غارات التحالف على «داعش» في الرقة تستهدف مستودعات سلاح وبنى تحتية

فصائل كردية وعربية مدعومة أميركيًا تعلن طرد التنظيم من منطقة واسعة بجنوب الحسكة

مقاتلون ومقاتلات أكراد ضمن (قوات سوريا الديمقراطية) يجلسون حول بحيرة الخاتونية قرب الحسكة (شمال شرق) بعد طرد «داعش» وسيطرتهم عليها (رويترز)
مقاتلون ومقاتلات أكراد ضمن (قوات سوريا الديمقراطية) يجلسون حول بحيرة الخاتونية قرب الحسكة (شمال شرق) بعد طرد «داعش» وسيطرتهم عليها (رويترز)
TT

غارات التحالف على «داعش» في الرقة تستهدف مستودعات سلاح وبنى تحتية

مقاتلون ومقاتلات أكراد ضمن (قوات سوريا الديمقراطية) يجلسون حول بحيرة الخاتونية قرب الحسكة (شمال شرق) بعد طرد «داعش» وسيطرتهم عليها (رويترز)
مقاتلون ومقاتلات أكراد ضمن (قوات سوريا الديمقراطية) يجلسون حول بحيرة الخاتونية قرب الحسكة (شمال شرق) بعد طرد «داعش» وسيطرتهم عليها (رويترز)

نفذت طائرات فرنسية سلسلة من الغارات الجوية على مدينة الرقة في شمال سوريا شملت مستودع أسلحة ومركز تدريب لتنظيم داعش، في رد على ما يبدو على إعلان التنظيم الجهادي مسؤوليته عن اعتداءات باريس الأخيرة.
وعلى الرغم من صعوبة تحديد مواقع التنظيم الاستراتيجية في معاقله بسبب الإجراءات المشددة والنقص في المعلومات الاستخباراتية بحسب محللين، لكن ذلك لا يمنع الائتلاف الدولي من الاستمرار في استهداف البنى التحتية وآخرها، أول من أمس، قصف الأميركيين لـ116 شاحنة نفط في مدينة حدودية مع العراق.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، إن طائرات فرنسية استهدفت مساء الأحد مواقع للتنظيم في الرقة غداة تبني التنظيم اعتداءات نفذها ثمانية انتحاريين في باريس وحصدت في حصيلة غير نهائية 129 قتيلا. وأعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أن عشر مقاتلات قاذفات من طراز رافال وميراج 2000 ألقت الأحد عشرين قنبلة على الرقة، ودمرت مركز قيادة ومعسكر تدريب لتنظيم داعش.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، استهدفت الغارات «مخازن أسلحة ومعسكر تدريب»، مشيرا إلى سماع «36 انفجارا على الأقل، بعضها ناتج عن الغارات والآخر عن تفجر الذخيرة في المستودعات». وقال المرصد السوري: «هزت الانفجارات المدينة بكاملها».
وأكد أبو محمد، الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت» التي توثق انتهاكات التنظيم منذ سيطرته على المدينة، أن الغارات الفرنسية استهدفت «سلسلة مقار ومراكز للتنظيم»، بينها «معسكر الطلائع ومقر الفرقة 17 بالإضافة إلى حواجز على مدخل المدينة الجنوبي».
وأعلنت هيئة الأركان في الجيش الفرنسي في بيان، الاثنين، أن الهدف الأول عبارة عن موقع على بعد ستة كيلومترات جنوب الرقة، «يستخدمه التنظيم كمركز قيادي ومركز تجنيد ومستودع للأسلحة والذخائر». وقالت إن «هذا الهدف مهم لعمل (داعش)، وأحد الأماكن التي يمكن أن تكون استخدمت للتخطيط للهجمات ضد بلدنا». ويقع الهدف الثاني وفق الجيش الفرنسي، غرب الرقة وهو عبارة عن «بنى تحتية صناعية غير منجزة»، تأوي «معسكر تدريب وخلايا تجنيد»، موضحا أن الغارات جاءت بعد عملية «رصد طويلة». ويصعب تحديد حجم الخسائر البشرية الناتجة عن الغارات في ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي يفرضها التنظيم على المدينة.
ويقول أبو محمد لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الإنترنت: «لا قتلى في صفوف المدنيين»، ويوضح أن التنظيم فرض «حظر تجوال» في المدينة و«قطع الكهرباء» عنها بعد الغارات.
ويعد النقص في المعلومات الاستخباراتية من أبرز العقبات التي تواجه الجهات المعنية بالتصدي للجهاديين.
ويقول الكاتب والباحث المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا توجد مصادر استخباراتية ميدانية في الرقة لديها القدرة على المجازفة والمغامرة للتعامل مع الدول (التي تتصدى للجهاديين) لأن تنظيم داعش يتشدد في معاقبة كل من يجرؤ على ذلك، من ناحية القتل وحتى التعذيب الشديد قبل القتل». إلا أنه يوضح أن تنظيم داعش والجماعات المتطرفة غالبا ما تقيم مخازن السلاح ومعسكرات التدريب قرب المستشفيات أو الأبنية التي تقدم الخدمات العامة للمدنيين أي الأبرياء، لتلافي استهدافها.
ويضيف أن التنظيم «يقسم مناطق وجوده إلى ثلاث: مناطق الحرب حيث يخوض القتال مع مجموعات مسلحة أو القوات النظامية، والمناطق المختلطة وهي المناطق المهددة لكنها لا تتعرض لعمليات برية، بالإضافة إلى مناطق التمكين حيث يسيطر بالكامل ولا يتعرض لهجمات برية من خصومه» على غرار الرقة. ويضيف أن «قيادات الصف الأول من (داعش) غالبا ما يقيمون في المناطق المختلطة»، بينما استهدفت الغارات الفرنسية الرقة، أي «منطقة التمكين»، وبالتالي يستبعد مقتل قياديين.
ويوافق الباحث والمحلل في شؤون الجماعات الجهادية تشارلي وينتر على أن لا وجود لقيادات تنظيم داعش في الرقة.
ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا كانت لدى الفرنسيين معلومات استخباراتية جيدة حول المواقع التي يستهدفونها ويقومون بذلك لأسباب وجيهة تتخطى كونها رد فعل، فيمكن البناء على ذلك على المدى الطويل». ويضيف: «هناك احتمال كبير بأن يكون الدافع خلف هذه الغارات هو الانتقام، وهو أمر مفهوم بالكامل، لكنه ليس الخيار الأكثر واقعية».
وتلقى التنظيم يوم الأحد، ضربة موجعة في أحد أبرز معاقله في شرق سوريا، إذ أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، أمس الاثنين، تنفيذ التحالف الدولي ضربات جوية أدت إلى تدمير 116 شاحنة نفط في مدينة البوكمال في محافظة دير الزور.
ويؤكد متحدث باسم التحالف الدولي أنها «المرة الأولى التي نستهدف فيها شاحنات (نفط) عدة في غارة واحدة»، موضحا أن الشاحنات كانت متوقفة وحاضرة لتزويدها بالنفط أو للانطلاق لبيع مخزونها.
ويعتمد التنظيم في تمويله إلى حد كبير على عائدات تجارة النفط، مع سيطرته على أبرز الحقول الموجودة في دير الزور التي تعد الأغزر في سوريا. ويوضح المصدر ذاته أن استهداف هذه الشاحنات يأتي في إطار «استراتيجية» أعلنها التحالف الدولي أخيرا وتهدف «لضرب قدرات التنظيم المالية».
ويحقق التنظيم، بحسب تحقيق نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» الشهر الماضي، أرباحا كبرى جراء مبيعات النفط تصل قيمتها إلى 1.5 مليون دولار يوميا بمعدل 45 دولارا للبرميل الواحد.
في السياق، أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تضم فصائل كردية وعربية وتحظى بدعم أميركي، أمس الاثنين، سيطرتها على مساحة تمتد على 1400 كيلومتر مربع في شمال شرقي سوريا بعد طرد تنظيم داعش منها.
ويأتي هذا المؤتمر الصحافي بعد سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الجمعة على بلدة الهول الاستراتيجية، بعد معارك عنيفة مع تنظيم داعش، في تقدم ميداني يعد الأبرز لهذه الفصائل منذ توحيد جهودها العسكرية.
وقال سلو، أمس، إن العملية العسكرية أسفرت خلال 17 يوما عن «مقتل 493 من إرهابيي (داعش)، ويوجد لدى قواتنا 112 جثة للإرهابيين»، مقابل «33 شهيدا (...) و53 مقاتلا عدد المصابين والجرحى من قواتنا حتى الآن».
وأشار المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» إلى أن «هذه الانتصارات جاءت نتيجة لاستثمار العمليات القتالية الناجحة لقواتنا في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي بالتزامن مع الضربات الجوية المركزة التي قام بها طيران التحالف ونتيجة للهجوم التكتيكي الناجح وفقا للخطة المقررة ضمن حملة تحرير الريف الجنوبي للحسكة».
وتضم هذه الفصائل كلا من «جيش الثوار» و«وحدات حماية الشعب الكردية» و«قوات الصناديد» و«بركان الفرات»، بالإضافة إلى «المجلس العسكري السرياني» و«لواء التحرير» و«تجمع ألوية الجزيرة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.