القائد العسكري لـ«العمال الكردستاني»: تعنت تركيا يضر بقتال تنظيم داعش

بايك أكد أن أنقرة أغلقت جميع قنوات التفاوض مع حزبه

القائد العسكري لـ«العمال الكردستاني»: تعنت تركيا يضر بقتال تنظيم داعش
TT

القائد العسكري لـ«العمال الكردستاني»: تعنت تركيا يضر بقتال تنظيم داعش

القائد العسكري لـ«العمال الكردستاني»: تعنت تركيا يضر بقتال تنظيم داعش

اتهم جميل بايك، القائد العسكري البارز في حزب العمال الكردستاني، تركيا بأنها تضر بـ«تعنتها» بجهود الحرب ضد تنظيم داعش. وأضاف بايك، وهو يجلس رابط الجأش رغم تحليق مقاتلة تركية فوقه في منطقة جبل قنديل في كردستان العراق، أن الصراع بين حزبه والسلطات التركية يقوض هذه الجهود.
وقال بايك إن حزب العمال الكردستاني، وحليف له بسوريا، قد أثبتا أنهما أفضل قوات يمكنها مواجهة ذلك التنظيم المتشدد الذي تقود الولايات المتحدة حملة عسكرية ضده بهدف «إضعافه والقضاء عليه».
لكنه أيضا - وهو أبرز شخصية من الحزب على قوائم المطلوبين التركية - يقول لـ«رويترز» إن انهيار عملية سلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني تضر بتلك الجهود. وأضاف في مقابلة مع وكالة «رويترز»، حين سئل عن أفق استئناف المحادثات الرامية لإنهاء الانتفاضة المسلحة للحزب التي بدأت قبل ما يزيد على 30 عاما ضد أنقرة: «جميع القنوات أغلقت.. لقد قضوا على أسس أي عملية تفاوض».
وتعللت تركيا بزيادة هجمات حزب العمال الكردستاني ضد قواتها الأمنية لتستأنف قصف المسلحين في يوليو (تموز) الماضي، واستهدفتهم في جنوب شرقي البلاد وعبر الحدود في شمال العراق حيث قواعدهم.
وقال بايك، بينما كان يجلس على كرسي بلاستيكي تحت الشمس، بعد أن استهدفت الغارات الجوية التركية مواقع قريبة تابعة لحزب العمال الكردستاني خلال الليل، إنه «لم تعد هناك اتصالات.. لا مباشرة ولا غير مباشرة مع الدولة التركية».
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في وقت سابق هذا الشهر، بملاحقة حزب العمال الكردستاني حتى آخر مقاتل في صراع حصد أرواح أكثر من 40 ألف شخص. وبتجدد القتال تعقد دور تركيا في القتال الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش».
ورغم أن انخراط حزب العمال الكردستاني في القتال ضد «داعش» قد حسن صورته، فإنه لا يزال مصنفا كجماعة إرهابية من قبل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي تقول إن لتركيا الحق في الدفاع عن نفسها بضرب المتشددين. ولعب مقاتلو حزب العمال الكردستاني دورا في هجوم نفذ في الفترة الأخيرة وانتهى بطرد مقاتلي «داعش» من بلدة سنجار في شمال غربي العراق وقطع طرق إمداد حيوية للتنظيم.
وفي صيف 2014 ساعد مقاتلون من فصيل سوري حليف لحزب العمال الكردستاني في إنقاذ إيزيديين عراقيين من قبضة مقاتلي «داعش» الذين سعوا لقتلهم.
ولمقاتلي حزب العمال الكردستاني وجود بسيط نسبيا على خط المواجهة في شمال العراق إلى جانب قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، المتمتع بحكم ذاتي وتربطه بتركيا علاقات جيدة.
لكن في سوريا، أثارت وحدات حماية الشعب الكردية مخاوف أنقرة بظهورها كحليف أساسي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة برده مقاتلي «داعش» على أعقابهم في الشمال الشرقي، وإعلان منطقة إدارة ذاتية في منطقة تجاور الحدود مع تركيا.
وتعد تركيا وحدات حماية الشعب الكردية جماعة إرهابية تماما كحزب العمال الكردستاني، وتخشى أن تؤدي مكاسب تحققها هذه القوات إلى إذكاء المشاعر الانفصالية وسط الأكراد. واستهدفت تركيا وحدات حماية الشعب الكردية مرات كثيرة بعدما تقدمت لمناطق في غرب نهر الفرات بسوريا، وهو خط أحمر بالنسبة لأنقرة؛ إذ قد يؤدي للسيطرة على الحدود كاملة.
واتهم بايك الرئيس التركي باستغلال تعاون بلاده ضد «داعش»، وفي أزمة اللاجئين، للحصول على دعم غربي لسياساته، وبينها الحرب على حزب العمال الكردستاني. وقال بايك إنه باستيعاب المطالب التركية يجد الغرب نفسه أمام سياسة متضاربة تضعف رده على تهديد «داعش» الذي يتطور كما اتضح في هجمات باريس الأخيرة. وأضاف: «إنهم (الغرب) لا يريدون أن يكونوا في صراع مع تركيا أو الأكراد، ومن ثم فهم يقومون بموازنة الأمر، ولكن هذا ليس أمرا سويا. إذا لم تحل قضية الأكراد (في تركيا) فلن تحل مشكلة (داعش)». وتابع: «ما حدث في باريس رسالة واضحة على أن هذه السياسة (الموازنة بين تركيا والأكراد) لا يمكن أن تستمر».
وقال بايك إن حزب العمال الكردستاني على اتصال بالولايات المتحدة بشكل غير مباشر، لكنه يريد تأسيس علاقات مباشرة من أجل تنسيق الجهود ضد «داعش». وتابع: «إذا أراد (المجتمع الدولي) القضاء على (داعش) فعليه الإبقاء على القوة التي تجيد قتال (داعش)، وهي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب». ويرى بايك أن تدخل روسيا في سوريا غيّر بالفعل بشكل إيجابي من ميزان القوى، ولكن هناك أيضا جانبا سلبيا؛ إذ إن دافع موسكو الرئيسي هو دعم الرئيس السوري بشار الأسد. وأضاف: «هذا النظام يجب أن يتغير، ولكن أولا يجب التغلب على (داعش).. ما دام (داعش) موجودا لا يمكن أن يتغير النظام».
واتهم بايك الرئيس التركي بتعمد تأجيج الصراع لأهداف سياسية بعد أن ساعد حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد في حرمان حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي له إردوغان من الأغلبية في البرلمان. واستعاد حزب العدالة والتنمية الأغلبية في الانتخابات المبكرة التي أجريت في وقت سابق من الشهر الحالي، إلا أن القصف مستمر.
واتهم بايك أيضا الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يهيمن على كردستان العراق والقريب من تركيا بمساعدة أنقرة في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني بتقديم معلومات مخابراتية عن مواقع الحزب. ونفت السلطات الكردية العراقية ذلك من قبل.
وقال بايك إنه حتى تستأنف محادثات السلام يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار من الجانبين وأن يشرف طرف ثالث على العملية اعتمادا على اتفاق (دولمة باهتشه) المؤلف من عشر نقاط، الذي وضع إطار اتفاق سلام في وقت سابق من العام الحالي بموافقة عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في جزيرة تركية منذ القبض عليه من 16 عاما، الذي يجب أن يكون في مقدمة أي عملية سلمية، علما بأنه ممنوع الوصول إلى أوجلان منذ الخامس من أبريل (نيسان). وقال بايك إنه في نهاية الأمر لا يمكن حل الصراع إلا بدستور جديد يتبنى حقوق الأكراد، مضيفا: «إذا قبلوا هذه الشروط، فنحن مستعدون.. سيوقفون (الحرب) عندما يدركون أنه لا يمكنهم القضاء على هذه الحركة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم