مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: كيري لم يحمل لعباس إجابات مقنعة

دخل مع نتنياهو في «حوار طرشان» واستنكر الفلسطينيون انحيازه

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يستقبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي وصل إلى رام الله أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يستقبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي وصل إلى رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: كيري لم يحمل لعباس إجابات مقنعة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يستقبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي وصل إلى رام الله أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يستقبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي وصل إلى رام الله أمس (أ.ف.ب)

قالت مصادر فلسطينية، لـ«الشرق الأوسط»، إن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لم يحمل معه في لقائه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في رام الله، أمس، الإجابات المرجوة.
وكان عباس ينتظر إجابات من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عن أسئلة قدمها لكيري خلال لقائهما في عمان الشهر الماضي، وتتمحور حول موقف نتنياهو من حل الدولتين وترسيم الحدود، ورفض طلبات لعباس مثل تجميد الاستيطان، وإطلاق سراح الأسرى، والربط بين ذلك وبين الاعتراف الأميركي بحق إسرائيل بالكتل الاستيطانية من جهة، والهدوء على الأرض من جهة ثانية.
وأكدت المصادر أن كيري لم يحصل على شيء من نتنياهو ليقدمه للرئيس عباس، سوى الحث على الهدوء، من أجل دفع اقتراحات تتعلق بتقوية السلطة، ودعم اقتصادها، وتوسيع نفوذها، والسماح لها بالبناء في مناطق «ج». وأكد مقربون من الرئيس الفلسطيني أنه لا يتوقع شيئا من الإدارة الأميركية في المدى المنظور، حاله حال الفلسطينيين جميعا.
وقد استقبل الفلسطينيون زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لرام الله بالهتاف «أميركا هي هي.. أميركا رأس الحية»، وذلك خلال وقفة احتجاجية قرب مقر المقاطعة في المدينة، حيث جرى لقاء عباس وكيري، شارك فيها مسؤولون من حركة فتح التي يتزعمها عباس نفسه، في إشارة إلى الغضب الفلسطيني الرسمي من دور كيري «السلبي» في المنطقة. وقد هتف الفلسطينيون ضد كيري والسياسة الأميركية، ورفعوا لافتات لأطفال أعدمتهم إسرائيل أو اعتقلتهم، كتب عليها «هذا هو نتاج الانحياز الأميركي».
وصب المتظاهرون جام غضبهم على كيري لإدانته العمليات الفلسطينية ضد إسرائيل، ووصفه لها بالإرهابية، أثناء لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس. وانتقدت الفصائل الفلسطينية مجتمعة سياسة كيري وتصريحاته. وكان لافتا أن محمود العالول، القيادي الكبير في فتح ومساعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومسؤول التعبئة والتنظيم، كان يتقدم مسيرة الاحتجاج ضد زيارة كيري في رام الله، كما تقدمها مسؤولون من فتح في مدن أخرى بينها نابلس. كما دانت حركة حماس تصريحات كيري التي وصف فيها الانتفاضة الفلسطينية بالعمل الإرهابي. وقال سامي أبو زهري، الناطق باسم الحركة، في بيان، إن هذه «التصريحات (هي) دليل على سوء النوايا الأميركية ودعمها المطلق للإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين». وأضاف: «زيارة كيري غير مرحب بها»، داعيا السلطة إلى رفض الزيارة لأنها «تمثل إساءة لدماء الشهداء واستفزازا لمشاعر شعبنا».
وحذرت كذلك الجبهة الشعبية من التعاطي مع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، خلال زيارته إلى المنطقة، قائلة إن الزيارة تستهدف «الضغط على الجانب الفلسطيني لوقف الانتفاضة، والعودة مرة أخرى إلى دوامة المفاوضات العبثية والضارة، والتعاطي مع القضايا الأمنية التي يسعى الاحتلال إلى تكريسها من أجل الخروج من المستنقع الذي أوقعته الانتفاضة به».
ومن جهته، قال القيادي في الجبهة الديمقراطية أبو ليلى (قيس السامرائي) إن التصريحات التي أدلى بها كيري تعبر عن حقيقة الانحياز الأميركي الكامل للرواية الإسرائيلية، وتجاهل الجرائم البشعة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق شعبنا بشكل يومي. ودعا أبو ليلى إلى وقف استمرار الرهان على الدور الأميركي، لأن ذلك «شكل من أشكال إضاعة الوقت والمراهنة على سراب». وأضاف أن «ما تبحثه الإدارة الأميركية مع حكومة نتنياهو تحت عنوان إجراءات بناء الثقة، ليس سوى رشى قصيرة الأمد، عاجزة حتى عن معالجة الأزمة في الوضع الاقتصادي، فضلا عن كونها لا تعالج جوهر المشكلة المتمثل في استمرار الاحتلال واستشراء الاستيطان».
ووصفت وسائل الإعلام اللقاء بأنه كان أقرب إلى حوار الطرشان، وأن كيري اضطر إلى تغيير الموضوع، وانتقل إلى الحديث عن الوضع السوري، ثم العلاقات بين البلدين.
كذلك التقى كيري مع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفيلين، ورئيس المعارضة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ، قبل أن يتوجه إلى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس.



انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
TT

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

أعادت وكالة أممية حديثها عن تسرب ملايين الأطفال من التعليم، وتدمير آلاف المدارس في اليمن، بينما تتعسف الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم، وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً، بالتزامن مع إجبار طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية، وسط اتهامات داخلية للجماعة بالتآمر على قطاع التعليم.

ورفض نادي المعلمين اليمنيين ما سماه «سياسة التجويع» التي اتهم الجماعة الحوثية بممارستها ضد التربويين، مطالباً بعدم الانخداع بـ«أنصاف الحلول وفتاتها»، مع دعوته إلى صرف رواتب المعلمين كاملة، ومعها كامل المستحقات الأخرى، وذلك إثر استثناء الجماعة الحوثية قطاع التعليم من نصف الراتب الشهري الذي تعهدت به للموظفين العموميين.

ودعا الكيان النقابي المعلمين والأكاديميين والموظفين العموميين وعموم قطاعات المجتمع إلى الثورة في مواجهة ممارسات الجماعة الحوثية ورفض «حياة العبودية».

من داخل مدرسة في تعز تعمل «اليونيسيف» على إعادة إلحاق الطالبات المتسربات للدراسة فيها (الأمم المتحدة)

وعدّ النادي المطالبة بالراتب الكامل حقّاً أصيلاً، وليس ترفاً، مشدداً على أن كرامة المعلم لا ينبغي أن تكون رهينة لسياسات عمياء تُغلق الأبواب في وجه العدالة، في حين أعلنت مكاتب التربية الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية رفضها القاطع لاستثناء الإداريين في مكاتب التربية من صرف نصف الراتب الشهري.

وتعرضت الإجراءات الحوثية بشأن صرف رواتب الموظفين العموميين، التي أعلنت عنها منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي لانتقادات حادة، كونها تعتمد على التمييز وتصنيف الموظفين إلى فئات، ما يؤدي إلى اختلالات عميقة، وتمييز حاد بين هذه الفئات.

وحذّر الناشط الحوثي طه الرزامي من تقسيم الموظفين إلى فئات (أ) و(ب) و(ج)، لصرف الرواتب لهم بحسب هذا التصنيف الذي قال إنه «سيولد الحقد والكراهية بين من يعملون من الفئة (ج) ولا تُصرف لهم أنصاف رواتب إلا كل ثلاثة أشهر، وبين من يستلمون رواتب شهرية كاملة من الفئة (أ) دون أن يعملوا».

ووصف إسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين القدامى ذوي الخبرة والكفاءة من قوائم صرف الرواتب بالجريمة التي ترتكب بحقهم بعد معاناتهم وعائلاتهم لتسع سنوات.

إيقاف الدراسة للتجنيد

اتهم القيادي الحوثي علي عبد العظيم، وكنيته أبو زنجبيل الحوثي الجماعة التي ينتمي لها، باستهداف قطاع التربية والتعليم وإهماله، إثر استثناء موظفيه من كشوفات صرف نصف الراتب الشهري الذي كانت تعهدت به لجميع موظفي الدولة في مناطق سيطرتها، واصفاً ذلك بالمؤامرة على التعليم، خصوصاً مع عدم إبداء الأسباب، وتجاهل مطالب المعلمين.

ويقود نادي المعلمين اليمنيين إضراباً منذ بداية العام الدراسي للمطالبة بصرف رواتب المعلمين، واعترض على تعرض قادته وعدد من المنتمين إليه خلال هذه الفترة لإجراءات عقابية حوثية، مثل الاختطاف والإخفاء القسري، واتهامهم بالخيانة والعمالة والتآمر، وقد توفي عدد من الخبراء التربويين في السجون.

في غضون ذلك أجبرت الجماعة الحوثية عشرات المدارس في مناطق سيطرتها على التوقف عن الدراسة لإلزام مئات الطلاب والمدرسين على المشاركة في دورات قتالية للتدرب على استخدام الأسلحة في أفنية المدارس.

ونقلت مصادر محلية في مدينة الحديدة الساحلية الغربية عن مدرسين وأولياء أمور الطلاب أن المدارس تحولت إلى مراكز حوثية لاستقطاب الأطفال وإغرائهم أو ترهيبهم للانضمام للجماعة والمشاركة في فعالياتها التدريبية والدعوية، تحت مزاعم مواجهة الغرب وإسرائيل.

منذ بداية العام الدراسي الماضي يواصل المعلمون اليمنيون إضرابهم للمطالبة برواتبهم (إكس)

وتنوعت وسائل الترهيب والإغراء للطلاب وأولياء أمورهم، حيث يجري استغلال الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة وخزانات النفط لإقناعهم بأن هدف هذه العمليات هو إخضاع اليمنيين، إلى جانب عرض إعفائهم من الرسوم الدراسية، وزيادة درجات تحصيلهم الدراسي في حال المشاركة في تلك الأنشطة، والتهديد بزيادة الأعباء المالية والحرمان من الدرجات عقاباً على التغيب أو التهرب منها.

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة مشابهة وموازية يتعرض لها طلاب الجامعات العمومية، وخصوصاً جامعة صنعاء وكادرها التدريسي والوظيفي، ضمن مساع لاستقطاب وتجنيد الآلاف من الشباب والأطفال.

تأهيل أممي للمدارس

أعلنت «اليونيسيف» أن تداعيات الصراع المسلح في اليمن منذ أكثر من عقد من السنوات تسببت بتسرب أكثر من 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، حيث خلّفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمين والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وأوضحت المنظمة الأممية أنها وشركاءها من أجل التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين من الأطفال، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، نظراً لأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

أطفال نازحون يدرسون في مبنى مهجور بمحافظة الحديدة الغربية (أ.ف.ب)

ونبهت «اليونيسيف» من تأثير النزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن، وتجزئة نظام التعليم الذي وصفته بأنه شبه منهار، وقالت إن ذلك كان له أثر بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكل الأطفال في سن الدراسة، البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

وأحصت المنظمة تدمير 2,916 مدرسة، بواقع مدرسة واحدة على الأقل، من بين كل 4 مدارس، أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية بسبب النزاع الذي تشهده البلاد.

ويواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين، ما يقارب 172 ألف معلم ومعلمة، على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ 2016، أو أنهم انقطعوا عن التدريس؛ بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.

وأشارت المنظمة إلى اضطرار المدارس لإغلاق أبوابها أمام الطلاب بسبب تفشي جائحة «كورونا» منذ خمسة أعوام، ما تسبب في تعطيل العملية التعليمية لحوالي 5.8 مليون طالب، بمن فيهم 2.5 مليون فتاة.