اشتعال جبهات القتال في تعز.. والمقاومة تبسط سيطرتها على المناطق المحررة

قائد عسكري لـ («الشرق الأوسط»): تحرير مديرية الوازعية وجبال القبيطة

مقاتلون مؤيدون للرئيس عبد ربه منصور هادي على دبابة في منطقة باب المندب بمحافظة تعز الجنوبية (أ.ف.ب)
مقاتلون مؤيدون للرئيس عبد ربه منصور هادي على دبابة في منطقة باب المندب بمحافظة تعز الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

اشتعال جبهات القتال في تعز.. والمقاومة تبسط سيطرتها على المناطق المحررة

مقاتلون مؤيدون للرئيس عبد ربه منصور هادي على دبابة في منطقة باب المندب بمحافظة تعز الجنوبية (أ.ف.ب)
مقاتلون مؤيدون للرئيس عبد ربه منصور هادي على دبابة في منطقة باب المندب بمحافظة تعز الجنوبية (أ.ف.ب)

أكد العميد أحمد عبد الله تركي قائد «اللواء الثالث حزم» في قوات الجيش الوطني اليمني، أن مديرية الوازعية التابعة لمحافظة تعز أصبحت بالكامل تحت سيطرة قوات اللواء وأبطال المقاومة الجنوبية في الصبيحة، مشيرًا إلى أنهم تمكنوا من السيطرة على كامل مناطق الوازعية جنوب مدينة تعز. وأضاف العميد تركي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن المعارك تسير بوتيرة عالية، وأن أفراد «لواء الحزم» والمقاومة في الصبيحة تحقق انتصارات، معززة بأفراد اللواء، وبإسناد جوي مستمر من طائرات التحالف، مؤكدا وصول المقاومة إلى مركز مديرية الوازعية الإداري.
وقال العميد تركي: «جئنا إلى هذه المواقع بعد أن كنا نشارك وحدات من التحالف في باب المندب، واليوم ونتيجة لخطورة الوضع في الجبهات الشمالية وصلنا بأوامر القيادة العسكرية في المنطقة الرابعة لتعزيز المقاومة ورجال القبائل في الصبيحة والتحرك وفق خطة التفافية من المسراخ والعلقم، مرورًا بالخبل». وقال: «تم تحرير الظريفة والمناطق المجاورة لها ونستعد للالتحام بإخواننا في جبهة المنصورة من جهة الشمال، للتقدم وتحرير كامل أراضي الوازعية والالتحام مع كل الجبهات القادمة من الجهات الأربع، وإننا نستطيع أن نقول إننا في المراحل الأخيرة من تحرير الوازعية، ومن خلالكم نقول لكل الأحرار إننا نحني الهامات للقامات المناضلين من رجال الصبيحة وصناديدها الأبطال الذين سطروا الملاحم والبطولات وقدموا عشرات الشهداء والجرحى، وصمدوا أمام أعتى هجمة بربرية شنها الغزاة»، مضيفا: «ها هي قبائل الأغبرة والكعللة والمشاولة والشبيقة والمحاولة والبوكرة والعلقم وكل المخلصين الأوفياء للعقيدة والوطن والكرامة يجسدون قيم الأصالة ونبل المواقف، ويقدمون نهرا طاهرا من الدماء للدفاع عن كرامتهم وكرامة كل اليمنيين».
هذا، ولا تزال المعارك مستمرة في نقاط التماس بين محافظتي لحج الجنوبية وتعز الشمالية، حيث تشتعل الجبهات بمعارك هي الأولى من نوعها، مع انطلاق معركة الحسم لتحرير تعز ومديرياتها من ميليشيات الحوثيين والمخلوع صالح، وتجري المعارك التي وصفت بالطاحنة، حول محيط محافظة تعز، وبالأخص في الجهة الجنوبية الغربية، جبهة الصبيحة – الوازعية، والتي حققت فيها المقاومة والجيش تقدما سريعًا مع انهيار ميليشيات المخلوع والحوثيين، وشهدت الجبهة معارك طاحنة خاضتها المقاومة ورجال الجيش ضد الميليشيات، حيث تمكن فيها «اللواء الثالث حزم» من تحرير منطقة الظريفة، بالتزامن مع التحام جبهتي العلقمة مع جبهة نمان والاتجاه غربًا لمساندة جبهة المنصورة التي تقدمت مساء واقتربت من الشقيرا.
وفي السياق ذاته، تمكن المقاتلون في جبهة حواب من السيطرة على المعجم القريب من مركز الوازعية «الشقيرا». إلى جانب تقدم أبناء المشاولة والبوكرة من اتجاه مركز «الشقيرا». وأكد المقاومون أنهم سيطروا عصر الثلاثاء على سنترال «الشقيرا»، بعد اشتباكات عنيفة دارت من مع الميليشيات في المواقع التي يتمركزون فيها داخل المدينة، حيث تمشط المقاومة المواقع المحررة، استعدادا للتقدم باتجاه مركز المديرية. يأتي ذلك مع تقدم جبهة المنصورة وتحقيقها تقدما كبيرا منذ الأمس واجتياز عشرات الكيلومترات للوصول إلى مشارف مركز الوازعية الإداري «الشقيرا»، وبحسب مصادر قيادية في المقاومة، ستشهد الساعات القادمة التحام أبناء الأغبرة والكعللة والمحاولة الصبيحة، مع إخوانهم البوكرة والمشاولة والالتقاء في قلب مركز الوازعية.
من جانبه، قال الناشط الحقوقي في مدينة تعز، مختار القدسي لـ«الشرق الأوسط»، إن «أبطال المقاومة والجيش وبمساندة من قوات التحالف حققوا تقدما كبيرا في مناطق المواجهات، وإن الساعات المقبلة ستشهد مفاجآت خاصة بعد تحرير عدد من التباب والمواقع ومع قدوم قوات التحالف لتشارك في فك الحصار عن أبناء تعز وتحرير المحافظة من الميليشيات الانقلابية، وإن ساعة الصفر فعلا انطلقت من خلال الإعلان الرسمي لعملية التحرير».
وأضاف أن «ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح قامت بزراعة آلاف الألغام في الطرقات والأحياء السكنية التي تم دحرهم منها، وذلك قبل أن تتم السيطرة عليها من قبل المقاومة والجيش، ولكن الأبطال لا يزالون صامدين بمساعدة قوات التحالف العربي، فهناك أكثر من 16 جبهة مشتعلة في محافظة تعز وبعض الجبهات حققت تقدما كبيرا بما فيها جبهة الدحي داخل المدينة وتمت السيطرة على تبة في المنطقة واقتربوا كثيرا إلى أسوار جامعة تعز».
وأكد القدسي، أن «المقاومة والجيش تمكنا من السيطرة على جميع جبال القبيطة وتم دحر ميليشيات الحوثي وصالح من قرية شرية، آخر موقع للميليشيات في مديرية الشمايتين جنوب غربي تعز، وأن قوات التحالف تعمل الآن على نزع الألغام وتمشيط عدد من المناطق التي ستمر بها القوات خاصة المنطقة الواقعة على الخط الرابط بين محافظتي تعز وعدن».
وفي سياق التطورات الميدانية في تعز، قتل وجرح العشرات من صفوف ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح على يد المقاومة والجيش الوطني خلال مواجهات عنيفة شهدتها جبهات القتال الشرقية والغربية، وكذا جراء غارات التحالف المباشرة والمركزة التي استهدفت تجمعات ومواقع ومخازن أسلحة الميليشيات بما فيها مواقع للميليشيات في جبل أومان، حيث جرى استهداف إحدى الدبابات التي تقوم بقصف الأحياء السكنية، وصالة ومواقع تتمركز فيه الميليشيات بسلاح المهندسين بالحوبان، شرق المدينة، وأحد منازل القيادات الحوثية بمديرية المسراخ، وجدار بنته الميليشيات لقطع الطريق الرئيسي جنوب شرقي تعز بمنطقة الشريجة بمنطقة الراهدة، وتجمعات للميليشيات في القصر الجمهوري، واستهداف مستودع الجمارك التابع للميليشيات في مطار تعز الدولي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.