قطاع الإسكان السعودي موعود بنحو 53.3 مليار دولار سنويًا

توقعات بتسييل ملايين الأمتار والبحث عن قنوات استثمارية أخرى

عملية تثمين قيمة الأراضي ستتم عبر مثمنين عقاريين رسميين.. وفي الصورة إحدى المخططات العقارية المعروضة في الرياض للبيع («الشرق الأوسط»)
عملية تثمين قيمة الأراضي ستتم عبر مثمنين عقاريين رسميين.. وفي الصورة إحدى المخططات العقارية المعروضة في الرياض للبيع («الشرق الأوسط»)
TT

قطاع الإسكان السعودي موعود بنحو 53.3 مليار دولار سنويًا

عملية تثمين قيمة الأراضي ستتم عبر مثمنين عقاريين رسميين.. وفي الصورة إحدى المخططات العقارية المعروضة في الرياض للبيع («الشرق الأوسط»)
عملية تثمين قيمة الأراضي ستتم عبر مثمنين عقاريين رسميين.. وفي الصورة إحدى المخططات العقارية المعروضة في الرياض للبيع («الشرق الأوسط»)

قدر مختصون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أمس، حجم الرسوم التي من المتوقع تحصيلها من الأراضي البيضاء في السعودية، بنحو مائتي مليار ريال (53.3 مليار دولار) خلال العام الواحد، مؤكدين في الوقت ذاته أن قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء يعد أحدث إصلاح اقتصادي تطبقه الحكومة.
وكشف الدكتور عبد الله بن أحمد المغلوث، عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية في غرفه الرياض، أن الدخل المتوقع لفرض الرسوم على الأراضي البيضاء في المملكة سيلامس مائتي مليار ريال (53.3 مليار دولار) خلال العام الواحد، إذا قدرت المساحات التي لم تستغل وضربت في نسبة الزكاة، 2.5 في المائة، في حال كان معدل سعر المتر ألفي ريال (533.3 دولار) وهو متوسط سعر المتر في السعودية.
جاء ذلك بعد قرار مجلس الوزراء السعودي أمس فرض رسوم على الأراضي البيضاء الواقعة داخل النطاق العمراني للمدن، في أحدث إصلاح اقتصادي تطبقه الحكومة، بواقع 2.5 في المائة من قيمة الأرض في خطوة من شأنها أن تساعد الحكومة في جهودها لرفع نسبة تملك المواطنين للمساكن.
واستطرد المغلوث قائلا: «لدينا معدلات مساحات مرتفعة في الأراضي المطورة المهملة خصوصًا في المدن الرئيسية، فعلى سبيل المثال تلامس نسبة الأراضي غير المستغلة داخل النطاق العمراني في الرياض 50 في المائة، في حين تتجاوز 60 في المائة من إجمالي مساحات المنطقة الشرقية، وتحقق المنطقة الغربية وعلى رأسها جدة ومكة المكرمة النسبة الأعلى بما يلامس 65 في المائة غير مستغلة من إجمالي الأراضي المؤهلة».
وفي صلب الموضوع أكد ياسر المريشد، المستشار العقاري لكثير من الشركات العقارية المطورة، أن القرار سيحرك القطاع العقاري في البلاد، مضيفًا: «التنافس سيكون على أشده للتخلص من المساحات غير المستغلة، والقياس المبدئي لنبض السوق هو التخلص من الأراضي بأقل الخسائر دون الدخول في حرب أسعار، وهو ما يحرص عليه كبار المستثمرين».
ومن المتوقع أن يضخ القرار عشرات الملايين من الأمتار التي كانت متوقفة منذ سنوات، الأمر الذي سيدفع بميزان العرض إلى تحقيق فائض كبير، مما ينعكس إيجابا على الأسعار. ولقي القرار ترحيبا شعبيا كبيرا، جرى التعبير عنه على مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ إن توفير السكن من أولويات المواطنين الذين يعدون ملف الإسكان من أهم الملفات التي تواجههم في الحياة، إلا أن فرض الرسوم كان حدثا غير اعتيادي على مسامع القطاع العقاري الذي وصل إلى مستويات جنونية من التخبط.
وأضاف المريشد: «بحسب تأثير العقوبات لمن يتخلف عن دفع الرسوم، سيتم التحكم بحال السوق، فكلما كانت موجعة، سيتم جني نتائج أفضل وسيقل التهرب بشكل ملحوظ، خصوصًا أن القطاع متشعب ومتوسع ومن الصعب التحكم فيه بشكل كبير، إلا أن العقوبات الرادعة سوف تكون المرشد الأهم للمعترضين على القرار أو المتسيبين».
من جهته، أشار بندر التويم، الخبير العقاري، إلى أن هذا الوقت فرصة ذهبية للمستثمرين الصغار أو الراغبين في الشراء، حيث إن الضبابية الحاصلة الآن قد تكون مفيدة من ناحية نزول الأسعار أو التخوف مما قد سيحدث في السوق، خصوصًا أن هناك حديثا عن انفراط في الأسعار قد يحصل نتيجة تضخم كبير في الأسعار يقابله تضخم في حجم المساحات غير المستغلة التي يستهدفها القرار.
وحول قياسه مستقبل العقار وحتى تطبيق القرار، أوضح التويم أن «السوق ستبقى متوقفة عن الحركة ومتحفظة إلى درجة كبيرة لحين صدور الآلية التفصيلية التي ستعدها وزارة الإسكان، إلا أن هناك نقصا محتملا في معدل الأسعار، لكن التوقع بحال السوق صعب حاليًا، إلا أن ما يهم المستثمر هو أن القيمة العامة للعقار ستنخفض، إلا أن الاختلاف هو حول معدله ونسبته ووقته».
وستخصص الرسوم للصرف على مشروعات الإسكان وإيصال المرافق العامة وتوصيل الخدمات إليها. وستتولى وزارة الإسكان إعداد اللائحة التنفيذية للنظام خلال ستة أشهر، واللائحة التنفيذية للنظام ستحدد معايير تقدير قيمة الأرض والبرنامج الزمني لتطبيق الرسم بشكل تدريجي.
وأشار عبد العزيز الحربي، الخبير المالي، إلى أن فرض الضريبة على أرض الواقع هو المعيار الأساسي لقياس حال السوق بعيدا عن التكهنات التي انتشرت وأحدثت تشوشا بالسوق؛ إذ يؤكد أن السوق لا تزال حرة طليقة لا يقيدها شيء سوى انخفاض بسيط في القيمة، و«مقولة أن القطاع العقاري تأثر بفرض القرار، فهذا أمر سابق لأوانه وينتظر أن يطبق القرار فعليا، عندها سيفاجأ الجميع بتبعات القرار التي ستحدث انخفاضا كبيرا في الأسعار»، موضحا أن «النزول سيشمل الأفرع العقارية الأخرى مثل نشاط الشقق ومبيعات الفيلات، وسيكون ذا تأثير محدود على أسعار الإيجار».
وكان قرار فرض ضريبة على «الأراضي الساكنة» أثار جدلا واسعا في القطاع العقاري السعودي، حول تأثيره على السوق، إلا أن المؤشرات الأولية أوضحت أن القرار دفع بكثير من الملاك لتسييل ملايين الأمتار من الأراضي تجنبا لدفع الضريبة التي لم يعلن مقدارها بعد، كما أن دخول وزارة الإسكان على الخط بدعم كثير من القرارات التي ترى أنها ستؤثر على السيطرة على الأسعار، كان إيجابيا ومتوازيا مع ما تقوم به من مشاريع تنموية لسد العجز الكبير الحاصل في تملك الوحدات السكنية للمواطنين.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.