الحوثيون يسطون على ناقلات للديزل والبترول ويحولونها من الحديدة إلى صنعاء

عمل ممنهج للميليشيا بتدمير الاقتصاد والبنية التحتية في اليمن

بائع بترول في السوق السوداء بانتظار الزبائن في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)
بائع بترول في السوق السوداء بانتظار الزبائن في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)
TT

الحوثيون يسطون على ناقلات للديزل والبترول ويحولونها من الحديدة إلى صنعاء

بائع بترول في السوق السوداء بانتظار الزبائن في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)
بائع بترول في السوق السوداء بانتظار الزبائن في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)

استولت ميليشيات الحوثي وحليفه علي صالح على ناقلات النفط في ميناء الحديدة، وألزمت إدارة الميناء تحت تهديد السلاح بإبقاء الكميات المعدة للتوزيع على محافظة ومديريات تعز، أو تحويل هذه الناقلات إلى مقر قيادة الحوثيين في صنعاء، وإذا لم ترضخ إدارة الميناء ستبيعها الميليشيا، وفق نظامها في السوق السوداء.
ورغم محاولات إدارة الميناء لثني الميليشيا عن اتخاذ أي قرارات تنعكس سلبا على المواطنين في إقليم تعز فإن الميليشيا، ووفقا لمصدر مسؤول، عازمة على إيجاد خلل اقتصادي واجتماعي في نسيج المجتمع، بقطع هذه الإمدادات من النفط والديزل عن المواطنين للاستفادة منها في الحياة اليومية ومنها التيار الكهربائي.
وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن استراتيجية ميليشيا الحوثي وحليفها علي صالح هي العبث بمقدرات البلاد الاقتصادية ومنها النفط الذي يشكل ركيزة من الركائز الأساسية، إذ تقدر عائدات تصدير النفط بأكثر من 1.5 مليار دولار سنويا، وسرقة هذه الكميات من الديزل والنفط وبيعها في السوق السوداء يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العام الذي ينتج عنه خلل كبير في المجتمع لعدم قدرة المواطنين في ظل هذه الظروف على دفع مبالغ كبيرة لشراء احتياجاتهم من هذه السلعة.
وكان اليمن ينتج، قبل عملية الانقلاب على الشرعية، قرابة 350 ألف برميل، مع ظهور حقول نفط جديدة منها «الوايا، وعبيد، وشرنة»، وكذلك حقول سرار وشرمة والبحري قرب سواحل حضرموت التي كانت ستنعكس على الاقتصاد اليمني، مع توقف البرامج الاستكشافية بسبب الحرب التي شنتها ميليشيا الحوثي على المجتمع المدني، وإصرارها على نزع السلطة المحلية بقوة السلاح، بالتعاون مع الحرس الجمهوري الموالي لعلي صالح.
ويرى خبراء اقتصاديون أن ما تقوم به ميليشيا الحوثي من تدمير للبنية التحية والقطاعات الحكومية سواء المدنية والعسكرية، واستيلائها على النفط الذي يغطي 70 في المائة من الموازنة العامة للحكومة اليمنية و63 في المائة من إجمالي صادرات البلاد، و30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، قبل الانقلاب العسكري، يدفع البلاد إلى الهاوية اقتصاديا، وهو عمل في مضمونه ممنهج ومتعمد حتى لا تكون هناك قواعد اقتصادية للحكومة الشرعية تبني عليها مخططاتها الاقتصادية.
وأكد المصدر أن تهديدات الميليشيا للعاملين في الميناء، وفرض حصار عسكري، سيشلان الحركة اليومية للمواطنين، إضافة إلى القطاعين العام والخاص، موضحا أن استمرار هذه الأعمال «البلطجية» كما سماها سيدخل الحديدة وتعز في نفق مظلم، خاصة أن الكثير من المستشفيات تعاني من انقطاع التيار الكهربائي بسبب نقص الوقود الذي تسيطر عليه الميليشيا، الأمر الذي دفع شركات لإغلاق مصانعها خلال الأيام المقبلة بسبب انعدام مادة الديزل عقب رفض شركة النفط السماح لناقلة الديزل بالتفريغ.
ولفت المصدر إلى أن الحكومة الشرعية طالبت جميع الشركات بعدم التعامل مع الخطابات والتعاميم التي أصدرتها ميليشيا الحوثي في وقت سابق عندما اجتاحت غالبية المدن ومنها عدن، ورفض كل التعيينات في وزارة النفط والمعادن والهيئات والمؤسسات والوحدات التابعة للوزارة، إلا أنه في بعض المواقع لعدم وجود الحماية وسيطرة الحوثيين على المواقع الرئيسية تخضع هذه المؤسسات تحت تهديد السلاح لمطالب الحوثيين.
وقال المصدر إن تدهور الأوضاع الأمنية في مواقع سيطرة الحوثيين دفع عددا من الشركات المتخصصة في الغاز والنفط إلى إجلاء موظفيها، مما يعني إيقاف جميع عمليات إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال، أو الديزل، والذي يتسبب في خسائر مالية كبيرة تتحملها الحكومة بسبب عبث الحوثيين في مقدرات البلاد.
وفي سياق متصل، قال عبد الحفيظ الخطامي، صحافي وناشط اجتماعي، إن ميليشيا الحوثي وحليفه علي صالح قصفت أمس عددا من المواقع في محافظة الحديدة، وعمد أفرادها إلى إطلاق النار بشكل عشوائي يستهدف كل ما يتحرك من عربات أو مشاة. فيما عمدت الميليشيا لإقامة تدريبات لمضادات الطيران في مواقع مختلفة من مدينة الحديدة.
من جهتها، أعلنت المقاومة الشعبية في إقليم تهامة تبنيها استهداف تجمع لميليشيات الحوثي والحرس الجمهوري الموالي لعلي صالح بصاروخ «لو» في مقر مؤسسة الغيث بمديرية الزيدية، الذي تقبع فيه الميليشيا، وأسفر الصاروخ - بحسب المقاومة الشعبية - عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف ميليشيات الحوثي.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».