بمجرد أن ينطلق، يصبح من المستحيل أن يلحق به أحد. كان ينطلق لمسافة تقارب 50 ياردة، من منتصف الملعب، ويزداد سرعة أكثر فأكثر حتى يبدأ برفق في إبطاء سرعته، ورفع الكرة بهدوء وتصويبها باتجاه المرمى. ولهذا، خرجت عناوين كبريات الصحف لتصفه بالـ«سوبر ستار». في الواقع، إنه ليس كريستيانو رونالدو ولا ليو ميسي، وإنما ينطبق هذا الوصف على كثير من الأسماء التي لا تحظى بتركز الأضواء عليها في الدوري الإسباني، مثل أنطوان غريزمان ونوليتو وماركو أسنسيو وبورخا باستون أو اريتز أدوريز ولوكاس بيريز.
حتى مهاجم برشلونة الذي برع في تسجيل الأهداف وقدم أداء رائعًا أذهل الجميع وبث الرعب في صدور المدافعين في فرق الخصوم، لم يكن ميسي هذه المرة، إنما نيمار. وفي الوقت الذي أنهى رونالدو أسوأ فترة قحط مرت عليه منذ ست سنوات، قحط استمر لأربع مباريات كاملة مع خفوت في التألق، فإن النجم الحقيقي في مدريد كان كيلور نافاس، حارس المرمى الذي حاول النادي التخلص منه قبل انطلاق الموسم.
وتكشف الأرقام أن نافاس أنقذ 91.6 في المائة من الركلات التي صوبت باتجاهه خلال هذا الموسم، ويتربع حاليًا على رأس قائمة أفضل حراس المرمى لدى ريال مدريد. أما جائزة «بيتشيشي» التي تمنح لأفضل هداف فيتصدر قائمتها حاليا البرازيلي نيمار الذي سجل 11 هدفا في المسابقة هذا الموسم مقابل تسعة أهداف لزميله سواريز في المركز الثاني و8 لرونالدو.
قد يبدو هذا الوضع بوجه عام مألوفًا، حيث يتربع برشلونة على رأس بطولة الدوري برصيد 27 نقطة ويطارده الريال بـ24 نقطة، بينما يستحوذ لاعبو مدريد وبرشلونة على الجوائز الفردية، ومع ذلك تبقى الحقيقة أن تغييرًا قد طرأ على المشهد هذا العام.
على مدار السنوات الست الماضية، انحصرت جائزة «بيتشيشي» بين ميسي ورنالدو، ولم يتمكن نادٍ من التربع على القمة بمثل هذا العدد الضئيل من النقاط بعد مرور 11 أسبوعا منذ عام 2004 عندما كان ينافس فريق خيتافي بقيادة المدرب الألماني بيرند شوستر على القمة. وفي ظل لعبة الكراسي الموسيقية بين برشلونة والريال وفياريال على الصدارة حتى الأسبوع الثامن وقبل أن يعود النادي الكتالوني للانفراد في الأسبوع الحادي عشر لينهي القسمة مع غريمه النادي الملكي في تعبير قد يبدو عن الحالة المتغيرة ولو قليلا في الليغا. وحتى عندما كان السباق مشتعلاً بين الطرفين الأكثر شهرة في إسبانيا، فإن هذا لم يكن يعني بأي حال من الأحوال أن بقية الأندية ضعيفة أو دون المستوى. ويثبت الموسم الحالي بالأرقام هذا الاختلاف.
فمع المرحلة الثامنة كان يتصدر الدوري ثلاثة أندية متساوية في عدد النقاط، في ظاهرة لم تحدث من قبل ومنذ 21 عامًا، بينما كانت تفصل نقطتان فقط بين الأندية الخمسة الأوائل بالبطولة، كما كانت تفصل بين التسعة الأوائل تسع نقاط فقط. وللمرة الأولى في تاريخه، يصعد نادي فياريال إلى قمة البطولة ولو لبضعة أسابيع إلى أن أجهض برشلونة طموحه بثلاثية في الأسبوع الحادي عشر ليتراجع إلى المركز الخامس.
وفي ظل إصابة ميسي التي حرمته من اللعب لأكثر من 6 أسابيع فقد توقف رصيد النجم الأرجنتيني عند ثلاثة أهداف فقط. كما أن رونالدو رغم تسجيله 8 أهداف قد سجل 6 منها خلال مباراتين فقط، فهل نشهد هذا العام حصول لاعب آخر غير الاثنين على لقب هداف البطولة، وذلك للمرة الأولى منذ سبع سنوات؟ وحتى لو جاءت الإجابة بـ«لا»، والمحتمل بالفعل أن تكون كذلك، فإن هذا لا ينفي أن تحديًا كبيرًا أصبح قائمًا على هذا الصعيد.
من جانبها، خرجت صحيفة «إل بايس» الإسبانية بعنوان رئيسي يقول: «الحياة لا تعني شيئًا من دون ميسي». ومع الاعتراف بأن برشلونة وبطولة الدوري بأكملها تفتقد ميسي، فإن الدلائل القائمة حتى الآن تشير جميعها إلى خطأ الاعتقاد بأن الفريق من دونه سينهار. ولا يرجع السبب وراء خطأ الظن بأن الحياة الكروية لا تعني شيئًا من دون ميسي إلى مجرد أن نيمار الهداف الأول للبطولة حتى الآن، أو أنه شارك في صناعة عدد من الأهداف أكثر من أي لاعب آخر في إسبانيا، وإنما لأن أسماء أخرى صعدت أيضًا بفضل روعة أدائها خلال الفترة الأخيرة، تمامًا مثلما كان الحال مع نيمار بإسهامه في فوز برشلونة بخمسة أهداف مقابل اثنين على رايو فاليكانو، وأيضًا بثنائيته في فياريال قبل توقف المسابقة لإفساح المجال للمنتخبات.
ومن اللافت في الفترة الأخيرة بزوغ بعض الأسماء مثل بورخا باستون الذي سجل الهدف الافتتاحي لصالح إيبار في مرمى إشبيلية خلال لقاء انتهى بالتعادل الإيجابي بهدف لكل منهما. ويلعب باستون مع إيبار بناءً على اتفاق إعارة من أتلتيكو مدريد، وهو حصل على لقب هداف القسم الثاني من الدوري الموسم الماضي، وأحرز أهدافا على امتداد أربع مباريات متتالية. وقد سجل خلال بطولة الدوري حتى الآن 6 أهداف، متفوقًا بذلك على ميسي وغاريث بيل. وينطبق القول ذاته على شافي غويرا، مهاجم رايو فايكانو الذي يحتل المرتبة الثانية للهدافين متساويا مع سواريز ورونالدو بثمانية أهداف.
وبرز هذا الموسم لاعب إسبانيول ماركو أسنسيو الذي كان وراء معظم الأهداف التي سجلها فريقه ومنها ثلاثة في مرمى فريق بيتيس، الذي انتهى لصالح الأول بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، ليكون بذلك أول لاعب في إسبانيول يحقق هذا الإنجاز خلال القرن الحالي.. يذكر أن أسنسيو البالغ من العمر 19 عامًا فقط يشارك في صفوف إسبانيول بناءً على سبيل الإعارة من ريال مدريد الذي اشتراه من مايوركا.
أما نوليتو ففي تألق مستمر مع سيلتا فيغو، أروع الفرق التي يستمتع المرء بمشاهدتها هذا الموسم، والذي نجح في تمزيق برشلونة في الجولة الخامسة. ويمكننا القول كذلك إن نوليتو أروع لاعبي إسبانيا هذا الموسم، وسجل 7 أهداف حتى الآن ليكون في المركز الثالث بقائمة الهدافين.
أما أنطوان غريزمان نجم هجوم أتلتيكو مدريد فقد وصفه أحد المعلقين بأنه «قطعة فنية» خلال انتصار فريقه على رال سوسيداد بهدفين مقابل لا شيء، ثم بَعُدَ بَعْدَ هدفه في المرحلة الـ11 الذي أنقذ به فريقه من السقوط في فخ التعادل السلبي مع ضيفه سبورتنغ خيخون وقاده للانفراد بالمركز الثالث.
ولا يمكن إغفال الدور المهم للمتألق لوكاس بيريز مع ديبورتيفو لا كورونا، هذا الموسم. فقد أثبت ببيريز أنه ليس لاعبا موهوبا فحسب، وإنما أيضًا ديناميكي ونشط ومثابر وفي حركة دائمة ويستحق أيضًا أن يتم وضعه بين صفوة نجوم الدوري الإسباني.
ومع اقتراب موعد الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة وتصدر أخبار عودة ليونيل ميسي والتوتر الكبير الذي يعيشه فريق ريال مدريد بتراجع فاعلية رونالدو واتهام كريم بنزيمة بجريمة ابتزاز، ينتظر جمهور الكرة إلى أين سيصل السباق بين الغريمين وهل ستكون الأنظار معلقة على ميسي ورونالدو أم سيحظى نيمار بالاهتمام الأكبر هذه المرة.
هل تستطيع الليغا الإسبانية الحياة دون ميسي ورونالدو؟
تألق نيمار اللافت وسطوع نجم غريزمان ونوليتو وأسنسيو وبورخا ولوكاس يثبت صلابة البطولة
هل تستطيع الليغا الإسبانية الحياة دون ميسي ورونالدو؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة