أكثر من 20 حاكم ولاية أميركية يرفضون السوريين

بوش: نقبل المسيحيين فقط > ترامب: سأغلق المساجد

أكثر من 20 حاكم ولاية أميركية يرفضون السوريين
TT

أكثر من 20 حاكم ولاية أميركية يرفضون السوريين

أكثر من 20 حاكم ولاية أميركية يرفضون السوريين

قفز عدد حكام الولايات الجمهوريين الذين رفضوا إيواء المهاجرين من سوريا إلى خمسة وعشرين حاكما صباح أمس، وكان العدد أول من أمس حاكمين فقط. في الوقت نفسه، تبارى مرشحو الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية في رفض المهاجرين السوريين. وكان أكثرهم اعتدالا هو جيب بوش، شقيق الرئيس السابق جورج بوش الابن، والحاكم السابق لولاية فلوريدا، الذي اشترط قبول السوريين المسيحيين فقط.
حدث ذلك رغم مناشدات الرئيس باراك أوباما، أول من أمس، من أنطاليا (تركيا)، حيث كان يحضر قمة الدول العشرين، وقوله: «عندما أسمع القادة السياسيين يقولون إنه لا بد من اختبار ديني، أقول: هذا مخجل. هذا ليس من القيم الأميركية. هذا ليس نحن. لا نملك اختبارات دينية لعطفنا».
ومن بين حكام الولايات الذين انضموا إلى قائمة الرافضين جون كاشيك حاكم ولاية أوهايو، وكريس كريستي حاكم ولاية نيوجيرسي، وبوبي جندال حاكم ولاية لويزيانا. وصارت ماغي حسن، حاكمة ولاية نيوهامبشير، هي الحاكمة الديمقراطية الوحيدة التي انضمت إلى القائمة، وهي تنافس السيناتورة الجمهورية كيلي ايوتا لدخول مجلس الشيوخ.
في الوقت نفسه، قالت لافينيا ليمون، المديرة التنفيذية للجنة الأميركية للاجئين والمهاجرين: «فوجئت بأن السياسة غير الحزبية لمساعدة اللاجئين الفارين من العنف قد تم تسييسها. يجب ألا ننسى أن تعريف اللاجئ أنه هو الذي هرب من الاضطهاد، أو من الإرهاب. إنه الشخص الذي يشهد كل يوم ما حدث في باريس مساء الجمعة».
من جهته، قال دونالد ترامب، ملياردير العقارات وأحد مرشحي الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية، في تلفزيون «إن بي سي» أول من أمس، إنه، إذا فاز، سيدرس إغلاق المساجد في الولايات المتحدة.
وفي التلفزيون نفسه، قال حاكم ولاية اركنسا السابق، مايك هاكابي، إن هجمات باريس هي جرس إنذار للأميركيين بأن «يستيقظوا، ويشموا رائحة الفلافل». وقال آري فلايشر، مستشار سابق للرئيس جورج بوش الأب، والذي عمل مع اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لتوسيع قاعدة الحزب الجمهوري لتشمل مزيدا من الأقليات: «يدعو هذا إلى قلق كبير. يجب علينا أن نفرق دائما بين المسلمين الملتزمين بالقانون، وهم كثيرون، وبين الإسلاميين المتطرفين الذين يريدون أن يلحقوا بنا ضررا كبيرا».
وفي تلفزيون «إم إس إن بي سي»، قال ترامب إنه، إذا فاز، سيأمر الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون بفرض رقابة شديدة على المساجد، بالإضافة إلى أنه سيأمر بإغلاق «المساجد المتطرفة»
وفي مؤتمر صحافي في لاس فيغاس (ولاية نيفادا)، قال جون كارسون، جراح الخلايا الدماغية الأسود، أول من أمس، وهو من مرشحي الحزب الجمهوري، إن الولايات المتحدة «لا يمكن، ولا ينبغي، ولا يجب أن تقبل أي لاجئ سوري»، وسيكون «الاختبار الآيديولوجي» مناسبا، وستنفذ مراقبة متشددة على السوريين المقيمين حاليا في الولايات المتحدة.
من ناحيته، أعلن السيناتور راند بول، من مرشحي الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية، أمس، أنه سيقدم إلى مجلس الشيوخ مشروع قانون يمنع دخول أي شخص من نحو 30 دولة في قائمة «إيواء عناصر متطرفة». وأضاف: «جاء وقت الحذر. ويجب أن تكون هجمات باريس دعوة للاستيقاظ». وقال، وكان يتحدث مع صحافيين في مؤتمر تليفوني: «لا فيزا هجرة، ولا فيزا دراسة، ولا أي فيزا من دون إذن خاص».
لكن، قال مرشحان جمهوريان، من الجناح المعتدل في الحزب، وهما السيناتور تيد كروز (ولاية تكساس)، وحاكم فلوريدا السابق جيب بوش، إنه في الإمكان قبول مهاجرين سوريين مسيحيين.
في غضون ذلك، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» صورة لقلق وغضب مسلمين في منطقة ديترويت (ولاية ميشيغان)، حيث توجد أكبر جالية عربية. وقالت رشا باشا، أميركية سورية هاجرت إلى الولايات المتحدة عام 1983، عن قبول مهاجرين سوريين: «يجب أن نلاحظ أن هذه عائلات بريئة. إنهم يستحقون حياة أفضل. يستحق الأطفال حياة كريمة، وسلامة أفضل. نحن قلقون كثيرا، ومنزعجون (بسبب تصريحات رفض المهاجرين من سوريا)».
وقال داود وليد، مدير فرع الولاية لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)، أكبر منظمات اللوبي الإسلامي في الولايات المتحدة: «يبدو أن الحاكم ريك سنايدر (حاكم ولاية ميشيغان) انخرط في اتجاه كراهية الأجانب، وهي الكراهية الجديدة التي يشهدها الحزب الجمهوري، خاصة المرشحين الرئاسيين».
وفي تطور لاحق، قال مارك تونر، نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، إن المهاجرين من سوريا «يخضعون إلى اختبارات صارمة لمدة ما بين 18 و24 شهرا»، وإن هذا «الفحص الأمني مهم جدا قبل قبولهم في برنامج اللاجئين». وعندما سأله صحافيون عن تصريحات الحكام والمرشحين الجمهوريين، رفض تقديم إجابة مباشرة. وقال: «نعتقد أنه واجب علينا أن نجلس معهم، ونتشاور معهم، ونشرح لهم هذه العملية».
وحسب أرقام وزارة الخارجية، وطن 2.178 لاجئًا سوريًا في الولايات المتحدة منذ بداية الحرب في سوريا، وجاءوا كلهم تقريبا خلال العام الماضي. وكان أوباما تعهد بتوطين 10 آلاف سوري، على الأقل، في السنة المالية التي بدأت الشهر الماضي. ومنذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وطن 305 لاجئين سوريين، مقارنة مع 65 خلال الفترة نفسها من العام الماضي.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.