المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية تنطلق غدًا بتصويت الخارج وسط تحذيرات من خرق «الصمت» بالداخل

حزبيون لـ«الشرق الأوسط»: المنافسة صعبة بين التيار المدني.. وتفتيت الأصوات لصالح النور «السلفي»

المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية تنطلق غدًا بتصويت الخارج وسط تحذيرات من خرق «الصمت» بالداخل
TT

المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية تنطلق غدًا بتصويت الخارج وسط تحذيرات من خرق «الصمت» بالداخل

المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية تنطلق غدًا بتصويت الخارج وسط تحذيرات من خرق «الصمت» بالداخل

بعد 24 ساعة تتجه أنظار العالم إلى نهاية سباق الانتخابات النيابية المصرية ثالث استحقاقات خريطة طريق المستقبل التي تم التوافق عليها عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013. وهي الانتخابات التي يراهن عليها المصريون للانطلاق نحو غد أفضل في ظل وجود برلمان قوي يضم مختلف التيارات السياسية.
وكثف المرشحون أمس (الخميس) من دعايتهم الانتخابية وسباقهم المحموم للمرحلة الثانية من الانتخابات المصرية، قبل الدخول في فترة «الصمت الانتخابي» التي تبدأ اليوم (الجمعة) ولمدة يوم واحد فقط، قبل انطلاق عملية الاقتراع غدا (السبت) لمدة يومين في الخارج، وفي الداخل يومي (الأحد) و(الاثنين) المقبلين.
وبينما أكدت قيادات حزبية مسؤولة، أن «المنافسة صعبة بين التيار المدني خلال هذه المرحلة»، محذرة من أن تفتيت الأصوات بين القوى المدنية سوف يصب في صالح حزب النور «السلفي» ممثل التيار الإسلامي الوحيد، قال مصدر قضائي في اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، إن «أي خرق لفترة الصمت الانتخابي من جانب المرشحين سيواجه بتوقيع عقوبات على المخالفين».
ويقدر عدد الناخبين المقيدين في قاعدة البيانات في المرحلة الثانية نحو 27 مليونا و503 آلاف و913 ناخبا.
وأوضح المصدر القضائي أن عدد المرشحين في المرحلة الثانية يبلغ 2872 مرشحا على المقاعد الفردية يتنافسون على 222 مقعدا في 102 دائرة انتخابية على مستوى 13 محافظة، ويبلغ عدد المرشحين 195 مرشحا على 60 مقعدا في دائرتي القاهرة وشرق الدلتا، حيث تتنافس في الدائرة الكبرى (القاهرة) 4 قوائم انتخابية على 45 مقعدا هي «في حب مصر»، و«النور»، و«التحالف الجمهوري»، و«ائتلاف الجبهة المصرية- وتيار الاستقلال». وفي شرق الدلتا يوجد 15 مقعدا لم تشهد ترشح أي قائمة سوى «في حب مصر» التي تحتاج إلى 5 في المائة من قاعدة بيانات الناخبين المقيدين بالدائرة للفوز بمقاعد القائمة في القطاع.
وتؤمن قوات الشرطة بطاقات الاقتراع من لحظة خروجها من مطابع الشرطة حتى وصولها إلى مديريات الأمن في كل محافظة تجري بها الجولة الثانية للانتخابات وهي (القاهرة والقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والشرقية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال وجنوب سيناء).
وقال المصدر القضائي نفسه، إن «المحاكم الابتدائية بالمحافظات سوف تتسلم بطاقات إبداء الرأي للفردي والقائمة غدا (السبت)، ليتم تسليمها للقضاة وأعضاء الجهات القضائية المشرفين على الانتخابات مساء نفس اليوم، وسط إجراءات تأمينية مشددة من قوات الأمن الجيش».
ودعت اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية برئاسة المستشار أيمن عباس أمس، كل من لديه أدلة ومستندات عن تجاوز المرشحين للسقف المالي في الدعاية الانتخابية، التقدم بشكوى للجنة رصد مخالفات الدعاية بالمحافظة المختصة، وعدم الاكتفاء بطرح هذه المساءلة في وسائل الإعلام، وذلك حتى يمكن استكمال الإجراءات القانونية المقررة في هذا الشأن.
وقال المستشار عمر مروان المتحدث الرسمي باسم اللجنة العليا للانتخابات، إن اللجنة العليا شددت على القضاة بتحرير محاضر عن مخالفات الدعاية التي يتم ضبطها، واتخاذ الإجراءات القانونية نحوها على الفور.
وتجري الانتخابات غدا (السبت) في 139 لجنة انتخابية للمصريين بالخارج والدول التي ستجرى بها انتخابات المصريين بالخارج ومقار السفارات والبعثات الدبلوماسية المصرية في هذه الدول.
من جانبها، أكدت القيادية بقائمة «في حب مصر» مارجريت عازر، أن «المنافسة في المرحلة الثانية صعبة للغاية»، لافتة إلى أن «في حب مصر» اختارت شخصيات مؤثرة في هذه المرحلة وفرصتها كبيرة للفوز في أغلب القوائم؛ لكنها أكدت أن القرار في الأول والآخر للشعب المصري.
وأضافت عازر بقولها: المهم أن يختار المصريون أعضاء التيار المدني، لأن مصر أعلنت رفضها للتيار الديني الممثل في حزب «النور» السلفي؛ لكنها أوضحت أن تفتيت الأصوات بين التيار المدني يصب في صالح «النور» ويعيدنا للمربع صفر، مؤكدة أن «في حب مصر» لا تقلق من نسبة التصويت في المرحلة الثانية، بقولها بأن «النسبة لو وصلت إلى 30 في المائة خلال المرحلتين يعني هذا أنه ليس هناك عزوف؛ لكنها توقعت أن ترتفع نسبة التصويت خلال المرحلة الثانية».
وقالت عازر لـ«الشرق الأوسط» إن عزوف الناخبين في المرحلة الأولى راجع لعدم فهمهم للنظام الانتخابي بمصر؛ فضلا عن أن معظم الوجوه التي كانت مرشحة جديدة؛ لكن استطعنا توضيح ذلك للناخبين قبل بدء المرحلة الثانية، مؤكدة أن التجربة جعلت المصريين لديهم وعي بأهمية الاقتراع، خاصة بعدما شهدت المرحلة الأولى شفافية وعدم تزوير.
فيما أكد الدكتور ياسر حسان المتحدث الرسمي لحزب الوفد، أن «المنافسة خلال هذه المرحلة يلعب المال السياسي دورا كبيرا في حسمها»؛ لكنه لم يقلل من نسبة الاقتراع بقوله: إن «الفرصة ستكون قوية في التصويت بالقاهرة، وقد تكون أقل في دوائر أخرى»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «الوفد فرصته كبيرة لأنه ينافس في أكبر معاقله»، نافيا تدخل الدولة بأي شكل من الأشكال خلال المرحلة الثانية.
من جهته، أكد أحمد سامي مسؤول المكتب الإعلامي لحزب «مستقبل وطن»، الذي حل ثانيا بعد حزب «المصريين الأحرار» في الفوز بمقاعد المرحلة الأولى، أن «المنافسة في المرحلة الثانية ستكون أصعب على الجميع، لعدم وجود نزاعات قبلية وعصبية مثلما حدث خلال المرحلة الأولى»، لافتا إلى أن محافظات المرحلة الثانية تختلف كل الاختلاف عن الأولى، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن نسبة التصويت ستكون مرتفعة، حيث إن الأحزاب تفادت الأخطاء التي وقعت فيها خلال المرحلة الأولى.
وعن توقعاته بحصول «مستقبل وطن» على الأغلبية خلال المرحلة الثانية، قال سامي سوف نحصل على عدد مقاعد أكبر من الأولى، وسيكون لنا نصيب كبير داخل البرلمان، بسبب أن أغلب مرشحي الحزب في المرحلة الثانية لديهم قوة كبيرة داخل دوائرهم الانتخابية.
وتوقع سامي عدم حصول «النور» على نسبة مقاعد خلال المرحلة الثانية، ؛ لكنه أكد أن تفتيت الأصوات لن يصب في صالحه؛ بل في صالح الأحزاب الأخرى، مؤكدا أن «القوى المدنية تستعد لتشكيل تحالف ليبرالي قوي داخل البرلمان بما يخدم مصالح المجتمع».
في غضون ذلك، أكد المستشار محمود حلمي الشريف المتحدث باسم نادي قضاة مصر لـ«الشرق الأوسط» أنه «تم عمل غرفة عمليات بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية واللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، وذلك للتغلب على أي مشاكل تحدث خلال المرحلة الثانية من الانتخابات»، مضيفا أن «الانتخابات سوف تجري تحت إشراف قضائي كامل».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم