تأجيل إعلان موعد محادثات السلام وولد الشيخ مستمر في حواراته مع الحوثيين والحكومة اليمنية

ياسين لـ(«الشرق الأوسط») »: السياسة الخارجية اليمنية تتوافق مع السعودية والإماراتية

جنود موالون للحكومة يجوبون شوارع مأرب خلال زيارة خالد بحاح نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء للمدينة (رويترز)
جنود موالون للحكومة يجوبون شوارع مأرب خلال زيارة خالد بحاح نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء للمدينة (رويترز)
TT

تأجيل إعلان موعد محادثات السلام وولد الشيخ مستمر في حواراته مع الحوثيين والحكومة اليمنية

جنود موالون للحكومة يجوبون شوارع مأرب خلال زيارة خالد بحاح نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء للمدينة (رويترز)
جنود موالون للحكومة يجوبون شوارع مأرب خلال زيارة خالد بحاح نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء للمدينة (رويترز)

وسط تأكيدات من جانب الحكومة اليمنية لاستعداها لبدء مفاوضات لتحقيق السلام في اليمن بنية حسنة، والحرص على إيقاف الحرب في أقرب وقت، إلا أنه لا تبدو في الأفق بوادر لإعلان قريب عن موعد لتلك المحادثات بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي وأنصار صالح التي تأجلت لأكثر من ثلاث مرات.
ويؤكد المسؤولون في الأمم المتحدة على الاستمرار في العمل لضمان عقد تلك المحادثات، ودفع وتعزيز جهود المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي عقد خلال الأيام الماضية لقاءات مع الحوثيين في العاصمة العمانية مسقط ولقاءات مع الحكومة اليمنية ونائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء خالد بحاح في العاصمة السعودية الرياض.
وخرج إسماعيل ولد الشيخ بتصريحات تؤكد تقدم المحادثات مع الحوثيين واعترافهم بالقرارات الأممية، إلا أن هناك حالة من الضبابية والغموض تسود أجواء تلك المحادثات مع الحوثيين، وتضاربا حول موقفهم ومطالبهم وأفكارهم التي يطرحونها لما يسمونه وقف العدوان وإقامة حوار سياسي.
وأكد خالد بحاح، نائب الرئيس اليمني، رئيس الوزراء، أن قادة الدولة اليمنية جاهزون ومستعدون للسلام بنيات صادقة، وأنهم حريصون على إيقاف الحرب في أقرب وقت ممكن.
وأوضح بحاح خلال استقباله إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي لليمن، في الرياض أمس، لبحث التحضيرات النهائية مع الوفد الحكومي اليمني للمشاورات المقبلة مع الانقلابين، أن جميع قوى التحالف تسعى إلى عودة الأمن والاستقرار إلى اليمن «كوننا جميعا أمام فرصة مواتية لصنع سلام حقيقي ودائم»، وأضاف: «على الوفد الحكومي الرسمي أن لا يعود من مهمته المقبلة إلا بذلك، فالجميع على أتم الاستعداد لتقديم ما يمكن من أجل استعادة الدولة وترسيخ الأمن والاستقرار في كل أرجاء الوطن».
وقال نائب الرئيس اليمني إن هناك طرفا واحدا هو المعتدي وهو من يمارس الإرهاب بقتل المدنيين في مختلف المحافظات والمدن اليمنية وهو من تسبب في الدمار الذي لحق بعدد من المحافظات. وأشار بحاح إلى أن ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية هم من يتحملون استمرار نزيف الدم والدمار الذي حل باليمن منذ بداية الحرب، وأن انقلابهم على الدولة ومؤسساتها أوجد الفراغ وأتاح الفرصة للجماعات الإرهابية كي تنشط في عدة مناطق في البلاد.
من جهة أخرى، أوضح إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي لليمن أنه التقى بالطرف الآخر من الانقلابين، وأكد اعترافهم بالقرارات الأممية، وأنه سيجري خلال المشاورات القادمة بحث الآلية العملية لتنفيذ تلك القرارات لإنهاء الحرب التي يعيشها اليمن منذ انقلاب جماعة الحوثي صالح على الدولة وإسقاط العاصمة صنعاء.
وأشار مسؤول دبلوماسي إلى أن الكرة في ملعب الحوثيين الذين يماطلون في الاستجابة لمطالب المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ ويتفننون في المجيء بمطالب جديدة في كل مشاورات تجري بينهم وبين ولد الشيخ.
وأشار المسؤول الدبلوماسي إلى أن قادة الحوثيين لم يظهروا أي نية صادقة في تطبيق القرار 2216 ويقومون بمواصلة عملياتهم العسكرية ضد المدنيين وبصفة خاصة في مدينة تعز. ويضيف المسؤول الدبلوماسي أن هناك ضغوطا من دول دائمة العضوية في مجلس الأمن لحث الحوثيين على خوض المحادثات المباشرة وتشكيل لجنة فنية للتشاور حول أجندة المحادثات وآلية تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 والقرارات ذات الصلة ومخرجات الحوار الوطني، وتطالب تلك الدول بتحركات سريعة لإنهاء الحرب.
وقال فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدينا بعد موعد لمحادثات السلام، لكن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد يواصل جهوده وسفرياته ما بين الرياض ومسقط لإجراء المحادثات مع الأطراف اليمنية حول عقد محادثات مباشرة». وأضاف حق: «ما زلنا نأمل في إمكانية عقد تلك المحادثات قريبا».
من جانب آخر، اتهم ستيفن أوبراين نائب الأمين العام للشؤون الإنسانية والإغاثة جماعات الحوثيين بمنع وعرقلة وصول شحنات المساعدات الإنسانية للسكان في تعز، حيث يعيش أكثر من 200 ألف يمني تحت حصار الميليشيات الحوثية. ورفض أوبراين الممارسات الحوثية، وقال في بيان متهما بشكل علني الحوثيين: «على الرغم من المحاولات المتكررة من قبل وكالات الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني للتفاوض لضمان وصول المساعدات، فإن شاحناتنا ظلت عالقة عند نقاط التفتيش وسمح الحوثيون بدخول مساعدات محدودة جدا، بينما يحظرون دخول الإمدادات الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى مدينه تعز، وهذا الأمر غير مقبول». وأضاف: «لدي قلق من التقارير التي تفيد بأن المساعدات الموجهة إلى تعز تم تحويلها بعيدا دون أن تصل إلى السكان في المدينة، وأدعو جميع الأطراف لتسهيل وصول المساعدات دون مزيد من التأخير». وأبدى أوبراين قلقه من الوضع الإنساني المتدهور لليمنيين الذين يعيشون في مدينة تعز، مشيرا إلى أنهم في حاجة ماسة إلى مياه الشرب والغذاء والعلاج الطبي.
وفي ذات السياق كشف الدكتور رياض ياسين وزير الخارجية اليمني أمس لـ«الشرق الأوسط» أن مباحثاته مع الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي في ابو ظبي التي يزورها حاليا, تضمنت أن تكون السياسة الخارجية للحكومة اليمنية الشرعية في القضايا الدولية والإقليمية متوافقة مع وجهة النظر السعودية والإماراتية بشكل خاص ومنظومة دول الخليج العربي بشكل عام، مشيرًا إلى أن لقاءه أمس تضمن أيضًا الدعم الإماراتي اللوجيستي في ميناء عدن لاكتمال إعادته إلى الحركة الملاحية العالمية.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».