مفاوضات «هدنة الغوطة الشرقية» مستمرة على وقع تكثيف النظام وموسكو قصفهما على مناطقها

مصادر تصفها بـ«الإيجابية» وقيادي في «جيش الإسلام» يلمّح إلى خلافات بين الفصائل

مفاوضات «هدنة الغوطة الشرقية» مستمرة على وقع تكثيف النظام وموسكو قصفهما على مناطقها
TT

مفاوضات «هدنة الغوطة الشرقية» مستمرة على وقع تكثيف النظام وموسكو قصفهما على مناطقها

مفاوضات «هدنة الغوطة الشرقية» مستمرة على وقع تكثيف النظام وموسكو قصفهما على مناطقها

واصلت قوات النظام السوري وفصائل من المعارضة على رأسها جيش الإسلام، التفاوض برعاية روسية، بهدف تطبيق هدنة في الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، وهذا على الرغم من استمرار القصف الروسي والنظامي يومي أمس وأول من أمس، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وفي حين لم يعلن أي طرف رسميًا بدء العمل بالهدنة، بعد المعلومات التي كانت قد أشارت إلى انطلاقها يوم الخميس ومن ثم أمس الجمعة، لفتت مصادر في المعارضة إلى أن المعطيات تشير إلى إمكانية بدء تنفيذ وقف إطلاق النار خلال وقت قصير. وهو ما أشار إليه مصدر مطلع على المفاوضات لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «المباحثات لا تزال جارية وهي إيجابية إلى حدّ ما وهناك تدخلات من قبل جهات ومنظمات دولية لإعادة هيكلة الهدنة بعد الخروق التي قام بها النظام وموسكو». ولفت إلى أن اتفاق الهدنة يرتكز في أبرز بنوده على وقف إطلاق النار ووقف إطلاق الصواريخ باتجاه المرافق الحيوية في العاصمة دمشق والمناطق المحيطة بها، على اعتبار أن الغوطة الشرقية تشكّل المحطة الأساسية لاستهداف العاصمة من قبل المعارضة. من جهته، ألمح «أبو جعفر الشامي»، القيادي في «جيش الإسلام» في حسابه على موقع «تويتر» إلى وجود خلافات بين الفصائل بشأن الموافقة على الهدنة، و«إن ما عرضه ويستجديه النظام هو وقف إطلاق النار وليس مصالحة»، متهمًا من يعترضون عليه من «فصائل المعارضة التي تميزت بوجود أمني وتجاري» وفق تعبيره بـ«المزايدة»، وذلك «لرغبتهم في المال والقيادة أو استمرار الموت». وأشار الشامي إلى «أن الاتفاق الذي يقوم جيش الإسلام بدراسته يستمر لمدة 15 يومًا ويتضمن فتح المعابر ولقد وافقت عليه المؤسسات المدنية والإغاثية»، لافتًا إلى أن تنفيذه سينعكس سلبا على تجارة الأنفاق لبعض الفصائل التي من المتوقع أن تعترض عليه.
من جهة ثانية، قال ياسر الدوماني، الناشط في ريف دمشق، إن اتصالات أجريت من قبل رئيس مكتب نائب الرئيس الروسي برئيس الهيئة الشرعية في الغوطة الشرقية، بحث خلالها اتفاق الهدنة، وانتشرت على الفور أخبار إيجابية في هذا الإطار بين المواطنين الذين خرجوا من منازلهم مطمئنين، لكنهم تفاجأوا بقصف طيران النظام الكثيف بعشرات القنابل والصواريخ.
وتابع المصدر المطلع على المفاوضات: «منذ أكثر من سنة ونصف، اعتاد النظام على طرح (المصالحة) ليس فقط في الغوطة وإنما في عدد من المناطق، وهي تنص في أبرز بنودها على أنه يسترجع الأراضي التي سيطرت عليها المعارضة وتسليم المعتقلين لدينا من عناصره والميليشيات العراقية والإيرانية واللبنانية وتسوية أوضاع المطلوبين، لكن هذا الأمر لم ولن يلقى تجاوبًا من الفصائل». ويوم أمس، نقلت «شبكة شام» عن الناطق الرسمي باسم «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» وائل علوان قوله: «لا يمكن أن يكون قرار مثل وقف إطلاق النار أو الهدنة إلا واضحًا وبرعاية جهة رسمية»، وأردف أن القرار في ذلك للشعب السوري وبمشاركة كل المؤسسات الثورية العاملة في المناطق المحررة. وكانت قيادة الشرطة في الغوطة الشرقية، قد تطرّقت إلى موضوع الهدنة على صفحتها على موقع «فيسبوك»، طارحة السؤال: «هل يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ؟ وما حقيقته؟ وتابع علوان: «قدم المفاوض الروسي عرضًا بوقف إطلاق النار لمدة 15 يومًا من دون قيد أو شرط واندفع كثيرون للقبول به ووجدوا فيه على الأقل متنفسًا من قساوة العيش في الغوطة، لكن البعض لم يجد في هذا العرض إلا الخزي والعار.. وبين هذا وذاك نسينا أن نسأل ما رأي الطرف الآخر بهذا العرض أي نظام الأسد». واعتبر أن روسيا «أرادت وقف إطلاق النار لنفذته من دون عرض، وبالتالي هذا الأمر هو اختبار للنيات وإثبات للعالم بأن قواعد اللعبة في سوريا في يدها وأنها تستطيع التأثير على أطراف الصراع في المنطقة».
من جانب آخر، تعرضت مناطق في مدينة دوما وبلدة بالا ومزارع الطباخ بالغوطة الشرقية ومناطق أخرى في مدينة داريا بالغوطة الغربية، يوم أمس، لقصف من قبل قوات النظام، مما أدى لسقوط عدد من الجرحى في دوما. كذلك فتحت قوات النظام نيران رشاشاتها الثقيلة على المزارع الواقعة بين بلدة الدير خبية ومخيم خان الشيح في الغوطة الغربية، ترافق مع قصفها للمناطق ذاتها، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
ولفت إلى أن «قوات النظام استهدفت بشكل مكثف أماكن في منطقة المرج بغوطة دمشق الشرقية، حيث استهدف القصف منطقة مرج السلطان ومطارها، بالتزامن مع اشتباكات بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر في محيط المرج». وفي المقابل، ذكر «المرصد»، أن قذيفتين سقطتا على مناطق في الأحياء الواقعة على سفوح جبل قاسيون بأطراف العاصمة، مما أدى إلى إصابة طفل بجروح، كذلك سقط صاروخ على منطقة في محيط جسر الرئيس بوسط دمشق، مما أدى لأضرار مادية في حين قتل مواطن وسقط عدد من الجرحى، جراء سقوط قذائف على مناطق في المهاجرين، فيما واصلت قوات النظام قصفها مناطق في حي جوبر.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».