موسوعة المعارف الإسلامية بالإنجليزية والعربية

مركز «دائرة المعارف الإسلامیة الكبرى» هو مؤسسة غیر حكومیة وغیر نفعیة بدأت نشاطها منذ ثلاثین سنة وأصدرت حتى الیوم عشرین مجلدا من دائرة المعارف الإسلامیة الكبرى كما بدأ أخيرا صدور هذه الموسوعة باللغتین العربیة والإنجلیزیة علی ید الباحثین في هذا المركز.
عندما شیّد المهندس محمد مهدي محمودي بناء في منطقة دار آباد بشمال طهران، لم یكن أحد یصدّق أن هذا المبنی بواجهته من الآجر الأحمر (القرمید) الذي یذكر الناظر بالطراز المعماري للثقافة الإسلامیة والإیرانیة، سوف يتحول إلى ملاذ دافئ للمثقفين. ويتمتع هذا المركز بمحيط هادئ ومناسب للبحث والدراسة فهو يشرف من جهة على عموم المدينة وعلى الطبيعة من جهة أخرى.
تأسس المركز في مارس (آذار) من عام 1984 على أثر تحقّق فكرة قدمها كاظم الموسوي البجنوردي حول ضرورة تأليف وإصدار موسوعة عامة ومتخصصة وتوفیر المصادر في الجوانب المختلفة من العلوم والمعارف وخاصة الثقافة والحضارة الإسلامية والإيرانية.
ثلاثون سنة في خدمة الثقافة
يقول البجنوردي لـ«شرق بارسي» حول تدشين هذا المركز: «بعد 1979. قررت اعتزال النشاطات التنفیذیة والسیاسیة والتفرغ للعمل الثقافي. وبدأت فكرة تأسيس دائرة المعارف الإسلامية تنضج بالتشاور مع عدد من المفكرين. وكان الهدف من تأسيس الدائرة، إجراء البحوث والدراسات في جوانب مختلفة من الثقافة والحضارة الإيرانية والإسلامية». ويضيف بقوله: «في بداية العمل، كان بعض الأساتذة، الذين كانت لهم خلفية مشرّفة في مجال البحوث، يروون لنا أننا لا نتمتع في إيران بالقدرة على تأليف دائرة معارف إسلامية يمكنها منافسة دائرة المعارف الإسلامية في أوروبا. ولكننا نرى الآن أننا لم نصدر عشرين مجلدا من دائرة المعارف الإسلامية الكبرى وحسب، بل تمكنّا من وضع هذه الموسوعة تحت تصرف الباحثين باللغتين الإنجليزية والعربية وأن ندوّن أيضا المشاريع الموسوعیة المختلفة».
كيف تحقق ذلك؟ يقول البجنوردي: «في بداية الأمر وضعت مكتبتي الشخصية تحت تصرف المركز ولكن هذه المكتبة ازدادت مع مرور الوقت حتى بلغ عدد كتبها الیوم أكثر من 700 ألف كتاب. وعلى أثر الجهود الدؤوبة خلال سنين طويلة اكتنفتها الكثير من المشقة والمعاناة، تحولت هذه المكتبة اليوم إلى واحدة من أكثر المكتبات المتخصصة في البلاد قيمة. وبالطبع فإن رعاية قسم من المثقفين أسهمت في توسع هذه المكتبة من خلال إهداء المكتبات المتخصصة والمجموعات النفيسة من المخطوطات والكتب المصورة والمطبوعة مع الوثائق والمستندات والرسائل التاريخية والمجلات الدورية».
وتنظم عمل مركز دائرة المعارف الإسلامیة الكبرى الیوم لجنة علمیة علیا تتألف من ستة وأربعین شخصا من مديري الأقسام والمستشارین العلمیین والمنقحین، حیث یشرفون بشكل مباشر علی كل الأنشطة العلمیة.
یقول البجنوردي عن هذه اللجنة: «قلما اجتمعت لجنة علمیة بمثل هذه التجربة والكفاءة في موضع آخر من البلاد. وتعقد هذه اللجنة الاجتماعات الشهریة لتعیین السیاسات العامة للمقالات وقراراتها ملزِمة للمؤلفین».
وتضم مداخل دائرة المعارف الإسلامیة الكبرى المجالات المختلفة للثقافة والحضارة الإسلامیة مثل علوم القرآن، الفقه، الحدیث، التاریخ السیاسي والاجتماعي، الجغرافیا التاریخیة والبشریة، الإسلام والفرق الإسلامیة، سواء الفرق المذهبیة، أم المذاهب الكلامیة، الفلسفة والعرفان، لغات وآداب البلدان الإسلامیة، تاریخ العلوم الریاضیة والطبیعیة، الفن والعمارة في البلدان الإسلامیة، علم الإنسان وكذلك جوانب الثقافات المحلیة والأصلیة للشعوب المسلمة.
وعلی حد قول رئیس دائرة المعارف الإسلامیة الكبرى فإن «هذا المركز العلمي تربطه الآن علاقات مباشرة مع الباحثین في الداخل والخارج وتتركز كل جهوده علی أن یوفر مساحة للباحثین المختلفین من جمیع أرجاء العالم».
أما عن دائرة المعارف الإسلامیة الكبرى باللغة الإنجلیزیة، فيقول البجنوردي: «تم تألیف هذا الأثر المعروف باسم (إسلامیكا) عبر تعاقد بین مركز دائرة المعارف الإسلامیة الكبرى ومؤسسة الدراسات الإسماعیلیة في لندن. ومداخلها كتبت في الغالب من قبل العلماء الغربیین والمستشرقین المتخصصین في الدراسات الإسلامیة ولكننا نتعامل الآن مع موسوعة أعدت باللغة الإنجلیزیة علی ید الباحثین الإیرانیین». وتصدر هذه الموسوعة الآن تحت العنوان Encyclopaedia Islamica بالحروف الاختصاریة (EIs) من قبل مطبعة بريل في مدینة لیدن الجامعیة في هولندا.
خدمة ثقافیة للعالم العربي
تعد دائرة المعارف الإسلامیة الكبرى باللغة العربیة من الأنشطة الأخرى لهذا المركز، إذ تم وضع برنامج لصدورها استنادا إلی ما ارتأته اللجنة العلمیة العلیا للمركز.
وقد صرّح الدكتور عنایت الله فاتحي نجاد، المدیر العلمي للموسوعة الإسلامیة الكبرى وأستاذ اللغة والعربية وآدابها في الجامعة لـ«شرق بارسي» قائلا: «بدأت ترجمة الموسوعة الإسلامیة الكبرى باللغة العربیة التي تعرف باسم (دائرة المعارف الإسلامیة الكبرى) بتوجیهات أساتذة معروفین مثل الدكتور نادر نظام الطهراني، الدكتور جعفر الخضایی، الدكتور النجفي الأسد اللهي، الدكتور العسكري، الدكتور صادق خورشاه، الدكتور محمد حسن تبرائیان وصدر منها حتى الآن 8 مجلدات».
وأعرب بشأن ترجمة هذا الأثر قائلا: «لدائرة المعارف باللغة العربیة متلقّون كثر. فلو أخذنا عامة مسلمي العالم بنظر الاعتبار لوجدنا أن معظمهم من الناطقین بالعربیة، كما أن غالبیة المتخصصین في الدراسات الشرقیة والإسلامیة ملمّون باللغة العربیة، ولذلك فإن الترجمة إلی اللغة العربیة هي أفضل فرصة نضع من خلالها الثقافة والحضارة الإسلامیة التي كتبت علی ید الباحثین الإیرانیین المسلمین تحت تصرف المتلقین الناطقین بالعربیة»، وعلی حد قول الدكتور فاتحي نجاد فإن: «هذا الأثر لاقی ترحیبا واسعا وتلقینا حتى الآن الكثیر من الطلبات من جمیع أرجاء العالم العربي ومراكز الدراسات الإسلامیة في أوروبا والشرق الأقصى لتوفیره ولكنني أری أن هذا الأثر لم یتم التعریف به كما ینبغي فالكثیر من الباحثین العرب لا یحیطون علما بإصدار مثل هذا الأثر».
وأشار الدكتور فاتحي نجاد إلی أنه هو وزملاءه بذلوا جهودا كبیرة من أجل أن یقیموا العلاقات العلمیة مع الباحثین والجامعیین في العالم العربي، وقال في هذا المجال: «الكثیر من سفارات البلدان العربیة وطلاب البلدان العربیة الذین یدرسون في إیران علی علاقة بنا ونحن مستمرون في توسیع هذه العلاقات».
*خدمة {الشرق الأوسط} بالفارسية {شرق بارسي}