تقارير حقوقية: انتهاكات مروعة للحوثيين وصالح في عدن ولحج

رصدت تجاوزات الميليشيات ضد المدنيين اليمنيين خلال عدوانها على الجنوب في خمسة أشهر

مسلح حوثي  يثير الرعب في نفوس طلاب بمدرسة السيدة عائشة بصنعاء الخاضعة لنفوذ الانقلابيين (غيتي)
مسلح حوثي يثير الرعب في نفوس طلاب بمدرسة السيدة عائشة بصنعاء الخاضعة لنفوذ الانقلابيين (غيتي)
TT

تقارير حقوقية: انتهاكات مروعة للحوثيين وصالح في عدن ولحج

مسلح حوثي  يثير الرعب في نفوس طلاب بمدرسة السيدة عائشة بصنعاء الخاضعة لنفوذ الانقلابيين (غيتي)
مسلح حوثي يثير الرعب في نفوس طلاب بمدرسة السيدة عائشة بصنعاء الخاضعة لنفوذ الانقلابيين (غيتي)

عقدت مؤسسة عدنية، تعمل في مجال الحقوق والحريات، مؤتمر صحافيا هو الثاني من نوعه لها، حول الوضع الإنساني في عدن ولحج خلال فترة الحرب من مارس (آذار) وحتى أغسطس (آب) 2015م، كاشفة إحصائيات مروعة عن انتهاكات ميليشيات الحوثيين والمخلوع صالح خلال الحرب، كان أبرزها ارتكابهم 8 مجازر ضد المدنيين في عدن، و5 مجازر في لحج، إلى جانب القتل العمد والاختطاف والتشريد للمواطنين والسكان، وتدمير المؤسسات والبنية التحتية، واستخدام المدنيين دروعا بشرية، وانتهاكات جسيمة بحق النساء والأطفال.
وأوضحت المحامية والناشطة الحقوقية وردة عمر بن سميط، رئيسة «مؤسسة عدالة للحقوق والحريات»، جملة من الانتهاكات المرتكبة من ميليشيات الحوثيين وقوات صالح خلال عدوانها على عدن ولحج، أبرزها القتل المتعمد للمدنيين من خلال استخدام القنص للمارة والسكان في مساكنهم، والاختطاف والاعتقالات للناشطين في المجال الطبي ومنظمات المجتمع المدني وكل من يعترضهم أو يبدي موقفًا معارضًا إلى جانب تشريد وتهجير المواطنين عبر البحر إلى جيبوتي وبعض المديريات الآمنة نسبيا من أهوال الحرب.
وأشارت بن سميط في حديثها الخاص مع «الشرق الأوسط» إلى أن ميليشيا الحوثيين وصالح عمدت إلى استخدام السكان المختطفين والمعتقلين دروعا بشرية من خلال الوجود والتمركز بالبيوت والأحياء السكنية أو احتجاز المواطنين في نقاط التفتيش، والتعمد في إبقاء جثث الضحايا من المواطنين في الشوارع ورفض تسليمهم لأهاليهم، وتدمير شبكة المياه والكهرباء واستهداف كل ما يمت إلى الحياة بصلة، مؤكدة أن ميليشيا الحوثيين وصالح قاموا باختطاف وتجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك وساحات القتال أتت بهم من الشمال إلى الجنوب واختطاف مدنيين من عدن ولحج كأسرى حرب من قبل الحوثي وترحيلهم إلى السجون في صنعاء، كما تعمدت منع دخول المواد الغذائية والطبية للسكان في مديريات عدن المسيطرة عليها.
وقالت بن سميط إن الميليشيات تعمدت السيطرة على المستشفيات وتهديد الأطباء واختطاف الجرحى والمختلين عقليًا ونهب الأدوية وتدمير الأجهزة وإغلاق مستشفيات، أبرزها «الجمهورية - باصهيب - مستشفى الشعب الخيري» وغيرها، أمام المواطنين، إلى جانب انتهاك حرمة وتحويل المرافق الصحية إلى ثكنات.
وذكرت قيام ميليشيا الحوثيين وصالح بالاستيلاء على مؤسسات ومعدات النظافة والصرف الصحي وتوقيف أعمالها وعمالها مما تسبب في تراكم المخلفات وانسداد المجاري وفيضانها في الشوارع مع المخلفات، ما نتج عنه انتشار الأمراض المميتة مع عدم إمكانية تلقي العلاج والعناية الصحية والأدوية، والتسبب بانتشار الأوبئة وحمى الضنك.
وأكد تقرير «عدالة» أن سكان وأهالي عدن يحتاجون إلى الدعم النفسي والاجتماعي، ولم يسجل حتى هذه اللحظة أي نشاط من قبل المنظمات الدولية أو المحلية العاملة في هذا الجانب إلا ما يوازي 5 في المائة من النشاط المطلوب، حيث أشار التقرير الحقوقي إلى أن وجود المكاتب الرئيسية للمنظمات الدولية في صنعاء أضعف من عملية الحصول على معلومات دقيقة حول الوضع الإنساني في الجنوب، ونظرًا لأن أغلب العاملين فيها ينتمون إلى المحافظات الشمالية فإنهم يعانون من محدودية الوصول إلى المحافظات الجنوبية نتيجة للاضطرابات السياسية التي تشهدها محافظات الجنوب منذ ما يقارب 10 أعوام.
وأوصى تقرير المؤتمر الحقوقي الثاني لـ«مؤسسة عدالة للحقوق والحريات» بالإسراع في إعادة ترميم وبناء المنازل المتضررة من الحرب لتمكين سكانها من العودة إليها والسكن بأمان، وكذلك سرعة إعادة وتأهيل المرافق والمراكز الأمنية بالمديريات والدوريات في الأحياء لضمان أمن وسلامة السكان وتوفير الطمأنينة والسلام الاجتماعي في أوساط السكان، وأيضًا الإسراع بوضع حد للسلاح المنتشر في المحافظة وتحديد الجهات التي يحق لها حمل السلاح.
وشددت توصيات «عدالة» على إعادة النظر في آلية توزيع المساعدات بما يضمن سرعة وصولها إلى المحتاجين ويحول دون تسرب الفساد والمحسوبية إلى اللجان العاملة أو يحرم بعض المناطق المحتاجة والاهتمام والعمل على إعادة جاهزية المجمعات الصحية في المديريات وتوفير أدوية للمحتاجين الفقراء، إلى جانب وضع حد عملي سريع للتلاعب بالمحروقات النفطية ديزل / بترول / غاز، وإغلاق السوق السوداء المنتشرة في المحافظة.
وأكدت «عدالة» في توصيات تقريرها الحقوقي الثاني ضرورة الاهتمام بأوضاع مؤسستي الماء والكهرباء ووضع حد للتدهور الحالي فيها، وإعادتها إلى العمل بكفاءة أفضل، واتخاذ إجراءات سريعة مع المتضررين بغرض التعويضات عما لحق بهم من أضرار وخيمة أثناء فترة الحرب وما بعدها، وسرعة تشكيل لجان لتقصي الحقائق للانتهاكات وادعاءات حقوق الإنسان، وإعادة بناء أجهزة نفاذ القانون الوطنية ومؤسسات الدولة بما يضمن إعادة الأمن والاستقرار وبسط نفوذ الدولة.
إلى ذلك، قالت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أول من أمس (الأربعاء)، إن قوات الحوثيين في اليمن استخدمت ألغامًا محظورة مضادة للأفراد، وتسببت في كثير من الخسائر الجديدة في صفوف المدنيين، حيث قدمت المنظمة أدلة جديدة على ذلك.
وطالبت المنظمة الحوثيين، المعروفين أيضًا باسم «أنصار الله»، بالتوقف عن استخدام هذه الأسلحة المحظورة، التي تتسبب بقتل المدنيين.
وأوضحت المنظمة أن الألغام الأرضية قتلت 12 شخصًا على الأقل وجرحت أكثر من 9 آخرين في محافظات اليمن الجنوبية والشرقية: أبين وعدن ومأرب ولحج وتعز، منذ سبتمبر (أيلول) 2015، وفقًا لخبراء نزع ألغام يمنيين وخبراء طبيين وتقارير إعلامية، معتقدة أن العدد الفعلي لضحايا الألغام في اليمن منذ سبتمبر قد يكون أعلى من ذلك بكثير.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.