تأكيد عمل إرهابي للطائرة الروسية أحدث انفجارًا إعلاميًا

وسائل الإعلام: إسقاطها في سيناء بسبب الحملة الروسية في سوريا

تأكيد عمل إرهابي للطائرة الروسية أحدث انفجارًا إعلاميًا
TT

تأكيد عمل إرهابي للطائرة الروسية أحدث انفجارًا إعلاميًا

تأكيد عمل إرهابي للطائرة الروسية أحدث انفجارًا إعلاميًا

جاءت التأكيدات الرسمية الروسية للمعلومات حول اكتشاف بقايا قنبلة بدائية (يدوية) الصنع على متن الطائرة الروسية المنكوبة لتتسبب في «انفجار إعلامي» على الشاشات وفي الصحف الروسية التي سارعت إلى التركيز على الخبر بداية من نقل وقائع اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي الذي أعلن فيه مدير هيئة الأمن الفيدرالية الروسية عن أدلة تثبت أن الطائرة الروسية سقطت نتيجة عمل إرهابي، وصولاً إلى تحليلات «تقنية» لطبيعة القنبلة التي يدور الحديث عنها وآلية عملها. وعلى الجانب السياسي إعلاميا اشتد الجدال والنقاش حول العلاقة بين استهداف الإرهابيين لطائرة الركاب الروسية والعملية العسكرية الروسية في سوريا.
وأول ما قامت به وسائل الإعلام الروسية مجتمعة هو نقل التصريحات الحرفية لمدير هيئة الأمن الفيدرالي خلال شرحه نتائج التحقيقات أمام الرئيس الروسي، بينما واصلت شاشات التلفزة ومحطات الإذاعة بث تسجيل تلك التصريحات على مدار يومين، تخللها وتلاها أيضًا عرض لوجهات النظر حول طبيعة القنبلة التي كانت على متن الطائرة، كيف تم نقلها إلى هناك واختيار المكان المناسب لزرعها، وآلية تفجيرها. في هذا الصدد نقلت صحيفة «كوميرسانت» عن مصدر أمني قوله، إن موظفًا من العاملين في مطار شرم الشيخ قد يكون هو من وضع القنبلة على متن الطائرة، وإن القنبلة على الأرجح لم تكن في قسم الحقائب في الطائرة بل تم وضعها تحت مقعد من مقاعد الركاب. كما نقلت الصحيفة عن فلاديمير لوتسينكو، العميد السابق في الاستخبارات الروسية وجهة نظره التي رجح فيها أيضًا أن القنبلة تم نقلها إلى الطائرة دون أن تعبر أجهزة الكشف على الحقائب، أي من الأجزاء في مطار شرم الشيخ التي تقع بعد قسم التفتيش.
أما صحيفة «إزفستيا» وقناة تلفزيون «لايف نيوز» الروسية فقد نقلتا عن مصدر أمني روسي ترجيحاته أن «القنبلة كانت مزروعة تحت الجسر الرئيسي لهيكل الطائرة (الدعامة أسفل هيكل الطائرة والتي تربط بين أقسامها) ولهذا انفصل الذيل عن الطائرة لحظة الانفجار»، حسب قول المصدر الأمني. وعلى نحو مماثل واصلت وسائل الإعلام الروسية استعراض وجهات نظر «مصدر أمنية» وخبراء عسكريين حول طبيعة القنبلة ومن نقلها وأين زُرعت على متن الطائرة. وزاد الحديث حول هذه الجوانب حين نشر إرهابيو «داعش» صورًا لما قالوا إنه القنبلة التي قاموا بزرعها على متن الطائرة الروسية. وبدت القنبلة في تلك الصور عبارة عن عبوة شراب حديدية أمامها صاعق تفجير.
صحيفة «كوميرسانت» عرضت صورة تلك القنبلة مرفقة باستنتاجات خبراء أمنيين درسوا الصورة وقالوا إن «تركيبة القنبلة على أساس مؤقت كهربائي تذكر إلى حد كبير بقنبلة مماثلة استخدمها الإرهابيون بزعامة خطاب في تفجير مبان سكنية في موسكو عام 1999، والفرق بالقوة التفجيرية للقنابل التي تم استخدامها، وبأن الإرهابيين الجدد (الحاليين) استعاضوا عن الساعة كمؤقت تفجير بلوحة إلكترونية بحجم قطعة نقود معدنية».
وبينما استمرت وسائل الإعلام الروسية في التركيز على الجانب التقني لم تغفل جوانب أخرى وفي مقدمتها البحث في الأسباب التي دفعت الإرهابيين لارتكاب هذه الجريمة، وهل هذا انتقام من روسيا على خلفية قصف طائراتها لمواقع «داعش» في سوريا أم لا؟ والأمر الثاني، الذي ركز عليه الإعلام الروسي هو السياحة في مصر، وهل يجب حظر سفر المواطنين الروس إلى هناك أم لا؟ في هذا الشأن السياحي أجرت صحيفة «إزفستيا» على موقعها الرسمي استطلاعًا للرأي أعرب فيه ثلثا المشاركين عن اعتقادهم بضرورة حظر السياحة حاليا من روسيا إلى مصر.
أما موضوع العلاقة بين العمل الإرهابي الذي استهدف طائرة السياح الروسية من جانب والعملية العسكرية الروسية في سوريا من جانب آخر فقد نقلت وكالة الأنباء الروسية «ريا نوفوستي» عن إيليا روغاتشيف قوله إن «العمل الإرهابي الذي استهدف طائرة الركاب الروسية يحتمل أن يكون انتقامًا من جانب الإسلاميين بسبب مشاركة روسيا في الحرب ضد (داعش)». من جانبها نشرت إذاعة «صدى موسكو» استطلاعا للرأي أشارت إلى أنه جرى قبل أن تؤكد الأجهزة الأمنية الروسية أن عملاً إرهابيا وراء سقوط الطائرة الروسية. وجاء نتيجة استطلاع الرأي ذاك أن 5 في المائة من المواطنين الروس يحملون المسؤولية عن سقوط الطائرة في سيناء للقيادة الروسية التي بدأت تقصف مواقع «داعش» في سوريا وبهذا الشكل جرت روسيا إلى حرب مع هذه الجماعة الإرهابية.
في الشأن ذاته اعتبر موقع «غلاف ريد» الإعلامي الروسي أن الإرهابيين استهدفوا الطائرة انتقامًا بسبب العملية العسكرية الروسية في سوريا، واتهم الموقع الكرملين بأنه لا يريد الاعتراف بوجود علاقة بين عمليته في سوريا وحادثة الطائرة في سيناء. أما قناة تلفزيون «دوجد» فقد استضافت المحلل السياسي الروسي ستانيسلاف بيلكوفسكي الذي أعرب عن اعتقاده بعدم وجود مصالح استراتيجية لروسيا في سوريا وأن المشاركة الروسية في العمليات هناك جاءت لإرضاء النزعات الدولية الشخصية للرئيس بوتين، لافتًا إلى أن الكرملين سيعمل على لفت اهتمام الرأي العام وسيكرر عباراته بأنه لو لم نذهب لقتال «داعش» في سوريا فكانوا سيأتون ويدمرون مدننا.



ملخصات الذكاء الاصطناعي على «غوغل» تقلق ناشري الأخبار

ملخصات الذكاء الاصطناعي على «غوغل» تقلق ناشري الأخبار
TT

ملخصات الذكاء الاصطناعي على «غوغل» تقلق ناشري الأخبار

ملخصات الذكاء الاصطناعي على «غوغل» تقلق ناشري الأخبار

أثار إطلاق «غوغل» خدمة ملخصات الأخبار المدعومة بالذكاء الاصطناعي، أو ما أطلقت عليه «Google AI Overviews»، قلق الناشرين، بسبب تأثير هذا الاتجاه على نتائج البحث، إذ تسبب ذلك في «دفن» المحتوى الأصلي المُعَد من قِبل ناشرين مُحنكين أسفل الملخصات والإعلانات المدفوعة، وفق مراقبين.

«غوغل» كانت قد أعلنت نهاية أغسطس (آب) الماضي عن إطلاق ملخصات مكتوبة بواسطة الذكاء الاصطناعي لبعض الأخبار، وتصدّرها نتائج البحث قبل الأخبار، في تجربة اقتصرت على الولايات المتحدة وبريطانيا.

ويذكر أن «غوغل» أطلقت الخدمة عينها في 21 مايو (أيار) الماضي في الولايات المتحدة، لكنها أوقفت لاحقاً بعد الكشف عن «نتائج غير دقيقة أنتجت بواسطة الذكاء الاصطناعي». ومع أنه يندر لـ«غوغل» تقديم ملخصات لأحداث جارية، أبلغ خبراء «الشرق الأوسط» في لقاءات معهم عن قلقهم بشأن تأثير هذه الخطوة على «ظهور الصحف ومصادر الأخبار الرئيسية خلال عمليات البحث في مراتب متأخرة».

وفق نتائج نشرتها شركة «أوثوريتاس» للاستشارات البحثية على موقعها الرسمي، فإن 17 في المائة من نتائج البحث على «غوغل» في بريطانيا والولايات المتحدة تتصدرها ملخّصات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، في حين يظهر مصدر الخبر في مراتب متأخرة. وقال الرئيس التنفيذي للشركة، لورانس أوتول، لـ«بريس غازيت»، إنه يعتقد أن خدمة ملخصات «غوغل» ستصبح «الأولوية في نتائج البحث»، وأشار إلى أن «غوغل لم تكن واضحة بشأن معايير نتائج محركات البحث، ما قد يؤثر على زيارات المواقع الإخبارية».

محمد الكبيسي، الباحث والمدرب العراقي في الإعلام الرقمي بفنلندا، قال: «إن ملخصات الأخبار المدعومة بالذكاء الاصطناعي من (غوغل) ربما تكون مفيدة؛ لكن إذا خضعت لضوابط الشفافية». وأوضح أن «هذه الخدمة قد تفيد الذين يبحثون عن معلومات سريعة وشاملة حول موضوعات معينة... وإذا طبّقت هذه التقنية بدقة، فإنها قد توفر قيمة مضافة للمستخدمين».

وعن تأثير هذا الاتجاه على الأخبار، شرح الكبيسي أن «هذا الاتجاه لا يعني بالضرورة تقليص حجم الأخبار، بل يمكن أن يكون تكميلياً، فالملخصات توفر نظرة عامة سريعة، في حين تظل المقالات الإخبارية المفصلة متاحة لأولئك الذين يرغبون في قراءة معلومات أعمق... ذلك أن الأمر يتعلق بتلبية احتياجات مختلفة من الجمهور».

من جهة ثانية، يؤيد الباحث العراقي حقوق الناشرين، موضحاً: «يجب أن تحقق ملخصات (غوغل) هذه عنصر الشفافية، وهذا مرهون بالإشارة إلى المصادر الأصلية. المصادر الإخبارية الأصلية عنصر أساسي لاستمرارية هذه الخدمات، كما أن إظهار المصادر بوضوح يسهم في ضمان الاعتراف الدقيق بالمحتوى الأصلي»، مشدداً على حتمية تكامل الجهود بين «غوغل» والناشرين لضمان تحسين الخدمات.

أما بشأن معارضة البعض لخدمات «غوغل» المدعومة بالذكاء الاصطناعي خوفاً على مستقبل الناشرين، فيرى محمد الكبيسي أن ثمة جهوداً يجب أن تُبذل من قبل الطرفين، «ومن المهم أن تعمل الصحف على تطوير استراتيجيات رقمية فعالة تتناسب مع التطور السريع في العالم الرقمي وآلياته، والتأكد من أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تبرز المصادر بوضوح، كما أن التعاون مع مقدمي الخدمات، رُبما يمكن أن يسهم في تحقيق توازن بين الابتكار والحفاظ على حقوق المحتوى».

هذا، وفي تجربة أجرتها صحيفة «بريس غازيت» لقياس مدى تأثير ملخصات «غوغل» المدعومة بالذكاء الاصطناعي على الأخبار، وجدت أنه لدى البحث عن إجابة لسؤال: «مَن هم رؤساء تحرير الصحف الوطنية في بريطانيا؟»، يقدم «غوغل» ملخصاً بواسطة الذكاء الاصطناعي بوصفه نتيجة أولى. وأشارت إلى أن المعلومات التي استند إليها الملخص مصدرها تقرير سابق نشرته «بريس غازيت»، لكن الملخص لم يُشر لها بصفته مالكاً أصلياً للمعلومات، في حين ظهر رابط التقرير الأصلي في نتائج متأخرة على محرك البحث.

وتعليقاً على خدمة الملخصات الإخبارية من «غوغل»، قالت الدكتورة رضوى عبد اللطيف، مدير العلاقات الأكاديمية بمؤسسة «صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف» في دبي، وخبيرة ومدربة الإعلام الرقمي وصحافة الذكاء الاصطناعي، لـ«الشرق الأوسط»: «إن (غوغل) عازمة على مواصلة طريقها نحو مشاريع الذكاء الاصطناعي، وفي هذا الإطار عقدت شراكات مع ناشرين بارزين بهدف مشاريع تغذية أدوات الذكاء الاصطناعي بالمعلومات... غير أن هذا لا يُشير إلى إمكانية الاستغناء عن المنصات الإخبارية، وإن شهدت تأثيراً يخص ظهورها على محرك البحث، ومن ثم تراجع الزيارات».

وتابعت رضوى عبد اللطيف: «في تجربة (غوغل) التي صدرت للمرة الأولى في مايو الماضي، أمكن رصد معلومات غير دقيقة، وهو أمر وارد ومقبول، لكن علينا أن نعي، سواء أكنا متخصصين أم حتى مستخدمين، أنه لا يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وحده للحصول على المعلومات، بينما هو أداة لها حدود». وأضافت: «لا يمكننا الثقة بعد في قواعد بيانات أدوات الذكاء الاصطناعي، لا سيما أنه جرى رصد محتوى متحيز وغير دقيق؛ لذلك لا غنى عن المراجعة البشرية».

رضوى عبد اللطيف عدّت، من ناحية ثانية، أنه بوسع الناشرين حماية دورهم ومحتواهم، من خلال إبرام صفقات مع شركات التكنولوجيا على شاكلة «غوغل». وشرحت: «على الناشرين التكيف والاستفادة، من خلال قواعد تحمي حقوق الملكية للأرشيف، كما يجب أن يعمل الناشرون مع أكثر من محرك بحث لمقاومة نموذج الاحتكار الممثل في (غوغل)، الذي أضر بالصحف الفترة الماضية».