مصر تتوافق مع روسيا على تعاون أمني واستخباراتي لمواجهة الإرهاب

موسكو: الفحص الكيماوي يكشف ملابسات «زرع القنبلة» داخل صالون الطائرة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال ترؤسه اجتماعًا طارئًا بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة مساء أمس (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال ترؤسه اجتماعًا طارئًا بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة مساء أمس (إ.ب.أ)
TT

مصر تتوافق مع روسيا على تعاون أمني واستخباراتي لمواجهة الإرهاب

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال ترؤسه اجتماعًا طارئًا بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة مساء أمس (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال ترؤسه اجتماعًا طارئًا بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة مساء أمس (إ.ب.أ)

اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصال هاتفي أمس على تعزيز التعاون بين البلدين في المرحلة المقبلة على كل الأصعدة، إذ قال مصدر أمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعهدت لروسيا بتوسيع التعاون الأمني والاستخباراتي لأقصى حد من أجل الكشف عن ملابسات حادث الطائرة الروسية المنكوبة في سيناء».
وأعلنت سلطات موسكو رسميا أمس أن عملا إرهابيا بواسطة قنبلة تسبب في إسقاط الطائرة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما أدى إلى مقتل ركابها الـ224. وقد تسبب الإعلان الروسي، من جانب واحد، في إرباك الموقف المصري، حيث تُصر القاهرة على ضرورة انتظار نتائج التحقيقات الرسمية.
وعقد الرئيس المصري اجتماعا طارئا مساء أمس بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وذلك بحضور الفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وقادة الأفرع الرئيسية.
وقال بيان للمجلس إنه «تم استعراض آخر المستجدات على صعيد تطور الأوضاع الأمنية الداخلية على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية، لا سيما في سيناء، حيث استمع الرئيس إلى الإجراءات التي تقوم بها القوات المسلحة من أجل تطهيرها من العناصر الإرهابية وتثبيت الأمن والاستقرار فيها».
وأكدت مصر أنها أحيطت علما بنتائج التحقيقات التي قام بها الجانب الروسي، فيما يتعلق بحادث الطائرة المنكوبة في سيناء، وأنها تنظر إلى تلك النتائج بعين الاعتبار، ضمن التحقيقات الرسمية التي تجريها، إذ قال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن السيسي أكد لنظيره الروسي خلال اتصال هاتفي أمس على قوة ومتانة العلاقات الثنائية بين البلدين على كل الأصعدة والمجالات، وأعرب عن تفهم مصر وشعبها للألم الذي يستشعره الشعب الروسي الصديق جراء حادث سقوط الطائرة، منوهًا بالتعاون الذي تبديه السلطات المصرية مع السلطات الروسية المعنية في كافة مراحل التحقيق، والوقوف على كل الملابسات والتفاصيل التي تحيط بهذا الحادث.
وأضاف السفير علاء يوسف أن الزعيمين أكدا أيضًا على أهمية العمل معًا بمعية الدول الصديقة من أجل تحقيق واقع أفضل لشعوب المنطقة، وشددا على أن تحقيق الأمن واستعادة الاستقرار في مختلف دول الشرق الأوسط التي تشهد نزاعات ستساهم بفاعلية في دحر الإرهاب، وانحساره في كثير من مناطق العالم، وستوفر مناخًا أفضل وأكثر أمنًا للتعاون على كل الأصعدة، ولا سيما في المجال الاقتصادي.
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد العرابي، إن مصر ستقوم بواجبها في متابعة الجناة في حادث سقوط الطائرة الروسية، مضيفًا أن مصر اتخذت إجراءات أمنية متشددة في المطارات منذ وقوع الحادث الأليم، وأن الأمر محل تحقيق وملاحقة لكل من يثبت تورطه في الحادث، موضحًا أن تحرك أجهزة الأمن الروسية يأتي في إطار حرص القيادة الروسية على سرعة الانتهاء من التحقيقات للوصول إلى نتيجة، وأن العلاقات المصرية الروسية لا يمكن أن تتأثر بالحادث الإرهابي.
وفي موسكو، كشف سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية أن أجهزة الأمن الروسية طلبت من مثيلاتها في البلدان الأجنبية إمدادها بكل ما لديها من معلومات تتعلق بكارثة سقوط طائرة الركاب الروسية «إيرباص321»، وأضاف لافروف في مؤتمر صحافي عقده في ختام لقائه مع نظيره اللبناني جبران باسيل أمس أن روسيا تعتبر إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء ومقتل ركابها وأفراد طاقمها اعتداء عليها، وقال إن بلده سيستخدم حقه في الدفاع عن النفس «بجميع الوسائل المتاحة بما في ذلك الوسائل السياسية والعسكرية، وبواسطة الأجهزة الخاصة والاستخبارات»، فيما أعاد إلى الأذهان ما سبق أن قاله الرئيس فلاديمير بوتين بأن بلاده سترد على هذا العدوان وستلاحق مرتكبي هذه الجريمة أينما كانوا.
وكانت مصادر أمنية روسية قد كشفت عن توصل خبراء المفرقعات إلى تحديد موقع «زرع» العبوة الناسفة الموقوتة، التي كانت سببا في تفجير طائرة الركاب الروسية فوق سيناء. ونقلت صحيفة «كوميرسانت» عن مصادر مطلعة ما قالته حول أن الانفجار وقع في مؤخرة صالون الطائرة في المنطقة القريبة من الذيل، مشيرة إلى احتمالات أن يكون أحد عمال النظافة، أو نقل حاويات الأغذية وضع العبوة الناسفة تحت أحد المقاعد قريبا من «قمرة» الطائرة. وأضافت المصادر أن ركاب الطائرة لقوا حتفهم نتيجة التغير المفاجئ للضغط، الذي أسفر عن تدمير الإطار الداعم لجسم الطائرة والانشطار الفوري وتفتته، وانتشاره على مساحات واسعة على الأرض، وقالت إن «التحقيق وصف المادة التي كانت في القنبلة بأنها شديدة الانفجار ومسبقة الصنع»، لكن مصدر الصحيفة لم يذكر اسم المادة، كما أن التحقيق لم يحدد تركيب القنبلة بعد، وإن كانت مصادر الأجهزة الأمنية قالت إن زنتها بلغت قرابة الكيلوغرام من مادة «تي إن تي».
وأكدت مصادر إعلامية روسية أن فريق خبراء الأجهزة الخاصة للفحص الكيميائي لجثامين الركاب انتهى من عمله، وأنه تم العثور على مادة الـ«تي إن تي» التي وُجدت آثارها على أجساد ضحايا الطائرة المنكوبة، الذين تم تصنيف إصاباتهم على أنها ناجمة عن انفجار، مضيفة «أن نتائج الفحص الكيميائي كشفت على أن الركاب الذين أصيبوا بأخطر الإصابات كانوا في الجزء الخلفي من الطائرة، وبالفحص الأولي عثر لديهم على آثار إصابات تفجيرية مثل احتراق وتفحم حواف الجروح، إضافة إلى آثار موجة بعد الانفجار»، حسبما ذكرت صحف روسية.
وحول الجهود المبذولة من أجل تجفيف منابع الإرهاب والحيلولة دون الدعم المالي للتنظيمات الإرهابية، قالت مصادر الجهاز الصحافي للكرملين إن الرئيس فلاديمير بوتين وقع أمس مرسوما يقضي بتكليف النيابة العامة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمساءلة كل من تتوفر الشواهد على تورطه في تمويل الإرهاب.
ومن جانبه، أصدر مجلس الاتحاد الروسي أمس بيانا دعا فيه برلمانات العالم إلى «توحيد الجهود في مكافحة الإرهاب، وتخلي كل البلدان عن ازدواجية المعايير، وتوحيد التشريع المضاد للإرهاب، وإقامة تحالف واسع من أجل مواجهة التحدي الإرهابي في إطار القانون الدولي، وإظهار قدرة المجتمع الدولي على تجاوز الخلافات في مواجهة الخطر المشترك، مشيرًا إلى أن ممارسة المعايير المزدوجة والعقوبات الأحادية الجانب تضعف قدرات المجتمع الدولي على مكافحة الإرهاب». وجاء في البيان أيضًا أن «الانفجار على متن الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء يعد جريمة جديدة للإرهاب الدولي. ونحن نحزن مع أهالي وأقارب الضحايا، وندعو إلى عقاب عادل على هذه الجريمة البشعة. ويجب ألا يتهرب أحد ضالع في هذا العمل الإرهابي من المسؤولية». وأشار أعضاء المجلس في بيانهم إلى ضرورة «تبني الوثائق المطلوبة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية من أجل تجريم الإرهاب، وأي دعم له وتوحيد شروط التعاون لكل أجهزة مكافحة الإرهاب من أجل ملاحقة ومعاقبة الإرهابيين وأعوانهم، وذلك من خلال استخدام قدرات الدبلوماسية البرلمانية للاتفاق على القرارات بهذا الشأن».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.