رياض ياسين لـ(«الشرق الأوسط») : عودة السلطات الشرعية إلى عدن بداية للاستقرار

وزير الخارجية اليمني كشف عن مشاورات لتشكيل حكومة جديدة تتناسب مع طبيعة المرحلة والتحديات

رياض ياسين لـ(«الشرق الأوسط») : عودة السلطات الشرعية إلى عدن بداية للاستقرار
TT

رياض ياسين لـ(«الشرق الأوسط») : عودة السلطات الشرعية إلى عدن بداية للاستقرار

رياض ياسين لـ(«الشرق الأوسط») : عودة السلطات الشرعية إلى عدن بداية للاستقرار

قال وزير الخارجية اليمني رياض ياسين إن عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن بداية لاستعادة الأمن وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة، كما أشاد بالدور السعودي في اليمن، قائلا في حوار مع «الشرق الأوسط» إن «السعودية قامت بجهد غير مسبوق للحفاظ على اليمن وإنهاء الأزمة، بينما حاول الرئيس السابق علي عبد الله صالح الاستنزاف وإطالة الأزمات لسنوات كثيرة». وأفاد بأن «ميليشيات الحوثي وصالح لا تعترف إلا بوجودها كدولة داخل الدولة ولا تعترف بقرارات مجلس الأمن، وإنما بقوة السلاح». وذكر في حواره أن «الدعم الإيراني هو الوحيد لهذه المجموعات»، مشيرا إلى أن «كل دول العالم باتت تعرف الصورة بشكل واضح، رغم تسويق علي صالح للأمر على أنه معركة ضد اليمن».. وفي ما يلي أهم ما جاء في الحوار:

* هل ترى تطورا في الموقف الدولي تجاه الأوضاع في اليمن؟
- كل يوم يتأكد العالم وبوضوح، حتى دول أميركا الجنوبية التي شاركت في مؤتمر القمة العربية الأخير بالرياض، أن انقلاب ميليشيات الحوثي وصالح عمل مرفوض ويجب مقاومته بعد استخدامهم لكل أنواع السلاح لخلق أمر واقع. وفي السابق كان لبعض الدول صورة غير واضحة بسبب بعض وسائل الإعلام التي حاولت تشويه الحقيقة ولم توضح ما هي «عاصفة الحزم» و«إعادة الامل» وكل عمليات التحالف ما هي أسبابها وماذا تستهدف. كان البعض يردد ما يقوله علي عبد الله صالح من أنه اعتداء على اليمن، وبالتالي أوضحنا للعالم كله حقيقة ما يحدث في اليمن، حيث كانت تمر بمرحلة انتقالية منها المبادرة الخليجية ثم الحوار الوطني الشامل وقرارات الأمم المتحدة، وقد وافق عليها الحوثي ثم استخدم السلاح وشن الحرب على اليمن ومن ثم كانت المعركة لإعادة الأمن والاستقرار في اليمن ولتأمين العودة والشروع في الإعمار. وبالتالي كان مؤتمر قمة الرياض فرصة للتعرف على تجارب دول أميركا الجنوبية التي حدثت بها أوضاع متشابهة، لأنه بعد العودة واستعادة الأمن سوف نذهب إلى عملية الحوار السياسي المستدام وليس مجرد التسرع في الانتقال من حوار إلى حوار يتم الانقضاض عليه وإجهاضه، بسبب ميليشيات تريد استخدام العنف والقوة لفرض الأمر الواقع.
* هل تشاورتم مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال وجوده في الرياض في هذا الشأن؟
- الموضوع اليمني دائما محل اهتمام الأمين العام للأمم المتحدة من خلال متابعته الشخصية وعمل مبعوثه الخاص إسماعيل ولد شيخ.
* هل تساهم القوات السودانية وغيرها في دعم الاستقرار مع بداية عودة الرئيس إلى عدن؟
- بالتأكيد القوات السودانية وقوات التحالف من الإمارات وقطر لها دور كبير وفعال. وقد التقيت مع وزير الخارجية السوداني وتبادلنا الآراء، وسوف يكون هناك زيادة في الأعداد والمساهمة العسكرية، وإنما في إعادة البناء، لأن المشكلة هي أن الحوثي يقوم دائما بإعادة الانتشار والعودة لاحتلال مناطق مرة أخرى، وهذا يؤكد بأن ميليشيات صالح والحوثي ليس لديهم أي أفق للحل السياسي أو نية للدخول في حوار جدي، وهذه أيضًا تعد رسائل واضحة قاموا بإرسالها للعالم بأنهم لا يخضعون لأي مساءلة أو حساب أو حتى عقاب، لذلك هي تنتقد مشاورات جنيف وترى أنه لا جدوى منها إلا إذا أعطتها حق السيطرة الكاملة على اليمن وخلق دولة داخل الدولة ولا جدوى من لذهاب إلى جنيف أو غيرها إلا إذا تمكن صالح والحوثي من بناء دولة لهم يحكمون فيها بقوة السلاح.
* ما الجهات التي تدعم صالح والحوثي؟ وهل من ضغط دولي لمنع تقديم المساعدات؟
- لا أحد يدعم الحوثي علنا وجهرا من خلال السفن المحملة بالسلاح سوى إيران، وهناك دولة عظمى تقدم لهم بعض التسهيلات أو تتعاطف معهم، واليوم أتوقع انتهاء هذا التعاطف، وكل هذا لا يشكل خطرا بالنسبة إلينا، ونحن على استعداد للحوار. والموقف الروسي يقف مع الشرعية، وفي السابق كان يتعاطف مع الحوثي في طرح غير معلن.
* ما الطرح غير المعلن؟
- كان مجرد وساطة للتوفيق مع الشرعية.
* كيف ترى الدور الروسي والأميركي في دعم استقرار اليمن؟
- هناك اتصالات مستمرة معنا من قبل الدولتين، وقد أكدا دائما لنا أنهما مع عودة الشرعية واستقرار اليمن وإيجاد حل سياسي وفق قرار الأمم المتحدة 2216.
* ترتيب الحكومة اليمنية للأوضاع في الداخل هل يسير وفق خطط تؤدي إلى إحكام السيطرة أم أن الأداء متواضع؟
- نحاول ترتيب الأوضاع وإعطاء الأولوية للأمن والاستقرار وتنظيم الحياة في داخل عدن وإعادة تأهيل المؤسسات حتى نتمكن من العمل الذي يتناسب وطبيعة المرحلة التي تحتاج إلى تشكيل حكومة جديدة.
* هل تشكيل حكومة يمنية جديدة مسار بحث الآن مع عودة الرئيس إلى عدن؟
- فعلا، الأمر مطروح لتشكيل حكومة جديدة تستوعب ما يحدث من تطورات، وتتناسب وطبيعة المرحلة.
* هل عرض الرئيس السابق صالح بين الكواليس صيغا للخروج من الأزمة؟
- هو يعرض تصعيد الأزمة ويضاعف من قوة الحرب. وقد ظهر في السفارة الروسية باليمن، ويريد إدخال البلاد في دوامة حتى نصل إلى ما هو حاصل في سوريا، وإطالة أمد الأزمة، واستنزاف الجميع، ويعمل ضد قرارات الأمم المتحدة وأن يجعل اليمن منطقة غير مستقرة لسنوات كثيرة.
* كيف ترى الدور السعودي في الأزمة اليمنية؟
- السعودية ساهمت بدور كبير في حماية اليمن ومنع دخولها في دوامة التعقيدات دون حل، والأمر الثاني هو العمل الإنساني الذي يقوم به خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حيث قام بجهود ويقوم بدور غير مسبوق في دعم ومساندة الشعب اليمني، وبعد عودة الرئيس هادي بالتأكيد نحتاج إلى جهود كثيرة، خصوصا بعد التدمير الذي قامت به ميليشيات الحوثي وصالح، واليوم الأمور بدأت تسير على الطريق الصحيح.

رياض ياسين



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم