بعد سنوات من التشرذم والخلافات.. تحركات لتوحيد البيت السني في العراق

تشكيل لجنة تنسيق عليا وتحضيرات لمؤتمر عام في بغداد

بعد سنوات من التشرذم والخلافات.. تحركات لتوحيد البيت السني في العراق
TT

بعد سنوات من التشرذم والخلافات.. تحركات لتوحيد البيت السني في العراق

بعد سنوات من التشرذم والخلافات.. تحركات لتوحيد البيت السني في العراق

أعلن زعيم ائتلاف «متحدون»، أسامة النجيفي، تشكيل «لجنة تنسيق عليا» تضم 13 شخصا، خاصة بالمحافظات الست التي يسكنها السنة في العراق (الأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى، بالإضافة إلى الأحياء السنية من العاصمة بغداد) بهدف توحيد المواقف السياسية لأبناء هذه المحافظات بعد سنوات من التشرذم والخلافات بين ممثليهم في الحكومة والبرلمان.
وقال بيان لمكتب النجيفي إنه على مدى أشهر عدة عقدت اجتماعات ولقاءات متعددة الأطراف لممثلي المحافظات الست في الحكومة ومجلس النواب من أجل الاتفاق على خريطة طريق ومبادئ عامة وتم الاتفاق على تشكيل «لجنة التنسيق العليا» التي تضم إضافة إلى النجيفي، سليم الجبوري وصالح المطلك وجمال الكربولي وأحمد المساري ومحمود المشهداني وسلمان الجميلي ومحمد تميم وعبد الله عجيل الياور ومحمد نوري العبد ربه وصلاح مزاحم الجبوري وشعلان الكريم. وأضاف البيان أن «المجتمعين اتفقوا على عقد اجتماع موسع للقيادات المحلية من المحافظين الحاليين والسابقين وإعطاء مجالس المحافظات الحاليين والسابقين وأعضاء الكتلة الوزارية الحالية والسابقة بحضور قادة الكتل السياسية الرئيسة التي تمثل المحافظات الست، على أن يعقد المؤتمر في بغداد وتقوم بالتهيئة للمؤتمر المزمع عقده لجنة مؤقتة ينتهي دورها بانعقاد المؤتمر العام».
وأكد البيان عزم اللجنة التنسيقية العليا على العمل على «توحيد الموقف والصوت للرد على الإرهاب وتقويض دعائمه بشكل نهائي».
وفي هذا السياق، أعلن القيادي في تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان) عصام العبيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف من تشكيل هذه اللجنة والتي تمثل المكون السني في العراق هو بعث رسالة مزدوجة للداخل والخارج بأن البيت السني بات الآن أكثر قوة وتماسكا، ويتحدث بلغة واحدة مع بقاء الخلافات حول بعض الأمور، وهي خلافات طبيعية لن تؤثر على توحيد المواقف والصفوف حيال المواقف الكلية التي لا يختلف عليها أحد، وهي الإرهاب، وضرورة تحرير الأراضي المغتصبة في المحافظات السنية، وإعادة النازحين، بالإضافة إلى تشخيص مشكلة العراق».
وعما إذا كان هناك تجانس تام يمكن أن يكون له تأثير قوي في المستقبل، قال العبيدي إن «اللجنة تتشكل من القيادات السنية البارزة، وفي الوقت الذي لا نستطيع أن نتحدث عن ضمانات باستمرار التنسيق من عدمه، فإن ما يعانيه العراق، وخاصة المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية، من قهر ومعاناة يضع الجميع، وفي المقدمة منهم لجنة التنسيق، أمام مسؤولياتهم في الحديث بصوت واحد أمام الداخل والخارج باسم السنة». وأوضح العبيدي قائلا: «حتى الأميركيين أعلنوا أكثر من مرة أنهم بحاجة إلى طرف عراقي قوي للحديث أو التنسيق معه، وبالتالي صار لزاما البحث عن صيغة لتوحيد الجهود التي يمكن أن تنعكس بالضرورة على الجهود الخاصة بتحرير الأراضي ودحر تنظيم داعش».
من جهته، أعلن مشعان الجبوري، عضو البرلمان عن محافظة صلاح الدين ضمن تحالف القوى العراقية، رفضه الاعتراف بهذا التشكيل الجديد. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الاجتماعات لهذا التشكيل عقدت في عمان طوال الأيام القليلة الماضية، وأود التأكيد أن المجتمعين الذين شكلوا هذه الهيئة التنسيقية يمثلون أنفسهم ولا يمثلون بالضرورة الجمهور السني أو المحافظات السنية؛ لأن عدد أعضاء اللجنة لا يمثلون كل تحالف القوى». وأضاف الجبوري أن «غالبية رموز هذا الاجتماع الذين يتحدثون اليوم بوصفهم المنقذين للمحافظات السنية هم من أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم »، مشيرا إلى أن «هناك بالتأكيد إرادة إقليمية - دولية رتبت هذا الاجتماع وشجعت عليه». وحول ما إذا كان سيكون ملتزما بما يصدر عن اللجنة التنسيقية العليا من قرارات بوصفه جزءا من تحالف القوى، قال الجبوري: «لست مع هذه اللجنة ولن ألتزم بما يصدر عنها؛ لأنني مع العراق الواحد وليس مع العراق الذي يراد تحويله إلى كانتونات طائفية وعرقية».
إلى ذلك، أكد السياسي المستقل إبراهيم الصميدعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «فكرة تشكيل هذه اللجنة باسم العرب السنة ليست جديدة، وهي ليست وليدة عدة جلسات عقدت هنا أو هناك، بل تعود إلى أواخر حقبة نوري المالكي (رئيس الوزراء السابق) عندما انهمك المجتمع الدولي، ممثلا بالأمم المتحدة، بالبحث عن صيغة تسوية مع المعارضة السنية تمخضت عنه فكرة إعادة تطبيع العلاقة بين السنة المنخرطين في العملية السياسية والسنة المعارضين لها»، مشيرا إلى أنه «في وقت كانت فيه الجهود متواصلة لتحقيق هذه المقاربة، فإن الصعود السريع للخط الراديكالي الشيعي أدى إلى تأخير الوصول إلى صيغة مقبولة، لكن بعد أحداث باريس وبدء المجتمع الدولي بالبحث عن تحالف جديد واسع النطاق للقضاء على (داعش) بما في ذلك تحرير المحافظات السنية في العراق، فإن المهمة باتت الآن هي كيفية إيجاد مقاربة معقولة للسنة المنخرطين في العملية السياسية والذين توجد بينهم خلافات سياسية بعضها عميق، وبالتالي فقد اتجهت النية الآن وبجهود إقليمية ودولية نحو حل الخلاف السني - السني كمقدمة لمرحلة ما بعد (داعش)».



الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
TT

الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)

رفضت الحكومة المصرية اتهامات برلمانية وحزبية وُجّهت لها بتوسيع الاقتراض الخارجي، معلنةً انخفاض الدَّين الخارجي للعام المالي الحالي بواقع 3 مليارات دولار حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ووافق مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، خلال جلسته العامة، الاثنين، على اتفاقيات حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي من خلال بنك «الإمارات دبي الوطني كابيتال ليمتد»، وبنك «ستاندرد تشارترد»، وبنك «الإمارات دبي الوطني (ش.م.ع)» وبنوك أخرى.

وقال وزير المالية المصري، أحمد كجوك، خلال الجلسة العامة: «نرفض الاتهامات الموجهة للحكومة بتوسيع الاقتراض»، مؤكداً أن مؤشر الدين العام في انخفاض.

وسجَّل الدين الخارجي لمصر بنهاية الربع الثاني المنتهي في يونيو (حزيران) الماضي نحو 152.9 مليار دولار، نزولاً من 160.6 مليار دولار بنهاية الربع الأول، بعد أن وصل إلى ذروته البالغة 168 مليار دولار في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

برلمانيون مصريون خلال جلسة مناقشة حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي (مجلس النواب المصري)

وقال وزير المالية إن «الاتجاه تنازلي، والقول بعكس ذلك كلام غير دقيق»، متابعاً: «سددنا 7 مليارات ونصف المليار دولار أقساطاً، والاقتراض كان 5 مليارات ونصف المليار دولار». وتابع: «لا يخفى على أحد تخفيض الاقتراض الخارجي، نخّفض الدين الخارجي قدر المستطاع، ونُسدد أكثر من الاقتراض، والدين يقل ولا يزيد».

ولجأت مصر إلى الاقتراض الخارجي خلال السنوات الأخيرة، في ظل أزمة اقتصادية، وتبني الحكومة برنامج إصلاح اقتصادي.

وعقّب وزير المالية على الموافقة على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي، قائلاً: «كان الرقم أكبر من ذلك، إلا أننا أخذنا قراراً بتخفيض الرقم»، مشيراً إلى أن الأمر يخضع لتوازنات داخلية ومستلزمات الإنتاج.

وكان مجلس النواب، قد وافق، الأحد، على قرار رئيس الجمهورية بشأن اتفاق تسهيل القرض الخاص بآلية مساندة الاقتصاد الكلي، وعجز الموازنة بين مصر والاتحاد الأوروبي بقيمة مليار يورو كمرحلة أولى، إلا أن اعتراضات واجهت هذه الموافقات، حيث أبدى نواب انتقادهم معلنين رفضهم هذه القروض.

ورأى النائب ضياء الدين داود، عضو مجلس النواب، في بيان، أن قرض الـ2 مليار دولار بمثابة «الكارثة»، مشيراً إلى أن «الحكومة تغامر وتقامر بمستقبل الشعب المصري»، على حد وصفه، مؤكداً أن «الاقتراض الخارجي يرتهن القرار السياسي والاقتصادي للدولة المصرية»، عادّاً ذلك «يهدد سلامة الدولة».

كما أعلن النائب أحمد فرغلي، عضو المجلس، رفضه للقرض، منتقداً الحكومة لتوسُّعها في الاقتراض، متسائلاً: «هل تَوَقَّفَ عقل الحكومة عن سد عجز الموازنة على الاقتراض فقط؟ مش شايفين (لا يرون) أي حاجة من الحكومة إلا الاقتراض فقط؟».

في المقابل، دافع النائب محمد سليمان، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، خلال الجلسة العامة، عن لجوء الحكومة للاقتراض، قائلاً: «عندما تتم مناقشة هذه الأمور نجد البعض يصيبه الذعر ولا داعي ذلك». وأضاف: «لماذا تلجأ الدول للاقتراض، لأسباب عدة وهي؛ إطالة عمر الدين العام، وتخفيض تكلفة الأموال المقترضة، وتمويل عجز الموازنة، ودعم الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري، وتخفيض الدين العام».

وأجرت بعثة «صندوق النقد الدولي» زيارة لمصر، الشهر الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة من برنامج التمويل الموسع الذي يسمح بصرف الصندوق 1.3 مليار دولار للحكومة المصرية من قيمة قرض الـ8 مليارات دولار، الذي تحصل عليه مصر عبر دفعات، بينما لم يقر مجلس «الصندوق» صرف الشريحة الجديدة حتى الآن.

ويرى الدكتور عصام خليل، رئيس حزب «المصريين الأحرار»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاقتراض ليس أمراً سيئاً، فكثير من الدول الكبرى والنامية تقوم بالاقتراض، لكن الأهم هو وجهة هذه القروض، فمن الضروري استخدامها وتوجيهها لصالح مشروعات تنموية، فما كان يعيب القروض في العهود السابقة هو استغلالها استغلالاً سيئاً، وتخصيصها من أجل دعم السلع الغذائية أو دعم المحروقات، وهو ما أدى إلى تراكم الديون على مصر».

وتابع: «توجيه الاقتراض يجب أن يكون إلى المشاريع التنموية التي تدر عائداً، ومع عملها وإنتاجها أسدد من عائدها القروض، مع مراعاة أن تكون نسبة الفوائد بسيطة، مع مراقبة المصروفات في هذا القرض من جانب البرلمان».

وعن الانتقادات بشأن رؤية الحكومة للاقتراض، قال: «الأجدر بالمعارضين للقروض أن يرشدوا ويقدموا وسائل أخرى للحكومة من وجهة نظرهم، فنحن في وطن واحد يجب أن نتكاتف جميعاً فيه في ظل الظروف المحيطة بنا».

في المقابل، يرفض ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» «الاقتراض الخارجي بأي صورة وبأي شكل من الأشكال»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التنمية يجب أن تكون بالاعتماد على الذات، وتجنُّب تلقي المنح والمعونات، مع ترشيد الإنفاق العام، فالقروض الخارجية وصلت إلى مستوى لا تتحمله الموازنة العامة للدولة، وخدمة الدين تلتهم الميزانية».

وأضاف: «يتوجب على الحكومة الحالية أن تستجيب لما طالب به الرئيس عبد الفتاح السيسي من ترشيد الاقتراض الأجنبي، وعدم التوسع فيه، لكن الموافقات الأخيرة، هي مبلغ ضخم يأتي عكس ما طالب به الرئيس، وبالتالي الحكومة تحمِّل الأجيال الجديدة عبء عدم قدرتها على إدارة أمور البلاد؛ لذا نرفض هذه السياسة الحكومية شكلاً وموضوعاً، وإذا كان وزير المالية يقول إننا نُسدد أكثر من الاقتراض، فنحن نطالب الحكومة بأن نسدد ولا نقترض».