انتفاضة طلابية بصنعاء وقذف الحوثي بالحجارة

طلاب مدرسة الكويت يرددون النشيد الوطني بعد رفضهم «صرخة» الحوثي

انتفاضة طلابية بصنعاء وقذف الحوثي بالحجارة
TT

انتفاضة طلابية بصنعاء وقذف الحوثي بالحجارة

انتفاضة طلابية بصنعاء وقذف الحوثي بالحجارة

رفض طلاب مدرسة الكويت الثانوية بصنعاء ترديد شعار «الصرخة» أثناء زيارة أحد قيادة الميليشيات للمدرسة أمس الأحد بصنعاء.
وكانت الميليشيات قد اقتحمت مدارس في محافظات عدة، من أبرزها محافظات الحديدة وذمار وحجة وصنعاء، وأجبرت طلاب المدارس على ترديد ما يسمى «الصرخة» التي تنادي بالموت لأميركا وإسرائيل، أثناء الطابور الصباحي.
وأظهر تسجيل مصور، رئيس ما يسمى باللجنة الثورية المدعو محمد علي الحوثي وهو يخرج هاربًا أمس من مدرسة الكويت بعد أن انتفض الطلبة في وجهه ومن معه من إدارة المدرسة التي جمعتهم ليلقي عليهم خطابا. ورفض الطلاب ترديد شعارات جماعة الحوثي الطائفية، بحضور الحوثي، وأعلن معظم طلاب المدرسة رفضهم لوجود الميليشيات، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الحكومية «سبأ» الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.

ونقلت وكالة «سبأ» عن شهود عيان قولهم: إن القيادي الحوثي دخل المدرسة في الحصة الثانية برفقة عبد الله الحامدي نائب وزير التربية والتعليم، وأجبر مدير المدرسة الطلاب على الخروج إلى الساحة للاستماع لكلمة الحوثي إلا أن الطلاب لم يلتزموا الصمت، وأحدثوا ضجيجا وفوضى داخل الساحة.
وأكد أحد طلاب المدرسة أن القائد الحوثي لم يتمكن من إكمال كلمته، بعدما ارتفعت أصوات الطلاب المعارضين، استغلال مدرستهم للترويج لجماعته ومطالبة الطلاب بدعم الانقلاب، ليقوم أحد المدرسين بضرب الطلاب على رؤوسهم ومطالبتهم بترديد «الصرخة»، مما دعا الطلاب لترديد النشيد الوطني ورفعوا هتافات «بالروح بالدم نفديك يا يمن».
وآثار المقطع ردود أفعال واسعة تشيد بموقف طلاب المدرسة، وتداولت المقطع في معظم مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما عده مراقبون مؤشرا لحالة السخط والرفض للميليشيات الانقلابية، وأهمية استعادة الدولة الشرعية ورفض الانقلابيين.
وأكدت مصادر في وزارة التربية والتعليم استغلال الانقلابيين للمدارس، وبدء العام الدراسي الجديد، في عملية حشد المجندين التي تجري تحت إشراف رؤساء المراكز التعليمية ومديري مدارس موالين للمخلوع علي عبد الله صالح، وأفادت المصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن عمليات الحشد جاءت بعد تراجع الدعم القبلي من أبناء القبائل المحيطة بالعاصمة صنعاء لهم، التي أعلن الكثير منها الانسحاب من صفوف الميليشيات بعد مقتل العشرات من أبنائها وأطفالهم في حروب الحوثي وصالح ضد الشرعية.
إلى ذلك كشف تقرير تربوي حديث، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، عن تجنيد ميليشيات الحوثي وصالح أكثر من ألفي طفل في الحرب المشتعلة منذ 21 سبتمبر (أيلول) 2014، وأشار التقرير إلى نزوح أكثر من ألف طفل يمني في سن التعليم مع أسرهم إلى خارج البلاد، في حين أن 1.8 مليون طالب أغلقت مدارسهم وحرموا من إكمال عامهم الدراسي، بينما قتل أكثر من ألف طفل، نتيجة الحرب الدائرة، كما أصيب 1400 آخرون، في الوقت الذي تعرض فيه 215 طفلاً للاحتجاز من قبل الميليشيات.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 2.9 مليون طفل في سن التعليم خارج المدرسة، وقرابة 10 ملايين طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وبينما يخص الأضرار التي لحقت بالمؤسسات التعليم نتيجة جرائم وانتهاكات الميليشيات الانقلابية، لفت التقرير إلى أن مليون طفل تضررت مدارسهم، حيث بلغ عدد المدارس المتضررة 1495 مدرسة بسبب الحرب، وتنوعت الأضرار ما بين تدمير كلي وتدمير جزئي، أو تحويلها إلى مراكز لنازحين، أو استخدامها لأعمال عسكري.
ورصد مراقبون للشأن اليمني في صنعاء، حالة استنفار قصوى في صفوف الميليشيات، بسبب تصاعد السخط الشعبي، وظهر للعلن مؤشرات تدل على فقدان سيطرتهم على العاصمة، من أبرزها تغيير مواقف القبائل ذات الطابع المسلح التي كانت مؤيدة للانقلاب في بداية الأمر، وكان لها الدور الأكبر في دخول الميليشيات صنعاء، حيث أعلنت الكثير منها أخيرا دعمها للشرعية، والوقوف مع المجلس الوطني للمقاومة الشعبية في محافظة صنعاء.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.