الهند واقتصادها في مهب التغيرات المناخية

تواجه معضلة ضرورة استمرار النمو في ظل التضخم السكاني والطاقة الملوثة

الهند واقتصادها في مهب التغيرات المناخية
TT

الهند واقتصادها في مهب التغيرات المناخية

الهند واقتصادها في مهب التغيرات المناخية

تعد الهند موطن ما نسبته 30 في المائة من أكثر الناس فقرا على مستوى العالم، وهم أولئك الذين يعيشون على دخل يقل عن 1.90 دولار في اليوم. ومن بين 1.3 مليار مواطن هندي، هناك 304 ملايين مواطن لا تصل إليهم الكهرباء، و92 مليون مواطن آخرون لا تصل إليهم مياه الشرب النظيفة.
كما أن الهند في طريقها لأن تواجه مشاكل التغيرات المناخية كذلك. تتهدد سبل العيش لنحو 600 مليون مواطن هندي إثر الاضطرابات المتوقعة للرياح الموسمية الجنوبية الغربية بين شهري يوليو (تموز) حتى سبتمبر (أيلول)، أي ما يمثل 70 في المائة من مجموع مياه الأمطار في الهند. تعتمد الأنهار في الهند على صحة الآلاف من الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا التي تواجه خطر الذوبان بسبب الاحترار المناخي، بينما هناك 150 مليون مواطن يواجهون بأنفسهم خطر العواصف العاتية المرتبطة بارتفاع منسوب مياه البحار. هناك الكثير من الضرر مما لا مفر منه والناتج عن انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري من قبل الدول الغنية. لذا، يتساءل الكثير من المواطنين الهنود، لماذا يجب علينا أن ندفع المزيد؟ وعلى أي أساس يُطلب من الهند ترشيد استهلاكها من الطاقة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون؟
يقول براكاش جافاديكار وزير البيئة الهندي في مقابلة أجرتها معه وكالة الأسوشيتد برس الإخبارية في سبتمبر (أيلول): «اليوم، أرى الفضاء الكربوني وقد احتله العالم المتقدم. وإننا نطالب العالم المتقدم بإخلاء الفضاء الكربوني حتى يمكنه استيعابنا. إن مطلب الفضاء الكربوني هو بمثابة العدالة المناخية».
إن التسوية الناجعة لصراع الأولويات لا تعد مهمة بالنسبة لمصالح الهند فحسب. إن التوتر القائم بين التنمية الاقتصادية وضرورة الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة يعتبر هو التحدي الرئيسي للجهود الدبلوماسية لحشد ائتلاف عالمي من الدول الغنية والفقيرة لمكافحة التغيرات المناخية.
تتوقع منظمة الأمم المتحدة أن يصل تعداد سكان الهند إلى 1.5 مليار نسمة بحلول عام 2030، وهو رقم يفوق تعداد سكان الصين. وإذا ما تابعت الهند عبر الـ15 عاما المقبلة أي مسار مثل مسار الوقود الأحفوري الثقيل للخروج من بوتقة الفقر، مثلما صنعت الصين قبل 15 عاما، فمن شأن ذلك أن يعصف بأي فرصة قد تكون هناك للحيلولة دون وقوع كارثة. والسؤال الحاسم لكل من له مصلحة في منع وقوع الكارثة المناخية هو كيفية وضع وتمويل مسار تنموي لمواطني الهند البالغين 1.5 مليار نسمة، مما يمنع تحقق تلك النتيجة.
يحزم العلماء ودعاة حماية البيئة والمديرون التنفيذيون والدبلوماسيون الحكوميون حقائبهم لحضور اجتماع قمة المناخ في باريس والمقرر أن يبدأ في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، ويجب أن يكون ذلك التحدي ماثلا أمام أعينهم. بعد الكثير من الجولات الدبلوماسية الفاشلة، يعتري الجميع حرص بالغ على الإعلان عن نجاح القمة المقبلة. وحتى الآن، قدمت 129 دولة تمثل ما يقرب من 90 في المائة تقريبا من دول انبعاثات الغازات الدفيئة خططها للمساهمة في تلك القضية. وفي حين أن التقدم الحالي حقيقي من دون شك، إلا أن التحدي الرئيسي يبقى بلا تسوية. فلم يُطلب من الدول تقديم تعهدات ملزمة قانونيا للتقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة لديها. وسوف يظهرون، بدلا من ذلك، مع «إسهامات مقررة على الصعيد الوطني» في جهود التخفيف.
سوف تقدم الدول المتقدمة تخفيضات كبيرة في مجال انبعاثات الكربون. ولكن يتوقع من الدول الأقل تقدما الحد من كثافة الانبعاثات لديها - وهو تدبير بخصوص ثاني أكسيد الكربون المنبعث لإنتاج مقدار محدد من النشاط الاقتصادي - فيما يبدو وكأنه اعتراف بأن الاستهلاك من الطاقة لا يزال أمامه طريق طويل من النمو.
تعتبر المقاربة الجديدة ضرورية لتحقيق أي تقدم. ولكنها تتطلب تنحية الأسئلة العسيرة جانبا. ومع اقترابها من تعداد سكان الصين، ولكنها تبتعد عنها كثيرا من حيث التنمية الاقتصادية، فإن الهند تعبر عن أحد أصعب تلك الأسئلة قاطبة. وفقا لمعظم الحسابات، فإن انبعاثات الغازات الدفيئة حول العالم لا بد أن تقترب من الحاجز الصفري بحلول نهاية القرن الحالي، على أدنى تقدير. مما يسبب الضغط والتوتر للجميع. على سبيل المثال، يطرح تقرير حديث صادر عن البنك الدولي أن الاقتصاديات مثل الصين والهند يتعين عليها وبصورة كلية الحد من اعتماد إمدادات الكهرباء لديها على الكربون بحلول منتصف القرن الحالي ثم البدء في تحقيق الانبعاثات السلبية من ذلك الوقت فصاعدا، باستخدام تكنولوجيا التقاط الكربون والزيادة الكبيرة في مساحات الغابات، لامتصاص مستويات الكربون المرتفعة من الغلاف الجوي. وبعبارة أكثر لطفا، فإن ذلك سوف يكون تحديا كبيرا.
يقول جايرام راميش، الذي شغل منصب وزير البيئة في حكومة رئيس الوزراء الأسبق مانموهان سينغ، إن الهند يتعين عليها الاستمرار في النمو وفق نسبة 7.5 إلى 8 في المائة بالعام خلال الـ15 عاما المقبلة.
ولتمكين مثل ذلك النمو، فإن الاستهلاك الهندي من الكهرباء - الذي يمثل نصف انبعاثات الغازات الدفيئة في الهند - سوف يرتفع من 6 إلى 7 في المائة في العام. وحتى في ظل أكثر الأهداف طموحا للطاقة النووية والطاقة المتجددة، فإن أكثر من نصف تلك الطاقة يتوقع استخراجه من الفحم، وهو أقذر أنواع الوقود. ويضيف السيد راميش قائلا: «بحلول عام 2030 سوف يتضاعف استهلاك الهند من الفحم ثلاث أو أربع مرات».
وضعت الهند خطة مساهمة للتخفيف تطرحها في اجتماع باريس. وتهدف الخطة إلى حصول الهند على 40 في المائة من الكهرباء من الوقود غير الأحفوري بحلول عام 2030 وتقليل كثافة الانبعاثات لديها بنسبة 33 إلى 35 في المائة بين عام 2005 وحتى 2030، كما توفر زيادة كبيرة في الغطاء النباتي من خلال الغابات.
وتلك الخطة، رغم ذلك، تشير وبوضوح إلى أن استهلاك الطاقة في الهند يبلغ 0.6 طن متري فقط من المكافئ النفطي للفرد، وهو يساوي نحو ثلث المتوسط العالمي. مما يوضح أنه «لا توجد دولة في العالم» قد حققت مستوى التنمية لدول العالم المتقدمة اليوم من دون استهلاك أربعة أطنان على أقل تقدير.
وتقول الخطة «أمام الهند الكثير لتفعله من أجل توفير الحياة الكريمة لمواطنيها وتلبية طموحاتهم المشروعة».
يقول بعض المحللين إن هناك سبيلا للوصول إلى حل ما. حيث يمكن فصل التنمية عن انبعاثات الكربون، كما يصر على ذلك البنك الدولي. علاوة على ذلك، يقول خبراء الاقتصاد في البنك الدولي في تقرير مستقل صدر الأحد الماضي، إنه يمكن تنظيم سياسات تقليل الانبعاثات لصالح الفقراء خلال الـ15 سنة المقبلة - عن طريق استخدام إيرادات الضرائب على الكربون لسداد تكاليف الضمان الاجتماعي على سبيل المثال.
يقول ستيفان هاليغات الذي أشرف على الدراسة «إن الأهداف طموحة للغاية، ولكن هناك عدد قليل جدا من السيناريوهات لتحقيقها. ولكنها سيناريوهات قابلة للتحقيق».
بموجب مجموعة جيدة وصحيحة من السياسات، ومشروعات البنك الدولي، فإن أكثر الآثار التدميرية للتغيرات المناخية سوف تضيف 3 ملايين مواطن إلى شريحة المواطنين الأكثر فقرا في الهند بحلول عام 2030، ولكن الخيارات السيئة، على العكس من ذلك، سوف ترفع ذلك الرقم إلى 42 مليون فقير بحلول نفس العام.
يبدو أن البعض في الهند قد اقتنع بذلك المنطق. يقول السيد راميش في خطاب له العام الماضي أمام المعهد الوطني للدراسات المتقدمة في بنغالور «إن موقفنا الدفاعي التقليدي لم يكن ضمن المصلحة الوطنية المستنيرة. يجب على الهند أن تنظر إلى عصر الاقتصاد الأخضر ليس كتهديد لخططها التنموية. بدلا من ذلك، يجب النظر إليه كفرصة سانحة للبناء وإظهار القدرات التكنولوجية الهندية للعالم».
وحتى الآن، هناك مخاطرة كبيرة من أن ترفض الهند أجندة التغيرات المناخية الغربية، حيث أخبرني السيد راميش قائلا: «إنها تقوم بدور كبير وجيد للغاية على الصعيد المحلي. لا ينبغي لأحدنا إغفال ذلك الاحتمال».
* خدمة «نيويورك تايمز»



أسعار النفط عند مستوياتها بعد قرار «أوبك بلس»

نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)
نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)
TT

أسعار النفط عند مستوياتها بعد قرار «أوبك بلس»

نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)
نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)

لم يطرأ تغير يُذكر على أسعار النفط، يوم الاثنين، إذ يدرس المستثمرون تحرك تحالف «أوبك بلس» المنتج لتمديد تخفيضات الإنتاج العميقة حتى عام 2025.

وبحلول الساعة 0344 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت، تسليم أغسطس (آب)، أربعة سنتات، أو ما يعادل 0.05 في المائة، إلى 81.07 دولار للبرميل، بعد أن هبطت لأدنى مستوى في الجلسة عند 80.55 دولار. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي، تسليم يوليو (تموز)، سنتاً أو 0.01 في المائة إلى 76.98 دولار، بعد أن نزلت إلى 76.39 دولار في وقت سابق.

واستقر برنت على انخفاض 0.6 في المائة، وخسر خام غرب تكساس الوسيط 1 في المائة، الأسبوع الماضي.

وتُخفض منظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفاؤها بقيادة روسيا، فيما يُعرف بتحالف «أوبك بلس»، الإنتاج حالياً بما إجماليه 5.86 مليون برميل يومياً، وهو ما يعادل نحو 5.7 في المائة من الطلب العالمي.

ويشمل ذلك 3.66 مليون برميل يومياً من التخفيضات التي كان من المقرر أن تنتهي بنهاية 2024، وتخفيضات طوعية لثمانية أعضاء بواقع 2.2 مليون برميل يومياً، تنتهي بنهاية يونيو (حزيران) 2024.

لكن المجموعة اتفقت، يوم الأحد، على تمديد تخفيضات قدرها 3.66 مليون برميل يومياً لمدة عام حتى نهاية 2025، وستمدد أيضاً تخفيضات قدرها 2.2 مليون برميل يومياً، لمدة ثلاثة أشهر حتى نهاية سبتمبر (أيلول) 2024، قبل الإلغاء التدريجي لها على مدى عام من أكتوبر (تشرين الأول) 2024 إلى سبتمبر (أيلول) 2025.

وقال المحللون إن المستثمرين سيستغرقون بعض الوقت لإجراء حسابات خفض الإنتاج واستيعاب القرار.

وقال المحللون: «إن الإعلان عن خطة افتراضية مفصلة بشكل مفاجئ لإلغاء التخفيضات الإضافية يجعل من الصعب الحفاظ على الإنتاج المنخفض إذا تبيَّن أن السوق أضعف من توقعات (أوبك) الصعودية».

وفي الشرق الأوسط، حثّ وسطاء الصراع في غزة إسرائيل و«حماس» على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الذي حدده الرئيس الأميركي جو بايدن، على الرغم من أن إسرائيل قالت إنه لن تكون هناك نهاية رسمية للحرب، ما دامت «حماس» احتفظت بالسلطة.