الهند أحد أكبر مصدري المعلمين للعالم

الطلب في ارتفاع مطرد.. وسياسات حكومية مدروسة

معلمة هندية تقوم بشرح أحد دروس الرياضيات («الشرق الأوسط»)
معلمة هندية تقوم بشرح أحد دروس الرياضيات («الشرق الأوسط»)
TT

الهند أحد أكبر مصدري المعلمين للعالم

معلمة هندية تقوم بشرح أحد دروس الرياضيات («الشرق الأوسط»)
معلمة هندية تقوم بشرح أحد دروس الرياضيات («الشرق الأوسط»)

تتجه الهند لأن تكون أحد أكبر مواقع تصدير المعلمين لمختلف المدارس والكليات في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن هناك آلاف المعلمين الهنود ممن يعملون بالفعل في الخارج في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا، إلا أن الطلب لا يزال في ارتفاع مطرد.
ويتابع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عملية تصدير المعملين الهنود إلى الخارج، وفقا لسياسة مدروسة وموضوعة بشكل جيد لاكتساب النقد الأجنبي، في إطار برنامج خاص لتدريب المعلمين يستمر لمدة خمس سنوات.
بداية وعلى المستوى الرسمي، سوف توقع الهند على مذكرة للتفاهم خلال زيارة يقوم بها مودي خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى كل من ماليزيا وسنغافورة تتعلق بتصدير المعلمين الهنود. ولسوف تصل أول دفعة وتضم مائة معلم هندي إلى كل من ماليزيا وسنغافورة بدءا من العام القادم. كما أعربت فيتنام كذلك في الآونة الأخيرة عن رغبتها في استقدام المعلمين الهنود للعمل لديها.
ويعمل المعلمون الهنود على تعليم الأطفال في المدارس النموذجية لفترة تتجاوز العامين، ثم تتجدد الاتفاقية تلقائيا بعد ذلك، بناء على مدى نجاح المعلمين في مهمتهم. ويقول أحد المسؤولين الهنود ممن شاركوا في البرنامج إن «مذكرة التفاهم المذكورة ليست إلا نقطة بداية بالنسبة لتصدير المعلمين الهنود إلى مختلف دول العالم».
وقالت مصادر مطلعة إن «فكرة تصدير المعلمين خطرت على بال رئيس الوزراء الهندي خلال أولى زياراته الأجنبية إلى بوتان العام الماضي، حيث سعى كل من ملك بوتان جيغمي خيسار نامغيل وانغتشوك، ورئيس وزرائه تشيرينغ توبغاي، طلبا للمساعدة الهندية في تحسين المعايير التعليمية في البلاد عن طريق إرسال المعلمين الهنود إلى بوتان. ومنذ ذلك الحين، عملت وزارتا الشؤون الخارجية والموارد البشرية الهنديتان على الوسائل المتبعة في هذا الصدد، ثم خلصتا في نهاية الأمر إلى قرار متابعة الأمر من الناحية الرسمية».
وتعمل المؤسسة الاستشارية التربوية الهندية المحدودة على اختيار المعلمين للإعارة الأجنبية، وهي مؤسسة تتبع القطاع العام الهندي، وتخضع لإشراف وزارة الموارد البشرية الهندية.
وفي هذا السياق، عادت سميرة أحمد إلى الهند بعد انتهاء تعاقدها التعليمي مع إحدى المدارس المرموقة في قطر. ونظرا لبعض الالتزامات العائلية الحتمية، قالت إنها عادت لإجازة تستمر لعام واحد. وحول تجربتها بوصفها معلمة في إقليم الشرق الأوسط، قالت السيدة سميرة لـ«الشرق الأوسط» إن «الطلب مرتفع للغاية على المعلمين الهنود في الشرق الأوسط، حيث نتشارك معهم في كثير من القيم الثقافية، كما أن الطلاب والإدارات المدرسية يكنون احتراما كبيرا للمعلمين الهنود ويقدرون خبراتهم السابقة».
> الطلب على معلمي اللغة الإنجليزية:
وتقول المصادر في وزارة الموارد البشرية الهندية: «لقد كان هناك طلب على معلمي اللغة الإنجليزية الهنود من الدول غير الناطقة باللغة الإنجليزية. إنها سوق كبيرة بالنسبة لنا».
وتعد الهند هي ثاني أكبر دولة ناطقة باللغة الإنجليزية في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية، وتنظر الحكومة الهندية في أن تلك المزية يمكن استغلالها في صالحنا، كما أفاد أحد كبار المسؤولين الكبار بالحكومة الهندية من ذوي الاطلاع على سياسة تصدير المعلمين الهنود.
ومن الدول الأكثر طلبا لمعلمي اللغة الإنجليزية الهنود هي دول بالشرق الأوسط، إضافة إلى الصين، وتايلاند، وفنلندا، وبلجيكا، وغيرها من البلدان غير الناطقة باللغة الإنجليزية مثل ألمانيا وفرنسا.
وتقول أرونا سانكارانارايانان، مديرة مركز التقييم والتفاعل التربوي في مدينة برايانتا، والذي يعمل على إرسال مئات المعلمين الهنود إلى الخارج في كل عام: «كذلك مع دخول العولمة والإنترنت، تحولت اللغة الإنجليزية إلى لغة عالمية، وفي ظل تلك الظروف أدركت كثير من البلدان أن تعزيز اللغات المحلية على حساب اللغة الإنجليزية سوف يعود بعواقب كارثية على اقتصادها».
لذلك بدأت تلك الدول في النظر صوب الهند، المعروفة بمعاييرها التعليمية المرتفعة ومعلميها الذين يتميزون بمعرفتهم الجيدة باللغة الإنجليزية، كما تقول السيدة أرونا. كان للهنود تقارب تاريخي مع اللغة الإنجليزية، ولا يعود ذلك ببساطة إلى الماضي الاستعماري للبلاد. وتعتبر اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية للتعليم والقانون والتجارة في الهند.
> وكالات التوظيف المهنية:
عمد عدد من وكالات التوظيف المهنية الخاصة إلى التنسيق مع المدارس الخاصة في الخارج من أجل إتاحة فرص العمل للمعلمين الهنود. في المعتاد، تتواصل إدارات المدارس مع وكالات التوظيف ثم تقوم الوكالات بالإعلان عن الوظائف الشاغرة داخل الهند استجلابا للمرشحين المؤهلين. وبعد الفحص والتحقق من أهلية المرشحين، إما يسافر مسؤولو المدارس الخاصة إلى الهند لعقد المقابلات الشخصية مع المرشحين المحتملين، أو عقد تلك المقابلات عبر الهاتف، أو في بعض الحالات عبر الفيديو كونفرانس، وذلك قبل التوظيف الفعلي.
ويقول راما سوامي، مؤسس وكالة أيس لخدمات الشركات، وهي من وكالات التوظيف الهندية: «تواجه سنغافورة نقصا في عدد المعلمين، وخصوصا في مجال الاقتصاد، حيث يغادر المعلمون المختصون البلاد سعيا وراء وظائف أفضل في القطاع التجاري خلال فترات الازدهار الاقتصادي».
ويقول الخبراء إن هناك سببا آخر وراء شهرة المعلمين الهنود، إذ إنهم لا يلبون النقص في المعلمين المحليين فحسب، ولكنهم يلبون الحاجة أيضا إلى تجسير الفجوة الثقافية في المدارس. وإلى جانب المؤهلات الضرورية، فإنهم مطلوبون كذلك لغرس احترام وتوقير التنوع في الثقافة والتراث داخل التلاميذ.
وبدأت شركة مافوي للاستشارات الإدارية المحدودة، وهي من كبريات شركات تنمية الموارد البشرية والتوظيف والخدمات في مدينة شيناي الهندية، في تعيين المعلمين منذ عام 2002 لصالح المدارس في دبي وغيرها من الدول في منطقة الشرق الأوسط، بيد أن الطلب يتزايد أيضا على معلمي الرياضيات والعلوم الهنود.
ويقول إجيت كومار موتواني، والذي يعمل على إرسال نحو 400 معلم هندي إلى الخارج في كل عام: «يفضل أكثر عملائنا المعلمين من ذوي المؤهلات العليا وأكثر من سبع سنوات من الخبرة العملية في المدارس الخاصة ذات السمعة الطيبة. وإننا نشرع في البحث عنهم من خلال الإعلانات الوظيفية ومعارض التربية والتعليم».
وإلى جانب تميزهم في اللغة الإنجليزية، يخبرنا موتواني بسببين آخرين وراء الأفضلية العالمية للمعلمين الهنود: «يسهل اعتياد المعلم الهندي على المناهج الدراسية. ناهيكم عن احترامهم للسلطات المحلية، وهو أحد أهم الأسباب وراء اختيار الدول العربية الخليجية للمعلم الهندي، إذ إنهم لا يتسببون في صدمات ثقافية مثل تلك التي قد تحدث مع المعلمين الغربيين. كما أنهم يمثلون أفضل جودة مقابل العائد المادي الذي يتحصلون عليه. وفي الشرق الأوسط، يتلقى المعلمون رواتب مرتفعة للغاية، كما أنهم يتمتعون بتسهيلات أخرى كبيرة. ويحتل كثير من المعلمين الهنود مناصب رفيعة في المؤسسات التعليمية بالخارج».
ولدى المعلمين الهنود حساسية ما حيال احتياجات المتعلمين، وهم على أتم الاستعداد لمساعدتهم في تخطي العقبات التي تبدو إليهم مستحيلة. ويميل المعلمون الهنود كذلك إلى الصبر والأناة والمثابرة بطبيعتهم، ولديهم المؤهلات الطبيعية التي تجعل منهم معلمين أكفاء.
وأضاف السيد راما سوامي، من وكالة أيس لخدمات الشركات، أنه ما من مدرسة في العالم العربي تقريبا إلا وفيها معلم من أصول هندية. ولكن، هناك فارق لطيف في متطلبات المعلمين في المدارس البريطانية والمدارس العربية.
> الطلب على المعلمين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة:
ويقول الخبراء إن المعلمين الهنود ممن يتمتعون بالميزات التعليمية المتقدمة أكثر من دول الكومنولث الأخرى في مواد مثل اللغة الإنجليزية، والعلوم، والرياضيات، تكون الفرص بالنسبة إليهم أكبر في الحصول على وظائف تعليمية في مجال التدريس على مستوى العالم.
وفي حين أن المعلمين الهنود كانوا يعملون في التدريس لدى مدارس في غرب آسيا وأفريقيا لقدر من الوقت، إلا أن كثيرا من الفرص الشاغرة لا تزال سانحة في دول تمتد من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى اليابان وكوريا الجنوبية.
وبالحديث عن الطفرة المفاجئة في الطلب على المعلمين الهنود في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يقول راجان: «في هذين البلدين، يتلقى المعلمون رواتب هزيلة بالمقارنة بغيرهم من العمال المهرة المحترفين، كما أن السكان المحليين غير راغبين في العمل في مهن التدريس، وبالتالي شرعت المدارس في التعاقد مع معلمين من الهند. وفي الوقت الحاضر هناك أكثر من 22 ألف وظيفة تعليمية شاغرة في المملكة المتحدة وحدها ونسبة تقدر بـ10 في المائة منها متاحة للمعلمين الهنود».
> الصدمة الثقافية:
ولكن بعض المعلمين الهنود يشيرون إلى أن تجارب التدريس في المدارس الأميركية والأوروبية مثيرة لكثير من الضغوط، حتى أنهم يتركون الوظائف ويغادرون إلى بلادهم. من واقع عدم الاحترام، وعدم الانضباط، والمواقف الفاترة للتعليم بين الطلاب، وغالبا ما يكون واقعا جادا بالنسبة للمعلمين القادمين من الهند.
وتقول عائشة تشوبرا، وهي مدربة للمعلمين للمدارس الأميركية: «يمكن للمعلمين الهنود الذين لا يعرفون كثيرا عن قواعد السلوكيات الأميركية أن يتعرضوا لصدمات ثقافية كبيرة؛ إذ إن مستوى الانضباط المعتادين عليه في المدارس الهندية لا وجود له هناك، ولذلك فإن فترة التكيف مهمة للغاية بالنسبة لهم». ذلك هو السبب أن بعض من وكالات التوظيف الهندية ذات الإدارة الجيدة والمسؤولة تولي اهتماما خاصا لإعداد المعلمين الهنود إعدادا خاصا للفصول الدراسية الأميركية.
وتقول سانجانا شارما، وهي معلمة هندية قد عادت لتوها إلى الهند بعد استكمال تعاقدها مع مدرسة في ولاية بنسلفانيا الأميركية في الولايات المتحدة، وهي لا تنتوي العودة إلى هناك مجددا: «على الرغم من أن المساعدات التعليمية في المدارس بالخارج أكثر تقدما من المدارس الهندية، فإنك تنطلق يوميا إلى المدرسة بقلب فارغ. ولكن في الهند، نحظى باحترام جم، ذلك الذي ينبغي أن يناله المعلم من تلميذه».
وأضافت تقول إنها رجعت إلى بلادها وكانت محظوظة لاستعادتها وظيفتها السابقة في تدريس العلوم والرياضيات. وقالت إن ثلاثة من أصل أربعة معلمين من مجموعتها قد عادوا إلى الهند. وتابعت: «على الرغم من بقاء الدعوة لعودتي إلى الولايات المتحدة مفتوحة، فإنني من غير المحتمل أن أعود إلى هناك مجددا».
والعمل في الدول الأجنبية له مميزاته كما له عيوبه. غير أن الفوارق الثقافية قد تكون موهنة للعزائم، ولكن العائدات المالية غالبا ما تكون مغرية للغاية.
ولكن ذلك لم يفت في عضد المعلمين لقبول عروض الوظائف والعامل المادي المتعلق بها. وإذا ما استمر التوجه على نحوه الحالي، فقد يتجه المعلمون إلى وظائف تكنولوجيا المعلومات أو المهندسين من واقع أنها الفئة الثانية من العمال المهرة الذين يغادرون البلاد بحثا عن الوظائف الخارجية وبأعداد كبيرة.



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).