المعارضة السورية تؤكد مقتل أحد الطيارين ومصير الثاني لا يزال مجهولاً

متحدث باسم «ثوار سوريا»: رصدنا أحدهما يتصل بقيادة مطار حميميم

المعارضة السورية تؤكد مقتل أحد الطيارين ومصير الثاني لا يزال مجهولاً
TT

المعارضة السورية تؤكد مقتل أحد الطيارين ومصير الثاني لا يزال مجهولاً

المعارضة السورية تؤكد مقتل أحد الطيارين ومصير الثاني لا يزال مجهولاً

أكدت المعارضة السورية بالصوت والصورة أنّ أحد الطيارين الروسيين أصبح في عداد القتلى وأن جثته لدى «الجيش الحر»، وأن البحث لا يزال جاريا لمعرفة مصير الطيار الثاني، الذي كان على متن المقاتلة الروسية التي أسقطتها طائرات حربية تركية في سوريا قرب الحدود أمس.
وفي حين قال الباسلان جيليك، نائب قائد لواء للتركمان السوريين قرب قرية «يمضيه» السورية أن عناصر الفصيل قتلوا بالرصاص الطيارين في الجو، قال مسؤول في الحكومة التركية لوكالة «رويترز» إن «تركيا تعتقد أن الطيارين على قيد الحياة، وأن بلاده تعمل على الإفراج عنهما من قبضة المعارضة السورية».
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الروسية إن المعلومات الأولية تشير إلى أن الطيارين اللذين كانا على متنها تمكنا من الخروج من الطائرة.
وقال عمر الجبلاوي المتحدث باسم ثوار سوريا في اللاذقية، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «آخر المعلومات التي وصلنا إليها عبر أجهزة الرصد اللاسلكية كانت أن الطيار الثاني لا يزال حيًا وتواصل مع قيادته في مطار حميميم، في محاولة منه للوصول إلى منطقة آمنة تحت سيطرة النظام، وقد عمّم مركز الرصد علينا للبحث عنه في الأحراج المجاورة في منطقة عطيرا، حيث وقع زميله الذي نقلت جثته إلى غرفة عمليات مشتركة بين الفصائل قبل أن تنقطع إمكانية رصده، وهو ما يفسرّه المقاتلون على أنّه إما قتل متأثرا بإصابته أو وصل إلى منطقة تابعة للنظام».
وأشار الجبلاوي الذي كان حاضرا على الحادث إلى أن «الأتراك استهدفوا الطائرة في المرة الثالثة لمحاولتها قصف مناطق الاشتباك في جبل التركمان، وعندها عمد المقاتلون إلى إطلاق الرصاص على المظلات، كعادتهم، على اعتبار أنّه إذا سقط الطيارون في منطقة النظام يكونون قد فارقوا الحياة، لكن ما حصل أن الطيار الأول سقط في منطقة يوجد فيها المعارضة وفقد الثاني»، مشيرا إلى أن آثار الرصاص كانت واضحة على رأس وجثة الطيار الميت.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «مروحيات روسية تمشط المنطقة الفاصلة بين جبل التركمان (ريف اللاذقية الشمالي) وكسب، وهو المكان الذي يعتقد أن الطيار الروسي الثاني سقط فيه».
وبحسب الجبلاوي، فإن 3 فصائل تابعة لـ«الجيش الحر» تقاتل بشكل رئيسي في جبل التركمان، هي الفرقة الأولى والثانية، إضافة إلى اللواء العاشر، موضحا أنّ «الفرقة الثانية» هي الفصيل التركماني الذي أعلن نائب قائده مسؤوليته عن قتل الطيارين، ويعمل تحت لواء «الحر»، وكان قد تأسس قبل نحو سنة ونصف السنة.
وقد نشر موقع «إنفورم نابالم» معلومة أوليّة عن الطيار الروسي الذي تحطّمت مقاتلته بعد أن استهدفتها صواريخ أرض - جو تركيّة، قائلا إن الرائد روميانتسيف سيرغي ألكساندروفيتش، يحتمل أن يكون الطيّار الذي قتل في تحطّم طائرته. وذكر الموقع أنّ الرقم التسلسلي للرائد هو «0715323» وينتمي إلى الوحدة العسكريّة رقم «69806»، شليابينسك في روسيا.
وكان تسجيل فيديو نشرته مواقع معارضة، أظهر شخصًا مُلقى على الأرض قال مقاتلو المعارضة إنه طيار روسي وقد فارق الحياة فيما يبدو. وسُمعت أصوات في الفيديو في حين تحيط مجموعة من الأشخاص بالطيار وهو على الأرض. وقال أحدهم: «الطيار الروسي. هذا الطيار الروسي. الله أكبر».
والزي العسكري الذي يرتديه الرجل الظاهر في الفيديو يتطابق مع صور أصدرتها في وقت سابق وزارة الدفاع الروسية وأرشيف صور لطيارين روس يعملون من قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية بسوريا.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.