رئيس مالي: الهجوم على الفندق يزيد عزيمتنا على محاربة الإرهاب

الرئيس الفرنسي يعرض المساعدة بعد احتجاز الرهائن

مدنيون ماليون يحيون قوات الأمن بعد سيطرتهم على الفندق وإجلاء الرهائن منه أمس (رويترز)
مدنيون ماليون يحيون قوات الأمن بعد سيطرتهم على الفندق وإجلاء الرهائن منه أمس (رويترز)
TT

رئيس مالي: الهجوم على الفندق يزيد عزيمتنا على محاربة الإرهاب

مدنيون ماليون يحيون قوات الأمن بعد سيطرتهم على الفندق وإجلاء الرهائن منه أمس (رويترز)
مدنيون ماليون يحيون قوات الأمن بعد سيطرتهم على الفندق وإجلاء الرهائن منه أمس (رويترز)

قال الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا، إنه لا أحد في العالم بمأمن من الإرهاب، موضحا أنه على الماليين التكيف مع واقعهم ومحاربة الإرهاب الذي وصفه بأنه «تحدّ يتحد الجميع من أجل القضاء عليه». وأن الهجوم على الفندق سيزيد عزيمة بلاده في مكافحة الإرهاب.
وأشار إلى أن قوات الأمن المالية حررت أكثر من 20 رهينة، وفقًا لوكالة الأنباء الموريتانية.
وتوضح تصريحات الرئيس المالي تضاربا في الأرقام المعلن عنها من طرف الجهات المالية التي أكدت قبل أكثر من ساعة تحرير عشرات الرهائن، فيما اعتبر محللون أن معلومات الرئيس كيتا ربما تحتاج إلى تحديث لمواكبة وقائع عملية تحرير الرهائن.
وقطع كيتا زيارته إلى تشاد ومشاركته في قمة مجموعة دول الساحل الخمس بعد حادثة فندق راديسون في العاصمة المالية باماكو التي احتجز فيها العشرات. وأضاف كيتا خلال تصريحات لفضائية «فرانس 24» أمس، أن الأوضاع صعبة ولكن ليس ميؤوسًا منها، وتم بالفعل تحرير عدد من الرهائن، مشيرًا إلى أنه لا توجد دولة في منأى عن الإرهاب لذلك لا بد أن تستمر أعمال القمة لأنها في صالح الشعوب. وأشار إلى أن الأيام القادمة ستشهد تقدما في محاربة الإرهاب، مشددًا على أن الحادث عزز عزيمة مالي نحو ذلك رغم شعور الحزن والتضامن مع الضحايا.
من جهته ذكر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن بلاده عرضت مساعدتها على مالي بعد أن احتجز مسلحون عددًا من الرهائن بفندق راديسون بلو في العاصمة باماكو، وأضاف على هامش اجتماع بشأن محادثات المناخ المقبلة «أطمئن رئيس مالي إبراهيم أبو بكر كيتا أن فرنسا قادرة على تقديم الدعم الضروري لقوات بلاده». وأضاف: «تم شن هجوم وسوف نساعد على ضمان إطلاق سراح الرهائن بشتى السبل الممكنة. يتعين مرة أخرى أن نمضي قدمًا ونظهر تضامننا مع بلد صديق لنا، مالي». وتابع هولاند أن هناك سياحًا ورجال أعمال «من جنسيات مختلفة في الفندق». ودعا المواطنين الفرنسيين في مالي إلى الاتصال بسفارتهم وحذر رعايا فرنسا في جميع الدول «الحساسة» باتخاذ تدابير احترازية. وتعمل السلطات في مالي على تعزيز قواتها العسكرية، من خلال الترفيع في قدرات جنودها على التصدّي للإرهاب في المناطق الشمالية للبلاد، وذلك بدعم من الاتحاد الأوروبي، بنسق يتّجه نحو أقصاه في محاولة لكبح أعمال العنف التي تطبق على البلاد، في خضمّ المواجهات المتواترة بين الجيش المالي والمجموعات المسلّحة المتمركزة في مناطق متفرّقة.
مساعي الحكومة المركزية في باماكو نحو الترفيع من نسق التصدّي للإرهاب، لقيت دعما كبيرا من قبل الاتحاد الأوروبي، حيث أشرف الأخير على تنظيم دورة تدريبية لجنود ماليين للرفع من مهاراتهم القتالية، بغية تجهيزهم للحرب ضد الإرهاب في بلد مثّلت مناطقه الشمالية مسرحا لكثير الهجمات التي قادتها - في معظمها - الجماعات المسلحة، بحسب العقيد نيكولاس ريفيير قائد القوات المكلفة تدريب جنود بعثة الاتحاد الأوروبي في مالي (أوتي آم).
وانتهت الـ«أوتي آم»، مؤخرا، من تقديم دورة تدريبية للمجموعة السادسة من فرقة العمل التكتيكية الداخلية المسلحة، التي اختير لها من الأسماء «الفاروق»، في إحالة على اسم «الجني الذي يحرس تومبوكتو (شمالي مالي)»، بحسب الأسطورة المحلية. وأمضت هذه المجموعة 12 أسبوعا في التدرّب على استخدام الأسلحة والتخطيط للعمليات وتنفيذها. وتعقيبا عن ذلك، أضاف العقيد ريفيير قائلا: «لا يمكننا أن نقوم بأمور مثالية في ظرف 12 أسبوعا (…) لكن قوات الفاروق، بإمكانها الارتقاء إلى تطلعات القوات المسلحة المالية». ومع نهاية فترة التدريب، قام الجنود المتربصون بتطبيق تمرين عسكري على الأرض كان الهدف منه السيطرة على بلدة «كوليكورو»، شمالي مالي، بطريقة تمنع تسلل العناصر المنتمية للمجموعات المسلحة المنتشرة في الشمال.
من جهته، اعترف الملازم مامادو آس تراوري، قائد قوات «الفاروق» أنّه يتعيّن على القوات المالية رفع رهان كبير لا سيما شمالي مالي، معتبرا أنّ «عناصر الجماعات المسلحة بشكل عام لا يمكنها الصمود أمام الجيش المالي، ما يدفعها إلى التركيز على السكان المدنيين وهم يستخدمونهم للوصول إلينا وتنفيذ عملياتهم».
ومنذ قدومها إلى مالي في 2013 قامت الـ«أوتي آم» بتدريب 3 آلاف و400 جندي ضمن 6 دفعات من فرق العمل التكتيكية الداخلية المسلحة تم نشرها جميعا شمالي البلاد لمواجهة هجمات الجماعات المسلحة الناشطة شمالي البلاد. وهو إجراء يهدف إلى التصدّي للإرهاب المتفاقم في البلاد، خصوصا أن قوات الجيش المالي والقوات الدولية تتعرّضان بشكل متواتر، شمالي البلاد، إلى هجمات تعتمد أساليب التفجيرات بجميع أنواعها، وتستخدم عناصر المجموعات المسلّحة، خلالها، الأسلحة لمهاجمة القوات المالية والدولية المتمركزة في المنطقة. وعبر هذا الدعم الذي يقدّمه الاتحاد الأوروبي والمينوسما، تأمل باماكو في القضاء على التهديدات الإرهابية التي تعاني منها البلاد والوصول إلى نهاية النفق المظلم، حتى وإن كانت الجماعات المتمردة في الشمال قد رفضت مشروع اتفاق السلام المعروض عليها في الجزائر بتاريخ غرة مارس (آذار) الماضي بحسب مصدر أمني.
تصعيد المجموعات المسلّحة وتواتر هجماتها في الشمال، التي كان آخرها العملية التي جرت، في 7 مارس، في مطعم عند «حي الأميرة» في قلب العاصمة باماكو - نقطة لقاء الطبقة الثرية وتجار التهريب في العاصمة - والتي أسفرت عن مقتل 5 أشخاص، بينهم أجانب، وإصابة 9 آخرين بجروح، خلّف صدمة لدى السكان، وهو ما دفع بالسلطات المالية المدعومة بالاتحاد الأوروبي والبعثة الأممية، إلى الترفيع من حالة التأهب والحذر، لتجنيب البلاد عملية أخرى من هذا النوع.
وفي أعقاب هذه الحادثة التي هزت البلاد، تعّودت أعين سكان باماكو على لمح التعزيزات الأمنية المنتشرة في كل زوايا ومفترقات العاصمة، ولا سيما أمام مقرات التمثيليات الدبلوماسية والفنادق والحي الوزاري، فيما تقوم البعثة الأممية بعمليات تفتيش في كل مكان، وفقا لتصريحات مصدر أمني لـ«الأناضول». ولئن تباينت المواقف بشأن هذه التعزيزات الأمنية، إلا أنّ مدير أحد الفنادق (فضّل عدم الكشف عن اسمه) قال في حديث لـ«الأناضول»، بنبرة تحمل الكثير من الارتياح: «لقد أرسلت إلينا مينوسما رجال القبعات الزرق، فيما أرسلت لنا الحكومة المالية رجال شرطة من وحدة مكافحة الجريمة»، في خطوة تهدف إلى تأمين هذا النوع من المؤسسات، فيما اصطفت السيارات غير بعيد عن ذلك أمام الحي الوزاري في باماكو لتخضع إلى عملية تفتيش دقيقة لا مفر منها قبل الولوج إلى المنطقة.
أمّا على مستوى المنافذ المؤدّية إلى العاصمة باماكو، فتخضع جميع السيارات المارة إلى التفتيش بشكل دقيق. بيار بيرتيت، مستشار أمني فرنسي مقيم في مالي منذ 30 عاما، عقّب على هذه الجزئية قائلا: «لا يمكن لهذه التدابير الأمنية أن تضمن عدم وقوع عملية أخرى في باماكو، لا لشيء إلا لأنه لم يقع تحديد هوية العدو بشكل واضح، غير أنّها تصلح على الأقل لطمأنة السكان، إذ لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي».



الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
TT

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة، خلال عملية عسكرية خاصة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي. في حين أعلن الجيش الموريتاني أن المواطنين جرى توقيفهم داخل أراضي مالي، وأكد أنه «لن يسمح» بأي انتهاك لحوزته الترابية.

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

وقالت مصادر محلية إن المواطنين الموريتانيين أفرج عنهم بعد ساعات من التوقيف، وكانت وحدة «فاغنر» قد سلّمتهم إلى الجيش المالي الذي حقّق معهم ثم أفرج عنهم، ليعودوا إلى الأراضي الموريتانية ليل الأربعاء/الخميس.

اختراق الحدود

بعد توقيف الموريتانيين من طرف وحدة «فاغنر»، المرافقة للجيش المالي، تداول ناشطون موريتانيون على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تُفيد بأن مقاتلي «فاغنر» وقوات الجيش المالي «اخترقوا» الحدود، وأوقفوا مواطنين موريتانيين.

ولكن الحكومة الموريتانية نفت أن يكون قد حدث أي اختراق للحدود، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد أمدو: «إن وحدات من الجيش المالي كانت تتحرك في مناطق تابعة لحدودها، وأثناء مرورها اعتقلت هذه المجموعة».

وأضاف ولد أمدو، في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، أن القرية التي دخلها الجيش المالي وقوات «فاغنر»، «تابعة لدولة مالي»، مشيراً إلى أن «اتصالات جرت بين السلطات العسكرية الموريتانية والمالية أسفرت عن إطلاق سراح الموقوفين».

لا تسامح

وأصدر الجيش الموريتاني بياناً صحافياً حول الحادثة، وقال إن ما تداولته الصحف المحلية وبعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي حول اختراق الحدود «مجرد معلومات مغلوطة وأخبار زائفة»، وقال: «إنه لن يسمح لأي كان بانتهاك الحدود».

وأوضح الجيش الموريتاني أن «الأمر يتعلق بوصول وحدة من الجيش المالي إلى قرية الأغظف الموجودة داخل التراب المالي»، وشدّد على أنه «لم تصل القوات المالية مطلقاً إلى خط الحدود بين البلدين».

وقال الجيش الموريتاني: «إن الوحدة العسكرية المالية أوقفت 18 شخصاً في المناطق التي مرت بها، قبل أن يجري إطلاق سراح الموقوفين لاحقاً، بعد اتصالات ميدانية بين الجهات المعنية بموريتانيا ومالي».

وخلص الجيش الموريتاني إلى «طمأنة المواطنين بأن الوحدات العسكرية الموريتانية المرابطة على الحدود، لن تسمح لأي كان بانتهاك الحوزة الترابية للبلاد»، وفق نص البيان الصحافي.

احتفاء محلي

كان توقيف المواطنين الموريتانيين قد أثار حالة من الرعب في أوساط السكان المحليين، في ظل مخاوف من تصفيتهم، كما سبق أن حدث مع موريتانيين خلال العامين الماضيين، أوقفتهم «فاغنر» وعثر عليهم في مقابر جماعية، ما كاد يقود إلى أزمة في العلاقات بين مالي وموريتانيا.

وبعد الإفراج عن الموقوفين سادت حالة من الارتياح في أوساط السكان المحليين، وأصدرت مجموعة من السياسيين والمنتخبين المحليين بياناً، قالت فيه إن سكان محافظة باسكنو الحدودية «يثمنون إطلاق سراح المختطفين على الحدود المالية».

وقال النائب البرلماني، محمد محمود ولد سيدي، إن الإفراج عن الموقوفين «لحظة تحمل في طياتها فرحة كبرى، وترسم أفقاً جديداً من الأمل والطمأنينة في قلوب الجميع».

وأضاف عضو البرلمان الموريتاني عن دائرة باسكنو، أن السكان يشكرون الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني «الذي قاد بحكمة وحزم مسار الجهود المبذولة لتحقيق هذا الإنجاز الوطني الكبير».

وأرجع النائب جهود الإفراج عن الموقوفين إلى ما سمّاه «الدبلوماسية العسكرية (الموريتانية) التي أظهرت قدرتها على إدارة الأزمات بفاعلية، وأثبتت بالدوام نجاعة وحنكة عاليتين في التعامل مع هذا التحدي الأمني الكبير».

حرب مالي

وتعيش دولة مالي على وقع حرب، منذ أكثر من 10 سنوات، ضد مجموعات مسلحة موالية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقبل سنوات قاد ضباط ماليون انقلاباً عسكرياً، وسيطروا على الحكم في البلد، ليعلنوا التحالف مع روسيا، وجلب مئات المقاتلين من «فاغنر» لمساعدتهم في مواجهة المجموعات الإرهابية.

ويثير وجود «فاغنر» داخل الأراضي المالية، خصوصاً في المناطق الحدودية، مخاوف الموريتانيين؛ إذ تسببت عمليات «فاغنر» في مقتل عشرات الموريتانيين داخل الشريط الحدودي بين البلدين.

وتوجد في الشريط الحدودي عشرات القرى المتداخلة، بعضها تتبع موريتانيا ويقطنها مواطنون ماليون، وأخرى تتبع مالي ويقطنها مواطنون موريتانيون، وذلك بسبب عدم ترسيم الحدود بشكل نهائي بين البلدين.