قطر الوطني على أسهم بنك «سوسيتيه جنرال - مصر» وتوسع بنك التجاري القطري في تركيا، فضلاً عن الأرباح العالية التي حققتها البنوك السعودية، بحسب مجلة «ذى بانكر». وجاءت السعودية في المرتبة الثانية من حيث الهيمنة المصرفية في القائمة لثلاثة بنوك هم الأعلى نموًا في الأرباح قبل الضريبة مع حساب العائد على رأس المال.
وتتزايد فرص توسع البنوك الخليجية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، على خلفية تنامي التعاملات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي وأفريقيا، إذ نمت من نحو 7 مليارات دولار عام 2004 إلى خمسة أضعاف في عام 2014، لتصل إلى 35 مليار دولار.
وتبلغ حصة الدول الخليجية من الاستثمار الأجنبي المباشر إلى أفريقيا نحو 9.1 في المائة من إجمالي التعاملات في العام الماضي. ويخطط بنك دبي الإسلامي لبدء عمليات مصرفية في كينيا قبل نهاية العام الحالي.
كما يظهر ذلك الاهتمام جليًا في تحرك بنك قطر الوطني على المستوى الإقليمي، إذ بدأ البنك حملته في شمال أفريقيا من خلال الاستحواذ على حصة 49 في المائة في بنك التجارة والتنمية في ليبيا عام 2012، وبعد سنة واحدة اشترى الأسهم المتبقية في بنك الاستثمار التونسي القطري، وهو مصرف يمتلك فيه حصة كبيرة منذ عام 1982. لتأتي عملية الاستحواذ الأكبر من قبل البنك على «سوسيتيه جنرال - مصر» في عام 2013، كما وقع مذكرة تفاهم بشأن التعاون مع بنك «التجاري وفا» المغربي في نفس العام.
وينوي بنك البركة الإسلامي البحريني التوسع في دول المغرب العربي وليبيا ومصر العام المقبل، بحسب عدنان يوسف الرئيس التنفيذي لبنك البركة الإسلامي البحريني، الذي توقع في تصريحات صحافية أن يكون 2016 عامًا جيدًا لخطط التوسع في دول شمال أفريقيا وفتح نحو 50 فرعًا جديدًا.
واحتفظت وكالة موديز للتصنيف الائتماني بنظرتها المستقبلية المستقرة للنظام المصرفي السعودي، وقالت إنه رغم استمرار هبوط أسعار النفط، فمن المتوقع أن تحافظ البنوك السعودية على مرونة الأرباح والسيولة الوفيرة وأن تدعم عمليات الائتمان القوية. وقالت «موديز» يوم الاثنين، إن تلك النظرة تعكس توقعاتها بتطور الجدارة الائتمانية للمصارف السعودية خلال 12 إلى 18 شهرًا المقبلين، متوقعة أن يبلغ نمو الائتمان المصرفي ثمانية في المائة في 2015، وخمسة في المائة في 2016.
وبلغت رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية في الشرق الأوسط نحو 182 مليون دولار أميركي خلال الربع الأول من العام الحالي، بنمو 20 في المائة مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي.

*الوحدة الاقتصادية لـ«الشرق الأوسط»



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».