مطالبات برلمانية في ألمانيا بإرسال قوات عسكرية إلى سوريا والعراق

وسط جدل سياسي وعسكري

مطالبات برلمانية في ألمانيا بإرسال قوات عسكرية إلى سوريا والعراق
TT

مطالبات برلمانية في ألمانيا بإرسال قوات عسكرية إلى سوريا والعراق

مطالبات برلمانية في ألمانيا بإرسال قوات عسكرية إلى سوريا والعراق

بموازاة الجدل الدائر في ألمانيا حول إنزال الجيش في المدن الألمانية لدرء خطر الإرهاب، اندلع نقاش واسع، بين أوساط أحزاب حكومة المستشارة أنجيلا ميركل وأحزاب المعارضة، حول إشراك الجيش الألماني في الحرب ضد «داعش» في سوريا والعراق.
ويرى المطالبون بإرسال قوات من الجيش إلى سوريا والعراق، أن الشرطة الاتحادية والقوات الخاصة تستطيعان إحلال الأمن في المدن الألمانية، الأمر الذي يؤهل الجيش للقيام بمهام عسكرية خارج حدود البلاد.
ويؤسّس أنصار إشراك القوات العسكرية الألمانية في الحرب على «داعش» دعوتهم على أساس حالة الطوارئ التي أعلنتها باريس، بعد تعرّضها لإرهاب الجمعة الدامي قبل أسبوع، وطلب فرنسا اعتبار الهجمات على فرنسا اعتداءً على حلف شمال الأطلسي (ناتو). ومعلوم أنه تنص فقرة في وثيقة التحالف على حق الدول الأعضاء في الدعوة إلى تعميم الحرب أطلسيًا عند تعرّض هذا العضو إلى مخاطر تفوق قدراته العسكرية. وسبق لرئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان، قبل بضعة أشهر، أن حصل على دعم «ناتو» في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني، على أساس نفس الفقرة.
ورغم أنه لم يصدر رد فعل من المستشارة ميركل على هذه الدعوات، فإن هذه الدعوات صدرت بالذات عن نواب برلمانيين متخصّصين في الشؤون العسكرية من داخل حزبها (الاتحاد الديمقراطي المسيحي)، ومن داخل صفوف الحزب الديمقراطي الاشتراكي، حليفها في التحالف الحكومي. فقد ذكر توماس هتشلر، المتخصّص في الشؤون العسكرية في الحزب الديمقراطي الاشتراكي، أن على ألمانيا التأهب لإنزال الجيش في الحرب ضد «داعش»، وأردف قائلاً: «يبقى على التحالف الحكومي أن يقرّر أين ومتى ينفذ بنود اتفاقية (ناتو)». ومن جانبه، طالب روديريش كيزفيتر، الخبير العسكري في الحزب الديمقراطي المسيحي، باستخدام سلاح الجو الألماني للكشف عن مواقع إرهابيي «داعش» وتحركاتهم. وأضاف كيزفيتر في تصريح لصحيفة «بيلد» أن ألمانيا «تستطيع المشاركة عسكريًا في التحالف الدولي ضد (داعش)، وبمقدور طائرات الـ(تورنادو) الألمانية أن تقوم بدور حاسم في هذه الحرب الدائرة في سوريا والعراق، ومنها استطلاع الأهداف لتتولى قاذفات التحالف الدولي تدميرها»، بحسب رأيه.
كذلك قال كارل مولنر، خبير القوة الجوية الألمانية، لصحيفة «زود دويتشه تسايتونغ»، إن القوات العسكرية الألمانية مؤهلة للاضطلاع بدور في الحرب ضد التنظيم المتطرف، مضيفًا: «بإمكاننا أن نقدم الدعم اللازم للتحالف، سواء من خلال استخدام طائرات الـ(تورنادو) أو من خلال تقديم الدعم اللوجيستي، أو إرسال المشاة».
مع هذا، لا يبدو أن المزاج الحكومي داخل تحالف ميركل ميال إلى إرسال قوات إلى العراق وسوريا حتى الآن، وهذا ما عبّر عنه وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، حين ذكر أنه لا يجد مقترح استخدام طائرات الـ«تورنادو» في سوريا والعراق سليمًا.
وفي الاتجاه نفسه، اعتبرت سيمونه بيتر، من قيادة حزب الخضر البيئي اليساري، أن «التحالف مع الأصدقاء الفرنسيين بديهي»، لكنها عبرت عن قناعتها بأن «التضامن لا يعني بالضرورة التدخل العسكري». وأضافت أن العوامل التي تتحد ضد إرسال قوات ألمانية إلى العراق وسوريا «تزن» أكثر من العوامل التي تستدعي ذلك. وأشارت إلى أن «غياب استراتيجية أطلسية» وتوكيلاً من الأمم المتحدة يبرّران التدخل عسكريًا هناك.
أيضًا، استبعد هارالد كويات، المفتش العام السابق للجيش الألماني، إرسال قوات ألمانية إلى العراق وسوريا «على أساس عوامل تسليحية وبنيوية». وعبر عن قناعته لصحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» بأن ألمانيا لن ترسل قواتها إلى العراق وسوريا «لأنه لا أحد مستعدًا لذلك.. لا الولايات المتحدة ولا فرنسا، ولا حتى روسيا».
واستطرد أن «الجيش الألماني، في وضعه الحالي، غير قادر على التورط في مناطق نزاع جديدة، وخصوصًا، بعد تحويل الجيش من جيش إلزامي إلى جيش محترف صغير لا يزيد عديده على 170 ألفًا». ثم أشار إلى مؤتمر «ناتو» الأخير الذي عقد في إقليم ويلز ببريطانيا، والذي أوصى بتخصيص 20 في المائة من الميزانية العسكرية لكل بلد من أعضاء الحلف لتطوير الأسلحة والعتاد. وقال إن «ألمانيا لم تخصص حتى الآن أكثر من 14 في المائة».
ومما يجدر ذكره أن ألمانيا تشارك راهنًا بنحو 9100 عسكري في مهمات دولية حفظ السلام ومكافحة الإرهاب في أفغانستان (إيساف) وكوسوفو (كفور) والبوسنة (يوفور) والكونغو (يوفور كونغو) والقرن الأفريقي (إنديورنغ فريدوم) والسودان (أميس) وجورجيا (يونوميغ) وإثيوبيا وإريتريا (يونمي)، بالإضافة إلى 1400 قبالة الساحل اللبناني. ولقد فقد الجيش الألماني 68 جنديًا في هذه المهمات منهم 18 جنديًا في أفغانستان. وقتل 36 منهم في أعمال عنف وتفجير وقنص، وتوفي الجزء الآخر بسبب الحوادث والنيران الصديقة والأمراض. وهذا يعني أن 3 في المائة من مجموع الجيش الألماني يعمل في المهمات المنوطة به خارج الأراضي الألمانية.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».