الخرطوم وجوبا تتبادلان الاتهامات.. والتوتر يخيم بسبب أبيي

مسؤول الملف من جنوب السودان: على مجلس الأمن إعادة النظر في القوات الأممية

الخرطوم وجوبا تتبادلان الاتهامات.. والتوتر يخيم بسبب أبيي
TT

الخرطوم وجوبا تتبادلان الاتهامات.. والتوتر يخيم بسبب أبيي

الخرطوم وجوبا تتبادلان الاتهامات.. والتوتر يخيم بسبب أبيي

عادت أجواء التوتر بين دولتي السودان وجنوب السودان من جديد على خلفية النزاع في منطقة أبيي، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بشن هجوم عسكري في المنطقة أسفر عن مقتل عدد من المواطنين. وقالت الخرطوم إن «قوات من جيش الجنوب هاجمت المنطقة، لكن جوبا نفت أن تكون قواتها دخلت المنطقة منذ انسحابها في عام 2011، وطالبت مجلس الأمن الدولي بإعادة النظر في قوات الأمم المتحدة المنتشرة في أبيي (يونسفا)، وهي قوات إثيوبية»، متهمة إياها بالتحيز بشكل واضح إلى قبيلة المسيرية السودانية.
واتهمت الخرطوم رسميا قوات جنوب السودان بمهاجمة بلدة أبيي المتنازع عليها والاعتداء على السكان، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص وجرح نحو 20 آخرين من أبناء قبيلة المسيرية. ووجهت المواطنين في المنطقة إلى ضبط النفس، داعية جوبا إلى سحب قواتها والعناصر المسلحة.
وقال رئيس اللجنة الإشرافية لمنطقة أبيي من جانب السودان، الخير الفهيم، إن «عناصر من الجيش الشعبي ترتدي زي شرطة جنوب السودان قامت بالاعتداء على المواطنين»، مبينا أن اللجنة قدمت شكاوى لأكثر من ست مرات لقوات اليونسفا التابعة للأمم المتحدة، حول الخروقات المتكررة من قبل عناصر الجيش الشعبي.
لكن دينق بيونق، رئيس اللجنة الإشرافية من جانب جنوب السودان، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الحديث عن وجود خط فاصل بحدود السودان في أبيي غير صحيح، وأن هناك ما يعرف بالصندوق في منطقة «كيج - دفرة» تحت حماية قوات الأمم المتحدة. ونفى أي وجود لقوات الجيش الشعبي والشرطة سواء في أبيي أو ما حولها، فيما «كل قرارات مجلس الأمن الدولي ظلت تطالب الجيش السوداني بسحب قواته من منطقة كيج - دفرة، وعلى الخرطوم أن تبرهن أن هناك وجودا للجيش الشعبي أو شرطة جنوب السودان».
وقال بيونق إن «الخرطوم تسعى للسيطرة على المنطقة وإعادتها إلى مربع الحرب»، محملا قوات الأمم المتحدة (الإثيوبية) المسؤولية، وأنها «منحازة إلى رعاة قبيلة المسيرية». موضحا أنه اجتمع مع قيادة القوات الدولية وطلب منها حماية المواطنين ووضع قوة عسكرية، وأنها وافقت على ذلك الطلب، لكن الهجوم حدث قبل أيام. وطالب بيونق مجلس الأمن بالبحث في أداء هذه القوات، قائلا إنها «محل شكوك»، وحذر من نيات الحكومة السودانية تجاه منطقة أبيي، مناشدا قبيلة «المسيرية» برفض ربط مصالحها مع الخرطوم.
من جهته، قال رئيس جهاز الاستخبارات السابق في جنوب السودان، إدورد لينو، وهو من قيادات منطقة أبيي إن الحكومة السودانية هي التي تسعى إلى إشعال المنطقة من جديد في محاولة لاستغلال الأوضاع المتردية في بلاده من حرب داخلية بين الجيش الشعبي والمتمردين بقيادة نائب رئيس جنوب السودان السابق رياك مشار.
وأضاف لينو لـ«الشرق الأوسط» أن «الشواهد على ذلك كثيرة، أهمها تصريحات وزير المالية السوداني بدر الدين محمود قبل أيام بأن الحرب ستشتعل بين السودان وجنوب السودان»، موضحا أن السودان مواجه بديون بلغت 40 مليار دولار، وأنه يسعى لتقاسم تلك الديون مع جنوب السودان، ليس على أساس التفاهم ولكن بفرض الأمر الواقع وقيادة الحروب.
وكشف لينو عن تشكيل رئيس جنوب السودان لجنة بقيادة رئيس هيئة الأركان في جيش جنوب السودان جيمس هوث، ونائب رئيس إشرافية أبيي دينق مدينق، للتحقق من الأوضاع في المنطقة بعد هجوم القوات المسلحة السودانية وميليشيا قبيلة المسيرية عليها السبت الماضي.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».