«داعش».. مصدر التهديد الإرهابي الأول لروسيا

توعد بسيل من الدماء «قريبًا»

«داعش».. مصدر التهديد الإرهابي الأول لروسيا
TT

«داعش».. مصدر التهديد الإرهابي الأول لروسيا

«داعش».. مصدر التهديد الإرهابي الأول لروسيا

أعرب 18 في المائة من المواطنين الروس عن خشيتهم من وقوع أعمال إرهابية وتفجيرات في الفترة القادمة، بما في ذلك عمليات إرهابية مع احتجاز رهائن. وفي استطلاع للرأي أعده مركز «ليفادا تسنتر» قبل كارثة تحطم الطائرة الروسية في سيناء، وتحديدا في الفترة من 23 وحتى 26 أكتوبر (تشرين الأول)، ونشر نتائجه يوم أمس 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، يظهر تراجع نسبة من «يخشون» من وقوع أعمال إرهابية إلى 18 في المائة ممن شملهم استطلاع الرأي مقارنة باستطلاع مماثل في شهر سبتمبر (أيلول) أعرب فيه 36 في المائة من المواطنين عن خشيتهم من أعمال إرهابية.
ويحتل تنظيم داعش الإرهابي المرتبة الأولى بين الجهات التي يرى فيها المواطنون الروس «مصدر تهديد إرهابي»، إذ رأى 76 في المائة من المشاركين في استطلاع الرأي أن «داعش» هو الجهة التي قد تقوم بتنفيذ عمليات إرهابية في روسيا، بينما شمل 39 في المائة من المواطنين الروس المصدر الأول للتهديد بعبارة «الإرهاب العالمي»، و26 في المائة اعتبروا أن الإرهابيين من الشيشان ومناطق شمال القوقاز هم الجهة التي قد تقوم بتنفيذ عمليات إرهابية على الأراضي الروسية، في حين وصف 17 في المائة من المواطنين الروس الجماعات القومية الروسية المتطرفة بمصدر الخطر والجهة التي قد تقوم بتنفيذ أعمال إرهابية في البلاد. ويرى محللون أن هذه النسب كانت ستبدو مختلفة تماما لو جرى استطلاع الرأي نفسه الآن، على خلفية كارثة الطائرة الروسية في سيناء والترجيحات بأن سبب سقوطها «عمل إرهابي».
جدير بالذكر أن إرهابيي «داعش» وجهوا تهديدًا لروسيا يوم أول من أمس عبر مقطع فيديو باللغة الروسية تم نشره على موقع تابع لـ«داعش»، الذي توعد بشن هجمات «قريبًا». وتضمن التسجيل باللغة الروسية هتافات مثل «قريبا، قريبا جدا ستسيل أنهار الدماء». وهذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها هذه المنظمة الإرهابية تهديدات لروسيا، إذ سبق أن أعلنت «الجهاد» ضد من وصفتهم بالدولتين «الحليفتين» روسيا والولايات المتحدة، وذلك بعد تصريحات رجل دين روسي اعتبر فيها محاربة الإرهاب بالنسبة لروسيا أنه «واجب أخلاقي مقدس» وهو ما فسره البعض بأنه إعلان «حرب مقدسة» من جانب روسيا.
في غضون ذلك تحول موضوع «مكافحة الإرهاب» عنوانا عريضا يحرك السياسة الروسية على المستويين الخارجي والداخلي، حيث كان هذا الموضوع ملفا رئيسيا ركزت عليه قمة رابطة الدول المستقلة في كازاخستان الشهر الماضي، وكذلك الأمر بالنسبة للقاءات ومنتديات عدة بمشاركة روسية على مختلف المستويات، وعلى سبيل المثال وليس الحصر «التصدي للإرهاب» كان موضوعا رئيسيا خلال النقاشات والمداخلات في منتدى «فالداي» الحواري. كما عقدت روسيا اجتماعا لقادة الأجهزة الأمنية في بلدان رابطة الدول المستقلة بحثوا خلاله آليات التصدي للتهديد الإرهابي. وعلى مستوى دولي أوسع تنطلق روسيا في نظرتها إلى سبل حل الأزمة السورية من منظور «التصدي للإرهاب»، وهي التي سبق أن دعت على لسان رئيسها بوتين إلى تشكيل «ائتلاف دولي ضد الإرهاب». وبهذا يتضح أن «التصدي للإرهاب» أصبح مثل محرك أساسي للسياسة الروسية ومؤشر يحدد توجهاتها.
داخليا لا يكاد يمضي أسبوع خلال الأشهر الأخيرة دون إعلان من جانب اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب أو هيئة الأمن الفيدرالي عن عمليات أمنية في مختلف الأقاليم الروسية، شملت اعتقال مشتبه بتورطهم بنشاط إرهابي، أو مجموعات كانت تعد لتنفيذ أعمال إرهابية، وصولا إلى توقيف أشخاص يشتبه بممارستهم نشاط تجنيد مواطنين روس في صفوف الجماعات الإرهابية. ومن تلك العمليات الإعلان في النصف الأول من الشهر الماضي عن توقيف عشرة مواطنين روس في شقة سكنية في موسكو قالت هيئة الأمن الروسية بأنهم تلقوا تدريبات في معسكرات «داعش» في سوريا. ومنذ ثلاثة أيام أعلنت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب عن عملية خاصة نفذتها في مدينة نالتشيك عاصمة جمهورية قبارديا العضو في الاتحاد الروسي، تمكنت خلالها من القضاء على روبرت زانكيشييف زعيم خلية إرهابية بايعت تنظيم داعش، وعدد من الإرهابيين كانوا معه في شقة سكنية في المدينة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.