رهائن باماكو يقضون ساعات من الرعب وسط إطلاق نار كثيف

كندي يروي لـ«الشرق الأوسط» كيف هرب من الهجوم ... ورجل أعمال يختبئ داخل غرفته

جنود فرنسيون داخل بهو الفندق بعد اقتحامه (رويترز)
جنود فرنسيون داخل بهو الفندق بعد اقتحامه (رويترز)
TT

رهائن باماكو يقضون ساعات من الرعب وسط إطلاق نار كثيف

جنود فرنسيون داخل بهو الفندق بعد اقتحامه (رويترز)
جنود فرنسيون داخل بهو الفندق بعد اقتحامه (رويترز)

قال رهينة كندي من أصل موريتاني كان من ضمن المحتجزين في فندق راديسون بلو إن منفذي الهجوم كانوا ينادون بـ«الله أكبر» ويطلقون الرصاص بكثافة، مؤكدًا أنه كانت هنالك لكنة غير واضحة في طريقة تكبيرهم.
وأضاف الرهينة الكندي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أنه تمكن من الفرار قبل أن يحكم المهاجمون سيطرتهم على الفندق.
وقال الرهينة ويدعى بيللي ولد سيد أحمد: «كنت راقدا في غرفتي التي تقع في الطابق الثالث من الفندق، واستيقظت على إطلاق نار متقطع وأصوات صراخ، خرجت من غرفتي ونزلت إلى الطابق الأرضي، فأدركت أن هناك هجومًا، وتيقنت الخطر على حياتي».
وكان ولد سيد أحمد يتحدث بانفعال، وقال: إنه تمكن من الفرار عبر الأبواب الخلفية للفندق برفقة مواطن جزائري كان من نزلاء الفندق، وقال: «كسرنا بابًا من الزجاج، دلفنا منه إلى الحديقة الخلفية ثم تجاوزنا سور الفندق وغادرنا قبل أن يحكم المهاجمون سيطرتهم على الفندق».
وأشار الرهينة إلى أنه أصيب رفقة المواطن الجزائري بجراح طفيفة أثناء فرارهما، وأضاف: «أنا الآن موجود في السفارة الكندية وتلقيت الإسعافات الأولية، والحمد لله مرت الأمور بخير وأنا سعيد بأنني نجوت من هذا العمل الإرهابي».
وفي سياق رده على سؤال حول المهاجمين وعددهم، قال ولد سيد أحمد: «لم أتمكن من رؤية منفذي الهجوم ولا معرفة عددهم، ولكنهم كانوا يكبرون (الله أكبر) بقوة في وجه الجميع، ولا يترددون في إطلاق النار، سمعت رصاصًا كثيفًا لا أعرف إن كان في الهواء أم أنه أطلق على أشخاص، الوضع كان مخيفًا، وسادت حالة من الذعر في ممرات الفندق لحظة الهجوم، بينما شاهدت بعض النزلاء وهم يغلقون غرفهم مفضلين البقاء فيها».
وأضاف: «لقد كان هذا هو فندقي المفضل، أنا على علم بأن الوضع الأمني في مالي مضطرب ولكن الإجراءات الأمنية كانت جيدة في العاصمة وخاصة في هذا الفندق، لقد كنت أثق فيه ولم أكن أتوقع وقوع هجوم من هذا النوع».
من جهة أخرى، أكد الرهينة الكندي أن الفندق كان لحظة الهجوم مليئا بالنزلاء من مختلف الجنسيات، وخاصة الغربية والآسيوية.
في سياق ذلك، تحدثت «الشرق الأوسط» مع عائلة رجل أعمال سنغالي كان محتجزًا في الفندق، أكدت أنهم يتواصلون معه عبر الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي، وقال أحد أفراد العائلة في اتصال هاتفي من دكار: «عندما علمنا بالهجوم على الفندق الذي يقيم فيه اتصلنا به لنطمئن عليه، أخبرنا أنه بخير وأنه موجود في غرفته لم يغادرها».
وأضاف المصدر ذاته أن عناصر من القوات الخاصة المالية والفرنسية تواصلوا معه وأخبروه بأنهم سيأتون لإخراجه من الفندق وطلبوا منه التزام الهدوء والبقاء في غرفته، فيما وصف رجل الأعمال لحظات الهجوم الأولى في حديث مع أحد أفراد عائلته قائلا: «استيقظت على أصوات إطلاق نار، اعتقدت للوهلة الأولى أنها تدريبات أو مناورات لأنني لم أكن أتوقع أن يصل الإرهابيون إلى هنا، ولكن عندما ألقيت نظرة من الشرفة أدركت أن الأمر يتعلق بإرهابيين خطرين».
ويقع الفندق الذي شهد الهجوم في واحد من أرقى الأحياء في العاصمة المالية باماكو، ويعد من أكثر المواقع تأمينًا في العاصمة، وقال أحد سكان الحي الذي يقع فيه الفندق: «لحظة الهجوم لم تكن ضربة حظ، فكثير من الماليين يمارسون فيه رياضتهم الصباحية قبل التوجه للعمل، لأنه يتوفر على أفضل قاعة للرياضة في باماكو».
وفي الرباط، أعلنت وزارة الخارجية أن مواطنين مغربيين كانا موجودين بالفندق، مضيفة أن أحدهما تمكن من مغادرة الفندق سالما فيما لا يزال الثاني بداخله. وأوضحت الوزارة في بيان أن المعلومات المتوفرة حتى صدور البيان أمس تشير إلى أن مواطنين مغربيين كانا يوجدان بمبنى الفندق أثناء عملية احتجاز الرهائن.



الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
TT

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة، خلال عملية عسكرية خاصة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي. في حين أعلن الجيش الموريتاني أن المواطنين جرى توقيفهم داخل أراضي مالي، وأكد أنه «لن يسمح» بأي انتهاك لحوزته الترابية.

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

وقالت مصادر محلية إن المواطنين الموريتانيين أفرج عنهم بعد ساعات من التوقيف، وكانت وحدة «فاغنر» قد سلّمتهم إلى الجيش المالي الذي حقّق معهم ثم أفرج عنهم، ليعودوا إلى الأراضي الموريتانية ليل الأربعاء/الخميس.

اختراق الحدود

بعد توقيف الموريتانيين من طرف وحدة «فاغنر»، المرافقة للجيش المالي، تداول ناشطون موريتانيون على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تُفيد بأن مقاتلي «فاغنر» وقوات الجيش المالي «اخترقوا» الحدود، وأوقفوا مواطنين موريتانيين.

ولكن الحكومة الموريتانية نفت أن يكون قد حدث أي اختراق للحدود، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد أمدو: «إن وحدات من الجيش المالي كانت تتحرك في مناطق تابعة لحدودها، وأثناء مرورها اعتقلت هذه المجموعة».

وأضاف ولد أمدو، في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، أن القرية التي دخلها الجيش المالي وقوات «فاغنر»، «تابعة لدولة مالي»، مشيراً إلى أن «اتصالات جرت بين السلطات العسكرية الموريتانية والمالية أسفرت عن إطلاق سراح الموقوفين».

لا تسامح

وأصدر الجيش الموريتاني بياناً صحافياً حول الحادثة، وقال إن ما تداولته الصحف المحلية وبعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي حول اختراق الحدود «مجرد معلومات مغلوطة وأخبار زائفة»، وقال: «إنه لن يسمح لأي كان بانتهاك الحدود».

وأوضح الجيش الموريتاني أن «الأمر يتعلق بوصول وحدة من الجيش المالي إلى قرية الأغظف الموجودة داخل التراب المالي»، وشدّد على أنه «لم تصل القوات المالية مطلقاً إلى خط الحدود بين البلدين».

وقال الجيش الموريتاني: «إن الوحدة العسكرية المالية أوقفت 18 شخصاً في المناطق التي مرت بها، قبل أن يجري إطلاق سراح الموقوفين لاحقاً، بعد اتصالات ميدانية بين الجهات المعنية بموريتانيا ومالي».

وخلص الجيش الموريتاني إلى «طمأنة المواطنين بأن الوحدات العسكرية الموريتانية المرابطة على الحدود، لن تسمح لأي كان بانتهاك الحوزة الترابية للبلاد»، وفق نص البيان الصحافي.

احتفاء محلي

كان توقيف المواطنين الموريتانيين قد أثار حالة من الرعب في أوساط السكان المحليين، في ظل مخاوف من تصفيتهم، كما سبق أن حدث مع موريتانيين خلال العامين الماضيين، أوقفتهم «فاغنر» وعثر عليهم في مقابر جماعية، ما كاد يقود إلى أزمة في العلاقات بين مالي وموريتانيا.

وبعد الإفراج عن الموقوفين سادت حالة من الارتياح في أوساط السكان المحليين، وأصدرت مجموعة من السياسيين والمنتخبين المحليين بياناً، قالت فيه إن سكان محافظة باسكنو الحدودية «يثمنون إطلاق سراح المختطفين على الحدود المالية».

وقال النائب البرلماني، محمد محمود ولد سيدي، إن الإفراج عن الموقوفين «لحظة تحمل في طياتها فرحة كبرى، وترسم أفقاً جديداً من الأمل والطمأنينة في قلوب الجميع».

وأضاف عضو البرلمان الموريتاني عن دائرة باسكنو، أن السكان يشكرون الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني «الذي قاد بحكمة وحزم مسار الجهود المبذولة لتحقيق هذا الإنجاز الوطني الكبير».

وأرجع النائب جهود الإفراج عن الموقوفين إلى ما سمّاه «الدبلوماسية العسكرية (الموريتانية) التي أظهرت قدرتها على إدارة الأزمات بفاعلية، وأثبتت بالدوام نجاعة وحنكة عاليتين في التعامل مع هذا التحدي الأمني الكبير».

حرب مالي

وتعيش دولة مالي على وقع حرب، منذ أكثر من 10 سنوات، ضد مجموعات مسلحة موالية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقبل سنوات قاد ضباط ماليون انقلاباً عسكرياً، وسيطروا على الحكم في البلد، ليعلنوا التحالف مع روسيا، وجلب مئات المقاتلين من «فاغنر» لمساعدتهم في مواجهة المجموعات الإرهابية.

ويثير وجود «فاغنر» داخل الأراضي المالية، خصوصاً في المناطق الحدودية، مخاوف الموريتانيين؛ إذ تسببت عمليات «فاغنر» في مقتل عشرات الموريتانيين داخل الشريط الحدودي بين البلدين.

وتوجد في الشريط الحدودي عشرات القرى المتداخلة، بعضها تتبع موريتانيا ويقطنها مواطنون ماليون، وأخرى تتبع مالي ويقطنها مواطنون موريتانيون، وذلك بسبب عدم ترسيم الحدود بشكل نهائي بين البلدين.